تصريح أهل السنّة في عدم لزوم الإمام المعصوم عليه السلام
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج2/ص129-131
2025-11-16
37
الدليل هو «لأنّ البيعة حكم وحكم الواحد نافذ»[1].
ويتّفق على هذا الموضوع، كفاية بيعة الواحد من أهل الحلّ والعقد، إمام الحرمين الجوينيّ في كتاب «الإرشاد»، والإمام ابن العربيّ المالكيّ في «شرح صحيح الترمذيّ»، والقرطبيّ في تفسيره، والإمام أبو المعالي وآخرون[2]. وحتى التفتازانيّ يقول في «شرح المقاصد»: إذا مات الإمام وتصدّى للإمامة من يستجمع شرائطها من غير بيعة واستخلاف وقهر الناس بشوكة انعقدت الخلافة له. وكذا إذا كان فاسقاً أو جاهلًا عَلَى الأظْهَر إلّا أنّه يُعصى فيما فعل. ويجب طاعة الإمام ما لم يخالف حكم الشرع سواء كان عادلًا أو جائراً[3].
وأمّا الصفات التي يجب أن يتّصف بها الخليفة فهي: أن يكون قرشيّاً، وأن يكون من العلم بمنزلة من يصلح أن يكون قاضياً من قضاة المسلمين، وأن يكون ذا بصيرة بأمر الحرب، وتدبير الجيوش والسرايا وسدّ الثغور، وحماية البيضة، وحفظ الامّة، والانتقام من ظالمها والأخذ لمظلومها، وأن يكون ممّن لا تلحقة رقّة ولا هوادة في إقامة الحدود ولا جزع لضرب الرقاب والأبشار. ولا يلزم أن يكون من أفضل الامّة، بل يسوغ نصب المفضول إذا اقتضت المصالح. وليس من صفاته أن يكون معصوماً، ولا عالماً بالغيب، ولا أفرس الامّة وأشجعهم، ولا أن يكون من بني هاشم فقط، وهو وسائر الامّة في العلم سيّان، فلا يلزم أن يكون أعلم من غيره. فإن قالوا: إلى من يرجع الناس في المسائل، وإلى من يُرجعون ما خفي عليهم؟ قيل: الإمام ليس مسؤولًا عن ذلك، بل هو مسؤول عن الامور الاجتماعية الظاهريّة كما ذكرنا.
وقال جمهور أهل السنّة من أهل الإثبات: لا ينخلع الإمام بفسقه وغصب الأموال، وضرب الأبشار، وتناول النفوس المحرّمة، وتضييع الحقوق، وتعطيل الحدود وسائر المحرمات، ولا يجب الخروج عليه، بل يجب وعظه وتخويفه. وإطاعته واجبة على كلّ حال حتى لو جار واستأثر بالأموال لما اثر عن النبيّ والصحابة القول: «اسْمَعُوا وأطِيعُوا ولَو لِعَبْدٍ أجْدَعَ، ولَو لِعَبْدٍ حَبَشِيّ، وصَلَّوا وَراءَ كُلِّ بَرٍّ وفاجِرٍ. ورُوِيَ أنَّهُ قَالَ: أطِعْهُمْ وإِن أكَلُوا مَالَكَ وضَرَبُوا ظَهْرَكَ وأطِيعُوهُمْ مَا أقامُوا الصَّلاةَ».
نقلنا هذه المواضيع عن أبي بكر الباقلّانيّ صاحب كتاب «التمهيد» الذي ذكرها في الاصول وفقاً لآراء أهل السنّة[4].
[2] «الغدير» ج 7، ص 142 و143.
[4] «الغدير» ج 7، ص 136 و137.
الاكثر قراءة في فرق واديان ومذاهب
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة