أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-07-2015
1269
التاريخ: 2-4-2018
1341
التاريخ: 3-07-2015
1285
التاريخ: 3-4-2018
1249
|
لا يخفى عليك أن مقتضى الأدلة ... على إثبات المبدأ المتعال هو أنه تعالى واجب الوجود ومطلق وصرف، فإذا كان كذلك فخصائص الممكنات مسلوبة عنه، لمنافاتها مع وجوب وجوده وإطلاق كماله، فإذا كانت الخصائص المذكورة منفية عنه، فواضح أنه ليس بجسم ولا مركب ولا مرئي ولا صورة ولا جوهر ولا عرض، كما أنه لا ثقل ولا خفة ولا جهة ولا قيد ولا شرط ولا حركة ولا سكون ولا نقصان ولا مكان ولا زمان له، لأن كل هذه الأمور من لوازم الإمكان والمحدودية وخصائصها، وبالآخرة هذه السوالب تستلزم اتصاف ذاته بالصفات الكمالية، فإن سلب أحد النقيضين في حكم إثبات النقيض الآخر، وإلا لزم ارتفاع النقيضين وهو محال.
فإذا كان المبدأ المتعالى مسلوبا عنه النقائص والعيوب، فهو لا محالة يكون صرف الوجود وصرف الكمال وغنيا ومستقلا في ذاته، وثابتا ومطلقا وواجدا لجميع الأوصاف الكمالية، وإلا لزم المحدودية وهي من خصائص الممكنات.
فالأدلة الدالة على إثبات المبدأ تدل بالإجمال على الصفات السلبية والثبوتية أيضا.
هذا كله بيان إجمالي للصفات، وأما تفصيلها فهو بأن يقال: إن الصفات على قسمين: ثبوتية وسلبية.
أما الثبوتية: فهي أيضا على قسمين: صفات الذات: وهي التي يكفي في انتزاعها ملاحظة الذات فحسب.
وصفات الفعل: وهي التي يتوقف انتزاعها على ملاحظة الغير، وإذ لا موجود غيره تعالى إلا فعله فالصفات الفعلية، هي المنتزعة من مقام الفعل: فمن الأول حياته تعالى وعلمه بنفسه، ومن الثاني الخلق والرزق والغفران والإحياء ونحوها.
وربما قيل في الفرق بين الصفات الذاتية والصفات الفعلية: إن كل صفة لا يجوز اجتماعها مع نقيضها ولو بالاعتبارين فيه تعالى فهي ذاتية وكل صفة يجوز اجتماعها مع نقيضها فهي فعلية كالغافر فإنه تعالى غافر بالنسبة إلى المؤمنين ولا يكون كذلك بالنسبة إلى المشركين. ثم إن الصفات الثبوتية الذاتية تكون من الصفات الكمالية، لأنها كمال للذات، دون الصفات الفعلية فإنها متأخرة عن رتبة الذات، فلا تصلح لأن تكون كمالا له نعم هي ناشئة عن كمال ذاته تعالى كما لا يخفى.
وكيف كان فقد ذكر المتكلمون أنه تعالى عالم، قادر، مختار، حي، مريد، مدرك، سميع، بصير، قديم، أزلي، باق، أبدي، متكلم وصادق، ولكن من المعلوم أن الصفات الثبوتية لا تنحصر في ذلك، بل تزيد عن ألف وألف.
كما يدل عليها الكتاب والسنة والأدعية المأثورة كالخالق والرب.
والدليل الإجمالي على اتصافه بالصفات الكمالية أنه كمال مطلق وصرف الوجود وكل الوجود، والكمال المطلق وصرف الوجود لا يمكن أن يسلب عنه كمال وجودي قط وإلا لزم الخلف في إطلاق الكمال وصرفيته.
وأما الصفات السلبية: فهي كل صفة لا تليق بجنابه تعالى ولا تنحصر فيما ذكر في علم الكمال والفلسفة من أنه تعالى ليس بمحدود ولا بمركب وليس بجسم ولا بمرئي ولا جوهر ولا عرض ولا يكون في جهة ولا يكون متقيدا بحد وشرط ولا يصح عليه اللذة والألم ولا ينفعل عن شئ ولا يكون له كفؤ ولا شريك وليس بمحتاج إلى غيره لا في ذاته ولا في صفاته ولا يفعل القبيح ولا يظلم، وغير ذلك من الأمور التي لا تليق بجنابه تعالى.
والدليل الإجمالي على تنزيهه تعالى عنها، هو ما عرفت من أن المبدأ المتعال واجب الوجود ولا حد ولا نقص ولا حاجة له، بل هو عين الغنى والكمال، وكل هذه الصفات من التركيب وغيره نقص وحد وحاجة وعجز لا سبيل لها إليه تعالى، وتكون مسلوبة عنه، ونفيها عنه تجليل له تعالى، ولذا سميت هذه السوالب بالصفات الجلالية، كما أن الصفات الثبوتية الذاتية الدالة على كمال الذات تسمى بالصفات الكمالية.
ثم إن هذه الصفات ترجع بعضها إلى بعض، أو يكون بعضها من لوازم البعض كالعلم والقدرة بالنسبة إلى الحياة، إذ وجودهما بدونها غير ممكن، لأنهما من آثارها ولذا تعرف الحياة بهما، ويقال: إن الحي هو الدراك الفعال، فإذا ثبت العلم والقدرة ثبتت الحياة قهرا ولا حاجة في اثباتها إلى دليل آخر وكالمدرك والسميع والبصير، فإنها ترجع إلى العلم بعد استحالة حاجته إلى الآلات والحواس، فإدراكه تعالى بالنسبة إلى المدركات المحسوسة هو علمه بها ولا مجال لتأثر الحاسة فيه تعالى، وعليه فمعنى كونه سميعا أو بصيرا أنه عالم بالمسموعات أو عالم بالمبصرات، ولعل ذكر ذلك بالخصوص لإثبات علمه تعالى بالجزئيات. وأيضا يرجع كونه قديما، أزليا، باقيا وأبديا، إلى أنه واجب الوجود فإنها من اللوازم البديهية لوجوب وجوده تعالى، إذ يستحيل العدم السابق واللاحق عليه بعد فرض كون وجوده واجبا، وأيضا ترجع الإرادة والكراهة الذاتيتين إلى علمه تعالى بما في الفعل من المصالح والمفاسد على المشهور.
وأما على غير المشهور فهما بمعناهما بعد تجريدهما عما لا يناسب ذاته تعالى من التروي والتأمل وطرو نقصه، وغير ذلك من الحلقات. كما أن الإرادة قد تطلق بمعنى الإحداث من دون حاجة إلى التروي والتأمل ونحوهما فالإرادة حينئذ من صفات الأفعال لا الذات.
وهكذا الصفات السلبية ترجع بعضها إلى بعض، إذ نفي الرؤية يرجع إلى نفي الجسمية عنه، إذ من لا يكون جسما لا يكون مرئيا وهكذا نفي الجسمية والجوهرية والعرضية يرجع إلى نفي التركيب، سواء كان تحليليا أو خارجيا، وهكذا نفي التركيب ونفي الانفعال والحركة والاشتداد ونفي الجهة ونفي المكان ونحوها من لوازم نفي الحد والحاجة والافتقار، عنه.
وأما بقية الصفات السلبية كنفي الظلم والقبيح ونفي الشريك والكفؤ والمثل فهي وإن أمكن إرجاعها إلى نفي الحد والافتقار، ولكن فيها مباحث نافعة تليق بذكرها منفردة.
وعلى ما ذكر فالأولى هو البحث في الصفات الثبوتية عن علمه وقدرته ونحوهما مما يتضح بوضوحهما غيرهما واما التكلم فهو من صفات الأفعال وبمعنى إحداث الكلام وتوهم الكلام النفسي القديم لذاته تعالى وراء العلم والقدرة وغيرهما من الصفات الذاتية فاسد جدا، لعدم تعقل شئ قديم وراء علمه تعالى، فلا ينبغي إطالة الكلام فيه كما أن الأولى هو البحث في الصفات السلبية عن وحدته وعدم كفوء ومثل وشريك وضد له تعالى، وعن كونه لا يفعل الظلم والقبيح، وأما البواقي فتكفيها الإشارة المذكورة.
|
|
أكبر مسؤول طبي بريطاني: لهذا السبب يعيش الأطفال حياة أقصر
|
|
|
|
|
طريقة مبتكرة لمكافحة الفيروسات المهددة للبشرية
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|