المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



احكام سائر الاماكن العامة  
  
1555   04:37 مساءاً   التاريخ: 20-1-2016
المؤلف : الشيخ خليل رزق
الكتاب أو المصدر : الاسلام والبيئة
الجزء والصفحة : ص241-246
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / البيئة /

أ‌- المقابر :

من الأماكن العامة التي يشترك فيها المسلمون على نحو لا يكون فيه الاختصاص لواحد منهم الا على سبيل الوقف الخاص، المقابر التي هي من جملة الاوقاف العامة كالمساجد، فيجري عليها حكم عدم جواز بيعها بأي حال من الاحوال، حتى ولو خربت وأندرست ونختصر الكلام فيها بما له علاقة بقضايا البيئة.

اولا : وجوب دفن الميت

أوجب الاسلام دفن جسد الميت تحت التراب، وعللت الفتاوى الصادرة عن فقهاء الاسلام ذلك بالمنع من ايذاء ريحه الناس.

يقول الشيخ اليزدي:(يجب كفاية دفن الميت بمعنى مواراته في الارض، بحيث يؤمن على جسده من السباع ومن ايذاء ريحه للناس، ولا يجوز وضعه في بناء او تابوت ولو من حجر بحيث يؤمن من الامرين مع القدرة على الدفن تحت الارض)(1).

ولعل وجوب دفن الانسان تحت التراب الذي أمر به التشريع الاسلامي هو لسببين :

الأول : عدم هتك حرمة جسد الميت، وابعاده عن وصول الحيوانات التي يمكن ان تأكله اذا كان فوق الارض (كالسباع).

الثاني : وهو ما ينسجم مع ما توصلت اليه الطبيعة والابحاث البيئية من ان بقاء الجسد فوق الارض يسبب وجود تلوث كبير في البيئة جراء الميكروبات والغازات المضرة التي تنبعث من الجسد في الهواء نتيجة التحلل والتعفن الذي لحق به بعد الموت، وحيث ان البكتيريا والأجسام المجهرية (وهي الحشرات والمخلوقات التي لا ترى بالعين المجردة) وغيرها من الكائنات تقوم بالاستفادة من الجثة لتتغذى عليها، فيزداد عددها وتتكاثر في الهواء وبالتالي تسبب خطرا ومضاعفات صحية سلبية.

فدفن الجسد تحت التراب يمنع من كل هذا الخطر لان البكتيريا نفسها الموجودة تحت التراب تساعد على تحلل الجسد بطريقة لا تؤذي المنظومة البيئية ولا تساهم في تلوث الهواء والطبيعة وهذا ما أشار اليه القرآن الكريم بقوله تعالى:{أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات: 25، 26] .

قال الطبرسي في مجمع البيان : كفت الشيء يكفته كفتا وكفاتا اذا ضمه، ومنه الحديث (أكفتوا صبيانكم) أي ضموهم إلى انفسكم(2).

وقوله تعالى:{كِفَاتًا} أي للعباد تكتفهم أحياء على ظهرها في دورهم ومنازلهم وتكتفهم امواتا في بطنها، أي تحوزهم وتضمهم(3).

ثانيا : المحافظة على بيئة المقابر :

حرص الاسلام على احترام الانسان حيا كان او ميتا، وفي هذا السياق جاءت الروايات الشريفة لتؤكد هذا المعنى عندما ارشدت الناس إلى ضرورة الاهتمام بنظافة المقابر والمنع من تلويثها وجعلها اماكن لإلقاء القاذورات والاوساخ، وهذا ما يتصل ايضا بأوامر الاسلام بزيارة القبور مما سيجعلها من الاماكن العامة التي يتردد اليها الناس، فينبغي حينئذ ان يصاحبها الامر

بوجوب تنظيفها وعدم تلويثها بالقاذورات.

ومن هذه الروايات نذكر :

عن الإمام علي (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه واله):(لا تبولوا بين ظهراني القبور ولا تتغوطوا)(4).

ونقل صاحب مستدرك الوسائل الميرزا النوري عن كتاب العلل لمحمد بن علي عن ابراهيم : .... ولا بين القبور (أي المنع من التغوط..)، والعلة فيه ان المؤمنين يزورون قبورهم فيتأذون بهم...(5).

وروي ان رسول الله (صلى الله عليه واله) نهى عن الغائط فيه – أي في الماء- وفي النهر .. وبين القبور ...(6).

وعن الباقر (عليه السلام) قال:(من تخلى على قبر، أو بال قائما، أو بال في ماء قائما، أو مشى في ... أو بات على قبر فأصابه شيء من الشيطان، لم يدعه الا ان يشاء الله، وأسرع ما يكون إلى الانسان وهو على بعض هذه الحالات)(7).

عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال:(ثلاثة يتخوف منها الجنون : التغوط بين القبور، والمشي في خف واحد، والرجل ينام وحده)(8).

وهذه الاحاديث تفيد بطريق الأولوية وجوب حفظ المقابر من كل انواع القاذورات، والاهتمام بنظافتها، وعدم تركها على أساس انها أماكن تخص الأموات دون الاحياء.

ب‌- شطوط الانهار والحدائق العامة وغير ذلك،......

جـ - الأسواق العامة :

معنى السوق وعلاقته بالبيئة

قال ابن منظور في لسان العرب:

السوق : موضع البياعات. والسوق التي يتعامل فيها، تذكر وتؤنث، والجمع أسواق، وفي التنزيل : الا انها ليؤكلون الطعام ويمشون في الاسواق، والسوقة لغة فيه.

وتسوق القوم اذا باعوا واشتروا...(9).

فالسوق وفقا للغة والعرف هو المكان العام الذي تجري فيه عمليات البيع والشراء لمختلف الاصناف والمنتوجات وغيرها، ويلزم من ذلك تجمع عدد كبير من الناس مما يترتب عليه وجوب تنظيم امورهم وحركة الذهاب والاياب، وعدم اعاقة السير وتنظيم اماكن البيع والشراء، وازالة الاوساخ والقمامة الناتجة عن وجود الناس، ولو اخذنا على سبيل المثال سوقا للخضار او اللحوم فأننا سنتصور معه مباشرة الروائح الكريهة التي ستنبعث منه، والاوساخ التي ستنبثق عنه، والمناظر السيئة التي ستشكل مظهره الخارجي، والاوبئة والامراض التي تنتج من الخضار واللحوم بعد مضي وقت عليها، وطبعا ذلك كله مع عدم توفير الشروط اللازمة والمراقبة الدقيقة لحركة السوق.

هذه الامور وغيرها فيما لو لم تجر عملية تنظيمية وادارتها بشكل جيد فأنها ستترك اثرا سيئا على البيئة العامة من حيث تشويه الطبيعة والاثار الصحية العامة التي يتلوث معها الغذاء والماء والهواء، ولذا نرى ان الدول والانظمة في العصر الحديث تولي الاسواق العامة العناية والاهتمام الخاص تفاديا لهذه الاثار الضارة بالطبيعة، ومن هنا تنشأ الحاجة إلى معرفة ما قدمه التشريع الاسلامي في هذا المجال، وهل كانت الاسواق العامة في الدول الاسلامية ولا سيما في عصر الخلافة وما بعدها تخضع لشيء، من القوانين والانظمة التي تحكم حركة البيع والشراء؟ وما هي الآداب التي فرضها الاسلام على المسلمين في التجارة؟ وغيرها من القضايا والمسائل التي لها علاقة بالأسواق...

فهذه الاسئلة تطرح نفسها في ضمن الحديث عن الاسلام واهتماماته بعالم البيئة والنظافة العامة فتدخل في نطاق المنظومة البيئة للقوانين والانظمة الاسلامية في هذا المجال.

_____________________

1ـ العروة الوثقى ، اليزدي، م.س، ج1، ص317.

2- مجمع البيان، ج1، ص416.

3- مجمع البيان، ج10، ص417.

4- مستدرك الوسائل، م.س، ج1، ص264، باب 13، ح2.

5- مستدرك الوسائل، م.س، ج1، ص262.

6- نفس المصدر، ص261، باب 12، ح2.

7- نفس المصدر، ص262، باب 12، ح3.

8- وسائل الشيعة، م.س، ص329، باب 16 من أبواب احكام الخلوة، ح2.

9- لسان العرب، م.س، ج10، ص167، مادة سوق.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.