المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

أثر العلاقات المكانية على استخدامات الأرض بالمدينة
22/10/2022
احكام السهو في الصلاة
2024-09-15
السفرجلاتي
25-8-2016
التحليل السميولوجي للخطاب الإعلامي
22-3-2022
انواع التربية
29-4-2017
خطر التشبّه بأعداء الدين
2024-01-15


المعتزلة وتفسير القرآن  
  
14946   12:13 صباحاً   التاريخ: 25-09-2014
المؤلف : محمد علي أسدي نسب
الكتاب أو المصدر : المناهج التفسيرية عند الشيعة والسنة
الجزء والصفحة : ص76- 79.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / العقائد في القرآن / فرق واديان ومذاهب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-09-2014 2697
التاريخ: 24-11-2014 2560
التاريخ: 8-11-2014 1944
التاريخ: 24-11-2014 2150

 

 إن الله تبارك وتعالى خلق الإنسان أطواراً ، وجعل في كل إنسان ما يميزه عن الآخرين ، كما جعل في كل ملة ما يميزها عن الملل الأخرى ، وكذلك يختلف الناس في كيفية انتفاعهم بالمواهب الفطرية والتأثير والتأثر بالآخرين ، فصارت الطرق مختلفة والنتائج متعددة ، فهناك عدد من الناس تعاملوا مع النصوص معاملة خاصة ، طبقاً لاستعداداتهم وظروفهم ، تختلف عن تعامل الآخرين مع الكتاب والسنة ، فظهرت المذاهب التفسيرية أو الكلامية المختلفة ومنها : المعتزلة (1) الذين جعلوا الأحوال ، ومنها : تفسير القرآن المجيد ، ولهذا الاتجاه أسباب خاصة ، منها :

أ- الآيات القرآنية المشيرة الى حجية العقل ولزوم اتباعه في كثير من السور والآيات .

ب- حل الآيات المتشابهة بواسطة القواعد العقلية الفلسفية ، خصوصاً فيما يتعلق بصفات الله تعالى وأفعاله .

ج- الدفاع عن القرآن والسنة تجاه الأجانب من غير المسلمين .

د- الاطلاع على الأديان الأخرى وأفكار غير المسلمين ، مما جعلهم يعتبرون العقل معياراً وحيداً للحكم بين المذاهب والأديان ؛ لأن غير المسلمين لا يخضعون لغير العقل . وسنشير هنا الى بعض المباني التفسيرية للمعتزلة أولا ً ، ثم نشير الى بعض مناهجهم ثانياً .

المباني التفسيرية للمعتزلة

للمعتزلة الأصول الخمسة المعروفة التي تعين لنا مذهبهم في التفسير والعقيدة ، لأجل هذا قيل : ليس أحد يستحق اسم الاعتزال حتى يجمع القول بالأصول الخمسة : التوحيد ، العدل ، الوعيد والوعيد ، المنزلة بين المنزلين ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ف: ليس أحد يستحق اسم الاعتزال حتى يجمع القول بالأصول الخمسة : التوحيد ، العدل ، الوعيد والوعيد ، المنزلة بين المنزلين ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإذا جمع هذه الأصول في شخص فهو معتزلي (2).

فهذه الأصول هي :

1- التوحيد : وقد بنوا على هذا الأصل أن الصفات ليست خارجة عن الذات ومغايرة لها ، وأن الله عالم بذاته ، وأن رؤية الله في الدنيا والآخرة مستحيلة ، وأن القرآن مخلوق وليس بقديم .

2- العدل : وفيه يقولون : إن الأفعال مخلوقة للعباد خيرها وشرها ، وما صدر من المعاصي ، صدر بغير مشيئة الله ، وقد بنوا على هذا الأصل فروعاً كثيرة منها :

أ- الله لا يفعل القبيح ، ورتبوا على ذلك أن الرزق هو الحلال فقط ، ولا يسمى الحرام رزقاً .

ب- وجوب الصلاح والأصلح على الله من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد .

ج- الله لا يريد المعاصي .

د- الله لا يخلق افعال العباد ، بل هم الذين يخلقون أفعالهم .

هـ - صحة التحسين والتقبيح العقليين ، فإن الحسن والقبح صفتان ذاتيتان ، فالعقل يحسن ويقبح (3).

فالمعتزلة طبقاً لرؤيتهم في العدل يفسرون الآيات بما يناسبها ، ويؤولون كل آية يخالف ظاهرها العدل حسب رأيهم ، فالآيات التي تدل بظاهرها على الجبر أو الظلم من الله تؤول في مذهبهم بما يتناسب مع الاختيار والعدالة .

3- الوعد والوعيد : أي : أن الله يجازي من أحسن بالإحسان ، ومن أساء بالسوء ، ولا يغفر لمرتكب الكبيرة ما لم يتب ، ولا يقبل من مرتكب الكبيرة الشفاعة ، لأنه توعد بالعقاب على الكبائر فلو لم يعاقب لزم الخلف في وعيده (4).

4- المنزلة بين المنزلتين : من هذا الأصل انطلق مذهب المعتزلة ، وقد كان واصل يتلمذ عند الحسن البصري ، إذ دخل على الحسن رجل ، فقال : يا إمام الدين ، ظهر في زماننا جماعة يكفرون صاحب الكبيرة ، وجماعة أخرى يرجئون الكبائر ويقولون : لا تضر مع الإيمان معصية ، كما لا تنفع مع الكفر طاعة ، فكيف تحكم لنا أن نعتقد في ذلك ؟ فتفكر الحسن ، وقبل أن يجيب ن قال واصل : أنا لا أقول إن صاحب الكبيرة مؤمن مطلق ، ولا كافر مطلق ، ثم قام الى اسطوانةٍ من اسطوانات المسجد وقال : لأن المؤمن اسم مدح ، والفاسق لا يستحقه ، وليس بكافر ؛ لإقراره بالشهادتين ولوجود ساير أعمال الخير فيه (5).

5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : هم يعتقدون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون بالقلب إن كفى ، وباللسان إن لم يكف القلب ، وباليد إن لم يكفيا ، وبالسيف إن لم تكف اليد (6).

فهذه الأصول الخمسة تعد من خصائص المعتزلة ، ولكن يمكن أن نقول : إن اتباع العقل والانتفاع بالقواعد العقلية في جميع المجالات الفكرية ومنها تفسير الآيات القرآنية ، هو الأصل الحاكم على جميع أفكارهم وآرائهم واعتقاداتهم ، فليس من البعيد أن نذكر لهم أصلاً واحداً وهو : اتباع العقل في جميع مجالات الشرع .

6- إمكان فهم جميع الآيات : المعتزلة تعتقد بإمكان تفسير الآيات سواء في مجال صفات الله تعالى أو القيامة أو ما شابه ذلك ، فإنهم لا يقولون بتعطيل العقول عن التفكر في الآيات ، ويؤمنون بظواهرها ، وبظواهرها ، ويظهرون العجز عن معرفتها ، نعم إذا لم يمكن الإيمان بظاهر آية ، فلابد من تأويلها حتى مقبولة للعقل ، معتبرة عند العقلاء ، خلافاً للأشاعرة والسلفية (7).

المناهج التفسيرية للمعتزلة

إن المنهج الفكري عند المعتزلة قائم على العقل في جميع المجالات ، كما ذكرنا ، ومنها : مجال تفسير القرآن الكريم ، ولكن نشير الى بعض المعالم لمعرفة منهجهم التفسيري بما يلي :

1- الاهتمام الشديد باللغة والأدب في تفسير القرآن

يهتم المعتزلة بالبحوث اللغوية في تفسير القرآن ، خصوصاً ما يتعلق بالآيات المتشابهة عندهم ، فهم يتخلصون من الآيات المتشابهة التي تخالف عقائدهم بواسطة الغور في اللغة والأشعار ، فمثلاً يفسرون النظر الى الله في الآيات بالرجاء والتوقع للنعمة والكرامة والرحمة ، واستدلوا على ذلك بأن النظر الى الشيء في العربية ليس مختصاً بالرؤية المادية ، كما يدل على ذلك قول الشاعر :

إذا نظرت إليك من مسلك         والبحر دونك زدتني نعماً

وكذلك في تفسير قوله تعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ} [الفرقان: 31]

يقولون : إن جعل بمعنى " بين " ، لا بمعنى " خلق " ، ويستدلون على ذلك بقول الشاعر :

جعلنا لهم نهج الطريق فأصبحوا        على ثبت من أمرهم حين يمموا (8).

فالمعتزلة فسروا النظر الى الله بالنظر الى  رحمة الله ؛ لكي يتخلصوا من مخالفة قاعدة عقلية فلسفية تقول : إن الله ليس بجسم ، وفسروا كلمة جعل بالتبيين ، لكي لا تفسد قاعدة العدل وقاعدة الاختيار وأن المجرمين هم الذين يخلقون أفعالهم .

2- الاتجاه الكلامي

تفاسير المعتزلة تعد من التفاسير الكلامية في الغالب ، ولها ثلاث خصوصيات :

الأولى : تطويل البحث في الآيات المشتملة على المباحث الكلامية والبحوث الاعتقادية .

الثانية : تأييد المذهب الكلامي المختار بواسطة الآيات المؤيدة له .

الثالثة : محاولة تضعيف المذاهب الكلامية الأخرى .

فمثلاً نجد الزمخشري يؤيد مذهب الاعتزال في حرية الإرادة وخلق الأفعال ، عندما يفسر الآية 8 من آل عمران ، يؤيد الحسن والقبح العقليين عندما يفسر الآية 165 من سورة النساء ، ويؤيد رأي المعتزلة في أصحاب الكبائر عندما يفسر الآية 93 من سورة النساء .

3- تأويل الآيات التي يخالف ظاهرها القواعد العقلية

فالمعتزلة يؤولون ما يتعلق بصفات الله تعالى بما يناسب رأيهم ، فكل ما في القرآن يعرضونه على العقل ، فما قبله أقروه ، وما خالفه حسب رأيهم يؤولونه حتى يتوافق مع ما عندهم من القواعد العقلية ، كتأويل اليد في قوله تعالى : {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] بالقدرة ، وتأويل الاستواء في قوله : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [طه: 5] بالاستيلاء والسيطرة ، وتأويل الرؤية في قوله : {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23] برؤية رحمة الله ، وما شابه ذلك ، ويقول القاضي عبد الجبار : وربما قيل في قوله : {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23] إنه أقوى دليل على أن الله يرى في الآخرة ، وجوابنا : أن من تعلق بذلك إن كان ممن يقول بأن الله جسم ، فإنا لا ننازعه في أنه يرى ، بل في أنه يصافح ، ويعانق ، ويلمس ، تعالى الله عن ذلك ، وإنما نكلمه في أنه ليس بجسمٍ ، وإن كان ممن ينفي التشبيه عن الله ، فلابد من أن يعترف بأن النظر الى الله تعالى لا يصح ؛ لأن النظر هو : تقليب العين الصحيحة نحو الشيء طلباً لرؤيته ، وذلك لا يصح إلا في الأجسام ، فيجب أن يتأول على ما يصح النظر إليه وهو الثواب (9).

4- إنكار الظلم من الله والجبر على الخلق ، وتأويل الآيات المضادة لهما

كما ذكرنا سابقاً العدل يعد من أصول مذهبهم ، فهم يقولون : لمراعاة قاعدة العدل ، العقل ينفي أي نوع من الظلم من قبل الله ، وكذلك ينفي أي جبر في فعل العباد ؛ لأنه مع الجبر لا يمكن توبيخ العاصي المجبور ، فكل آية ظاهرها يخالف قاعدة العدل يجب تأويلها حتى تتوافق مع العدل ؛ لأن الله لا يظلم ؛ إذ هو العادل ، وأن العبد لا يكون مجبوراً في أفعاله ؛ إذ هو الختار .

فمثلاً في ذيل الآية 41 من المائدة يقول الزمخشري : ومن يرد الله فتنته ، تركه مفتوناً وخذلانه ، فلن تملك له من الله شيئاً ، فلن تستطيع له من لطف الله وتوفيقه شيئاً ، أولئك الذين لم يرد الله أن يمنحهم من ألطافه ما يطهر به قلوبهم ؛ لأنهم ليسوا من أهلها ؛ لعلمه أنها لا تنفع فيهم ولا تنجع (10).

5- ترك الأحاديث المفسرة للقرآن إذا عارضت العقل

فإن المعتزلة سرعان تسقط لديهم الكثير من الروايات ؛ بسبب مخالفتها للقواعد العقلية عندهم ، ولو كانت الروايات صحيحة السند حسب اعتقاد أهل السنة ، فبالمعايير المضمونية في الأحاديث يسقطون الروايات ولو كانت صحيحة السند ، فمتن الرواية إذا كان غير صحيح في رأيهم ، يدل على عدم صدوره عن الرسول (صلى الله عليه واله ) ، مثل ما ذكره مؤلف تفسير المنار من عدم إمكان سحر النبي (صلى الله عليه واله) بواسطة لبيد بن الأعصم ، مع أن الرواية وردت في البخاري ، ولكن يرفضها محمد عبده ولا يعتني بما يعتقده أهل السنة من صحة جميع ما في البخاري (11).

6- الخروج عن القراءات المتواترة لتوافق الآية عقيدتهم

الآيات التي يخالف ظاهرها عقيدة الاعتزال ، إذا وجدوا قراءة أخرى تخرجهم عن مخالفة ظاهرها ، قد يميلون إليها ، ويذكرها في تفاسير ، فحينما يفسرون آية : {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ} [البقرة: 88] يذكرون قراءة غلف بضمتين ؛ ليكون معناه : الأوعية ، أي : قلوبنا أوعية حاوية للعلم مستغنية عما جاء به محمد (صلى الله عليه واله) (12).

7- تفسير بعض الكلمات بالمعاني البعيدة أو المجازية

نجد في القرآن كلمات لها معانٍ مضبوطة معلومة في اللغة ، ولكن هذه المعاني تضر المعتزلة في بعض عقائدهم ، فهم يفسرونها بالمعاني المجازية أو البعيدة ؛ لتوافق مذهبهم ، ففي قوله تعالى : {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: 179] يقولون : أي : ألقينا فيها ، فذهبوا الى قول الناس : ذرته الريح .

8- تقدير الكلمات للفرار من الآيات المخالفة للمرام

يقول القاضي عبد الجبار : ربما قيل في قوله تعالى : {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 95، 96] : أليس في ذلك تصريح بخلق أعمال العباد ؟ وجوابنا : أن المراد والله خلقكم وما تعملون من الأصنام ، فالأصنام من خلق الله ، وإنما عملهم نحتها وتسويتها (13).

9- عدم تقليد السلف في التفسير

المعتزلة يجتنبون التقليد ويمتنعون عن اتباع غيرهم في التفسير ، فهم يتابعون الدليل وما يستنتج من الأدلة العقلية ، وما قبلوه من أقوال السلف يكون لتأييد عقائدهم لا لاتباعه من دون اعتماده على العقل ، أو من دون التنقيب والبحث ، ولعل هذه الخصوصية هي التي جعلتهم على فرق كثيرة .

يقول محمد عبده : إن الله تعالى لا يسألنا يوم القيامة عن أقوال الناس وما فهموه ، وإنما يسألنا عن كتابة الذي أنزله لإرشادنا وهدايتنا ، وعن سنة نبينا الذي بين لنا ما نزل إلينا (14).

10- الرد على طعون الكفار عند تفسير القرآن

كما ذكرنا سابقاً ، المعتزلة أكثر من الطوائف الأخرى ، تعاملاً مع آراء أهل الكفر والزندقة ، ففي خلال تفاسيرهم نراهم يجيبون عن كثير من شبهاتهم في مجال الآيات القرآنية ، وهذه المسألة تنشأ من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو أصل من أصولهم الخمسة المعروفة ، ولذا كان الخلفاء الأوائل من حكومة العباسيين يشجعونهم ، وقد ناوأهم الرشيد زماناً واعتقل بعضهم ، ولكنه اضطر لإطلاقهم ، لما علم أنهم الذين يستطيعون منازلة الوثنيين وغيرهم (15).

 

الاعتزال الحديث

بعدما سيطر الأشاعرة والسلفية على المذاهب الكلامية الأخرى ، ظهر من العلماء ينكرون بعض ما كان الأشاعرة عليه سابقاً ، ومن هنا بدأ ظهور اعتزال حديث بعدما خبأ تأثير الاعتزال القديم ، ولكن هذا الاعتزال الحديث لم يكن مقيداً بالنصوص وما يعدونه من ضروريات الاسلام .

وقد بدأ الاعتزال الحديث في زمن محمد عبده ، وتبلورت في تفسيره أفكار جديدة وآراء غربية لم تكن معروفة لدى المعتزلة .

فمحمد عبده اعترف بالتقبيح والتحسين العقليين في تفسيره ، وهو الذي فسر إهلاك أصحاب الفيل بوباء الحصبة أو الجدري الذي حملته الطير الأبابيل ، وهذا الخط بعد عبده استمر الى أن أنكروا كثيراً من المسائل الإسلامية والمعارف القرآنية المقبولة لدى السابقين ، فبعضهم أنكروا الحجاب الإسلامي للنساء ، أو أنكروا حكم المرتد ، أو فرض الجهاد والحدود والديات ، وانكروا أيضا تعدد الزوجات ، والطلاق ، وحكم الإرث ، ووجود الجن والسحر .

وبعضهم صاروا علمانيين ، أي : ينكرون جميع الأحكام القرآنية في المجتمع الإنساني ومجال السياسة والحكومة ، ويجعلون الإسلام ديناً فردياً يختص بعلاقة الإنسان بالله فقط .

وأما مجال الاجتماع والسياسة والحكومة فهو بيد العقل أو العقلاء والعرف وآراء الأكثرية (16).

فالمعتزلة قد صاروا فرقاً كثيرة مختلفة لا يجمعهم إلا ادعاء أتباع العقل فقط .
__________________________
 
1- ذكرت في وجه تسمية المعتزلة وجوه ، منها : أ- اعتزال واصل بن عطاء مجلس البصري .

ب- لأنهم اعتزلوا عن الدنيا وزخرفها .

ج- كان قوم من اليهود باسم " الفروشيم " ومعناه : المعتزلة ، وكانوا يتكلمون على القدر ، ويعتقدون بأنه ليس جميع الأفعال مخلوقة لله تعالى ، فلا يبعد أن يكون بعض اليهود الذين أسلموا قد أطلقوا لفظ (المعتزلة) على هذه الفرقة من المسلمين ؛ لما رأوه من  الشبه بينها وبين تلك الفرقة اليهودية (الفروشيم) . راجع تاريخ المذاهب الاسلامية ، لأبي زهرة : 119.

2- راجع : الانتصار ، لأبي الحسين الخياط المعتزلي : 82-83.
3- راجع : شرح الأصول الخمسة ، للقاضي عبد الجبار : 301و326و327.
4- شرح الأصول الخمسة : 136و614و618.
5- راجع : الملل والنحل : للشهرستاني 1: 60 ، وشرح الأصول الخمسة ، للقاضي : 697.
6- راجع : الكشاف ، للزمخشري 1: 452، وشرح الأصول الخمسة : 145. 
7- راجع : المعني في أبواب التوحيد والعدل ، للقاضي عبد الجبار 9: 369.
8- راجع : تفسير الفخر الرازي 2: 471 ، ذيل الآية 31 من سورة الفرقان ، والمذاهب الإسلامية في القرآن الكريم : 130.
9- تنزيه القرآن عن المطاعن ، للقاضي عبد الجبار : 358 ، ذيل الآية 23 من سورة القيامة .
10- الكشاف ، للزمخشري 1: 416، ذيل الآية 41 من سورة المائدة .
11- راجع : تفسير جزء عم : 181.
12- راجع : تفسير الكشاف ، للزمخشري 1: 164 ، ذيل الآية 88 من سورة البقرة .
13- راجع : تنزيه القرآن عن المطاعن ، للقاضي عبد الجبار 1: 29.
14- تفسير المنار 1: 27.
15- راجع : تاريخ المذاهب الإسلامية : 150.
16- راجع : الإسلام وأصول الحكم ، لعلي عبد الرزاق ، وكتاب نقد الخطاب الديني ، لنصر حامد أبو زيد .

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .