المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

An overview of protein isolation
13-4-2016
تقدم السن
2023-03-02
Dietary Lipid Metabolism Overview
5-10-2021
مكونات نظم المعلومات
11-1-2016
الحالة الاجتماعية للحيرة
12-11-2016
التأويل في مقابل التنزيل
14-11-2014


التراضي لعقد الشركة الإلكترونية  
  
39   12:51 صباحاً   التاريخ: 2025-02-22
المؤلف : ثامر عبد الجبار عبد العباس السعيدي
الكتاب أو المصدر : التنظيم القانوني للشركات الالكترونية
الجزء والصفحة : ص 68-77
القسم : القانون / القانون الخاص / المجموعة التجارية / قانون الشركات /

يُعْدُ التراضي من أهم مسائل التعاقد ؛ إذ يتم وفقه تبادل إرادتين متطابقتين لإحداث أثر قانوني ، ويستلزم ذلك صدور إيجاب من أحد الأطراف، ومن ثم صدور قبول من الطرف الآخر، ومن ثم ارتباطهما معا؛ لتحقيق الإرادة المشتركة المكونة للتعاقد التقليدي لعقد الشركة الإلكترونية ، ولكن قد يُبرم عقد الشركة إلكترونيًا عبر الإنترنت ، فإن كان كذلك فإن التعاقد الإلكتروني عمومًا لا يخرج عن هذا المبدأ ، فبارتباط الإيجاب الإلكتروني مع القبول الإلكتروني ينعقد العقد الإلكتروني للشركة الإلكترونية(1)، مما تقدم ولأجل بحث التراضي سنبحث كل من الإيجاب والقبول في عقد الشركة الإلكترونية، ضمن الفقرتين الآتيتين :
أولا - الإيجاب الإلكتروني
يقصد بالإيجاب التعبير البات عن إرادة أحد المتعاقدين ، والمتضمن نيته في التعاقد وفقا للشروط المحددة في الإعلان عنه ، وقد عرفته محكمة التمييز الفرنسية بأنه " عرض يُعبر به الشخص عن إرادته في إبرام عقد معيّن ، بحيث يكون ملتزما به في حالة قبوله من المتعاقد الآخر (2)، ولا يختلف الإيجاب الإلكتروني عن الإيجاب التقليدي، إلا من حيث الوسيلة التي يتم فيها التعبير عن الإرادة إلكترونيا(3)، وإن ما يميز عقد الشركة الإلكترونية إذا أبرم إلكترونيًا وعن بعد ، فإنه غالبًا ما يكون تعاقدًا بين غائبين ، لا يجمعهما مجلس تعاقدٍ واحدٍ ، من حيث المكان (4) ، وقد عرف البعض الإيجاب الإلكتروني بأنه" تعبير عن إرادة الراغب في التعاقد عن بعد ؛ إذ يتم من خلال شبكة دولية للاتصالات بوسيلة مسموعة ومرئية ، ويتضمن العناصر اللازمة كافةً ؛ لإبرام العقد بحيث يستطيع من يوجه إليه أن يقبل التعاقد مباشرة "(5) لكن الإرادة في الإيجاب الإلكتروني ينبغي أن تكون قد تخطت مرحلة التردد وعدم الجزم ، إلى مرحلة العزم على التعاقد ، ولم يبق لنشوء التعاقد إلا القبول الذي سيكون، أيضا، إما قبولا تقليديا ، أو إلكترونيًا (6).
وعلى أي حال فإنه يشترط في الإيجاب سواء أكان تقليديًا أم إلكترونيا الشروط الآتية :
1- ينبغي أن يكون الإيجاب موجها إلى شخص معين ، أو إلى مجموعة من الأشخاص المعينين .
2- يجب أن يكون الإيجاب واضحًا ، ومحددًا تحديدًا نافيًا للجهالة الفاحشة والغرر، وقاطعًا ، لا يحتمل التأويل ، أو الشك ، أو الغموض ، ولا يتضمن أي تحفظ يمنع الطرف الآخر من أن يُصدِرَ قَبوله(7).
3- يجب أن تكون هنالك نيّة جديّة للموجب ، تجعله ملتزمًا بالإيجاب الذي قدّمه ، متى ما اقترن بالقبول ، وهذا الموضوع يُعْدُ غاية في الأهمية ؛ إذ إن التعاقد قد يكون إلكترونيًا ، وبذلك يتم بين غائبين لا يعرف أحدهما الآخر ، وربما تفصل بينهما مسافات بعيدة ، فجدية الإيجاب المقدم من قبل الموجب ، تجعل من الإيجاب جازمًا وبانا(8).
يتصف الإيجاب الإلكتروني بالخصائص الأتية(9):
1- لما كان الإيجاب الإلكتروني موجها عن بعد ، يترتب على ذلك إن العقد الإلكتروني للشركة ، يتم إبرامه عن بعد ؛ إذ إن الإيجاب الإلكتروني لا يعرف حدودًا معينة ، ويزيل العوائق الجغرافية الاصطناعية .
2- عند توجيه الإيجاب الإلكتروني من قبل أحد الأعضاء ، فإنه لا يصل مباشرة إلى الآخرين ، بل إنه يوجه إلى شخص ثالث ، ألا وهو مقدم خدمة الإنترنت ، الذي يقوم بدوره بتوجيهه إلى باقي الأعضاء ؛ لذلك فإن الإيجاب الإلكتروني يستلزم زمنًا ليصل إلى باقي الأعضاء ، ولا يصل إليهم بمجرد إطلاقه، رغم أن هذا ليس بالضرورة ؛ إذ قد يصل الإيجاب الإلكتروني مباشرة دون فاصل زمني يُعتد به.
من الجدير بالذكر إن الإيجاب يفترض أن يكون بنفس لغة الطرف الآخر ، طالما يستخدمان اللغة ذاتها ، ولكن إذا تم إبرام عقد الشركة إلكترونيًا ، فالتعاقد هنا سيكون دوليًا ، وهنا تثار مشكلة اللغة ، فبأي لغة يتم إبرام عقد الشركة الإلكترونية ؟
لم يشر المشرع العراقي إلى اللغة الواجبة في التعبير عن الإيجاب في عقود التجارة والتي تبرم عن بعد، في حين أشار المشرع الفرنسي لذلك ، في المادة الأولى من قانون رقم 665 لسنة 1994 والخاص باستخدام اللغة الفرنسية ، والمسمى بقانون (توبون Toubon)؛ إذ أوجب المشرع الفرنسي استخدام اللغة الفرنسية في جميع أنواع التجارة وبضمنها التجارة الإلكترونية (10)، وأشارت المادة الثانية من القانون ذاته ، إلى إن اللغة الفرنسية هي اللغة الواجبة الاستخدام في وصف الشيء ، أو المنتج ، أو الخدمة وتعيين نطاقه . وماله من ضمان ، وكذلك في الفواتير، والإيصالات ، واستخدام اللغة الفرنسيّة هنا يكون إلزاميا (11).
بذلك يكون المشرع الفرنسي قد ألزم الأطراف المتعاقدة ، على استخدام اللغة الفرنسية في جميع التعاقدات التجارية ، سواءً أكانت تقليدية أم كانت إلكترونيةً ، ففي حالة إبرام عقد الشركة الإلكترونية سواءً أكان إبرامه تقليديًا أم إلكترونيًا، وفقًا للقانون الفرنسي ينبغي أن يكون باللغة الفرنسية حصرا، ويكون القبول باللغة نفسها ، إلا إن رئاسة الوزراء الفرنسيّة أصدرت منشورًا في 1996/3/19 معدلا لقانون توبون ؛ إذ أجاز المنشور أن يصاحب استخدام اللغة الفرنسية ترجمة باللغة الإنكليزية ، أو بأي لغة أخرى ، كما أجاز أن يكون الإعلان الإلكتروني باللغة الفرنسية ، أو أي لغةٍ أخرى ، بَيْد إن استخدام اللغة المحلية في التعاقدات الإلكترونية ؛ يؤدي إلى صعوبات عمليّة ، ويعمل على عرقلة التجارة الإلكترونية ، في الوقت الذي تبذل الدول ، والمنظمات الدولية ، والمؤتمرات العلمية قصارى جهدها في سبيل تسهيل التجارة الإلكترونية وتطويرها ؛ لكون التعاقد عبر الإنترنت يتسم بالطابع الدولي غالبًا ، ومن ثم يصعب اشتراط اللغة المحلية في العقود الإلكترونية (12)، واستنادًا لهذا الاتجاه أعطى التوجيه الأوربي رقم (7) والصادر في 1997/5/20 والخاص بشأن حماية المستهلكين فيما يتعلق بالعقد عن بعد ، لدول الإتحاد الأوربي الاختصاص في اختيار اللغة المستخدمة في عقود المسافة التي تبرم عن بعد ، وذلك من مضمون نص الفقرة (8) منه (13).
ثانيا - القبول الإلكتروني
لا تكفي الإرادة الواحدة المنفردة المتمثلة بالإيجاب الإلكتروني ، لإبرام عقد الشركة الإلكترونية ، بل يجب أن تكون هنالك إرادة ثانيةً تقترن بها وتطابقها لإبرام التعاقد ، وتتمثل هذه الإرادة الثانية في قبول الإيجاب الصادر من أحد الأعضاء (14)، ولا يختلف القبول الإلكتروني عن القبول التقليدي ، إلا من حيث الوسيلة التي يتم فيها التعبير عن الإرادة إلكترونيًا ، ومن الممكن أن يتم القبول ؛ لإبرام عقد الشركة الإلكترونية إما بصورة تقليدية، أو بصورة الكترونية ، وقد عَرَف البعض القبول الإلكتروني بأنه " التعبير الصادر عن إرادة الموجه إليه رسالة البيانات الحاملة للإيجاب ، الذي يحمل رضاؤه ، بإبرام التعاقد بالشروط الواردة بالإيجاب خلال شبكة الإنترنت ، التي تتميز بكونها بيئة آلية مبرمجة للاتصال ، ونقل البيانات عن بعد "(15).
ويشترط في القبول سواء أكان تقليديًا أم إلكترونيا الشروط الآتية :
1- ينبغي أن يكون القبول مطابقا للإيجاب مطابقة تامة (16) ، فإذا كان هنالك أي زيادة ، أو نقص فإن التعاقد لا يتم ، ويُعد مثل هذا القبول إيجابًا جديدًا يحتاج إلى قبول جديد.
2- ينبغي أن يكون القبول بانا صريحًا لا لبس فيه ولا غموض ، يصدر في وقت يكون فيه الإيجاب قائما (17).
3- إذا كان القبول إلكترونيًا ينبغي أن يتم عبر وسيلة إلكترونية ، سواءً عن طريق التفاعل المباشر هاتفيًا أم من خلال البريد الإلكتروني أم من خلال الإنترنت ، يُعبر من خلالها القابل عن إرادته وموافقته على الإيجاب الصادر (18).
4- إذا كان القبول إلكترونيًا ، ينبغي أن يكون موجها بطريقة تضمن عدم تعرضه للتعديل ؛ إذ يجب أن يصل القبول إلى الموجب سالما ، وذلك ما بينته المادة 1/1316 من القانون المدني الفرنسي لسنة 1804 المعدلة (19) بموجب قانون رقم 230 لسنة 2000 والخاص بقانون الإثبات لتكنولوجيا المعلومات الفرنسي والمتعلقة بالتوقيعات الإلكترونية(20).
بيد أنه يجب في أي حال من الأحوال، أن يكون التعبير عن القبول الإلكتروني بشكل صريح لا لا لبس فيه ولا غموض ، مع الأخذ بنظر الاعتبار إنه لا يمكن الاعتداد بالإشارة المتداولة عرفا، أو باتخاذ موقف لا تدع الظروف مجالا للشك في دلالته ، على إن المقصود منه حقيقةً هو القبول بالإيجاب الموجه ، فالرأي الراجح فقها يذهب إلى إن التعبير عن إرادة القبول الإلكتروني ، لا يمكن أن يكون تعبيرًا ضمنيًا بل ينبغي أن يكون تعبيرًا صريحًا عن الإرادة (21) ، ولعل تساؤلا يثار بخصوص السكوت ،مفاده ، هل يُعد السكوت وعدم الرد على الموجب قبولا ضمنيًا للإيجاب الإلكتروني ؟
للإجابة عن هذا السؤال ، نلاحظ بأن مجرد السكوت في حَدِ ذاته ، قد عَدّه المشرع العراقي موقفًا سلبيًا محضا ، ولا يمكن أن ينسب إلى ساكت قول ، ولا يمكن من جهةٍ أخرى القول : بأن للعرف دور فعال في إبرام عقد الشركة الإلكترونية ؛ وذلك لحداثة هذا النظام نسبيًا ، أما عن تمخض الإيجاب لمصلحة من وجه إليه ، كالتبرع مثلا فهو فرض غير مألوف في نطاق التعاقد عبر الإنترنت عامة ، وعقد الشركة الإلكترونية خاصةً ، فمن يرغب بالتبرع لا يقوم بذلك عند إبرام عقد تأسيس الشركة الإلكترونية ، فهو أمرٌ نادر حدوثه ، والنادر في حكم المعدوم ؛ إذ تقضي القاعدة الفقهية بأن (العبرة للغالب الشائع لا للنادر)(22) وهنالك مجالات متعددة يستطيع التبرع من خلالها.
ينبغي التنويه إلى أنه لتحديد زمان ومكان إبرام عقد الشركة الإلكترونية أهمية كبيرة (23)، ولما كان التعاقد قد يكون تعاقدًا تقليديًا ، أو إلكترونيًا ، فالتعاقد الإلكتروني هو تعاقد يتم بين غائبين غالبًا ، لا يجمع بينهما زمن واحدٌ ؛ ولأجل تحديد زمان إبرام عقد الشركة الإلكترونية ينبغي أن نميز بين الفرضيات الآتية (24):
1- أن يكون الأعضاء المتعاقدون تقليديًا ، متواجدين جميعهم أثناء إبرام عقد الشركة الإلكترونية ، وبذلك سيعلم كلّ منهم بالإيجاب والقبول ، ويُعد بذلك تعاقدًا بين حاضرين من حيث الزمان والمكان.
2- أن يكون أحد المتعاقدين تقليديًا ، غير متواجد أثناء إبرام عقد الشركة الإلكترونية ، وإنما يعلم بالإيجاب الصادر عند وصول الإيجاب إليه بأي وسيلة من الوسائل ، سواء أكانت وسيلة الإعلام تقليدية أم الكترونية ، والتي تخبره بوجود إيجاب صادر ، والفرض هذا يقتضي أن يكون الانعقاد قد تم فور علم الموجب بقبول القابل ؛ لكون التعاقد تم بين غائبين .
3- أن يكون الأعضاء المتعاقدين إلكترونيًا ، متواجدين عبر الموقع الإلكتروني ، أثناء إبرام عقد الشركة الإلكترونية ، وبذلك سيعلم كل منهم بالإيجاب والقبول ، ويُعدُ بذلك تعاقدًا بين حاضرين من حيث الزمان وغائبين من حيث المكان (25) .
4- أن يكون أحد المتعاقدين إلكترونيًا، غير متواجد أثناء إبرام عقد الشركة الإلكترونية ، وإنما يعلم بالإيجاب الصادر ، عند قيامه بقراءة الرسالة الإلكترونية المرسلة من قبل الموقع الإلكتروني ، والتي تخبره عبر بريده الإلكتروني ، بوجود إيجاب إلكتروني ، والفرض هذا يقتضي أن يكون الانعقاد قد تم فور علم الموجب بقبول القابل ، لكون التعاقد تم بين غائبين من حيث الزمان والمكان.
أما عن موقف المشرع العراقي ، فإنه رغم تعدد النظريات بشأن تحديد وقت التعاقد(26)، إلا إنه وفي مجال التعاقد الإلكتروني بين غائبين ، قد أخذ بنظرية وصول القبول ، وتأسيسا على ذلك فإن اللحظة التي تصل فيها رسالة أحد الأعضاء بالقبول ، إلى صندوق البريد الإلكتروني لمقدم الإيجاب مثلا ، سواءً أكان قد اطلع عليها أم لم يطلع ، ففي هذه اللحظة يتم إبرام عقد الشركة الإلكترونية ، ما لم يتم الاتفاق بين المتعاقدين على خلاف ذلك ، وذلك خلافا لما هو مقرر في القواعد العامة من القانون المدني العراقي ، والذي نص فيها المشرع العراقي على إن التعاقد بين غائبين يتم في المكان والزمان الذي يعلم فيه الموجب بالقبول (27) ، وإذا كان المرسل إليه قد حدد نظامًا لتسلم الرسالة ، فتُعد مستلمة عند دخولها إلى هذا النظام ، أما إذا قام المرسل بإرسالها إلى نظام آخر غير الذي حدده المرسل إليه ، فإنها تُعد مرسلة في الوقت الذي قام المرسل إليه بإعادتها إلى النظام الذي حدده مسبقا (28).
كذلك أشار التوجيه الأوربي رقم 31 لسنة 2000 والخاص بالتجارة الإلكترونية ، إلى الأخذ بنظرية وصول القبول الإلكتروني ، أيضا ؛ إذ بينت المادة 1/11/ ب على إنه يُعدُ الطلب والاستلام حاصلًا عندما تكون الأطراف المتعاقدة قادرة على الوصول إليه "(29).
يبدو أن المشرع الفرنسي قد سار على نهج التوجيه الأوربي ، أيضا، وأخذ بنظرية وصول القبول الإلكتروني ؛ إذ أشارت المادة 5/1369 من القانون المدني الفرنسي لسنة 1804 والمعدلة بموجب المرسوم رقم 674 والصادر في من 2005/1/16 والخاص بتنفيذ الإجراءات التعاقدية إلكترونيا ، على إن " الطلب وتأكيد القبول والاقرار بالاستلام يُعَدُّ حاصلًا ، عندما تكون الأطراف المتعاقدة قادرة على الوصول إليها"(30).
بيد أن المشرع الفرنسي قد أستثنى بنص المادة 6/1369 التعاقدات التي تبرم بواسطة تبادل الرسائل الإلكترونية ، من الخضوع لنظرية وصول القبول الإلكتروني في التعاقد بين غائبين(31).
أما بخصوص تحديد مكان إبرام عقد الشركة الإلكترونية فقد ظهر اتجاهين (32) :
1- الاتجاه الأول يذهب إلى إن إبرام عقد الشركة الإلكترونية ، هو مكان وجود وحدة الخدمة الخاصة بالموقع الإلكتروني والتي تزوده بالخدمة .
2- الاتجاه الثاني فإنه يرى بإن العبرة في تحديد مكان إبرام عقد الشركة الإلكترونية ، يكون بتحديد مكان وجود المتعاقد ذاته ، وهو الرأي الراجح .
مما تجدر الإشارة إليه ، إنه أصبح بالإمكان حديثا معرفة مكان وجود كل متعاقد عبر الإنترنت ، فلكل كومبيوتر مرتبط بالإنترنت عنوانًا إلكترونيًا خاصا به ، يميّزه من غيره من أجهزة الكومبيوتر المستخدمة عبر الإنترنت ، ويقوم هذا العنوان بتحديد الموقع الجغرافي للكومبيوتر ، وعنوان مقدم خدمة الإنترنت ، الذي يمتلك سجلا يتضمن جميع تحركات المستخدم وتجواله عبر الإنترنت.
تأسيسا على ما تقدم فإن تحديد مكان إبرام عقد الشركة الإلكترونية يتم بهذه الطريقة(33)، ومن ثم فإن العبرة بتحديد مكان التعاقد ، هو مكان وجود الموجب وقت وصول القبول إليه ، أي وقت وصول الرسالة التي تتضمن القبول إلى صندوق بريده الإلكتروني(34).
أما عن موقف المشرع العراقي حول تحديد مكان المتعاقدين ، فإنه عَدَ الرسالة الإلكترونية قد أرسلت من المكان الذي يقع فيه مقر عمل المرسل ، وإنها استلمت في المكان الذي يقع فيه مقر عمل المرسل إليه ، وإذا لم يكن لأي منهما مقر عمل ففي محل إقامته ، ما لم يكن هنالك اتفاق يقضي بخلاف ذلك ، وإن كان لأي منهما أكثر من مقر عمل ، فيُعدُ المقر الأقرب صلة بالمعاملة ، هو مكان الإرسال أو التسلم ، وإن تعذر تحديده ، فيؤخذ بمقر العمل الرئيس(35).
من الجدير بالذكر ، أن هنالك قواعدًا ينبغي الأخذ بها لتحديد اختصاص المحكمة في نظر النزاع ، بالنسبة إلى التعاقدات الإلكترونية عبر الإنترنت ، ومنها القواعد الآتية (36) :
1- ينبغي على المتعاقد عبر الإنترنت ، أن يقوم بإبرام بعض الصفقات التجارية ، أو إجراء بعض التصرفات القانونية ، في النطاق المكاني للمحكمة التي يكون لها ولاية في نظر النزاع ؛ ليقوم بخلق وإنشاء رابط مكاني مع المحكمة ذات الاختصاص المكاني في نظر النزاع ، وهذا ما ذهبت إليه محكمة استئناف ولاية الينوي الأمريكية في قرار لها بالرقم 873/9/2 صدر بتاريخ 2010/1/3، وتتلخص وقائع القضية بقيام شخص عام 2008 بشراء سيارة عبر الموقع الإلكتروني الشركة إلكترونية أمريكية الجنسية اسمها ( Bay ) وأكتشف لاحقا عدم مطابقتها للمواصفات ، فقام برفع دعوى مطالبا فيها بالتعويض ، رفض المدعى عليه ( شركة e-Bay ) دفع التعويض للمدعي ؛ ذلك بحجة إن محكمة ولاية الينوي الابتدائية لا تمتلك الاختصاص المكاني بنظر الدعوى، وأيدت المحكمة الابتدائية طلب المدعى عليه ثم أكدته محكمة الاستئناف في ولاية الينوي (37).
2- إن مجرد تشكيل تعاقد إلكتروني من خلال البريد الإلكتروني الخاص بالمتعاقد ، لا يُعدُ في حد ذاته كافيًا لإقامة رابط يُخْضِعُه لولاية المحكمة
3- إن تسجيل موقع الشركة الإلكترونية عبر الإنترنت، وتوجيهه بشكل مؤثر إلى مكان معين ، يحقق الولاية القضائية للمحكمة ، التي يدخل ضمن نطاقها هذا المكان .
___________________
1 - عرف المشرع العراقي العقد الإلكتروني في المادة 1/ عاشرا من قانون التوقيع الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية النافذ رقم 78 لسنة 2012 "بأنه ارتباط الإيجاب الصادر من أحد المتعاقدين بقبول الآخر على وجه يثبت أثره في المعقود عليه والذي يتم بوسيلة إلكترونية".
2- أشار إليه د. إلياس نصيف ، العقد الإلكتروني في القانون المقارن ، سلسلة العقود الدولية ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت لبنان ، ط1، 2009 ، ص 77.
3- نصت المادة 18/ أولًا من قانون التوقيع الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية على إنه " يجوز أن يتم الإيجاب والقبول في العقد بوسيلة إلكترونية ".
4- د. محمد سعيد أحمد إسماعيل ، أساليب الحماية القانونية لمعاملات التجارة الإلكترونية " دراسة مقارنة"، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2009 ، ص 180 .
5- د. محمد حسین منصور ، المسؤولية الإلكترونية، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية، مصر ، 2003 ، ص 67.
6- د. ناصر محمد عباس الوسائل الالكترونية ودورها في عقد البيع بدون دار نشر ،مصر، بدون سنة نشر، ص 115
7- د. محمد سعيد أحمد إسماعيل ، مصدر سابق، ص181.
8- محمد سعيد أحمد إسماعيل ، أساليب الحماية القانونية لمعاملات التجارة الإلكترونية " دراسة مقارنة"، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2009 ، ص182.
9- وعود كاتب عبد عباس الأنباري ، أحكام الإيجاب الإلكتروني ، بحث منشور في مجلة رسالة الحقوق ، العدد الخاص ببحوث المؤتمر القانوني والوطني ، كلية القانون ، جامعة كربلاء، كربلاء، العراق، 2012، ص260.
10- النص باللغة الفرنسية هو :
Article 1/Langue de la République en vertu de la Constitution, la langue française est un élément fondamental de la personnalité et du patrimoine de la France.
Elle est la langue de l'enseignement, du travail, des échanges et des services publics.
11- النص باللغة الفرنسية هو :
Article 2 /Dans la désignation, l'offre, la présentation, le mode d'emploi ou d'utilisation, la description de l'étendue et des conditions de garantie d'un bien, d'un produit ou d'un service, ainsi que dans les factures et quittances, l'emploi de la langue française est obligatoire.
12- د. خالد ممدوح إبراهيم، إبرام العقد الإلكتروني "دراسة مقارنة" ، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، مصر، 2011، ص 219.
13- النص بالفرنسية هو:
8/considérant que l'emploi des langues en matière de contrats à distance relève de la compétence des États members.
14- ينظر نص المادة 85 من القانون المدني العراقي النافذ رقم 40 لسنة 1951 المعدل .
15- د. تامر محمد سليمان الدمياطي ، إثبات التعاقد الإلكتروني عبر الإنترنت دراسة مقارنة"، منشأة المعارف الإسكندرية، مصر، ط 1 ، 2009، ص 75.
16- ينظر نص المادة 86 من القانون المدني العراقي النافذ رقم 40 لسنة 1951 المعدل.
17- د. ماجد سليمان أبو الخيل ، العقد الإلكتروني ، مكتبة الرشد ناشرون ، الرياض، السعودية ، ط1، 2009، ص 50.
18- د. سامح عبد الواحد ، التعاقد عبر الإنترنت " دراسة مقارنة "، دار الكتب القانونية، مصر، 2008، ص175- 176
19 - ألغيت هذه المادة بموجب المادة 3 من المرسوم الفرنسي رقم 131 والصادر 2016/2/10 والخاص بإصلاح قانون العقود ، ودليل المخطط العام للالتزامات
20- النص باللغة الفرنسية هو :
1316/1: "L'écrit sous forme électronique est admis en preuve au même titre quel'écrit sur support papier, sous réserve que puisse être dûment identifiée la personne dont il émane et qu'il soit établi et conservé dans des conditions de nature à en garantir l'intégrité".
21- د. ماجد سليمان أبو الخيل ، مصدر سابق ، ص51.
22- د. عبد الكريم زيدان، الوجيز في شرح القواعد الفقهية في الشريعة الإسلامية ، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت، لبنان ، ط 1 ، 2001 ، ص 107 .
23- تبرز أهمية تحديد زمن التعاقد في تحديد الوقت الذي تترتب فيه آثار هذا التعاقد كانتقال الملكية للحصص في منقول معين بالذات مثلا ، وكذلك تحديد أهلية أطراف التعاقد إذ يعتد بوقت إبرام التعاقد لتحديد الأهلية، وتظهر أهمية مكان انعقاد العقد في تحديد المحكمة المختصة بنظر النزاع، وأيضا في تحديد القانون الواجب التطبيق الذي يحكم التعاقد الإلكتروني ، للمزيد حول هذا الموضوع ينظر بذلك :
- محمد علي عمران ، المصادر الإرادية وغير الإرادية ، مصادر الالتزام ، دار نصر للطباعة ، القاهرة، مصر ، 2007، ص 72.
24- د. سامح عبد الواحد ، التعاقد عبر الإنترنت " دراسة مقارنة "، دار الكتب القانونية، مصر، 2008 ، ص209.
25- ينظر نص المادة 88 من القانون المدني العراقي النافذ رقم 40 لسنة 1951 المعدل.
26- ظهرت أربع نظريات حول تحديد وقت التعاقد بين غائبين :
أ- نظرية إعلان القبول الإلكتروني، وبموجبها يتم التعاقد بمجرد إعلان القبول وقبل أن يصل إلى علم الموجب.
ب - نظرية تصدير القبول الإلكتروني ، وبموجبها يتم التعاقد بلحظة إرسال القبول إلى الموجب.
ت - نظرية وصول القبول الإلكتروني ، وبموجبها يتم التعاقد بمجرد وصول الرسالة من القابل إلى الموجب.
ث - نظرية علم الموجب بالقبول الإلكتروني ، وبموجبها يتم التعاقد من لحظة وصول القبول إلى علم الموجب ، وللمزيد حول هذا الموضوع ينظر :
د- جليل الساعدي ، مشكلات التعاقد عبر شبكة الإنترنت ، مكتبة السنهوري ، بغداد، ط1،2011، ص83- 84
27- ينظر نص المادة 87 من القانون المدني العراقي النافذ رقم 40 لسنة 1951 المعدل .
28- ينظر نص المادة 20 من قانون التوقيع الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية العراقي النافذ رقم 78 لسنة 2012. –
29- النص باللغة الإنكليزية هو :
Article 11/Placing of the order / 1- Member States shall ensure, except when otherwise agreed by parties who are not consumers, that in cases where the recipient of the service places his order through technological means, the following principles apply:
- the order and the acknowledgement of receipt are deemed to be received when the parties to whom they are addressed are able to access them.
30- النص باللغة الفرنسية هو
Article/ 1369/5"La commande, la confirmation de l'acceptation de l'offre et l'accusé de réception sont considérés comme reçus lorsque les parties auxquelles ils sont adressés peuvent y avoir accès".
31- النص باللغة الفرنسية هو :
Article/1369/6 "Il est fait exception aux obligations visées aux 1° à 5° de l'article 1369 et aux deux premiers alinéas de l'article 1369-5 pour les contrats de fourniture de biens ou de prestation de services qui sont conclus exclusivement par échange de courriers electroniques.
Il peut, en outre, être dérogé aux dispositions de l'article 1369-5 et des 1° à 5° de l'article 1369-4 dans les conventions conclues entre professionnels".
32- د. سامح عبد الواحد ، التعاقد عبر الإنترنت " دراسة مقارنة "، دار الكتب القانونية، مصر، 2008 ، ص219.
33- د. تامر محمد سليمان الدمياطي ، إثبات التعاقد الإلكتروني عبر الإنترنت دراسة مقارنة"، منشأة المعارف الإسكندرية، مصر، ط 1 ، 2009، ص86.
34- د. سامح عبد الواحد التهامي ، مصدر سابق ، ، ص 220
35 - ينظر نص المادة 21 من قانون التوقيع الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية العراقي النافذ رقم 78 لسنة 2012.
36- صفوان حمزة إبراهيم عيسى ، الأحكام القانونية للتجارة الإلكترونية " دراسة مقارنة "، دار النهضة العربية ، القاهرة ، مصر ، 2013 ، ص369 370
37- صفوان حمزة إبراهيم عيسى ، الأحكام القانونية للتجارة الإلكترونية " دراسة مقارنة "، دار النهضة العربية ، القاهرة ، مصر ، 2013 ، ص34-35 .




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .