دور وسائل الإعلام في نشر اللغة العربية 

لعبت الإذاعة في ما مضى دوراً مهماً في نشر العربيّة، وتفصيح الكثير من المفردات، وكان لها أثر إيجابي في حسن استعمال العربيّة. ولكن لما جاءت التلفزة أضافت تأثير حاسة العين مع السمع بحاسة الذوق، فكان لها الأثر البلاغي الذي استقطب وجدان العربيّة بصورتها العلمية والأدبية بعيدة عن الإسفاف والغريب والمستهجن. حيث كان رجال التلفاز يجتهدون في تدقيق ما يذيعونه وأسهم ذلك بشكل كبير في جعل الفصحى مألوفة لدى المشاهد. ومع ذلك لا تزال بعض الثغرات تحتاج إلى علاج، وهذا على هذه المستويات:

- مستوى برامج الأطفال: وكان بإمكان التلفاز أن يلعب دوراً مهماً في تقويم لسان الطفل من خلال الحرص على استخدام الفصحى في جميع البرامج الخاصة بالطفل. ونقص القنوات الموضوعاتية التي تهتم بلغة الأطفال.

- مستوى البرامج الحوارية وبرامج البث المباشر: وتعدّ هذه البرامج قاعدة التكوين اللغوي؛ حيث يفترض في من يتصدّى لتقديمها وإدارة الحوار، ويشترط فيه إجادة اللغة العربية بشكل تضلّعي، وعدم اللحن علماً أنّ هذه البرامج تعلم صورة الارتجال؛ مما يدفع بالمنشطين إلى التحرج والتحرز في استعمال مناويل اللغة استعمالاً جيداً ودقيقاً.

- مستوى الإعلانات التجارية: وتلعب دوراً في تطوير اللغة إذا كانت سليمة. كما تعمل على هدم اللغة إذا كانت فجّة وعاميّة ومخالفة للعرف اللغوي الوظيفي. ولهذا نروم من مُعدّي الإعلانات التجارية تسويق سلعهم بلغة راقية، والحرص على استخدام العربيّة السليمة باستعمال مناويلها البلاغيّة التي ترضيها القواعد، والعربية قادرة على تلبية كل الطلبات وفي مختلف المناسبات بشساعتها وطرافتها وسلاستها.

- مستوى الإرشادات الطبية والزراعية والبيئية والاجتماعية: وتمثل هذه البرامج مرتعاً خصباً لنمو اللغة أو لدفنها إذا كانت الهيمنة هي القاعدة. وكان الأجدر أن تكون تلك الإرشادات مكتوبة بلغة سليمة، وأن تقرأ قراءة سليمة لتمكين المشاهد من الفهم الدّقيق لا باللهجات أو بالمحليات ونُهيب بكل المذيعين الذين يسعون إلى تجديد استخدامهم للفصحى من خلال الحرص على حسن توظيفها. وهذه روح يجب تشجيعها على التمسك بها والعمل على تنميتها فيهم لنعيد للغتنا ألقها ومكانتها وسط طوفان العاميات.