توفي ملك بولندا اوغسطس الثاني سنة 1733 وأصبح على المجلس الملكي (الديت) ان ينتخب ملكاً جديداً على البلاد فتدخل لويس الخامس عشر ملك فرنسا في الأمر بصفته متزوجا: بابنة أحد النبلاء البولنديين واجبر الديت على انتخاب والد زوجته ستانسلاس لكزنسكي. اثار هذا التدخل كل من النمسا والروسيا لأن بولندا التي تقع بينهما كانت تعتبر بالنسبة لهما امتداداً للنفوذ والسيطرة. (1). فأرسلت الدولتان على الفور جيوشهما إلى بولندا، وطردتا الملك المنتخب، وأجبرتا الحديث على انتخاب أوغسطس الثالث امير سكسونيا ملكاً على البلاد. وهكذا نشبت الحرب بين فرنسا واسبانيا من جانب والنمسا من جانب آخر تعضدها الروسيا. نجحت الجيوش الفرنسية بمساعدة اسبانيا في إنزال الهزيمة بالجيوش النمساوية في ايطاليا. فاستولت على ميلانو وبادر الفرنسيون الى التفاوض للحيلولة دون تدخل الانكليز. وعقدت تسوية فيينا عام 1738 بين الاطراف المتنازعة وكان من نتيجتها ان حصلت فرنسا على منطقة اللورين مقابل اعترافها بأوغسطس الثالث أمير سكسونيا ملكاً على بولندا، كما تستولي اسبانيا على مملكتي نابولي وصقلية من النمسا وهكذا استطاعت فرنسا بعد هذه الحرب توطيد تحالفها مع اسبانيا. واستعادت نفوذها على حساب النمسا ونشاطها التجاري في القارة الاميركية والهند وموانئ الشرق الادنى على حساب انكلترا مما سيثير حفيظة الانكليز الذين سيقررون اللجوء الى الحرب (2).

............................................

1- في سنة 1772 اقتطعت الروسيا من بولندا منطقة الروسيا البيضاء وبروسيا منطقة بروسيا الغربية والنمسا منطقة غاليسيا وهو ما يعرف بتقسيم بولندا الأول. وقد جرى في سنة 1793 تقسيم آخر لبولندا من قبل الدول الثلاث نفسها. أما في التقسيم الذي تم سنة 1795 فقد اقتطعت هذه الدول كل ما تبقى من بولندا حتى ازالتها من خارطة اوروبا. ولم تظهر بولندا من جديد كدولة إلا بعد الحرب العالمية الأولى.

2- قارن رولان موسینیه وارنست لابروس تاريخ الحضارات الجزء الخامس ص225.