أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-3-2016
6318
التاريخ: 8-8-2017
2676
التاريخ: 11-12-2017
4571
التاريخ: 13-6-2018
4198
|
1- المعنى اللغوي للسرية
السرية لغة : هي مصدر صناعي مأخوذ من السر بلفظة سَرَر(1). والسرُّ ما أخفيت، ورجل سري أي يصنع الأشياء سراً من قوم سريّيّن ، ورجل سري هذا الأمر ، أي عالماً بدقائقه وخفاياه ، واستسر الهلال في آخر الشهر خفى(2). والسر في لغة العرب هو الذي يكتم ، وجمعه أسرار وهو ما يكتمه الإنسان في نفسه، يقال( صدور الأحرار قبور الأسرار ) . أو هو ما تكتمه وتخفيه وما يسره المرء في نفسه من الأمور التي عزم عليها (3). أو كما في قوله تعالى في كتابه العزيز ( وأن تجهر بالقول فأنه يعلم السر وأخفى ) (4).
2- المعنى الاصطلاحي للسرية.
عرف الفقه السر عدة تعريفات منها( أنه كل ما يضر إفشاؤه بسمعة مودعه أو كرامته) (5). او ( هو كل ما يعرفه الأمين أثناء أو بمناسبة ممارسته مهنته وكان في إفشائه ضرر لشخص أو لعائلة أما لطبيعته أو بحكم الظروف التي تحيط به )(6). او أنه ( كل أمر يعهد به إلى ذي مهنة على سبيل السر )(7). بينما ذهب جانب من الفقه إلى خلاف ذلك بقوله ( إن السر هو النبأ الذي يجب إخفاؤه حتى ولو لم يترتب على إفشائه إضرار بالسمعة أو الكرامة ، وكان غير مشين بمن يريد كتمانه أو مزرياً ، بل قد يكون مشرفاً لمن يريد كتمانه ) (8). قد ذهب جانب اخر من الفقه في تعريفه للسر بأنه ( واقعة ينحصر نطاق العلم بها في عدد محدود من الأشخاص إذا كانت ثمة مصلحة يعترف بها القانون لشخص أو أكثر في أن يظل العلم بها محصوراً في ذلك النطاق )(9). والسرية بوجه عام صفة تخلع على موقف أو مركز أو خبر أو عمل وتؤدي إلى إيجاد رابطة تتصل بهذا الموقف أو المركز أو الخبر أو العمل بالنسبة لمن له حق العلم به ولمن يقع عليه الالتزام بعدم إفشائه للغير .فالسرية تقتضي ألا يعلم بالخبر سوى الأشخاص الذين تحتم الظروف وقوفهم على هذه السرية ، كما تقتضي أن يتم العمل الذي يحيطه المشرع بالكتمان في غير علانية بعيداً عن كل شخص ليس طرفاً فيه(10). ويجب أن يلاحظ أن السرية ليست دائماً الوجه المقابل للعلانية فقد تكون هناك أخبار لا تتوافر فيها صفة السرية ومع ذلك يرى المشرع عدم نشرها ، فكل خبر أو عمل سري يقتضي حتماً عدم نشره ، ولكن ليس معنى ذلك أن ما يحظر نشره هو سر دائماً(11). ومن خلال استعراضنا للتعريفات السابقة نجد أنها استندت لمعيار الضرر في تحديد صفة السرية بينما استند البعض الأخر منها إلى معايير إرادة الشخص في تحديد صفة السرية ، أما الغالبية فقد اعتبرت أن ما يودع لدى الأمين على السر أو يعلم به سواء ترتب على إفشائه ضررُ أم لا . ونحن إذ لا نتفق مع المعايير السابقة في تحديد ما هية السرية فأننا نتفق مع المعيار الأخير وهو معيار ( المصلحة المشروعة ) لشخص أو أكثر في بقاء نطاق العلم بالمعلومات أو الواقعة محصوراً في شخص أو أشخاص محدودين ويبنى عليه أنه إذا لم تكن للشخص مصلحة مشروعة ، فأن صفة السرية لاتثبت لهذه المعلومات أو الواقعة . فمعيار المصلحة المشروعة هو أفضل من المعايير التي استخدمتها التعريفات السابقة سواء التعريفات التي استندت لمعيار إرادة الشخص في تحديد صفة السرية فإرادة الشخص لا تصلح أن تكون معياراً سليماً وما يصدق القول على هذا المعيار يصدق على معيار كل ما يودع لدى الأمين على السر .ونحن بترجيحنا لمعيار المصلحة المشروعة في تحديد صفة السرية فأننا نقول إن المصلحة المشروعة يحددها المشرع وذلك بنصوص تشريعية تحدد متى يكون الأمر أو الواقعة سراً أم لا فالمشرع هو المعبر عن إرادة الأفراد في المجتمع وهو الذي يحدد متى تكون لهم مصلحة مشروعة في كون الواقعة سرية او لا. وعليه يمكننا أن نحدد مفهوم السرية في التحقيق بأنها كل واقعة أو أمر يعلم به القائم بالتحقيق أو من يتصل به أثنا ء أو بمناسبة ممارسته لمهنتة أو بسببها ، وكان المشرع قد أعتبر الواقعة أو الأمر سرياً بنص تشريعي .
3- المعنى القانوني للسرية
أما عن معنى السرية في التشريع فمن خلال استقراء نصوص التشريعات المصرية والعراقية سواء قوانين العقوبات أو أصول المحاكمات نجد أن المشرع المصري والعراقي لم يضعا تعريفاً للسرية أو للسر جرياً على العرف التشريعي بعدم وضع تعريفات وترك ذلك لاجتهادات الفقه والقضاء . إن الالتزام بكتمان أسرار التحقيق يعتبر من أهم عناصر السرية في كفالة الحماية الإجرائية وطالما أن من يقوم بالتحقيق أو من يتصل به بحكم وظيفته أو مهنته يلتزم بكتمان أسراره فأن أخبار التحقيق يصعب أن تجد طريقها إلى النشر مادامت السرية مقررة(12). وبالنسبة لسرية التحقيق فقد نص عليها المشرع المصري بالمادة ( 75 ) من قانون الإجراءات الجنائية عندما اعتبر إجراءات التحقيق ذاتها و النتائج التي تسفر عنها من الأسرار وألزم قضاة التحقيق وأعضاء النيابة العامة ومساعديهم من كتّاب وخبراء وغيرهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحضرونه بسبب وظيفتهم أو مهنتهم بكتمانها وإلا عوقبوا طبقاً للمادة ( 310 ) من قانون العقوبات المصري والخاصة بإفشاء أسرار الوظيفة أو المهنة . كما نصت المادة ( 58 ) من قانون الإجراءات الجنائية المصري تطبيقاً لما جاء بالمادة ( 75 ـ أ ـ ج ) على أن ( كل من يكون قد وصل إلى علمه بسبب التفتيش معلومات عن الأشياء والأدوات المضبوطة فأفضى بها إلى أي شخص غير ذي صفة يعاقب بالعقوبات المقررة بالمادة ( 310 ) عقوبات ).أما المشرع العراقي فقد نص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 971 في المادة (57/ أ ) منه حيث نصت على أنه ( للمتهم وللمشتكي وللمدعي بالحق المدني وللمسؤول مدنياً عن فعل المتهم ووكلائهم أن يحضروا إجراءات التحقيق وللقاضي أو المحقق أن يمنع أياً منهم من الحضور إذا اقتضى الأمر ذلك لأسباب يدونها في المحضر على أن يبيح لهم الإطلاع على التحقيق بمجرد زوال هذه الضرورة ولا يجوز لهم الكلام إلا إذا أذن لهم وإذا لم يَأذن وجب تدوين ذلك في المحضر ) .واضح أن المشرع العراقي قد أخذ بالسرية في التحقيق بالنسبة للجمهور فأنه لا يجوز لأحد من الجمهور حضور التحقيق ، كذلك نص المشرع العراقي على الجزاء المترتب على إفشاء أسرار الوظيفة أو الصناعة أو المهنة وذلك في المادة ( 437 ) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 . وكما هو واضح أن المشرع المصري كان اكثر صراحة من المشرع العراقي عند أخذه بالسرية .
4- المعنى القضائي للسرية.
اما بالنسبة للقضاء ولما كان المشرع لم ينص على تعريف معين للسر فأن الامر يترك له في تفسيره للنصوص وهو يطبقها على بعض الوقائع التي تطرح عليه مستنبطاً منها بعض التعريفات. فقد عرفت محكمة النقض الايطالية السرية وذلك في حكمها الصادر في 28 يوليو لسنة 1958 حيث عرفتها بأنها ( كل خبر يجب ان يظل في طي الكتمان عن كل الاشخاص الا اشخاصاً تتوافر فيهم صفات معينة )(13).وهذا التعريف جامع مانع حيث انه حدد معنى السرية ونطاقها والاشخاص الذين ينبغي عليهم الكتمان والحفاظ على هذه السرية وذلك نتيجة توافر صفة معينة فيهم وذلك كقاضي التحقيق ، او كاتب التحقيق وكل من يتصل بالتحقيق بحكم وظيفته او مهنته. وطبقاً لبعض احكام القضاء في فرنسا يعد النبأ سراً ولو كان شائعاً بين الناس ولكنه غير مؤكد ، اما متى تأكد للجمهور فقد زالت عنه صفة السر(14).
_____________________
1- الشيخ مصطفى الغلاييني ، جامع الدروس العربية ، منشورات المكتبة العصرية ، صيدا ، بيروت، ط22 ، 1409هـ ـ 1989م ، ص177ـ 178 .
2- ابن منظور جمال الدين محمد بن مكرم الأنصاري ، لسان العرب ، المؤسسة المصرية للتأليف والأنباء والنشر ، ج6 ، 630ـ 711هـ ، ص21 .
3- المنجد في اللغة والاعلام تحت كلمة (سر) ط7 ، دار المشرق ، بيروت ، 1986.
4- سورة طه الآية (7) . وقوله تبارك وتعالى ( قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض ) وسورة الفرقان الآية (6) . وقد وردت كلمة السر في سورة البقرة الآية (235) والآية (274) وفي سورة الرعد الآية (22) وفي سورة ابراهيم الآية (21) وسورة النحل الآية (75) وسورة فاطر الآية (29) ومن الأحاديث النبوية الشريفة في كتمان السر قوله ( صلى الله عليه وسلم ) (إذا حدث الرجل الحديث ثم ألتفت فهي أمانة ) .
5- دالوز تحت عبارة ( إفشاء الأسرار ) فقرة 16 . وقد تبنت هذا التعريف الموسوعة الشاملة للمبادى القانونية في مصر والدول العربية ج4 . د. محمود زكي عبد المتعال ، دار الشعب للطباعة، القاهرة، ص52 . والموسوعة الجنائية لجندي عبد الملك ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ص47 ، وقد أشار لهذا التعريف كل من د. محمود محمود مصطفى ، شرح قانون العقوبات القسم الخاص ، مطبعة جامعة القاهرة ، ط7 ، لسنة 1975 ، ص423 . وفي بحثه عن مدى المسؤولية للطبيب إذا أفشى سراً من أسرار مهنته ، مجلة القانون والاقتصاد ، مطبعة فتح الله الياس وأولاده ، ع3 ، 4 لسنة 1941 ، ص659 .
6- د. محمود محمود مصطفى ، المرجعان السابقان ، ص43 ، ص659 ، وأشار لهذا التعريف كل من د. محمد فائق الجوهري ، المسؤولية الطبية في قانون العقوبات ، رسالة دكتوراه ، جامعة فؤاد الأول ، مصر ، ص471 . و د . عادل عبد إبراهيم ، حق الطبيب في ممارسة الأعمال الطبية ومسؤوليته الجنائية ، رسالة دكتوراه ، جامعة بغداد ، 1977، ص362، و حسن عكوش ، سر المهنة ، بحث مقدم إلى المؤتمر الثاني عشر لأتحاذ المحامين العرب بغداد ، 1974 ، ص3 ، والأستاذ كمال أبو العيد، سر المهنة ، بحث مقدم إلى المؤتمر الثاني عشر، بغداد ، 1974 ، ص31.
7- د. أسامة قايد ، المسؤولية الجنائية للطبيب عن إفشاء سر المهنة ، دار النهضة العربية ، ص4 .
-8 E . GARCON “ CODE PENL ANNOTE “ 1956, ART 378. NO. 30.
9- د. محمود نجيب حسني ، قانون العقوبات ، القسم الخاص ، ط1986 ، ص753 .
10- د. احمد كامل سلامة ، الحماية الجنائية لأسرار المهنة ، مطبعة جامعة القاهرة 1988 ، ص37 .
11- د. جمال الدين العطيفي ، الحماية الجنائية للخصومة من تأثير النشر ، دار المعارف بمصر ، 1964، ص366 .
12- د. جمال الدين العطيفي ، المرجع السابق ، ص419 .
3[1]- مشار اليه في الدكتور جمال الدين العطيفي ، المرجع السابق، ص365.
14- د. عويس دياب ، الحماية الجنائية لسرية التحقيق الابتدائي وحقوق الدفاع امام سلطة التحقيق ، الطبعة الاولى ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1999 ، ص72.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|