المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



المرتضى الشهرزوري  
  
3258   01:19 صباحاً   التاريخ: 27-1-2016
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج3، ص230-232
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-12-2015 4828
التاريخ: 19-06-2015 1877
التاريخ: 5-10-2015 5006
التاريخ: 25-06-2015 2178

هو أبو محمد عبد اللّه بن القاسم بن المظفّر بن علي المعروف بالمرتضى الشهرزوريّ، ولد في شعبان من سنة 465(ربيع 1073 م) في الموصل. و قد أقام مدّة في بغداد يشتغل بالحديث و الفقه. ثم رجع الى الموصل و تولّى فيها القضاء و روى الحديث. و كانت وفاته بالموصل في ربيع الأول من سنة 511(تموز-يوليو 1117 م) في الاغلب.

كان المرتضى الشهرزوريّ محدّثا و فقيها مليح الوعظ مع الرشاقة في التعبير و مع التجنيس. و له شعر رائق على طريقة أهل التصوّف.

مختارات من شعره:

- للمرتضى الشهرزوريّ قصيدة لاميّة (اربعة و اربعون بيتا-الكشكول 1: 232-234) مشهورة يكني فيها عن الوصول (الى اللّه) بالاصطلاء بالنار لا بالحبّ و لا بشرب الخمر. مطلع هذه القصيدة:

لمعت نارهم و قد عسعس الليل... و ملّ الحادي و حار الدليل (1)

فحططنا إلى منازل قومٍ... صرعتهم قبل المذاق الشمول (2)

درس الوجد منهم كلّ رسم... فهو رسم و القوم فيه حلول (3)

و من القوم من يشير إلى وجـ...ـ‍د تبقّى عليه منه القليل

و لكلّ منهم رأيت مقاما... شرحه في الكتاب ممّا يطول

قلت أهل الهوى، سلام عليكم... لي فؤاد عنكم بكم مشغول

جئت كي أصطلي، فهل لي إلى...  ناركم هذه الغداة سبيل

فأجابت شواهد الحال منهم... كلّ حدّ من دونها مفلول (4)

كم أتاها قوم على غرّة منها... و راموا أمرا فعزّ الوصول (5)

وقفوا شاخصين حتّى إذا ما... لاح للوصل غرّة و حجول (6)

و بدت راية الوفا بيد الوج‍ـ...ـد، و نادى أهل الحقائق: جولوا (7)

بذلوا أنفسا سخت حين شحّت... بوصال، و استصغر المأمول (8)

يقول فيها:

ثمّ غابوا من بعد ما اقتحموها... بين أمواجها، و جاءت سيول (9)

قذفتهم الى الرسول، فكلّ... دمه في طلولها مطلول (10)

نارنا هذه تضيء لمن يس‍ر... ي بليل لكنّها لا تنيل (11)

منتهى الحظّ ما تزوّد منها الـ...ـح‍ظّ؛ و المدركون ذاك قليل (12)

___________________

1) لمعت نارهم: بدا لنا من نارهم (من المعرفة الالهية عند الصوفية) شيء يسير (من لمعان النار التي تضيء في الأصل ما حولها) . عسعس الليل: أقبل ظلامه (اشتد جهل الناس) . مل الحادي (الذي يسوق الابل) قطع الأمل من الوصول الى مقصده. حار الدليل (العارف بالعلوم الكونية) . -لما اشتد جهل الناس و لم يستطيعوا أن يصلوا بعلومهم و وسائلهم الدنيوية الى الحقيقة. . .

2) حططنا (انخنا رحالنا، نزلنا-اتجهنا في طلب الهداية و المعرفة) الى منازل قوم (الى المتصوفة) . صرعتهم (قتلتهم-أدهشتهم) قبل المذاق الشمول (الخمر الباردة-المعرفة الإلهية) : (لم يطلعوا على المعرفة الإلهية، و لكن قبل أن يذقوها-قبل أن يصلوا اليها-لما توهموها صرعتهم) . يقصد: ان القدر اليسير الذي توهم العارفون (المتصوفون الذين بلغوا قدما ثابتة، مرتبة سامية) أنهم لمحوه كان كافيا لأن يجعل كل ما في هذه الدنيا لا قيمة له في أعينهم. ** سأشرح الألفاظ اللغوية في الأبيات التالية، و للقارئ أن يستخرج المقاصد الصوفية على عرار ما رأى في البيتين السابقين:

3) الوجد: الحب، نشوة الحب (من تخيل الوصول الى المحبوب) . المادة الماثلة (على شكل جسد أو نحوه) . فهو (الوجد) رسم (جسدهم المعنوي) و القوم (الصوفيون) فيه حلول (حالون: أصبح وجودهم هم أيضا معنويا لما بطل شعورهم بحاجات أجسادهم المادية) .

4) فأجابت شواهد الحال منهم: لم يتكلموا و لكن فهمنا من الحال التي كانوا فيها أنهم يريدون أن يقولوا. . . الحد - حد السيف: الجانب القاطع من النصل (الجهد المبذول للوصول الى المعرفة الالهية) . مفلول: مفروض، مفرض (مقطع الحد: خسر حدته و قدرته على القطع) . و المقصود هنا: كل جهد ضائع، عاجز عن الوصول بصاحبه الى المعرفة الالهية.

5) على غرة منها (لعلها: على غرة منهم-جهلا منهم، و قلة اختبار و ادراك) .

6) شاخصين: متطلعين (منتظرين حائرين) . الغرة: البياض في جبهة الفرس. الحجول في القاموس تطلق على معان لا صلة لها بهذا النص، و الشاعر يقصد (التحجيل) (البياض في قائمة أو أكثر من قوائم الفرس) : وضحت الطريق و ظهر التجلي الالهي.

7) أهل الحقائق: العارفون و الراسخون في السلوك (في طريق التصوف) . جولوا-خوضوا (تقدموا في السبيل للفناء في اللّه) .

8) بذل (هؤلاء المتصوفون) بالوصال (بالاتحاد بها) نفسهم باستصغر المؤمول (و كان الذي حصل عليه يسيرا جدا (تحقق لهم شيء يسير مما كانوا قد توهموه. لا من الحقيقة الإلهية) .

9) فلما اقتحموا السبيل للوصول الى العزة الالهية للفناء فيها) غابوا بين أمواجها (ضاعوا، لم يصلوا) . . .

10) قذفتهم الى الرسول (ردتهم الى أن يقتدوا برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله و سلم فيسيروا على سنته) . فكل دمه في طلولها (الاماكن التي تتجلى فيها العزة الالهية: عالم الشهادة-الموجودات المادية) مطلول (ضائع هدرا) .

11) العزة الالهية تنير الطريق للسالكين (في طريق التصوف) ، و لكن لا يستطيع أحد أن يصل اليها هي.

12) ما تزود منها الحظ (اللحظ) ! : انها تلحظ فقط كالبرق الخاطف.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.