أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-5-2016
3329
التاريخ: 23-2-2019
5174
التاريخ: 30-01-2015
3530
التاريخ: 9-10-2015
3460
|
حكى الطبري عن الواقدي انه كان ذلك في شعبان سنة 38 وللصواب انه كان سنة 37 روى نصر ان عليا (عليه السلام) بعث أربعمائة رجل وبعث عليهم شريح بن هانئ الحارثي وبعث عبد الله بن عباس يصلي بهم ويلي أمورهم وأبو موسى الأشعري معهم وبعث معاوية شرحبيل بن السمط مع عمرو بن العاص في أربعمائة رجل فكان إذا كتب علي بشيء اتاه أهل الكوفة فقالوا ما الذي كتب به إليك أمير المؤمنين فيكتمهم فيقولون كتب إليك في كذا وكذا ويجئ رسول معاوية إلى عمرو بن العاص فلا يدري في أي شئ جاء ولا في أي شئ ذهب فأنب ابن عباس أهل الكوفة بذلك ثم ودع شرحبيل عمرو بن العاص وقال له انك رجل قريش وان معاوية لم يبعثك الا ثقة بك وانك لن تؤتى من عجز ولا مكيدة فكن عند ظننا بك وانصرف وودع شريح أبا موسى وقال إنك قد نصبت لأمر عظيم لا يجبر صدعه ولا يستقال فتقه وانه لا بقاء لأهل العراق ان ملكها معاوية ولا باس لأهل الشام ان ملكها علي وقد كانت منك تثبيطة بالكوفة فان تشفعها بمثلها يكن الظن فيك يقينا والرجاء يأسا .
وكان آخر من ودع أبا موسى الأحنف بن قيس فقال له يا أبا موسى أعرف خطب هذا الامر وأعلم ان له ما بعده وانك ان أضعت العراق فلا عراق فاتق الله فإنها تجمع لك دنياك وآخرتك وإذا لقيت عمرا غدا فلا تبدأه بالسلام فإنها وإن كانت سنة الا انه ليس من أهلها وإياك ان يقعدك على صدر الفراش فإنها خدعة ولا تلقه الا وحده واحذره ان يكلمك في بيت فيه مخدع تخبأ فيه الرجال والشهود ؛ ثم أراد ان يختبر ما في نفسه فقال له فإن لم يستقم لك عمرو على الرضا بعلي فخيره بين ان يختار أهل العراق من قريش الشام من شاؤوا أو يختار أهل الشام من قريش العراق من شاؤوا قال أبو موسى قد سمت ما قلت ولا يستنكر ذلك فاتى الأحنف عليا فقال يا أمير المؤمنين اخرج والله أبا موسى زبدة سقائه في أول مخضة لا أرانا الا بعثنا رجلا لا ينكر خلعك فقال علي يا أحنف ان الله غالب على امره قال فمن ذلك تجزع وفشا أمر الأحنف وأبي موسى في الناس فجهز الشني راكبا فتبع به أبا موسى بهذه الأبيات :
أبا موسى جزاك الله خيرا * عراقك ان حظك في العراق
وان الشام قد نصبوا إماما * من الأحزاب معروف النفاق
وانا لا نزال لهم عدوا * أبا موسى إلى يوم التلاقي
فلا تجعل معاوية بن حرب * إماما ما مشت قدم بساق
ولا يخدعك عمرو ان عمرا * أبا موسى تحاماه الرواقي
فكن منه على حذر وانهج * طريقك لا تزال بك المراقي
وقال شريح مع ذلك :
أبا موسى رميت بشر خصم * فلا تضع العراق فدتك نفسي
واعط الحق شامهم وخذه * فان اليوم في مهل كامس
وان غدا يجئ بما عليه * يدور الامر من سعد ونحس
ولا يخدعك عمرو ان عمرا * عدو الله مطلع كل شمس
له خدع يحار العقل فيها * مموهة مزخرفة بلبس
فلا تجعل معاوية بن حرب * كشيخ في الحوادث غير نكس
هداه الله للاسلام فردا * سوى عرس النبي وأي عرس
فقال أبو موسى ما ينبغي لقوم اتهموني ان يرسلوني لأدفع عنهم باطلا أو اجر إليهم حقا . ثم إنهم خلوا بين الحكمين فكان رأي أبي موسى في عبد الله بن عمر وكان يقول والله ان استطعت لأحيين سنة عمر .
وأبطأت الاخبار على معاوية فبعث إلى رجال من قريش من الذين كرهوا ان يعينوه في حربه فاتوه منهم عبد الله بن الزبير وأتاه المغيرة بن شعبة وكان مقيما بالطائف لم يشهد صفين فقال يا مغيرة ما ترى قال لو وسعني ان أنصرك لنصرتك ولكن علي ان آتيك بأمر الرجلين فركب حتى اتى دومة الجندل فدخل على أبي موسى كأنه زائر فقال يا أبا موسى ما تقول فيمن اعتزل هذه الحرب قال أولئك خيار الناس ثم اتى عمرا فقال ما تقول فيمن اعتزل هذه الحرب قال عمرو أولئك شرار الناس ولم يعرفوا حقا ولم ينكروا باطلا فرجع إلى معاوية فقال له قد ذقت الرجلين اما عبد الله بن قيس فخالع صاحبه وجاعلها لرجل لم يشهد هذا الامر وهواه في عبد الله بن عمر واما عمرو فهو صاحبك الذي تعرف .
واقبل أبو موسى إلى عمرو فقال هل لك في أمر هو للأمة صلاح ولصلحاء الناس رضا نولي هذا الامر إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب الذي لم يدخل في شئ من هذه الفتنة وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن الزبير قريبان يسمعان هذا الكلام فقال عمرو فأين أنت من معاوية فابى عليه أبو موسى وشهدهم عبد الله بن هشام وعبد الرحمن بن عبد يغوث وأبو الجهم بن حذيفة العدوي والمغيرة بن شعبة فقال عمرو أ لست تعلم أن عثمان قتل مظلوما قال بلى قال اشهدوا فما يمنعك يا أبا موسى من معاوية ولي عثمان وبيته في قريش ما قد علمت فان خشيت أن يقول الناس ولى معاوية وليست له سابقة فان لك بذلك حجة تقول اني وجدته ولي عثمان الخليفة المظلوم الطالب بدمه الحسن السياسة الحسن التدبير وهو أخو أم حبيبة أم المؤمنين واحد الصحابة ثم عرض له بالسلطان فقال إن هو ولى هذا الامر أكرمك كرامة لم يكرمك أحد قط مثلها فقال أبو موسى اتق الله يا عمرو اما ذكرك شرف معاوية فان هذا الامر ليس على الشرف يولاه أهله ولو كان على الشرف لكان أحق الناس به أبرهة بن الصباح انما هو لأهل الدين والفضل مع اني لو كنت اعطيه أفضل قريش شرفا أعطيته علي بن أبي طالب واما قولك ان معاوية ولي عثمان فاني لم أكن أوليه معاوية وأدع المهاجرين الأولين واما تعريضك بالسلطان فوالله لو خرج لي من سلطانه ما وليته ولا كنت لأرتشي في الله ولكنك ان شئت احيينا سنة عمر بن الخطاب أو اسم عمر بن الخطاب قال إن كنت تريد ان تبايع ابن عمر فما يمنعك من ابني وأنت تعرف فضله وصلاحه قال إن ابنك رجل صدق لكنك قد غمسته في هذه الفتنة فان شئت ولينا هذا الامر الطيب عبد الله بن عمر بن الخطاب قال عمرو ان هذا الامر لا يصلح له الا رجل ضرس يأكل ويطعم وان عبد الله ليس هناك وكان في أبي موسى غفلة فقال عبد الله بن الزبير لابن عمر اذهب إلى عمرو بن العاص فارشه فقال ابن عمر لا والله ما أرشوا عليها ابدا ما عشت ولكنه قال ويلك يا ابن العاص ان العرب قد أسندت إليك امرها بعد ما تقارعت بالسيوف وتشاجرت بالرماح فلا تردهم في فتنة واتق الله وكان عمرو وأبو موسى حيث التقيا بدومة الجندل اخذ عمرو يقدم أبا موسى في الكلام ويقول انك قد صحبت رسول الله (صلى الله عليه واله) قبلي وأنت أكبر مني فتكلم ثم أتكلم وجعل يقدمه في كل شئ يغتره بذلك ليقدمه فيبدأ بخلع علي فلما اراده عمرو على معاوية فابى واراده على ابنه فابى واراده أبو موسى على عبد الله بن عمر فابى قال عمرو اخبرني يا أبا موسى ما رأيك قال رأيي ان اخلع هذين الرجلين عليا ومعاوية ثم نجعل هذا الامر شورى بين المسلمين يختارون لأنفسهم من شاؤوا فقال له عمرو الرأي ما رأيت فاقبلا إلى الناس وهم مجتمعون فتكلم أبو موسى فحمد الله وأثنى عليه فقال إن رأيي ورأي عمرو قد اتفق على أمر نرجو ان يصلح الله به أمر هذه الأمة قال عمرو صدق ثم قال يا أبا موسى تقدم فتكلم فتقدم أبو موسى ليتكلم فدعاه ابن عباس فقال ويحك والله اني لأظنه قد خدعك ان كنتما قد اتفقتما على أمر فقدمه قبلك فيتكلم بذلك الامر قبلك ثم تكلم أنت بعده فان عمرا رجل غدار ولا آمن ان يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك وبينه فإذا قمت به في الناس خالفك وكان أبو موسى رجلا مغفلا فقال انا قد اتفقنا فتقدم أبو موسى ثم قال يا أيها الناس انا قد نظرنا في أمر هذه الأمة وقد أجمع رأيي ورأي صاحبي على خلع علي ومعاوية ونستقبل هذا الامر فيكون شورى بين المسلمين فيولون أمورهم من أحبوا واني قد خلعت عليا ومعاوية فاستقبلوا امركم وولوا من رأيتم لها أهلا ثم تنحى فقعد وقام عمرو بن العاص مقامه فقال إن هذا قال ما قد سمعتم وخلع صاحبه وانا اخلع صاحبه كما خلعه وأثبت صاحبي معاوية فإنه ولي عثمان والطالب بدمه وأحق الناس بمقامه فقال له أبو موسى ما لك لا وفقك الله قد غدرت وفجرت وانما مثلك { كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ } [الأعراف: 176] فقال عمرو انما مثلك {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا } [الجمعة: 5] ولنعم ما قال الأستاذ عباس محمود العقاد في كتابه عبقرية الامام : كلب وحمار فيما حكما به على نفسيهما غاضبين وهما يقضيان على العالم باسره ليرضى بما قضياه وانتهت المأساة بهذه المهزلة أو انتهت المهزلة بهذه المأساة (اه) وحمل شريح بن هاني على عمرو فقنعه بالسوط وحمل على شريح ابن لعمرو فضربه بالسوط وقام الناس فحجزوا بينهم فكان شريح يقول ما ندمت على شئ ندامتي على أن لا أكون ضربته بالسيف بدل السوط اتى الدهر بما اتى والتمس أصحاب علي أبا موسى فركب ناقته فلحق بمكة فكان ابن عباس يقول قبح الله أبا موسى حذرته وأمرته بالرأي فما عقل وكان أبو موسى يقول قد حذرني ابن عباس غدرة الفاسق ولكن اطمأننت إليه وظننت انه لن يؤثر شيئا على نصيحة الأمة وقام سعيد بن قيس فقال والله لو اجتمعتما على الهدى ما زدنا على ما نحن الآن عليه وما ضلالكما بلازمنا وانا اليوم لعلى ما كنا عليه أمس وتكلم الناس غير الأشعث بن قيس ولما فعل عمرو ما فعل واختلط الناس رجع إلى منزله وجهز راكبا إلى معاوية يخبره بالامر من أوله إلى آخره ثم انصرف عمرو وأهل الشام إلى معاوية فسلموا عليه بالخلافة ورجع ابن عباس وشريح ومن معهما إلى علي وقال ابن عم لأبي موسى :
أبا موسى بليت فكنت شيخا * قريب القعر مدهوش الجنان
رمى عمرو صفاتك يا ابن قيس * بأمر لا تنوء به اليدان
وقد كنا نجمجم عن ظنون * فصرحت الظنون عن العيان
فعض الكف من ندم وما ذا * يرد عليك عضك بالبنان
وبهذا انتهت مهزلة تحكيم الحكمين التي دبرها عمرو بن العاص وشرى دينه بامارة مصر ثم إن معاوية بعد ما ولاه مصر عزله عنها وولاها عبد العزيز بن مروان بن الحكم فكتب إليه عمرو :
معاوية الحال لا تجهل * وعن طرق الحق لا تعدل
خلعت الخلافة من حيدر * كخلع النعال من الأرجل
وألبستها لك يا ابن اللئام * كلبس الخواتم في الأنمل
ولولاي كنت كمثل النساء * تعاف الخروج من المنزل
ولم تك والله من أهلها * ورب العباد ولم تكمل
فأين الحصى من نجوم السماء * وأين الحسام من المنجل
وأين الثريا وأين الثرى * وأين معاوية من علي
وأعطيت مصرا لعبد العزيز * ولم تعطني زبة الخردل
قال الشيخ محمد الأمير من كبار علماء مصر في حاشيته على المغني عند ذكر هذه الأبيات ما لفظه : وكانه رضي الله عنه تبين له خطا اجتهاده (اه) فانظر واعجب وقل له : لا ما تبين له خطا اجتهاده لأنه لم يكن مجتهدا الا في تحصيل حطام الدنيا وانما تبين له ان مصر التي باع بها دينه قد ذهبت منه انها لا تعمى الابصار ولكن . . .
وروى نصر انه دخل على علي عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص والمغيرة بن شعبة فسألوه عطاءهم وكانوا قد تخلفوا عنه في الجمل وصفين فقال ما خلفكم عني ؟ قالوا قتل عثمان ولا ندري حل دمه أو لا وقد كان أحدث احداثا ثم استتبتموه فتاب ثم دخلتم في قتله فلسنا ندري أصبتم أم أخطأتم مع انا عارفون بفضلك يا أمير المؤمنين وسابقتك وهجرتك ، قال علي أ لستم تعلمون ان الله قد امركم ان تامروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر فقال وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله قال سعد اعطني سيفا يعرف الكافر من المؤمن ، أخاف ان اقتل مؤمنا فادخل النار ، قال لهم علي أ ليس قد بايعتم عثمان على السمع والطاعة فعلا م خذلتموه إن كان محسنا وكيف لم تقاتلوه إن كان مسيئا وقد ظلمتم إذ لم تقوموا بيننا وبين عدونا بما امركم الله به إذ قال قاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله فردهم ولم يعطهم شيئا (اه) ويقال لسعد كان يلزم على الله تعالى حين أمر بقتال الطائفة الباغية ان ينزل سيوفا من السماء تعرف الباغي من المبغي عليه .
وروى نصر بسنده عن تميم بن جذيم الناجي انه أصيب بصفين من أهل الشام خمسة وأربعون ألفا وأصيب من أهل العراق خمسة وعشرون ألفا .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يصدر العدد الثاني والعشرين من سلسلة كتاب العميد
|
|
|