أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-03-19
![]()
التاريخ: 2025-04-09
![]()
التاريخ: 2025-04-20
![]()
التاريخ: 2025-03-03
![]() |
مَعْرِفَةُ مُخْتَلِفِ الْحَدِيْثِ (1)
وإنَّمَا يَكْمُلُ لِلْقِيامِ بهِ الأئِمَّةُ الجامِعونَ بَيْنَ صِناعَتَي: الحديثِ والفِقْهِ، الغَوَّاصُونَ عَلَى المعاني الدقيقةِ (2).
اعْلَمْ أنَّ ما يُذْكَرُ في هذا البابِ يَنْقَسِمُ إلى قِسْمَينِ:
أحدُهُما أنْ يُمْكِنَ الجَمْعُ بَيْنَ الحديثينِ ولا يتعذَّرُ إبداءُ وَجْهٍ يَنْفِي تَنافِيَهُما، فيتَعَيَّنُ حِيْنَئذٍ المصيرُ إلى ذَلِكَ والقولُ بهما معاً.
ومِثَالُهُ حديثُ: ((لا عَدْوَى ولا طِيَرَةَ)) (3) معَ حديثِ: ((لا يُورِدُ مُمْرِضٌ (4) عَلَى مُصِحٍّ)) (5)، وحديثُ: ((فِرَّ مِنَ المجذومِ (6) فِرَارَكَ مِنَ الأسَدِ)) (7).
وَجْهُ الجمْعِ (8) بينَهُما أنَّ هذهِ الأمراضَ لا تُعْدِي بِطَبْعِها ولكِنَّ اللهَ تباركَ وتَعَالَى جَعَلَ مُخَالَطَةَ المريضِ بها للصَّحيحِ سَبَباً لإعدائِهِ مَرَضَهُ (9) ثُمَّ قَدْ يتَخَلَّفُ ذَلِكَ عَنْ سَبَبِهِ كما في سائِرِ الأسْبابِ.
فَفِي الحديثِ الأوَّلِ نَفَى - صلى الله عليه [وآله] وسلم - ما كانَ يَعْتَقِدُهُ الجاهِلِيُّ (10) مِنْ أنَّ ذَلِكَ يُعْدِي بِطَبْعِهِ ولهذا قالَ: ((فَمَنْ أعْدَى الأوَّلَ؟)). وفي الثاني أعلَمَ بأنَّ اللهَ سُبْحانَهُ جَعَلَ ذَلِكَ سَبَباً لِذَلِكَ، وحَذَّرَ مِنَ الضَّرَرِ الَّذِي يَغْلِبُ وجُودُهُ عِنْدَ وجُودِهِ بِفِعْلِ اللهِ سُبْحانَهُ وتَعَالَى، ولهذا في الحديثِ أمثالٌ كثيرةٌ (11).
وكتابُ "مُختلِفِ الحديثِ" لابنِ قُتَيْبَةَ في هَذَا المعنى، إنْ لَمْ يكنْ قدْ أحسَنَ فيهِ مِنْ وجْهٍ، فَقَدْ أسَاءَ في أشْياءَ منهُ قَصُرَ باعُهُ فِيْهَا، وأتَى بِمَا غيرُهُ أَوْلَى وأقْوَى.
وقَدْ رُوِّيْنا عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إسْحاقَ بنِ خُزَيمةَ الإمامِ أنَّهُ قالَ: ((لا أعرِفُ أنَّهُ رُوِيَ عَنِ النبيِّ (12) ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ حديثانِ - بإسْنادَينِ صحيحينِ - مُتَضَادَّيْنِ، فَمَنْ كانَ عِنْدَهُ فليَأْتِنِي بهِ لأُؤَلِّفَ بَيْنَهُما)) (13).
القِسْمُ الثَّانِي: أنْ يَتَضَادَّا بحيثُ لا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُما، وذَلِكَ عَلَى ضَرْبَينِ:
أحَدُهُما: أنْ يَظْهَرَ كَونُ أحَدِهِما ناسِخاً والآخَرُ مَنْسُوخاً، فَيُعْمَلُ بالنَّاسِخِ ويُتْرَكُ المنسُوخُ.
والثَّاني: أنْ لا تَقُومَ دلالةٌ عَلَى أنَّ الناسِخَ أيُّهُما والمنسُوخَ أيُّهُما، فَيُفزَعَ حِيْنَئذٍ إلى التَّرْجِيحِ ويُعْمَلَ بالأرْجَحِ منْهُما والأثْبَتِ، كالتَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الرُّواةِ، أوْ بِصِفاتِهِمْ في خمسينَ وَجْهاً مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحاتِ وأكثرَ (14)، ولِتَفصِيلها موضِعٌ غيرُ (15) ذا، واللهُ سُبْحانَهُ أعلمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر فيه:
معرفة علوم الحديث: 122 - 128، وإرشاد طلاب الحقائق 2/ 571 - 575 والتقريب: 159 - 161، واختصار علوم الحديث: 174 - 175، والشذا الفياح 2/ 471 - 476، والمقنع 2/ 480 - 482، وفتح المغيث 3/ 75 - 78، وتدريب الراوي 2/ 196 - 202، وتوضيح الأفكار 2/ 423 - 426. ولا بُدَّ من الإشارة إلى أنّ المراد بـ((مختلف الْحَدِيْث)) يختلف في الاصطلاح باختلاف ضبط كلمة: ((مختلف)) فَمِنَ المحدِّثين مَنْ ضبطها - بكسر اللام - عَلَى وزن اسم الفاعل. ويكون المراد بـ((مختلف الْحَدِيْث)) عَلَى هَذَا: ((الْحَدِيْث الَّذِي عارضه - ظاهراً - مثله)).
ومنهم من ضبطها - بفتح اللام - عَلَى أنّه مصدر ميمي، بمعنى: أنّه الْحَدِيْث الَّذِي وقع فِيْهِ الاختلاف، ويكون المراد حينئذٍ بـ((مختلف الحديث))، ((أن يأتي حديثان متضادّان في المعنى ظاهراً))، أي أنّ التعريف عَلَى الضبط الأول يُراد به الحديث نفسه في حين يُراد بالتعريف على الضبط الثاني التضاد والاختلاف نفسه، ويلاحظ تقييد التعارض - في التعريف - بكونه ظاهراً؛ وذلك لأنَّ التعارض: ((الحقيقي)) في الثابت من سنن النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلم - محالٌ. انظر: مختلف الحديث بين المحدِّثين والأصوليّين والفقهاء: 25 - 26.
(2) انظر: محاسن الاصطلاح 414، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 433.
(3) أخرجه البخاري 7/ 179 (5772)، ومسلم 7/ 31 (2220) (102). والطِّيَرة - بكسر الطاء وفتح الياء وقد تسكن - هي التشاؤم بالشيء، وكان ذلك يَصُدُّهم عن مقاصدهم، فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه، وأخبر أنه ليس له تأثير في جَلْب نَفْع أو دَفْع ضرّ. انظر: النهاية 3/ 152.
(4) الممرض - بضم الميم الأولى وسكون الثانية وكسر الراء بعدها ضاد معجمة -: هو اسم فاعل. والمصحّ - بضم الميم وكسر الصاد المهملة وتشديد الحاء -. انظر: عمدة القاري 21/ 288.
(5) أخرجه البخاري 7/ 179 (5771)، ومسلم 7/ 31 (2221) من حديث أبي هريرة.
(6) الْجُذَام: مرض وخيم ربّما انتهى إلى تقطّع أطراف اليد وسقوطها عن تقرّح، ويفسد مزاج الأعضاء وهيأتها. متن اللغة 1/ 496.
(7) أخرجه البخاري 7/ 164 (5707).
(8) للعلماء مسالك متعدّدة في الجمع بين هذه الأحاديث. انظر: فتح الباري 10/ 160.
(9) في الشذا: ((مرضًا)).
(10) في (م): ((الجاهل)).
(11) راجع: محاسن الاصطلاح 415.
(12) في (م) و (جـ): ((عن رسول الله)).
(13) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/ 433.
(14) ذكرها الحازمي في كتابه الاعتبار: 7 - 15، وسردها العراقي في شرح التبصرة 2/ 435 - 438، وانظر: الكفاية (609 - 610 ت، 434 - 436 هـ).
(15) وقد ذكر الحافظ العراقي ما يزيد على المئة، فلتراجع في التقييد: 286، وانظر: شرح التبصرة 2/ 435.
|
|
تحذير من "عادة" خلال تنظيف اللسان.. خطيرة على القلب
|
|
|
|
|
دراسة علمية تحذر من علاقات حب "اصطناعية" ؟!
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تحذّر من خطورة الحرب الثقافية والأخلاقية التي تستهدف المجتمع الإسلاميّ
|
|
|