أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-02-2015
2143
التاريخ: 14-12-2021
2693
التاريخ: 27-12-2021
2400
التاريخ: 4-12-2015
2607
|
سبب عدم إشاعة عليّ عليه السّلام الأسباب
يمكن أن يكون مردّ تعمّد الأمير عليه السّلام عدم إشاعة ونشر أحاديث هذا الباب ، ما يلي :
أوّلا : موقف حسّاس في لحظة حاسمة
كان لأمير المؤمنين عليه السّلام موقف دقيق في تلك اللحظة التاريخيّة :
فمن ناحية كان المشركون من حوله يتربّصون بالإسلام الدوائر بعد وفاة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، حيث كانوا يتحيّنون فرصة وفاته صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لينعوا الإسلام بوفاة نبيّه ، وهذه الحقيقة استوجبت عدم إثارة بلبلة في صفوف المسلمين قد تفكّك أو إصرهم ، وهذا ما أشار إليه عليه السّلام في قوله : « لأسالمنّ ما سلمت أمور المسلمين » . « 1 » هذا بالإضافة إلى أنّ عددا كبيرا من المسلمين كان ما يزال جديد عهد بالإسلام ، ويخشى عليه الارتداد وما شابه ، فيما لو أثير لغط حول رجالات الصحابة ، « 2 » الذين يرون فيهم « رغم انحرافاته وجناياته ، [ أنّه ] لا بدّ أن يبقى هو المثل الأعلى للناس ، ولا بدّ من ضرب كلّ من يحاول المساس به ، من قريب أو بعيد ، حتّى ولو كانت المحاولة تأتي من قبل أقدس شخصيّة ( . . . ) ، ولذا فإنّ الجهر بأسرار كهذه فيه خطر كبير ومهالك عظيمة . . . » « 3 ».
مثل هذه الوقائع تربّص المشركين وعدم إثارة البلبلة في صفوف المسلمين كانت تستدعي منه عليه السّلام أن يتجاوز عن مجموعة كبيرة من الأسباب ، لا سيّما في مجال بيان الأعلام المرتبطين بها على نحو الذمّ .
في مقابل ذلك كان لا بدّ للأمير عليه السّلام من وقفة مع بيان بعض الحقائق والمفاهيم الإسلاميّة الأصيلة ، والتي يؤدّي الجهل بها إلى انحراف مسيرة الدين ، وهذا يضطرّه إلى : « أن يعرّف الناس على المخلص والمزيّف ، وعلى الصحيح والسقيم ، ويقطع الطريق على المستغلّين وأصحاب الأهواء من النفوذ إلى المراكز الحسّاسة ثمّ التلاعب بالإسلام وبمفاهيمه وقيمه . . . ». « 4 » فكانت نتيجة الموقف المسؤول لأمير المؤمنين عليه السّلام ، هي التوازن في بيان الأسباب ، بحيث ينسجم موقفه مع مصلحة الإسلام العليا في ظرف استثنائيّ من جهة ، وبما يكفل استمرار تداول هذه الحقائق والمفاهيم على مرّ الأجيال من جهة أخرى « 5 ».
ثانيا : التخلّق بأخلاق القرآن وسنّة الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم
الأمر الآخر الذي دعا الأمير عليه السّلام إلى عدم إشاعة الأسباب ، هو اقتداؤه بسيرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، الذي تخلّق بأخلاق القرآن ، والتي تقوم على عدم فضح المنافقين ، وغير هم ممّن ستر القرآن أسماءهم ، ف « إنّ سيرة النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم مع المنافقين تأبى ذلك ، فإنّ دأبه تأليف القلوب ، والإسرار بما يعلمه من نفاقهم ، وهذا واضح لمن له أدنى اطّلاع على سيرة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم » ، « 6 » ولا يقاس ذلك « بذكر أبي لهب المعلن بشركه ومعاداته للنبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، مع علم النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بأنّه يموت على شركه » . « 7 » ولا شكّ أنّ عددا كبيرا من أسباب النزول ، ترتبط بالمنافقين وأسمائهم ، وهذا ما يجب تجنّبه ، وقد صرّح صلوات اللّه عليه بذلك حين قال : « ولو شئت أن أسمّي القائلين بأسمائهم لسمّيت وأومأت إليهم بأعيانهم ، ولو شئت أن أدلّ عليهم لدللت ، ولكني في أمرهم قد تكرّمت . . . ». « 8 » هذا الأمر بلا شكّ قد منع أمير المؤمنين من إشاعة عدد كبير من الأسباب في المجتمع .
_______________
( 1 ) . نهج البلاغة ، الخطبة 74 .
( 2 ) . راجع : نهج البلاغة ، الخطبة 150 ؛ صحيح البخاري ، ج 8 ، ص 151 ؛ ج 9 ، ص 58 ؛ ابن طاوس ، كشف المحجّة لثمرة المهجة ، ص 70 ، 71 .
( 3 ) . السيّد جعفر مرتضى ، حقائق هامّة حول القرآن الكريم ، ص 167 ، 168 ؛ وذلك في إطار تبريره ، لما ذا لم ينزل القرآن مع أسباب النزول ، ولكنّ الغريب أنّه يحتمل ولم تمرّ بعد بضع صفحات ، أن يكون مصحف علىّ عليه السّلام قد أورد هذه الأسباب !
( 4 ) . حقائق هامّة حول القرآن الكريم ، ص 167 .
( 5 ) . وهذا ما نلاحظه في مجمل مواقفه ، حيث كان صلوات اللّه عليه يريد من ناحية أن يحافظ على وحدة صفوف المسلمين ، ومن ناحية أخرى يرى من واجبه حفظ الحقائق والمفاهيم الإسلاميّة التي ترتبط بصميم الإسلام ، هكذا نراه في نهج البلاغة يتجاهل في كثير من خطبه حديث مظلوميّته ، في المقابل يلقي الضوء على تلك الحقيقة من غير تأثير على موقف المسلمين العامّ كما في خطبته الشقشقيّة ، فمن رغب في الحقّ اتّبع أهله وتتبّع أدنى إشاراته .
( 6) . السيّد الخوئيّ ، البيان ، ص 224 .
( 7 ) . نعم ، « لا بعد في ذكر النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أسماء المنافقين لبعض خواصّه كأمير المؤمنين عليه السّلام وغيره في مجالسه الخاصّة » ( السيّد الخوئيّ ، البيان ، ص 225 ).
( 8 ) . البرهان في تفسير القرآن ، ج 2 ، ص 805 .
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|