أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-03
303
التاريخ: 2023-09-10
1394
التاريخ: 2024-02-09
971
التاريخ: 2024-08-11
414
|
صادفتنا كلمة «تمحو» للمرة الأولى في النقوش المصرية التي ترجع إلى عهد الملك «بيبي الأول» أحد ملوك الأسرة السادسة، ذكرها لنا العظيم «ونى» قائد الجيش الذي سار لمحاربة قبائل آسيا، وكان جيشه مؤلفًا من فرق مختلفة، من بينها فرقة من قوم «تمحو» ثم جاء ذكرهم بعد ذلك في عهد الفرعون «مرنرع» في النقوش التي خلفها لنا الرحالة «خوفوحر» في حملته الثانية الكشفية (راجع مصر القديمة ج1).
ولم تكن علاقة مصر وقتئذ ببلاد «التمحو» وثيقة. ولا يمكن أن نفهم من وجود فرقة من هؤلاء «التمحو» في الجيش المصري إلا أنهم كانوا خاضعين للسيطرة المصرية، ولكن من المحتمل أنه كان يوجد جزء منفصل من قوم «التمحو» يعملون في الجيش المصري. والظاهر من حديث «خوفوحر» أن هؤلاء القوم كانوا يسكنون بعيدًا عن وادي النيل؛ وذلك لأن الرحلة من «إلفنتين» حتى بلاد «يام» التي أشار إليها «خوفوحر» في كلامه والعودة منها كانت تستغرق مدة تتراوح بين سبعة وثمانية أشهر. ويدل المتن على أن بلاد «تمحو» كانت غربي بلاد «يام «.
وقد ذكر لنا المصري القديم في نقوشه مبلغ العداوة التي كانت بينه وبين أهالي «تمحو» في العصر الذي يقع بين سقوط الدولة القديمة وقيام الدولة الوسطى على حسب ما جاء في متن «إبور» أو «تحذيرات نبى»، إذ قد جاء ذكر «النحسى» (النوبيين) و«التمحو «(1). ومما يؤسف له أن المصادر التي في متناولنا عن «التمحو»، وعن «اللوبيين» في عهد الدولة الوسطى ضئيلة. فلا نجد غير ما جاء في قصة «سنوحيت» أي مصدر تاريخي ذي شأن يحدثنا عن علاقة مصر بهذه البلاد، وبخاصة عن تسرب اللوبيين إلى مصر في ذلك العهد الذي كان يُعد بلا شك الفترة التي حدث فيها هذا التسرب. وقد قيل إن اللوبيين قد اختفوا بعض الشيء في عهد الدولة الوسطى، وهذا الزعم لا أساس له من الصحة. ولما كانت المصادر قليلة لدينا في هذا الموضوع فسنحاول أن نضع فكرة عن أحوالهم بقدر ما تسمح به النقوش القليلة التي وصلت إلينا عن اللوبيين في هذا العهد.
لم نعثر على اسم اللوبيين في هذا العهد إلا قليلًا جدًّا؛ فلدينا غير ما ذُكر في «متون اللعنة» وهي ليست متونًا تاريخية ذات قيمة، ومتن تنبؤات الحكيم «نفرو رهو» وهو تحذير أدبي كُتب في عهد «أمنمحات الأول» (راجع كتاب الأدب المصري القديم الجزء الأول) ثلاثة مصادر أخرى جاء فيها هؤلاء القوم؛ الأول: المتون التي من عهد «منتوحتب» وهي التي تكلمنا عنها فيما سبق، والثاني: ما جاء في قصة «سنوهيت» التي يرجع تاريخها إلى بداية الأسرة الثانية عشرة، وهي تقرير مختصر عن حملة قام بها هذا الفرعون على «التمحو» وقد كان قائدها أكبر أبنائه وهو الأمير «سنوسرت» الذي أصبح فيما بعد الفرعون «سنوسرت الأول»، على أن ما جاء عن هؤلاء القوم في هذه الجملة، وما ذُكر عن هزيمتهم كما تنبأ به «نفرو رهو» يذكرنا بالحالة الميئسة التي وصفها لنا الكاتب «إبور» في تحذيراته. أما المصدر الثالث: فهو متن لموظف يُدعى «خعوى» من عهد الفرعون «سنوسرت الثالث» عُثر عليه في «وادي حمامات «(2) وكان قد أرسله الفرعون ليحضر له طرائف من بلاد «تحنو «.
وليس لدينا غير هذه المصادر عن «لوبيا» شيء يذكر، اللهم إلا بعض متون ليست لها علاقة بهؤلاء القوم مباشرة. فمثلًا لدينا «لوحة الكلاب «(3) المشهورة المنسوبة للأمير «أنتف»، وقد أثبت الأستاذ «شارف» في بحثه عن أصل اللوبيين أن بعض أسماء الكلاب التي ذُكرت على هذه اللوحة هي أسماء لوبية، وقد حقق منها اسمين وهما: «بحكى» أي (باهك) ومعناه: الغزال، و«إبقور» (أباقر) ومعناه: كلب صيد. والظاهر أنهما اسمان أُطلقا على هذين الكلبين على سبيل التدليل فحسب.
وقد عُثر في «الدير البحري «(4) على نقش صُور عليه أسرى من «التحنو»، والظاهر أنه من المناظر التقليدية، وكذلك لدينا منظر مُثل فيه حاكم مقاطعة «القوصية» المسمى «سبني» من عهد «أمنمحات الأول» وقبره في جبانة «مير» نُقش نقشًا جميلًا، فنشاهد على أحد جدرانه حاكم المقاطعة يصحبه تابع يحمل أسلحته وهو في طريقه إلى الصيد، وملابس هذين الرجلين تلفت النظر؛ إذ يرتدي كل منهما كيس عضو التناسل، وكذلك يُلحظ أن «سبني» يلبس على صدره شريطًا على هيئة صليب كالذي يلبسه النوبيون (راجع Blackman Meir I p. 29 note 6).
هذا إلى أن تابعه كان يتحلى بريشة في شعره وهي المميزة للوبي، وقد ظن أن هذا الكيس من مميزات ملابس الصيادين في الدولة الوسطى، وهذا زعم خاطئ كما شرحنا ذلك من قبل.
وهذا الكيس لم يصادفنا في النقوش المصرية إلا في حالة واحدة وهي التي نحن بصددها الآن، وكذلك في قبر ابنه «وخب حتب «(5). وقد وضع أمامنا «فرشنسكي» التفسير الحقيقي الذي يعزو فيه «سبني» وأسرته إلى أصل لوبي، وهم الذين يميزون بلبس كيس عضو التناسل. وعلى ذلك يكون لبس هذا الكيس عادة من العادات التي جلبت إلى مصر من أفريقيا، وأن أسرة «سبني» قد دخلت مصر في العهد الإقطاعي الأول، وبقي أفرادها محافظين على تقاليدهم الأفريقية. ومن ثم يجب أن نعترف بوقوع هذه الهجرة اللوبية إلى مصر. ويعضد ذلك أنه قد عُثر على تماثيل في مقابر هذا العهد تبرهن على وجود هؤلاء القوم في مصر في عهد الدولة الوسطى؛ إذ قد وُجد (6) تمثال صغير يبلغ حجمه خمسة عشر سنتيمترًا مصنوع من الخشب في مقبرة من مقابر «بني حسن» وهو لامرأة «خادمة» وقد قرنه الأثري «جارستانج» بالصور التي في مقبرة «خنوم حتب «(7) التي وُجدت على جدرانها صور اللوبيين، ووجد أنه يشبه اللوبيين، غير أن القول بأن هؤلاء القوم الذين مُثلوا على جدران مقبرة «خنوم حتب» هم من الأسرى اللوبيين الذين استولى عليهم كل من «أمنمحات الأول». وابنه «سنوسرت الأول» كما ذكر لنا «إدواردمير» (8)؛ قول ينطبق على الحقيقة. هذا إلى أنه ليس لدينا أدلة تاريخية تثبت أن الصدرية المنسوبة إلى «سنوسرت الثالث» وهي التي قد مُثل عليها هذا الفرعون وهو يطأ اللوبيين لها أصل تاريخي، بل هي محض تقليد (9).
.......................................
1- كتاب الأدب المصري القديم، الجزء الأول،3 14, texts 90. P .Admonitions, Gar.
2- راجع: L. D. II, pl 136 a.
3- راجع: Lange-schafer, Grab and Denkstein des Mittleren Reiches II (cat. Gen) No. 20512; Capart L’Art Eg. II pl. 139
4- راجع: Naville, The XI Dynastie Temple at Deir-el Bahri III pl. 13, 2-3.
5- راجع: Blackman Ibid pl. 8.
6- راجع: Garstang, Burial Customs p. 139 f, pl. 138.
7- راجع: Newberry, Beni Hassan I, pl. 45.
8- راجع: Ed. Meyer, Gesch I, 2 p. 280 f.
9- راجع: De Morgan, Fouilles à Dahshur pl. 19 and 20.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|