أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-26
1028
التاريخ: 2024-10-15
512
التاريخ: 2024-02-17
1083
التاريخ: 2024-08-12
515
|
اتفقت الآراء منذ ما كتبه الأستاذ «مولر «(1) عن سلالة «التمحو» ذوي البشرة البيضاء أنهم يُنسبون إلى قبائل البربر القاطنين في شمال أفريقية، وأنهم لا صلة لهم بسلالة «تحنو» ذوي البشرة السمراء، وأن «التمحو» ليسوا فرعًا من «التحنو» كما أن «التحنو» ليسوا فرعًا من «التمحو»، وبحثنا في أصل «التحنو» يؤكد لنا ذلك. وتدل المعلومات التي أدلى بها الأستاذ «مولر» على أنه لا يعلم الشيء الكثير عن «التمحو» غير أن الواقع يناقض ذلك؛ فإن هذه السلالة تُنسب بلا شك إلى البيض، أما من جهة تحقيق ملابسهم ونسبتهم إلى لوبيي شمال أفريقيا الآخرين فإن ما لدينا من معلومات لا يرتكز على أساس متين. وسنترك الحكم على ذلك لما سنورده من مادة تاريخية خاصة بهذا الموضوع.
والواقع أننا قد وجدنا أناسًا ذوي بشرة بيضاء يظهر أنهم ينسبون إلى هذه السلالة في مصر منذ عهد الدولة القديمة. وأقدم مثال لدينا عن ذلك يرجع إلى عهد الأسرة الرابعة، إذ نجد في مقبرة الملكة «مريس عنخ» الثالثة بالجيزة صورة والدتها «حتب حرس الثانية» وهي بنت الملك «خوفو»، وهذه الصورة الأخيرة تُميَّز بخاصتين؛ أولاهما: أن «حتب حرس» تختلف في نفس الصورة عن «مريس عنخ» الواقعة معها في نفس المنظر، كما تختلف كذلك عن أولادها الذين مُثلوا معها (2)؛ فلون بشرة محياها قد مُثل باللون الأبيض الناصع، ولون شعرها قد مُثل باللون الأشقر المزين بخطوط حمراء أفقية، ويحلي جبينها خصلة قصيرة. وفي ثانيتها نلحظ أن ملابسها تسترعي النظر؛ لأنها بعيدة عن الزي المصري ولا تمت له بصلة، فتتألف من جلباب أبيض ضيق محبوك بشريطين ملفوفين على الصدر ومربوطين على الكتف بعقدة بارزة، وهذا الطراز من الملابس ليس له نظير في مصر، ولم يُعثر على مثله إلا مرة واحدة في رسوم «جبانة الجيزة» في مقبرة «خوفو خعف» (3)؛فنشاهد صورة هذا الأمير — وهو أحد أولاد خوفو — تتبعه والدته لابسة نفس الملابس التي كانت ترتديها «حتب حرس الثانية» في قبر «مريس عنخ» وليس بينهما فرق إلا أن رداءها ليس له إلا عقدة واحدة بدلًا من اثنتين بارزتين على الكتف، ولدينا مثال آخر لهذا الملبس إذ نجد الحظية «مريت نفس» تلبسه (راجع Marriette Mastaba p. 565) وعلى أية حال فإن ملابس هذا الأمير لا يمكن أن يكون لها أية علاقة بملابس «التحنو«.
والآن يتساءل المرء عن هذه المرأة، أهي زوجة «خوفو»؟ وأنها هي نفس «حتب حرس» أخت هذا الملك أم لا؟ وقد يزكي ذلك أن ملابسها متشابهة. وبذلك يكون الأمير «خوفو خعف» و«حتب حرس» أخوين؟
وعلى أية حال ليست لدينا صور لأفراد بيض البشرة يمكن نسبتهم إلى اللوبيين، وأول صورة نشهدها من هذا النوع يرجع عهدها إلى الدولة الوسطى. وقد كان «مولر» أول من صادفه أقدم مثال مصور «للتمحوا» في منظر على جدار مقبرة للأمير «خنوم حتب» حاكم مقاطعة «بني حسن» في عهد الفرعون «أمنمحات الأول«(4)، وهذا المنظر يمثل قافلة مؤلفة من رجال أجانب ومعهم نساؤهم وأولادهم وماشيتهم، وكانوا بطبيعة الحال يقدمون إلى سيدهم حاكم المقاطعة، وأشكال هؤلاء الأجانب مدهشة جدًّا؛ فالرجال والنساء على السواء بشرتهم بيضاء، وشعورهم سوداء، وعيونهم زرقاء، ويرتدي الرجال جلابيب طويلة، وكانت الذراع اليسرى لكل منهم مغطاة والذراع اليمنى معراة وكذلك الرقبة، وشعورهم قصيرة، ويحلي رأس كل فرد منهم أربع أو خمس ريشات، ولكل منهم مقصوص قصير وعثنون، وكان حلي الرقبة يتألف من تعويذة مدلاة بخيط، وهذه التعويذة على حسب قول «فرنشنسكي» محارة عادية تكون أحيانًا بيضية الشكل(5)،وسلاح الرجل منهم كان يتألف من عصا رماية مصنوعة من الخشب يحملها على الجهة اليمنى من صدره. ويحمل على الجهة اليسرى ريشة ضخمة.
أما النساء فكن يلبسن أثوابًا مزركشة أطرافها، ومعقودة من الوسط، وكانت شعورهن مرسلة على القفا وملفوفة من أطرافها، وكن يحملن أطفالهن في سلات على ظهورهن، كما يُشاهد ذلك في أفريقيا حتى الآن (6)، على أن هذه العلامات التي نجدها مميزة «للتمحو» يمكن الأخذ بها على ظاهرها بسبب ما بينها من تشابه في الطراز، وفي لون الجلد والشعر فيما نشاهده في «تمحو» الأزمان التي تلت هذا العصر. ولكن إذا أردنا أن نثبت أنهم أفريقيون أو آسيويون أو غير ذلك؛ فليس لدينا حجة دامغة، ومما يُؤسف له أن هذه الصور لم تُشفع بمتون مفسرة كما يحدث أحيانًا. هذا إلى أن لفظة «لوبيين» لم يأتِ ذكرها في نقوش مقبرة «بني حسن» هذه، أما ما اتخذه «مولر «(7) دليلًا ليبرهن به على أن هؤلاء القوم من «التمحو» — وهي الصورة التي وجدها في الدير البحري، وقد كُتب عليها «رقص التمحو» — فيمكن أن تُتخذ دليلًا عليه لا له؛ إذ إنَّ هؤلاء الراقصين مصريون، ويمثلون رقصة هؤلاء القوم وحسب، هذا فضلًا عن أن وجه الشبه بين اللوبيين الممثلين في مقبرة «خنوم حتب» وبين هؤلاء الراقصين ضعيف جدًّا وبخاصة إذا لاحظنا أن أول ظهورهم في العهد الإغريقي يختلف عن الصور القديمة اختلافًا بينًا. ولا يصح أن نجزم في القول بأن لوبيي مقبرة «خنوم حتب» هم من «التمحو». إذ إن الموضوع لا يزال متعلقًا ويحتاج إلى درس جديد.
........................................
1- راجع: Möller, Ibid p. 38.
2- راجع: Boston Bull. 25 Nr 151 p. 67 pls. 5 & 7.
3- راجع: Boston Bull. 32 Nr 189 p. 9 fig. 9.
4- راجع: Newberry, Beni Hssan I pl. 45 and 47, Tomb 14.
5- راجع: Wreszinski, Atlas II, pl 50 a.
6- راجع: Capart; Art Primitif. p. 168; Wresz. Atlas p. 167 and Hölscher Ibid p. 30.
7- راجع: Möller Ibid p. 45 note 1.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|