أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-17
219
التاريخ: 2024-05-13
779
التاريخ: 2024-03-31
982
التاريخ: 2024-10-19
592
|
كانت الزراعة ولا تزال أعظم موارد ثروة أهل الكنانة منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا، وقد أصاب «هكاته أبدري» اليوناني الأصل عندما قال جملته المشهورة التي نقلها عنه «هيرودوت» وهي: «مصر منحة النيل.» فحياة مصر في الواقع رهن الفيضان الذي يتدفق على البلاد سنويًّا من جبال أواسط أفريقيا بلا انقطاع في ميقاته المحدد كالليل والنهار والفصول وغيرها من مظاهر الطبيعة، حتى أصبح حلوله في البلاد بشيرًا بالحياة والخصب والثراء، واختفاؤه نذيرًا بالقحط والفناء. ولما كان المصري رجلًا عمليًّا قدس هذه الظاهرة الطبيعية تقديسًا بالغًا أفضى إلى عبادة «حعبي» (الفيضان) الذي كان يأتي للبلاد سنويًّا بالغلة التي يعيش منها الأهلون ويثرون بما يفيض منها؛ من أجل ذلك حافظ المصري منذ فجر تاريخه على الانتفاع بمياه هذا الإله العظيم بكل ما وصل إليه من مقدرة وعلم، فأقام الجسور وحفر الترع ونصب السدود في كل بقعة بقدر ما وصل إليه جهده وعلمه. ولقد بالغ القوم بحق في العناية بأمر مياه النيل حتى إن حكام المقاطعات التي كانت تتألف منها البلاد كان كل منهم يدعى «حاكم الترعة». ولا غرابة إذن في أن نرى المصري كان يقرر ضريبة الأرض ومنتجاتها على حسب مقياس النيل صعودًا وانخفاضًا، فإذا جاء «حعبي» (الفيضان) عاليًا سر القوم وعم الفرح البلاد، وأُنشدت الأناشيد لهذا الإله العظيم، وقُدمت له القربات في كل مكان في صور تماثيل صغيرة وحلي كانت تلقى فيه سنويًّا، ومن ثم نشأت خرافة «عروس النيل» التي لا أصل لها قط كما أوضحت ذلك في غير هذا المكان.
ولقد ظلت ضريبة الأطيان تجبى على حسب حالة النيل في كل الأزمان القديمة والحديثة، غير أنه مما يؤسف له جد الأسف لم تصلنا حتى زمن قريب معلومات شافية عن هذه الضرائب وكيفية توزيعها، وكل ما وصل إلينا منها نُتَف صغيرة لا يمكن استنباط معلومات يرتكز عليها الباحث عندما يريد وضع ملخص في تاريخ ضرائب الأرض في مصر القديمة؛ ليكون أساسًا لما بعده من العصور في تاريخنا القومي. ولقد ظلت الحالة هكذا إلى أن جادت تربة مصر ببردية فذة فيها مساحة جزء من أرض مصر، وتقدير ما عليها من ضرائب بطريقة علمية أدهشت علماء الآثار لدقة ما جاء فيها من نظام علمي فريد من جهة؛ وما روعي في وضع فئات الضرائب على حسب ترتيب الأرض إلى درجات؛ من حيث الجودة وقدرة الأهلين وطرق الري من جهة أخرى، مما جعل محتويات هذه البردية كشفًا جديدًا في عالم الضرائب، وكيفية توزيعها على أصحاب الأطيان.
والمعلومات التي وصلت إلينا عن ضرائب الأطيان في مصر غريبة في بابها على علماء الآثار المصرية، حتى إن الباحثين لا يزالون في حيرة من أمرهم في حل بعض معضلاتها، غير أن مجمل ما جاء فيها يعدُّ فتحًا جديدًا في عالم الاقتصاد المصري من حيث الضرائب ونظمها.
وسنحاول هنا أن نضع ملخصًا لمحتويات هذه الورقة بقدر ما تسمح به معلوماتنا في اللغة المصرية القديمة، ولعل الأجيال القادمة تصل إلى كل الدقائق العويصة التي تنطوي عليها هذه الوثيقة، وسنوجه عنايتنا في بحثنا هذا إلى النقط الهامة الآتية في سياق البحث، وهي:
(1) تقسيم الأراضي الزراعية أقسامًا على حسب جودتها.
(2) أسعار الضرائب المختلفة على كل فئة من فئات الأراضي المذكورة عينًا ونقدًا.
(3) وحدات المقاييس والمكاييل وقرنها بالمكاييل والمقاييس المصرية الحالية.
(4) توزيع الملكيات وعلاقتها بالضرائب التصاعدية.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|