المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



تمارض الطفل  
  
2984   01:26 مساءاً   التاريخ: 18-4-2016
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص353-354
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية النفسية والعاطفية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-6-2016 2889
التاريخ: 18-4-2016 2260
التاريخ: 26-5-2020 2993
التاريخ: 8/12/2022 1495

 في كثير من الاحيان يتمارض الطفل لحاجة في نفسه، فإمّا لاستشارة عواطف والديه نحوه، وإمّا للإلتذاذ من حنانهما والسكن إلى محبتهما وهذا امر خطير بالنسبة له، لان الطفل عندما يكبر معه هذا التصور الخاطئ ولم يجد الاهتمام والاضطراب اللازم به من قبل الآخرين حين مرضه فإنّه يستصغر نفسه ويحس بالألم والحقارة في شعوره وضميره الباطن ويظل يراوده الاذى والشعور بالضعة والهوان والانزعاج المستمر.

وهنا يجب على الوالدين ان لا ينساقا مع حالة التمارض التي افتعلها طفلهما، وان لا يشعراه بالتأثر والتعاطف ويوحيا له انه غير مريض وحالته طبيعية وجيدة وانما هي ربما وعكة خفيفة وستزول سريعا وهي لم تؤثر عليه ابدا وبهذا التعامل الطبيعي والواقعي يشعر الطفل بانه غير مريض وطبيعي. وان والديه يعرفان ذلك فيحاول النهوض والاستمرار في تأدية واجباته واعماله اليومية.

جاء في كتاب:(كيف تكسب الاصدقاء وتؤثر في الناس للعالم النفسي الشهير(ديل كارنيجي) ما نصه:(ذكرت لي القصاصة الشهيرة:(ماري روبرتس راين هارت):

قصة شابة سليمة تمارضت حتى تجلب اهتمام العائلة نحوها وتثبت مكانتها, وكلما ازداد عمرها علمت بضعف احتمال تزوجها فأظلمت الدنيا في عينيها ولم يكن لها ما يسعدها في الحياة.

كانت السيدة الكاتبة تقول :

تمارضت هذه السيدة فكانت امها العجوز تداريها طيلة عشرة اعوام، وتحمل اواني طعامها كل يوم من السلالم اليها، إلى ان توفيت امها فأخذت المريضة بالنياحة لمدة اسابيع وبما انه لم يستجب لندائها احد نهضت وارتدت ملابسها وجعلت تستمر في الحياة بصورة اعتيادية).

ومن هذه القصة يظهر بوضوح : ان تمارض هذه السيدة هو لجلب اهتمام عائلتها بها واثبات مكانتها وعندما تحقق ذلك اصابها الاعجاب بنفسها مما ادى إلى شقائها وشعورها بالضعة والحقارة في جميع ادوار حياتها والحقيقة ان اهتمام والدتها بها لمدة عشر سنوات وحبها المفرط لها حطم شخصيتها واشقاها بدلا من ارتقائها واسعادها.

إن الحب هذا هو بالحقيقة ظلم لها وقد سبب في نشوء شعورها بالحقارة والاذى، ولكن عندما توفيت امها ذات الحب المفرط لها واعتمدت على نفسها استمرت في حياتها بصورة اعتيادية وعليه يجب على الاباء والامهات ان يفكروا في ذلك ويتدبروا كثيراً.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.