المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6972 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الملك شيشنق الثالث (أعماله في تانيس)  
  
59   02:29 صباحاً   التاريخ: 2025-01-09
المؤلف : سليم حسن
الكتاب أو المصدر : موسوعة مصر القديمة
الجزء والصفحة : ج9 ص 304 ــ 310
القسم : التاريخ / العصور الحجرية / العصور القديمة في مصر /

كان أهم عمل قام به «شيشنق» في «تانيس» هو البوابة الضخمة التي أقامها في معبد «تانيس» الكبير، وهي التي تعرف بالبوابة الغربية، وقد كساها كلها بالجرانيت، وكانت بقاياها عند الكشف عنها عبارة عن تل ضخم من الأحجار، وأول من اشتغل في هذه الجهة هو الأستاذ «بتري»؛ غير أنه اكتفى بنقل النقوش التي على الأحجار دون أن يزحزحها من مكانها.

وفي عام 1930 ابتدأ «مونتيه» في جر الأحجار التي لم تكن في موضعها الأصلي [إلى] أماكن أعدت لذلك في الجهة الشرقية والجنوبية والغربية، وقد زاد عدد هذه الأحجار عن المائة، ويزن كل منها من طنين إلى ثلاثة، وبعضها كان يزيد عن ذلك، وبعد الفراغ من هذه العملية ظهر أن البرج الشمالي لم يبقَ منه في مكانه الأصلي إلا ست قطع، ولحسن الحظ كانت حالة البرج الجنوبي أحسن؛ فقد بقي نصفه الشرقي ثلاثة مداميك في مكانها، ولكن الزاوية الغربية كانت قد زحزحت عن موضعها الأصلي كثيرًا، ومن أجل هذا كان من الضروري هدمها حجرًا حجرًا، وبعد ذلك قَوِيَ الأساس ورصت الأحجار في أماكنها الأصلية، وأقيم خلفها جدار عليه حماية لها.

وهذه البوابة كما قلنا من عمل الملك «وسرماعت رع شيشنق» الذي يلقب «باستت» ملكة عين شمس، ويتردد المؤرخون في الترتيب الذي يوضع فيه هذا الفرعون بالنسبة لملوك الأسرة الثانية والعشرين، ويقول «مونتيه»: إنه يقرب «أوسركون الثاني» الذي يسمى كذلك ابن «باستت»، وهو الذي انتهى حكمه إلى 880 ق.م.

وهذه البوابة تتألف من برجين قويين يفصلهما ممر عرضه خمسة أمتار يرتكز عليه الجداران المبنيان من اللبِن، وواجهات البوابة منحنية بعض الشيء، ونجد في كل برج الداخل كوة تواجه الداخل وتؤلف مربعًا مضبوطًا طول ضلعه خمسة أمتار ونصف متر وكان من الممكن أن يوضع مصراع من خشب الصنوبر أمام كوة البرج الجنوبي لأجل إغلاق الممر، ويلاحَظ أن برجي البوابة كان كل منهما مستقلًّا عن الآخر كما هي الحال بوابة «بوبسطة»، وكل منهما مجهز بكرنيش بدلًا من أن يتصلا بواسطة عتب، هذا هو ما نجده في بوابة «بطليموس أفرجت» بالكرنك. ونجد أن الواجهات والفرج التي للبوابة مزينة بالنقوش الغائرة الموزعة في ثلاثة صفوف ذات حجم متناقص، وكوة البرج الجنوبي وحدها — وهي التي كان يرد عليها مصراع الباب عندما كانت تفتح البوابة — قد تُركت خالية من الزينة، وهذه النقوش الغائرة كانت جميلة الصنع، ويَمْثُلُ الملك «شيشنق» فيها أمام الآلهة الذين كانوا يتمتعون بإنعام الملك بعد أن حلوا محل الآلهة الحامية القدامى للبلاد وهم ثالوث «طيبة»؛ أي «آمون»، و«موت»، و«خنسو»، وكذلك الإله «مين» هو وإله آخر للجنوب، والإلهة «سخمت» برأس لبؤة، و«حتحور» برأس بقرة، والتاسوع العظيم، ونشاهد كذلك السفن المقدسة لآلهة «طيبة»، كما نرى أثرًا نُقِشَ بحروف صغيرة لم يمكن فهمها على الوجه الأكمل.

ومواد هذه البوابة العظيمة مأخوذة كلها من آثار قديمة من نفس المكان، ومن الغريب أنه لم يُعثَر حتى الآن على قطعة واحدة يمكن أن يقال: إنها قد قطعت مباشرة من محجر. والواقع أن هذه المدينة الدينية العظيمة التي أقام فيها «رعمسيس الثاني» المباني الفخمة منذ ثلاثة قرون من العهد الذي نحن بصدده كانت محجرًا شاسعًا خصبًا منذ بداية الأسرة الواحدة والعشرين لكل الملوك الذين كانوا في حاجة إلى أحجار لإقامة مبانيهم، وقد استعملها ملوك الأسرتين الواحدة والعشرين والثانية والعشرين كما هي أو بعد محو طغراء «رعمسيس الثاني» وكتابة طغراءاتهم هم، أو كانوا يهذبونها من جديد ويصلحونها لاستعمالها في مبانيهم، وقد كان هذا هو مصير تمثال ضخم «لرعمسيس الثاني» كان لا يقل طوله عن سبعة عشر مترًا، فنجد أن حجرًا ضخمًا من البرج الشمالي قد قطع من قدم هذا التمثال الهائل، وكانت الإصبع الكبيرة من قدمه طولها 60سم؛ أي قدر الإصبع العادية عشر مرات.

ويمكننا أن نتصور في ذهننا عِظَم قاعدة هذا التمثال وتاجه. والواقع أن تمثال «تانيس» المارد لم يكن لديه ما يغبطه عليه أخواه اللذان أقيما في «الرامسيوم» وفي «أبو سمبل».

وإذا ما وازنَّا به تماثيل «منف» التي يزورها الإنسان وهو في طريقه إلى «سقارة» وجدناها بجانبه أطفالًا صغيرة. وكانت أحرف العمود الذي يستند عليه ظهر التمثال عرضها مترًا، وأحجام نقوشه الهيروغليفية مثل أحجام الصور التي تُرسَم على النقوش الغائرة العادية، ومثل هذا التمثال كان ينبغي أن يقدِّم جزءًا كبيرًا من أحجار البناء بعد تكسيره، والواقع أنه قد شوهدت منه قطع من الكتف والذراع أو من التنورة! ومع ذلك لم يكن ذلك كافيًا، فقد استعمل فضلًا عن ذلك ثلاث لوحات من لوحات «رعمسيس الثاني» أيضًا وخارجات ومصاريع أبواب ومسلات من الجرانيت ومن الحجر الرملي وتماثيل ثالوثات آلهة من الجرانيت وعتب باب فخم من الحجر الرملي مثِّل عليه شعيرة جَرْيِ «رعمسيس الثاني» أمام الإله «حور-أختي».

ومن المدهش أنه عثر خلف البرج الجنوبي على قطعة من الحجر الرملي مزينة بخمسة رءوس أسرى بارزة بقدر الحجم الطبيعي مرتين ونصفًا، وقد استعملت بمثابة سناد، وهذا الحجر كان جزءًا من سناد يمكن الإنسان أن يرى — حتى الآن في مباني مدينة «هابو» — مساند تشبهه مزينة برؤوس أعداء على واجهات قصر برج «رعمسيس الثاني»، ووجدت كذلك أحجار أخرى من هذه المساند معروضة الآن بالمتحف المصري، وبوجه خاص يلاحظ فيها أن الرؤوس كانت سليمة تمامًا، فنجد على القطعة الجديدة التي عُثِرَ عليها في «تانيس»  (Pl. 11) أن الأسيرين الساميين واللوبي والنوبي والزنجي تُمثَّل بأعينهم المفتوحة وبتقاسيمهم المنتفخة والفم المفتوح ليعبر عن الفزع والألم، وعند فحص هذه الآثار الثمينة وقلبها وجدنا بكل أسف أن «رعمسيس الثاني» الذي قد أعاد فتح محاجر الشمال والجنوب؛ لم يتورع عن استعمال آثار أسلافه في مبانيه؛ إذ نجد على مصراع بابٍ من جهةٍ اسم «رعمسيس الثاني»، ومن الجهة الأخرى نقش للفرعون «خوفو»، هذا إلى نقش غائر على حجر باسم «خوفو» قد حوِّل في عهد «رعمسيس الثاني» إلى خارجة باب، ووجد على قطعة أخرى اسم شارة «خفرع».

وقد لوحظ أن حجر الزاوية للبرج الجنوبي قد استعمل في عهد «رعمسيس الثاني» خارجة باب مزينة بمتن جميل ذُكر فيه أسماء آلهة طردت فيما بعد من «تانيس»، وهم: «عشتارت»، و«ست»، و«منتو». وقد ظهر بين النقوش الهيروغليفية الخاصة «برعمسيس الثاني» آثار ألقاب ملك أقدم منه، ويحتمل أنه الملك «نو-سر-رع» أحد ملوك الأسرة الخامسة، والواقع أنه قد جمع في بناء بوابة «شيشنق» الضخمة أحجارًا عليها نقوش ترجع إلى الوراء خمسة عشر قرنًا؛ فقد وضع جنبًا إلى جنب عتب باب من عمل الملك «تيتي الأول» أحد ملوك الأسرة السادسة، وبعض أحجار جيرية جميلة مأخوذة من أحد مباني الملك «شيشنق الأول» مؤسس الأسرة التي ينتمي إليها الفرعون صاحب البوابة؛ مما يدل حقيقة على أن البوابة الضخمة ليست إلا مختصرًا تاريخيًّا لبلدة «تانيس» حتى عهد الأسرة الثانية والعشرين.

والطرقة الوسطى لهذه البوابة كانت مرصوفة بأحجار ضخمة اغتُصبت كذلك من مبانٍ قديمة، فنجد من بينها قاعدة تمثال للفرعون «رعمسيس السادس»، ومصراع باب للملك «بيبي الأول»، ومسلة للفرعون «بيبي الثاني» كان «رعمسيس الثاني» قد صنع فيها خارجة باب. هذا، وقد وُضع على وجه السرعة في أسس رقعة الممر تماثيل وجدت مدفونة على عمق كبير من قاعدة تمثال لأم «رعمسيس الثاني» الملكة «توي».

ويمر الزوار أولًا في هذه الطرقة بين تمثالين ضخمين «لرعمسيس الثاني»: واحد منهما من الحجر الرملي، والآخر من الجرانيت الأسود. فالتمثال الأول يقع في الجهة الجنوبية، ويبلغ ارتفاعه على أقل تقدير سبعة أمتار، وكان يمثل الملك واقفًا مستندًا إلى عمود وله لحية مستعارة ولباس نمس، وتحت النمس أو الكوفية تاج مزدوج والجذع عارٍ، وله حزام كبير مرشوق فيه خنجر، ويشاهَد صورة ملكة منحوتة على جانبه الأيسر، والتمثال من القطع الفنية؛ لما في مُحَيَّاه من جمال وحسن تصوير يضارعان أحسن التماثيل التي عملت «لرعمسيس الثاني» إذا استثنينا تمثاله المحفوظ في «تورين». وهذا التمثال كان قد قُلِبَ على وجهه بنفس الحادث الذي سبَّب سقوط البوابة، وقد تدحرج التاج من على رأسه لمسافة عشرة أمتار وتهشم، وبأعجوبة لم يحدث في الجذع والوجه كسور تذكر! ولكن الساقين والقاعدة تطايرت نُتَفًا صغيرة، وينقصها الآن قطع كثيرة لتصبح كاملة.

أما التمثال المصنوع من الجرانيت الأسود الذي كان تبعًا للتمثال المصنوع من الحجر الرملي، فقد أصابه عطب كبير ولم يبقَ منه سليمًا إلا التاج، وإذا حكمنا بما تبقى منه قلنا: إنه كان دقيق الصناعة، حسن التصوير.

ونجد بعد هذين التمثالين آخرين ضخمين كل منهما قطعة واحدة من الجرانيت الأحمر، يشبه أحدهما الآخر تمام الشبه وهما «لرعمسيس الثاني» كما تدل على ذلك نقوشهما، فنشاهد الملك واقفًا على قاعدة طولها متر، ومستندًا إلى لوحة، وعلى رأسه تاج الجنوب، وله لحية مستعارة مجدولة، وقميص بسيط، وفي كل من يديه منديل، ومثِّل بجانبه على القاعدة صورة أنثى، ونقشت أسطر هيروغليفية عمودية حول القاعدة وعلى سطحها، وقد كان مصير هذين التمثالين واحدًا؛ فقد كُسِرَا من عند الرقبة ومن الوسط وعند الكعبين، وهي الأجزاء الضعيفة في كل تمثال وبخاصة عندما يكون التمثال عظيم الارتفاع، وقد تأثرت الأجزاء المفصولة. ورأس التمثال التي في الجهة الشمالية أجمل من رأس التمثال الآخر، ومن الممكن إصلاحهما ووضعهما على باب المعبد ثانية، ورأس التمثال الشمالي الجميل لا يشبه رأس التمثال المصنوع من الحجر الرملي، إن تماثيل «رعمسيس الثاني» العديدة لم تخرج كلها من مصنع واحد بعينه؛ فبعضها متشابه في الصورة وبعضها الآخر لم يُعتَنَ بصناعته ومثِّل في هيئة تقليدية.

وفي الحالة التي نحن بصددها نستطيع أن نفسر عدم التشابه بسبب آخر؛ وذلك أن التمثال الضخم المصنوع من الحجر الرملي وزميله المصنوع من الجرانيت الأسود تدل صناعتهما على أنهما عمل فني أصيل، أما التمثالان المصنوعان من الجرانيت الأحمر، فقد اغتصبهما «رعمسيس الثاني» بعد أن محا نقوشهما القديمة ووضع مكانها ألقابه ومدائحه، وليس لدينا برهان مادي على هذا الاغتصاب؛ غير أن الرأسين المصنوعين من الجرانيت الوردي لا يشبهان في شيء ما الصناعة الأصلية الخاصة بالأسرة التاسعة عشرة، ولكنهما ينتسبان إلى نحت الدولة الوسطى أو الدولة القديمة مثل تمثالي «بولهول» اللذين بمتحف اللوفر (راجع A. 21; A. 23)، وقد عثر عليهما في «تانيس».

وبالقرب من البوابة نُصِبَ ثالوثان من الجرانيت الوردي؛ فالثالوث الجنوبي سقط بوجهه إلى الأمام وكسرت الرؤوس الثلاثة، غير أنها وجدت على مسافة قصيرة وقد أصابها بعض العطب، ولكنها وضعت في مكانها، وهذا الثالوث بعد إقامته يعد أجمل وأكمل أثر في إقليم «تانيس» عامة، وهو عبارة عن قطعة حجر طولها أربعة أمتار خُصِّصَ أحد وجهيها للنقوش، وفي الوجه الآخر نحتت ثلاثة أشخاص نحتًا بارزًا، فالذي في الوسط هو «رعمسيس الثاني» مُثِّل مرتديًا على رأسه الكوفية (نمس)، وله لحية مستعارة، ويلبس قميصًا ذا ثنيات، ومحلًّى من الأمام برأس لبؤة وسبعة أصلال، ويمسك بيده صاحبيه، وهما: الإله «حور أختي» على اليمين، والإله «بتاح تاتنن» على اليسار. ويلاحَظ هنا أن المفتن قد استعمل طريقة لا بد أن تكون قد ظهرت في المدة الأخيرة من عهد «رعمسيس الثاني»؛ وذلك أنه إذا فَصَل الإنسان التمثال المصنوع من الحجر الرملي ومقابله المصنوع من الجرانيت الأسود، أو التمثالين الضخمين المصنوعين من الجرانيت الوردي من العمود الذي يستند عليه خلفه، فإن الإنسان لا يحتاج إلا لعملٍ قليل ليحصل على تمثال حقيقي يمثل الجسم الإنساني بدون تشويه، ولكن على العكس من ذلك في مجموعة الثالوث الذي نحن بصدده الآن لا يمكن أن نحصل على مثل هذه النتيجة؛ وذلك لأن الشخصيات الثلاث الممثلة فيه نجد فيها أن الساق اليسرى تتقدم للأمام والرأس ليس منفصلًا عنه إلا نصفه من الحجر المنحوت فيه، هذا إلى أن الجسم والذراعين واليدين منضمة، والساق اليمنى لا يكاد يبرز منها من الحجر إلا بضعة سنتيمترات، وهذا النوع من التماثيل يعد حفرًا أكثر منها نحتًا، ولكنه حفر ليس خاضعًا للقوانين العادية الخاصة بالحفر المصري؛ وذلك لأن الجسم الإنساني قد مثِّل فيه دون تشويه يشوبه، ولم نر هذا النوع من الحفر في العهد الفرعوني حتى عهد الأسرة التاسعة عشرة، فقد كان لا يتسنى أحيانًا للنحات أن يصل تمامًا إلى فصل الشخصية الممثَّلة في الحجر من العمود الذي كان يستند عليه التمثال، وقد عُزِيَ هذا النقص إما لعدم جرأة المثَّال، أو لقلة مهارته. أما في «تانيس» فكان الأمر على العكس من ذلك، فكان النحات مسيطرًا على آلته سيطرة تامة؛ ولذلك كان في مقدوره أن يهيئ مقدمات البروز التي كان ينبغي أن يكون عليها كل جزء من الجسم، ولدينا أمثلة أخرى من النحت من هذا النوع تكاد تكون حديثة في طرازها.

وفي كل التماثيل التي تظهر أنها ملصقة في اللوحات نجد أن النقوش قد نظمت على حسب قاعدة معينة بالضبط، فنجد خطوطها عمودية في الظهر وعلى الحواف، وخطوطًا أفقية على المقدمة وجوانب القاعدة، أما الخطوط الأفقية التي على الظهر فمقسمة ثلاث مناطق؛ ففي الوسط نجد طغراءات الفرعون تسبقها الألقاب العادية، وفي أعلى وفي أسفل تُقرَأ عبارات مدح وفخار جوفاء، وأحيانًا يصادفنا اسم إلهي أو جغرافي يلفت النظر.

وفي شمال الممر عُثِرَ على ثالوث آخر يمثل «رعمسيس الثاني» واقفًا بين الإله «خبري» وإلهة؛ ولم يمكن إصلاحه لأن بناء «شيشنق» قد كسرها قطعًا صغيرة عدة، ووُجد في ردهة المعبد بعض أجزاء هذا الثالوث، وقد بقيت بوابة «شيشنق» دون أن يحدث فيها أي تغير حتى وقف هدم المعبد. والواقع أنها حلت محل بوابة من الحجر الجيري الأبيض أقامها «شيشنق الأول»، والبوابة الأخيرة كانت أقيمت على أنقاض بوابة أخرى «لرعمسيس الثاني» الذي أقام بدوره بوابته على بقايا بوابة أخرى أكثر قدمًا، ومن الجائز أنها من عهد الملك «خوفو» أو الملك «خفرع»، وينسب إلى هذه البوابة العتيقة زاوية جدار وجدت على عمق عشرة أمتار من بوابة «شيشنق الثالث»، وتحت هذه الزاوية وجدت ودائع أساس مزدوج هشِّمَ بنقل المواد التي كدست عليه. وآثار بوابة «رعمسيس الثاني» لا يزال الكثير منها موجودًا، ونخص بالذكر حجري زاوية من الجرانيت الأسود، وقطعًا من الحجر الرملي الأحمر المزين بالنقوش الهيروغليفية، وقطعة من عتب باب، وقطعة ذات خمسة رءوس وجدت في الردهة الجنوبية، وقطعًا عدة من الحجر الجيري الأبيض. ويدل تنوع المواد والأشكال الزخرفية التي وجدت من بقايا بوابة «رعمسيس الثاني» على أنها كانت أضخم من بوابة «شيشنق»، وأنها كانت تمثل في منظرها مجدلًا أو برجًا كنعانيًّا مثل مجدل «رعمسيس الثالث» — الذي كان يقلد جده العظيم «رعمسيس الثاني» في معظم تصرفاته — المقام عند مدخل معبده في مدينة «هابو»، وعلى مسافة بضعة أمتار جنوبي بوابة «شيشنق» المقامة من الجرانيت وجد تحت اللبنات التي أقيم منها الجدار المحيط بالمعبد بناء من الأحجار المستعملة يحتمل أنه تابع لبوابة «شيشنق»، ومن هذا البناء القِطَع التي ذكرناها من قبل وقد وجدت مفصولة عنه.

ومع كل ما ذكر فإن ما نعرفه عن هذه البوابة لا يزال مشوَّشًا، وسيبقى كذلك إلى أن تَدْرُسَ قطعها وتُصلَحَ من جديد إصلاحًا تامًّا، وعندئذٍ يمكن وضع تاريخ لها حافل بالمعلومات القيمة عن ملوك مصر وكيفية إقامتهم للمباني العظيمة على حسابهم أو على حساب من سبقهم من أسلافهم، ولو أدى ذلك كما شاهدنا إلى القضاء على أضخم المباني وأدق القطع الفنية وأجملها؛ كل ذلك في سبيل حب العظمة والظهور والفخر الناشئ عن الأنانية والتظاهر بغير الحقيقة اللتين طالما كشفت عنهما الآثار المادية، ولا أدل على ذلك من هذه البوابة الضخمة في ظاهرها الكاذبة في باطنها؛ فمؤسسها الأول أحد ملوك الدولة القديمة التي كان ملوكها مضرب الأمثال في إقامة المباني والعمائر، فهم الذين بنوا الأهرام ومعابدها التي لا تُدانَى في فخامتها وضخامتها ومتانتها، وخَلَفَهم ملوك الدولة الوسطى، فأقاموا في «تانيس» ما أقاموا من تماثيل ومبان أنيقة، والظاهر أنهم لم يَمَسُّوا بوابة الدولة القديمة بسوء إلى أن جاء «رعمسيس الثاني» الذي أراد أن يؤسس لنفسه مجدًا لا يدانيه مجد في كل أنحاء البلاد، فأقام على أنقاض بوابة الدولة القديمة بوابة أخرى لنفسه استعمل فيها أحجار أسلافه، ولا غرابة في ذلك؛ فقد وجدنا أن أعظم ملوك الدولة الحديثة يفعلون ذلك، ونخص بالذكر منهم «أمنحتب الثالث» الذي أقام بوابته في الكرنك من أنقاض معبدين من أفخم وأجمل المعابد المصرية؛ أحدهما «لسنوسرت الأول»، والآخر للملكة «حتشبسوت» (راجع الجزء الخامس). ولم يمض طويل زمن على ما فعله «رعمسيس» حتى جاء «شيشنق الثالث» فهدم كل ما أقامه «رعمسيس الثاني» في «تانيس» وأقام بأنقاضه بوابة ضخمة تشهد بعجزه وفقره وما آلت إليه البلاد في عصره.

 

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).