أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-11-2014
2224
التاريخ: 20-3-2016
2221
التاريخ: 14-10-2014
4979
التاريخ: 15-10-2014
6003
|
من الاسرائيليات التي طفحت بها بعض كتب التفسير ما يذكرونه في تفاسيرهم ، عند تفسير قوله تـعـالى : {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ... } [الكهف : 83-84] .
وقد ذكر ابن جرير في تفسيره بسنده ، عن وهب بن منبه اليماني ـ وكان له علم بالأحاديث الأولى ـ أنـه كان يقول : (ذو القرنين رجل من الروم ، ابن عجوز من عجائزهم ، ليس لها ولد غيره ، وكان اسمه الإسكندر ، وانما سمي ذا القرنين ، لأن صفحتي رأسه كانتا من نحاس ، فلما بلغ وكان عـبداً صالحاً ، قال اللّه عزوجل له : يا ذا القرنين إني باعثك الى أمم الأرض ، وهي أمم مختلفة ألسنتهم ، وهم جميع أهل الأرض ، ومنهم أمتان بينهما طول الارض كله ، ومنهم أمتان بينهما عرض الأرض كله ، وامم في وسط الأرض منهم الجن والانس ، ويأجوج ومأجوج . ثم استرسل في ذكر أوصافه ، وما وهـبـه اللّه من العلم والحكمة ، و أوصاف الأقوام الذين لقيهم ، وما قال لهم ، وما قالوا له ، وفي اثناء ذلـك يـذكـر مـا لا يـشـهـد لـه عـقـل ولا نـقـل . وقد سود بهذه الأخبار نحو أربعة صحائف من كـتـابـه (1) ، وكـذلـك ذكر روايات أخرى في سبب تسميته بذي القرنين ، بما لا يخلو عن تـخليط وتخبط . وقد ذكر ذلك ـ عن غير ابن جريرـ السيوطي في (الدر) ، قال : (و اخرج ابـن اسحاق ، وابن المنذر ، وابن ابي حاتم ، و الشيرازي في الألقاب ، وابو الشيخ ، عن وهب بن منبه الـيـمـانـي ـ وكان له علم بالأحاديث الأولى ـ انه كان يقول : كان ذو القرنين رجلاً من الروم ، ابن عجوز من عجائزهم ، ليس لها ولد غيره ، وكان اسمه الاسكندر ، وانما سمي ذا القرنين ، ان صفحتي رأسه كانتا من نحاس ...) (2) و أنا لا أشك في أن ذلك مما تلقاه وهب عن كتبهم ، وفيها ما فيها من الباطل والكذب ، ثم حملها عنه بعض التابعين ، وأخذها عنهم ابن اسحق وغيره من اصحاب كتب الـتفسير والسير والاخبار ولقد اجاد وافاد الامام الحافظ ابن كثير ، حيث قال في تفسيره : (و قد ذكر ابن جرير هاهنا عن وهب بن منبه أثراً طويلاً ، عجيباً في سير ذي القرنين ، وبنائه السد ، وكـيـفـيـة مـا جـرى لـه ، وفـيـه طول ، وغرابة ، ونكارة ، في أشكالهم ، وصفاتهم وطولهم ، وقصر بعضهم ، وآذانهم وروى ابن ابي حاتم عن ابيه في ذلك أحاديث غريبة ، لا تصح اسانيدها ، واللّه اعلم ) (3) . و حتى لو صح الإسناد فيها ، فلا شك في أنها من الاسرائيليات ، لأنه لا تنافي بين الأمرين ، فهي صحيحة الى من رويت عنه ، لكنها في نفسها من قصص بني اسرائيل الباطل ، واخبارهم الكاذبة .
ولـو ان هـذه الاسـرائيليات وقف بها عند منابعها ، او من حملها عنهم من الصحابة والتابعين ، لكان الأمر محتملاً ، ولكن الإثم ، وكبر الكذب أن تنسب هذه الأخبار الى النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) ولو أنها كما أسلفنا كـانت صحيحة في معناها ومبناها لما حل نسبتها الى رسول اللّه أبداً ، فما بالك وهي أكاذيب ملفقة ، وأخبار باطلة ؟ وقـد روى ابـن جـريـر وغـيره عند تفسير قوله تعالى : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ) حديثاً مرفوعاً الى النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) قال :
(حـدثـنا ابو كريب قال : حدثنا زيد بن حباب ، عن ابن لهيعة ، قال : حدثني عبد الرحمان بن زياد بن انـعم ، عن شيخين من تجيب ، انهما انطلقا الى عقبة بن عامر ، فقالا له : جئنا لتحدثنا ، فقال : كنت يوما أخدم رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) ، فخرجت من عنده ، فلقيني قوم من أهل الكتاب ، فقالوا : نريد ان نسأل رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم ) فاستأذِنْ لنا عليه ، فدخلت عليه فأخبرته ، فقال : ما لي ومالهم ، ما لي علم إلا ما علمني اللّه ، ثـم قـال : اسـكـب لي ماءً ، فتوضأ ، ثم صلى ، قال : فما فرغ حتى عرفت السرور على وجهه ، ثم قال : أدخلهم عليَّ ، ومن رأيت من اصحابي ، فدخلوا ، فقاموا بين يديه ، فقال : ان شئتم سألتم فأخبرتكم عما تـجـدونـه فـي كـتـابـكم مكتوباً . وان شئتم اخبرتكم ، قالوا : بلى ، اخبرنا ، قال : جئتم تسألون عن ذي الـقرنين ، وما تجدونه في كتابكم : كان شاباً من الروم ، فجاء ، فبنى مدينة مصر الاسكندرية ، فلما فرغ جاءه ملك فعَلا به في السماء ، فقال له : ما ترى ؟ فقال : أرى مدينتي ، و مدائن ، ثم علا به ، فقال : ما تـرى ؟ فـقـال : ارى مـديـنـتـي ، ثـم عـلا به ، فقال : ما ترى ؟ قال : أرى الأرض ، قال : فهذا اليمّ مـحيط بالدنيا ، إن اللّه بعثني إليك تعلم الجاهل ، وتثبت العالم ، فأتى به السدَّ ، وهو جبلان ليّنان يزلق عنهما كل شيء ، ثم مضى به حتى جاوز يأجوج ومأجوج ، ثم مضى به الى أمة اخرى ، وجوههم وجوه الـكلاب ، يقاتلون يأجوج ومأجوج ، ثم مضى به حتى قطع به امة اخرى يقاتلون هؤلاء الذين وجوههم وجـوه الـكـلاب ، ثم مضى حتى قطع به هؤلاء الى أمة أخرى قد سماهم ) (4) ، ثم عقب ذلك بسرد المرويات في سبب تسميته بذي القرنين .
وذكر السيوطي في (الدر المنثور) (5) مثل ذلك ، وقال : إنه أخرجه ابن عبد الحكم في (تاريخ مصر) ، وابن ابي حاتم ، وابو الشيخ ، والبيهقي في (الدلائل ).
وكـل هـذا من الاسرائيليات التي دُسّت على النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) ولو شئت ان اقسم بين الركن والمقام ان رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم ) ما قال هذا ، لأقسمت ، وابن لهيعة ضعيف في الحديث .
ولعلك تجد الشرح الوافي بشأن شخصية ذي القرنين وأعمال قام بها ، في كتابنا شبهات وردود . ومن المحتمل القريب أنه الملك الفارسي " كورش " الهخامنشي الكبير .
_______________________
1- تفسير الطبري ، ج16 ، ص14-18 .
2- الدر المنثور ، ج4 ، ص 242-246 .
3- تفسير ابن كثير ، ج3 ، ص104 ؛ تفسير البغوي ، ج3 ، ص178.
4- تفسير الطبري ، ج16 ، ص7 و 8 .
5- الدر المنثور ، ج4 ، ص241 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|