المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الحب سير ومواقف / العباس بن علي (عليه السلام) وحبه لله  
  
295   04:54 مساءً   التاريخ: 2024-08-24
المؤلف : السيد مرتضى الحسيني الميلاني
الكتاب أو المصدر : الى الشباب من الجنسين
الجزء والصفحة : ص 52 ــ 53
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-1-2023 1160
التاريخ: 29-1-2017 2209
التاريخ: 29-1-2017 3279
التاريخ: 2023-06-12 1383

أبو الفضل العباس (عليه السلام) غني عن التعريف، وهو يضرب لنا أروع مثل في حبه لله تعالى من خلال إيمانه الراسخ الذي جسد ما في الأخوة من معاني الإخاء والصدق والحب لله. صاح مخاطباً قائد جيش يزيد في وسط المعركة: (يا عمر بن سعد! هذا الحسين ابن بنت رسول الله قد قتلتم أصحابه، وأهل بيته، وهؤلاء عياله وأولاده عُطاشى، فاسقوهم من الماء، فقد أحرق الظمأ قلوبهم). فجاءه الجواب: (يا بن أبي تراب ... لوكان وجه الأرض كله ماء وهو تحت أيدينا لما سقيناكم منه قطرةً إلا أن تدخلوا في بيعة يزيد). هكذا كان منطق الحاقدين المرضى الذين لم يعرفوا الحب أبداً. بينما نرى في قبالهم أبا الفضل العباس (عليه السلام) الذي ضرب لنا أروع مثل في الشجاعة، وجسد الحب بكل معانيه، وسعى إليه وإلى كسب مرضاة حبيبه الأكبر الله سبحانه. خرج من وراء الخيام وسلك طريقاً فرعياً بين النخيل ودخل نهر الفرات وملئ قربته ثم مد كفيه وملأهما بالماء وقربه من فمه يريد أن يشرب، ولكنه تذكر الله وتذكر عطش إمامه وسيده وحبيبه الحسين (عليه السلام) وعطش النساء والأطفال، فرمى الماء وقفل راجعاً وهو ينشد - كما جاء في بعض الروايات - هذه الأبيات:

يا نفس من بعد الحسين هوني      وبعده لا كنتِ أن تكوني

هذا حسين وارد المنونِ             وتشربين بارد المعينِ

تالله ما هذا فعالُ ديني               ولا فعال صادقِ اليقينِ

حب أبي الفضل (عليه السلام) لله جعله يواسي إمامه وأخاه وأهل بيته الكرام في أشد الساعات وأصعب اللحظات. إن حبه لله جعل كل حب مندرجاً في حب الله تعالى. وعندما أحب الله أحب مبادئه وأستشهد من أجلها. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.