أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-01-2015
3289
التاريخ: 23-2-2019
2608
التاريخ: 2-5-2016
3242
التاريخ: 8-5-2016
3758
|
استمرت المناوشات بين الفريقين أمدا غير يسير من دون أن تقع بينهما حرب عامة وقد سئم كل منهما هذه المطاولة التي لم تكن تجدي شيئا فانه لم يكن هناك أي أمل في الاصلاح والوئام وجمع الكلمة وإنما كانت هذه المطاولة تزيد الفتنة امتداد والشر انتشارا فلما رأى الامام ذلك عبأ أصحابه وتهيأ للحرب العامة ولما رأى معاوية ذلك فعل مثل فعله والتقى كل منهما بالآخر وبادر الحسن ليحمل على صفوف أهل الشام فلما بصر به الامام ذهل وأريع وقال لمن حوله : املكوا عنى هذا الغلام لا يهدني فانني أنفس بهذين يعنى الحسن والحسين لئلا ينقطع بهما نسل رسول الله , واستعرت نار الحرب واشتد أوارها حتى جفل الناس وخيم عليهم الذعر والموت وقد انكشفت ميمنة الامام وتضعضع قلب الجيش وبدت الهزيمة فيه فدعا سهل بن حنيف فلما مثل بين يديه أمره أن يلتحق بمن معه في الميمنة فامتثل ما أمر به فحملت عليهم جيوش أهل الشام فكشفتهم ورجعوا منهزمين الى الميسرة وانكشفت عن الميسرة مضر وثبتت ربيعة فيها وإن قائلهم ليقول : يا معشر ربيعة لا عذر لكم بعد اليوم عند العرب إن أصيب أمير المؤمنين وهو فيكم .
تحالفت ربيعة على الموت وثبتت فى الميدان وهي رابطة الجأش لا تبالى بالحمام قد أخذت على عاتقها أن تقوم بنصرة الحق وتفدى ارواحها للامام وكان الامام معهم يحمل على اعدائه وقد مطرت عليه سهام القوم وكان ابناؤه يقونه بأنفسهم ولم يفارقه أحد منهم وبصر به حين اشتباك الأسنة مولى لبني أميّة يدعى بأحمر بن كيسان فجاء كالكلب نحو الامام وهو يقسم على قتل الامام قائلا : ورب الكعبة قتلني الله ان لم أقتلك أو تقتلني , فانبرى إليه مولى للامام يدعى بكيسان فبدر إليه الكلب المهاجم فأرداه صريعا على الارض يتخبط بدمه وجعل الخبيث يشتد نحو الامام فتناوله الامام بيده وحمله على عاتقه ثم ضرب به الارض فكسر منكبه وعضديه وشد عليه الحسين ومحمد فقتلاه ؛ ودنا الامام من جموع اهل الشام فخاف الحسن أن يغتال العدو أباه فقال له : لو سعيت حتى تنتهى الى هؤلاء الذين قد صبروا لعدوك يعني بهم ربيعة من اصحابك ؛ وعرف الامام مغزى كلام الحسن فقال له برفق ولين : يا بني ؛ إن لأبيك يوما لن يعدوه ولا يبطئ به عنه السعي ولا يعجل به إليه المشي ان اباك والله ما يبالى أوقع على الموت أو وقع الموت عليه , واقبل الأشتر يركض وهو مذهول اللب مندهش الفكر لما انهزمت الكتائب وولت على اعقابها خوفا من الموت فلما بصر الامام به قال له : يا مالك.
قال : لبيك.
قال (عليه السلام) له : ائت هؤلاء القوم فقل لهم : اين فراركم من الموت الذي لن تعجزوه الى الحياة التي لا تبقى لكم.
مضى الاشتر الى المنهزمين فالقى عليهم رسالة الامام فهدأ روعهم ثم قال معرفا لهم بشخصيته : أنا مالك بن الحارث , أنا مالك بن الحارث , وخطر له أن هذا الاسم غير كاف لهم فى تعريفه فقال معرفا نفسه بما اشتهر به : أنا الأشتر.
فبادرت فصيلة من الناس إليه فهتف فيهم بنبرات تقطر حماسا وعزما قائلا : أيها الناس , عضضتم بهن آبائكم ما أقبح ما قاتلتم منذ اليوم .
ثم هتف ثانيا قائلا : أخلصوا لى مذحجا ؛ فأنبرت إليه مذحج , فقال لها : عضضتم بصم الجندل ما ارضيتم ربكم ولا نصحتم له في عدوكم وكيف بذلك وانتم ابناء الحروب واصحاب الغارات وفتيان الصباح وفرسان الطراد وحتوف الأقران ومذحج الطعان الذين لم يكونوا يسبقون بثأرهم ولا تطل دماؤهم ولا يعرفون في موطن بخسف وأنتم حد أهل مصركم واعد حي في قومكم وما تفعلون فى هذا اليوم فانه مأثور بعد اليوم فاتقوا ماثور الاحاديث في غد واصدقوا عدوكم اللقاء فان الله مع الصادقين والذي نفس مالك بيده ما من هؤلاء وأشار لأهل الشام رجل على مثال جناح بعوضة من محمد (صلى الله عليه واله) أنتم ما احسنتم القراع اجلوا سواد وجهي دمى عليكم بهذا السواد الأعظم فان الله عز وجل لو قد فضه تبعه من بجانبيه كما يتبع مؤخر السيل مقدمه!
لقد هيمن الزعيم مالك على النفوس واستولى عليها بخطابه الحماسي الرائع فقد بعث روح العزم والنشاط في نفوس الجيش وتعالت الاصوات من كل جانب تعرب له الطاعة والانقياد : خذ حيث احببت , وسارعوا إليه يتسابقون نحو الموت صامدين امام العدو وكانت كتائب من همدان قد أبيد فريق من زعمائها وقوادها الباسلين فى المعركة وكان آخر من أخذ اللواء بيده وهب بن كريب فبادر إليه جمع من احبائه قائلين له : رحمك الله قد قتل أشراف قومك حولها اي حول الراية فلا تقتل نفسك ولا من بقى من قومك ؛ فانصرف وهب ومن معه عن ساحة الحرب وهم يطلبون فئة قوية ينضمون إليها وهتفوا امام الجموع بما يرومونه قائلين : ليت لنا عدتنا من العرب يحالفوننا على الموت ثم نستقدم نحن وهم فلا ننصرف حتى نقتل أو نظفر , واجتازوا على الاشتر فسمع نداءهم فرحب بفكرتهم وقال لهم : أنا أحالفكم واعاقدكم على ان لا نرجع ابدا حتى نظفر أو نهلك , وابتهجوا بكلام الاشتر وانضموا تحت لوائه وفي فعلهم هذا يقول كعب بن جعيل : وهمدان زرق تبتغي من تحالف , وهجم الأشتر بمن معه من البهاليل على جموع أهل الشام فكانوا أمام بواترهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف وظهر الضعف في جيش معاوية وكاد اصحاب معاوية يبلغون فسطاطه وهمّ معاوية بالفرار لو لا أن ذكر قول ابن الاطنابة :
أبت لى عفتي وحياء نفسي وإقدامي على البطل المشيح
وإعطائي على المكروه مالي واخذى الحمد بالثمن الربيح
وقولي كلما جشأت وجاشت مكانك تحمدى أو تستريحي
فرده ذلك الشعر الى الصبر والثبات كما كان يتحدث بذلك ايام العافية.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|