أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-4-2016
2871
التاريخ: 2-4-2016
2984
التاريخ: 2-4-2016
2872
التاريخ: 2-4-2016
13567
|
بعد ما عاد النبي (صلى الله عليه واله) إلى يثرب بعد واقعة أحد أخذ يجمع قواه و يتهيأ لفتح مكة التي هي المركز الوحيد للقوى المعادية له و قد استطاع بنصر اللّه و تأييده أن يحتل مكة و يفتحها بلا إراقة دماء و قد أصدر عفوا عاما مثّل رحمة الإسلام و رأفته و كرامته و لم يتبع النبي (صلى الله عليه واله) الأعراف الدولية التي تقضي بإبادة القوى المعادية له و التي أعلنت الحرب عليه و إنما شملهم جميعا برحمته و ممن ناله العفو أبو سفيان و أفراد أسرته و قد قبعوا في زوايا الذل و الخمول ينظر إليهم المسلمون بعين الهوان لأنهم أعداء الإسلام و خصومه المندحرون , و كان معاوية بعد فتح مكة طليقا من طلقاء يوم الفتح و كان صعلوكا لا مال له يمشي حافيا تحت ركاب علقمة بن وائل الحضرمي و قد استشارت امرأة النبيّ (صلى الله عليه واله) من الزواج بمعاوية فنهرها قائلا لها إنه صعلوك , و على أي حال فقد انطوت نفوس الأمويين عامة بالحقد و العداء للإسلام لأنه أذلهم و قضى على مجدهم و وترهم و ظلوا يتربصون به الدوائر و يبغون له الغوائل و يكيدون له في غلس الليل و في وضح النهار و في الحديث الشريف لو لم يبق من بني أمية إلا عجوز درداء لبغت دين اللّه عوجا.
أما صفات معاوية و عناصره النفسية انه لم يعرف قلب معاوية الرأفة و لا الرحمة و انما كان قاسيا و ملوثا بجميع الجرائم فهو الذي سلط زبانيته الارهابيين و على رأسهم بسر بن أبي أرطاة على رقاب المسلمين و عهد إليه بقتل كل من دان بدين الإمام أمير المؤمنين الذي هو دين اللّه و قد أشاع هذا الباغي اللئيم القتل و الإعدام و توصل في إجرامه إلى قتل النساء و الاطفال فقد قتل طفلين لعبيد الله بن العباس كانا كالبدرين في نضارتهما و بهائهما و قد قالت له إحدى السيدات: إن سلطانا لا يقوم إلا بقتل النساء و الأطفال لسلطان سوء.
و من الصفات البارزة في معاوية الخيانة فلم يؤمن هذا الجاهلي بالوفاء بالعهد و لا بغيره من القيم الإنسانية و كان من خيانته العظمى أنه أعطى الإمام الزكي الحسن بن علي (عليه السلام) شروطا و أعلن أمام الجماهير إنها تحت قدميه لا يفي بواحدة منها و قد عرف بهذا الخلق الجاهلي الذي يمثل الوقاحة و الصلافة و عدم الحياء و صفاقة الوجه.
و كان معاوية كذابا أشرا لم يألف الصدق فقد كذب على أهل الشام و أغراهم بأنه أقرب الناس إلى النبي العظيم و إنه لا وارث له سواه كما كذب على أهل الشام فأدعى أن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الذي قتل عثمان بن عفان و أنه المطالب بدمه كما كذب عليهم فادعى بأن الإمام هو الذي قتل الصحابي العظيم عمار بن ياسر في صفين و من ولعه بالكذب و تبنيه اياه أقام معملا من الكذب على اللّه و رسوله فقد أقام لجانا من الوضاعين لانتحال الحديث تارة في فضل الصحابة و أخرى في الحط من شأن أهل البيت (عليهم السلام) .
لقد تربى معاوية على الكذب و اتخذه منهجا لحياته و دستورا لدولته.
و من صفات معاوية الغدر فقد غدر بجماعة من المسلمين في طليعتهم ريحانة رسول اللّه (صلى الله عليه واله) و سبطه الإمام الحسن (عليه السلام) فقد جعله ولي عهده إلا أنه نكث بما عاهد عليه فدس له سما قاتلا على يد عامله مروان بن الحكم الذي أغرى زوجته جعدة بنت الأشعث فناولته زوجها الامام الحسن (عليه السلام) فلم يلبث سبط الرسول إلا قليلا حتى لحق بالرفيق الأعلى و هذه بعض صفات معاوية و من المؤكد أنه لم يتحل بأية صفة كريمة و لا بأية نزعة شريفة.
و وصف معاوية بالدهاء و الحلم و حسن السياسة و هي صفات منتحلة أضفاها عليه المرتزقة من باعة الضمير و وعاظ السلاطين و قد فند الإمام زين العابدين (عليه السلام) هذه المزاعم فقد بلغه مقالة نافع بن جبير في معاوية من أنه كان يسكنه الحلم و ينطقه العلم فرد عليه ذلك قائلا: كذب بل كان يسكته الحصر و ينطقه البطر .
فلو كان عنده ذرة من الحلم لما قتل الصحابي العظيم حجر بن عدي و رفقاءه المؤمنين من رواد الشهادة في الإسلام و لو كان متصفا بالحلم لما قتل الصحابي الجليل عمر بن الحمق الخزاعي و لو كان عنده مسكة من الحلم و حسن السياسة و التدبير لما فرض ابنه السكير يزيد ملكا على المسلمين فاخلد لهم الويلات و الخطوب.
و مما اضفوا عليه من النعوت المختلفة أنه كان كاتبا للوحي و كيف يأتمن الرسول (صلى الله عليه واله) على كتابة ما أوحي إليه من رب العالمين مثل هذا الانسان الجاهلي الذي لم يصقل الإسلام فكره و لم يلج في ضميره أي بصيص من نور الهداية و الحق و إنما بقي ملوثا بأفكار الجاهلية السوداء لقد أضفى عليه هذه النعوت عملاؤه و المرتزقة من وعاظ السلاطين و هو عند من يقرأ سيرته بإمعان و تجرد يجده ارهابيا محترفا لا علاقة له بالمثل الكريمة و الصفات الخيرة.
و الشيء المؤلم الذي يحز في النفس و الذي لا نجد له تأويلا و لا تبريرا أنه فرضه حاكما على المسلمين ليصلي بهم و يحكم بينهم بما أنزل اللّه و يتولى جباية زكاتهم و خراجهم و هو ليس أهلا لذلك مع العلم أن الإسلام قد احتاط كأشد ما يكون الاحتياط في تولية الولاة بل و سائر الموظفين فاشترط دراسة حياتهم و التمعن في سيرتهم و في اتجاهاتهم و ميولهم فمن كان تقيا زكيا شريفا في نفسه و قومه عالما بشؤون الإدارة و الحكم يرشح للوظيفة في جهاز الدولة و أما من كان متهما في دينه و منحرفا في سلوكه و وضيعا في نفسه و حسبه فإن توظيفه في أي منصب من مناصب الدولة إنما هو خيانة للإسلام و مفسدة للمسلمين.
أما تعيين معاوية حاكما على دمشق التي هي من أهم المراكز الحساسة في العالم الإسلامي في ذلك الوقت فلم يكن خاضعا لدراسة حياته و النظر في أعماله و أنما كان خاضعا للأهواء السياسية و لا علاقة له بأي حال بمصلحة الأمة و من المؤسف جدا أن الخليفة الثاني قد قربه و بالغ في تسديده و تأييده تتواتر لديه الأخبار بأنه يلبس الحرير و الديباج و يستعمل أواني الذهب و الفضة و يبتعد في سلوكه عن الاحكام الإسلامية فيقول معتذرا عنه: ذاك كسرى العرب و وا عجبا هل في الإسلام كسروية أو قيصرية؟ و إنما الذي يعرفه الجميع عن الإسلام أنه قام بدور إيجابي في إلغاء العنصريات و تبنى المساواة بين جميع أبنائه و جعل الامتياز بالتقوى و العمل الصالح الذي من أهمه خدمة المجتمع الإسلامي و السهر على تطوره و تقدمه.
و آلت الدولة الإسلامية إلى معاوية بعد أحداث رهيبة استعملت فيه الدبلوماسية الأموية جميع ألوان المكر و الخداع للوصول إلى الحكم و الظفر بخيرات البلاد و قد ساندتها الرأسمالية القرشية و العربية حفظا على مصالحها الخاصة التي فقدتها أيام حكومة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) رائد العدالة الاجتماعية في الأرض يقول نيكلسون: اعتبر المسلمون انتصار بني أمية و على رأسهم معاوية انتصارا للأرستقراطية الوثنية التي ناصبت الرسول العداء و التي جاهدها الرسول حتى قضى عليها و صبر معه المسلمون على جهادها و مقاومتها حتى نصرهم اللّه فقضوا عليها و أقاموا على انقاضها دعائم الإسلام ذلك الدين السمح الذي جعل الناس سواسية في السراء و الضراء و ازال سيادة رهط كانوا يحتقرون الفقراء و يستذلون الضعفاء و يبتزون الأموال لقد امتحن المسلمون كأشد ما يكون الامتحان و أقساه أيام حكومة معاوية فقد أغرق البلاد بالمحن السود و الأحداث الجسام فتحدى بصورة سافرة إرادة المسلمين و عمل على إذلالهم و سلب حرياتهم و منعهم من كل حق تقره الأعراف الدولية و الانسانية و من بين المناهج الظالمة التي أصر على تنفيذها تجاه أهل البيت (عليهم السلام) و شيعتهم الذين هم مصدر الوعي و الفكر في الإسلام , و سلك هذا الأموي الظلوم كل وسيلة رخيصة لاطفاء نور آل محمد (صلى الله عليه واله) و الحيلولة بينهم و بين الأمة و حرمانها من التمتع بآدابهم و سموا اخلاقهم فقد أشاع جوا من الارهاب الفظيع على كل من ذكر مناقبهم و مآثرهم أو اتصل بهم كما أعلن رسميا سب الإمام أمير المؤمنين الذي هو المركز الأعلى في الفكر الإسلامي و قد تسابق إلى سبه على أعواد المنابر و في خطب الجمعة المرتزقة و وعاظ السلاطين لقد كانت سيرة الإمام (عليه السلام) تطارد معاوية و تلاحقه في قصوره فقد أشاعت التمرد على الظلم و الجور و فتحت آفاقا كريمة للوعي السياسي و الديني.
و قضت سياسة معاوية السوداء بتصفية العناصر الموالية لآل البيت (عليهم السلام) و استئصال شأفتهم و اقتلاعهم من الجذور فقد كتب إلى جميع عماله و ولاته بمطاردة كل من يحب عترة رسول اللّه (صلى الله عليه واله) و قتلهم و قطع رواتبهم من الدولة و مصادرة أموالهم و زجهم في ظلمات السجون و قام الجلادون و الارهابيون من عماله بتنفيذ ذلك و عم الخوف و الرعب شيعة أهل البيت و بلغ الحال أنه ليقال للرجل زنديق أو ملحد خير من أن يقال له أنه يحب عترة النبي (صلى الله عليه واله) و يتولاهم لأنه بذلك يكون عرضة للقتل و التنكيل و قد أعدم كوكبة من أعلام الإسلام أمثال حجر بن عدي و رشيد الهجري و عمر بن الحمق الخزاعي و نظراءهم من عمالقة الأحرار و لا ذنب لهم سوى الولاء لأهل البيت (عليهم السلام).
استعمل معاوية على الاقطار الإسلامية عصابة من الخونة و المجرمين أمثال زياد بن أبيه و المغيرة بن شعبة و عمرو بن العاص و بسر بن أبي ارطاة و أمثالهم من المنحرفين الذين لا يفقهون إلا القتل و التدمير و الاعتداء على الناس و قد أعلن اللقيط زياد بن أبيه عن سياسته السوداء التي ساس بها العراق أنه يأخذ البريء بالسقيم و المقبل بالمدبر و يعاقب على الظنة و التهمة و قد أحال الحياة في العراق إلى جحيم لا يطاق و ترك الناس يقول بعضهم لبعض: انج سعد فقد هلك سعيد.
لقد اغرقوا البلاد الإسلامية بالمحن و الخطوب و تركوا الإرهاب و الذعر مخيمين على حياة الناس.
ختم معاوية حياته بأفظع جريمة سوداء و ذلك بفرضه لخليعه المهتوك يزيد حاكما و سلطانا من بعده على رقاب المسلمين يعيث في دينهم و دنياهم و يحكم فيهم باحكام الجاهلية الأولى و قد حول هذا المجرم الخطير الحياة في العالم الإسلامي إلى جحيم لا يطاق و ارتكب من الفظائع ما سود به وجه التاريخ العربي و الإسلامي.
و أدلى فريق من المسلمين في عصر معاوية عن انطباعاتهم السيئة عنه و في ما يلي بعضهم:
1- ابن عباس: أعلن المفكر الإسلامي الكبير عبد اللّه بن عباس عن رأيه في معاوية قال: ليس في معاوية خصلة تقربه من الخلافة .
2- صعصعة بن صوحان: و التقى المجاهد الكبير صعصعة بن صوحان العبدي بمعاوية في أيام حكومته فقال له: أي الخلفاء رأيتموني؟ .
فأجابه صعصعة بشجاعة نادرة قائلا: أنّى يكون الخليفة من ملك الناس قهرا و دانهم كبرا و استولى بأسباب الباطل كذبا و مكرا.
أما و اللّه مالك في يوم بدر مضرب و لا مرمى و لقد كنت أنت و أبوك في العير و النفير ممن أجلب على رسول اللّه (صلى الله عليه واله) و إنما أنت طليق و ابن طليق أطلقكما رسول اللّه (صلى الله عليه واله) أنى تصلح الخلافة لطليق؟ .
3- المغيرة بن شعبة: و نقم عليه صديقه و شريكه في آثامه المغيرة بن شعبة فقد دخل عليه فسمع منه حديثا يقدح فيه بالنبي العظيم فخرج منه متذمرا و قال لولده: إني جئت من عند أخبث الناس و نقل له حديثه .
4- سمرة بن جندب: و ممن نقم عليه المنافق الكذاب سمرة بن جندب و ذلك حينما عزله عن ولاية البصرة فقال: لعن اللّه معاوية و اللّه لو أطعت اللّه كما أطعت معاوية لما عذبني أبدا .
و بهذا ننهي الحديث عن معاوية و الناظر في سياسته يجدها قد تفجرت بكل ما خالف كتاب اللّه و سنة نبيه من قتل الأحرار و مطاردة المصلحين و هتك الأعراض و غير ذلك من الجرائم و الموبقات.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|