أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-21
315
التاريخ: 2024-08-05
476
التاريخ: 2024-07-09
585
التاريخ: 2024-08-22
304
|
الزرع والحصاد تبتدئ هنا قصة الزراعة السنوية التي نشاهدها مصورة على كثير من مقابر عظماء الدولة الحديثة في الصف الأعلى من هذا الجدار، فعلى اليسار نشاهد محصول كتان ناضج يحصده كل من «إبي» وزوجه، وبعد ذلك نشاهدهما يجهزان الحقل لزرع القمح، غير أن المثَّال هنا قد أخطأ في وضع هذا المنظر في موضعه الزمني؛ إذ نجد منظرًا يمثل كيل القمح قبل فصله من سنابله، والمشرف على هذه العمليات هنا هو «إبي» نفسه، وكان يعاقب بيده المذنبين، ويتسلم قائمة الأجور من رئيس العمال، ثم نشاهد عملية تذرية القمح يقوم بها رجال وعذارى، والظاهر من المنظر أن القمح كان قد كيل ووُضع في مخازنه، ومما يلفت النظر؛ الحفل الذي أقيم ابتهاجًا بالحصاد بذبح شاة، وبتقريب قربات أخرى يحتمل أنها قد قُدمت للإلهة «رنوتت» التي تمثل في صورة حية، وتعد إلهة الغذاء والكثرة (يكثر وجود الثعابين وقت الحصاد).
توزيع غلال المحصول: وكان بعض هذا المحصول لازمًا لصاحب الحقل، والبعض الآخر كان يحمله إلى السوق ليبادل به سلعًا أخرى مما يحتاج إليها، وقد مثلت لنا كل هذه العملية على جدران المقبرة، فنشاهد المحصول يُحمل في سفن تسير في النيل، أو في ترع، كما تدل على ذلك الأشجار المطلة على الترع.
ويلاحظ في المنظر أن المثَّال قد اقتصد في صورته؛ إذ نشاهد صور عملية الشحن والتفريغ في آن واحد للقاربين الراسيين جنبًا لجنب عند الشاطئ، فالعملية الأولى في المؤخرة، والأخرى في المقدمة، وقد أحضرت الغلال من الحقول على ظهور الحمير والرجال، ونشاهد فضلًا عن ذلك في السفينتين ما يحتاجه أهل الحضر من الأزهار، وحزم الخضر، فها هو ذا شاب يحلي أذنه قرط يحمل طاقة أزهار ضخمة أكبر من جسمه.
ومما يلفت النظر أن الملاحين كانوا يستبدلون — بما يأخذونه من الحصاد أجرًا لهم — أشياء أخرى كانت معروضة على الساحل، فنشاهد امرأة في كوخ من القصب وأمامها إناء ضخم من النبيذ، وآخر من الجعة، ويلحظ أنها كانت تفرغ النبيذ أو الجعة بوساطة غابتين على هيئة زاوية قائمة؛ حتى تأمن عدم وقوع أي قاذورة في سلعتها، ويخيل إليَّ أن المفتن هنا كان على علم تام بأن الملاحين لا يهمهم تقديم حقيبة قمح بأكملها مقابل فطيرتين حقيرتين، أو سمكة صغيرة أو خيارة؛ معتقدين أنهم قد غبنوا البائع. وعندما تصل السفن إلى مقرِّها محملة بالغلال لتخزن في مخازنها تحمل الحقائب على أكتاف العمال، وفي المنظر صبي عند المقدمة ينادي بالعدد للرجل المكلف بالمخزن الذي كان يتألف من ردهة مكشوفة الجدران عالية توضع فيها مختلف أنواع الحبوب، ولذلك نشاهد طفلًا يطرد الطيور التي كانت تنزل على عرم القمح فيه، ولم ينسَ المثَّال هنا أن يجعل للمعبودة نصيبًا؛ فقد حفظ مأوى في هذا المحراب لإلهة الحصاد «رنوتت»، وقد وضع أمامها إناء مملوء بالحبوب، وحزمة سنبل، وخبز مغمس فاحت رائحته حتى وصلت إلى أنف هذه الإلهة.
لقط ما تبقى من الحصاد: وقد كانت العادة بعد أن ينتهي الحصاد حتى يومنا هذا، أن يتبقى في حقل القمح بعض فضلات من السنابل، كما كانت تتخلف بعض الحبوب في مكان الدرس، وقد كان من دواعي سرور الطبقة الدنيا أن يسوقوا ما عزهم إلى أرض الحصاد للقط ما تخلف من المحصول، فتنتشر الحيوانات في أرجاء الحقل باحثة عما تجد في تلك الأرض التي حُرمت الرعي مدة طويلة، فنشاهد التيس في المقدمة يقود الأجداء الصغيرة، وهي تمرح وتلعب حينما تجد مكانًا فسيحًا، وكان يقوم على حراستها أربعة من الصبية مجهزون بكل ما يلزمهم طيلة اليوم، فواحد منهم في يده عصا الرعاية، ويتبعه كلبه، ومعه قربة ماء، ويحمل حقيبة أخرى وصفارته في كنانتها، ونشاهد آخر ينفخ في صفارته يمسكها بيد واحدة، والماعز أمامه ترتع كيف شاءت، وأكثر ما نشاهدها تأكل من ورق الشجر، وعندما كانت تأكل كل ما يمكنها أن تصل إليه من هذه الأوراق يقوم راعوها بهش الأشجار بعصيهم لتأكل منها غنمهم. ونشاهد بين هذه الماعز ألوانًا من الأحمر والأسود والأبيض، وكذلك نتاجًا مختلطًا، كما نشاهد في رقاب بعضها الزائدتين اللتين نشاهدهما تحت الرقبة في الماعز الآن (pls. XXX).
منظر محصول المستنقعات: صيد السمك على الشاطئ: يشاهد على الجدار الشمالي (pls. XXXVII) المنظر العادي لصيد السمك، وقد حلي برسم الأشجار رسمًا طبعيًّا، وكذلك بعض تفاصيل خارجة على التقاليد القديمة الجامدة. حقًّا نشاهد الرجال يجرون الشبكة إلى الشاطئ بما فيها من سمك كالمعتاد، غير أننا نرى في الوقت نفسه شابًا برأس حليق يلتفت إلى آخر يناديه، كما نشاهد شابًا ثالثًا عاري الجسم، يلتقط السمك من الشبكة واحدة واحدة، ثم نشاهد السمك يكوَّم في مكان واحد، ويضعه رجال ونساء في أكياس، ويحملونه إلى السماك المسمى «نيا»، وهنا نجد رجلًا آخر ينظفها. هذا ولدينا منظر آخر لصيد الأسماك في القوارب ممثل كالمعتاد (Pls. XXXV).
صيد الطيور بالشبك: ويفصل منظر صيد السمك في القوارب عن صيد الطيور بالأحابيل (بعض سيقان البردي)، وهنا نشاهد الصياد مختبئًا بين الأعشاب ينادي رفاقه ليجرُّوا الشبكة حين وقع فيها الطير، وفضلًا عن ذلك نجد أن المثال قد صور لنا صيد الطيور في قارب من البردي حيث نجد — كما جرت العادة — الرجل وزوجه يصطادان الطيور برشقها بالعصي، ويلفت النظر في هذا المنظر القطة التي كانت تأتي لصاحبها بالطير عندما يقع، وكذلك صورة البومة التي رُسمت بمثابة تمثال لإغراء الطير عندما يقع، وكذلك صورة البومة التي رُسمت بمثابة تمثال لإغراء الطير في هذا المكان ليقع في الشرك، وقد كتب على الصور التي في القارب المتن الثاني: «إبي» نحات «آمون» في مكان الصدق في غربي «طيبة»، وزوجه ربة البيت «دوامواست». وكذلك نشاهد هنا منظر جمع الكروم، وعصير العنب، وصنع النبيذ.
الجدار الشمالي: أثاث ملكي خاص (pls. XXXXI)، يوجد على هذا الجدار منظر صنع جهاز جنازي في المصانع، وهذا الأثاث لم يكن لاستعمال «إبي» فحسب، بل لدينا فيه قطعتان كبيرتان تمثلان محرابين، وعليهما طغراءان ﻟ «أمنحتب الأول» الذي كان قد مضى على وفاته — بالنسبة «لإبي» — ما يقرب من ثلثمائة سنة، ولا بد أنهما كانتا لمعبده أو لقبره؛ لأنه كان يُعبد في هذه الجبانة بوصفه إله العمال.
والآن يتساءل الإنسان عن المناسبة التي جعلت «إبي» يرسم هذا المنظر في قبره، وهل يمكننا أن نعرف من الرسم المكان الذي خُصص لهاتين القطعتين؟
والواقع أننا نعلم مما لدينا من الوثائق التي ترجع إلى عهد الفرعون «حور محب» أنه قام بإصلاح عام لكل المعابد في البلاد، وبوجه خاص نعلم أنه قام بإصلاح مقبرة الفرعون «تحتمس الرابع» (راجع مصر القديمة ج5).
وتدل الأحوال على أن هذا الإصلاح لم ينقطع سببه بل استمر؛ ولذلك لا يبعد عنا أن ما فعله «حور محب» لأجل «تحتمس الرابع» كان هو نفس ما فعله «رعمسيس الأول»، و«سيتي الأول» لمقبرة «تحتمس الأول» (راجع pls. XVI)، ولمقبرة «تحتمس الثالث»، كما نشاهد في المقبرة رقم 31، وما فعله «رعمسيس الثاني» لقبر «أمنحتب الأول»، كما نشاهد في مناظر قبر «إبي»، وفي مناظر القبر رقم 19 في هذه الجبانة أيضًا.
وعلى أية حال فإن تحضير هذا الجهاز الجنازي سواء أكان لأجل قبر هذا الفرعون أو لمعبده، فإن «إبي» قد اتخذ من ذلك فرصة مناسبة لعمل جهازه الجنازي هو أيضًا.
صورة المحرابين: مثل أمامنا في الصورة محرابان يبلغ ارتفاع الواحد منهما ثلاثة أضعاف طول الرجل، ولا يمكننا — بعد أن رأينا المحاريب التي كانت في مقبرة «توت عنخ آمون» — أن نقول إن المحرابين المذكورين هنا ضخمان، وأولهما قد لُون باللون الأسود؛ مما يوحي بأنه من الأبنوس، غير أنه في العادة كان يصنع من الخشب العادي، ثم يلون بالقطران تقليدًا للأبنوس، وقد زين جداره بصورة وحدة مصر، فنشاهد الإلهين «حور» و«ست» ممسكين بساقين من النبات، يرمز أحدهما للوجه القبلي والآخر للوجه البحري ، وفي الوسط يرى الملك راكعًا على علامة الوحدة (سما ) بين إلهتي الوجه القبلي والوجه البحري، وهما «نخبت»، و«وازيت»، وفوقه قرص الشمس المجنح الذي يضيء الجنوب والشمال معًا، وفي أسفل نشاهد علامة بني الإنسان ممثلة في صورة الطائر «رخيت»، وقد نقش على العمودين اللذين يكنفان المحراب طغراء «أمنحتب الأول»، ويشاهد حفارون من الخشب يصنعون التفاصيل النهائية الخاصة بزينة هذا المحراب، وقد بقي لنا متن نُقش عموديًّا على جانبي المحراب، ويشمل ألقاب هذا الملك المؤله وهو:
على الجانب الأيمن: الإله الطيب الشجاع ابن «آمون» … أرباب «طيبة» ملك الوجهين القبلي والبحري … ابن الشمس محبوب الآلهة «أمنحتب»، معطي الحياة محبوب «آمون رع»، رب تيجان الأرضين في الكرنك.
على الجانب الأيسر: الإله الطيب ابن «آمون» الذي وضعته «موت» الواحدة العظيمة سيدة «أشرو» ملك الجنوب والشمال، وحاكم الأجانب سيد الأرضين «زسر كارع» محبوب «رع»، وابنه من ظهره «أمنحتب»، معطي الحياة محبوب «آمون رع» رب تيجان الأرضين الإله العظيم.
المحراب الثاني: حجرة النوم: أما المحراب الثاني فيظهر بمحتوياته في صورة مكان للنوم قد وضع على طوار يصل إليه الإنسان بسلم، وعلى الرغم من أن حجرة النوم هذه مقببة فإنه على ما يظهر لم تكن في الأصل مخصصة لنوم الملك المتوفى، بل كان بمثابة نعش يمكن حمله ويوضع فيه المتوفى، وعلى هذا الزعم يكون الطوار الذي تحته مصنوعًا من الخشب كبقية النعش، أما القسمان اللذان يشاهدان فوق هذه الحجرة فيختلفان في وضعهما، ويمكن اعتبارهما بمثابة حلية، ولأجل التهوية.
وتحتوي حجرة النوم على سرير عالٍ أمامه درج للصعود فوق السرير، ومخدة ومرآة من النحاس، ومائدة عليها عنقود من التين، ويلاحظ أن المخدة قد وضع على جانبيها رمزا العافية.
وصور العمال الذين كانوا يقومون بصنع هذه الحجرة التي تظهر كأنها مقامة من مواد غاية في المتانة على جانب عظيم من الأهمية، فعلى الرغم من عدم وجود متن يحدثنا عن حركات أولئك الصناع وسكناتهم، وما يقومون به من عمل، فإن نفس أوضاعهم تحدثنا بصراحة عن الدور الذي كان يقوم به كل واحد منهم، وهذه الظاهرة من مميزات فن هذا العصر عندما يكون المفتن ماهرًا.
فكما نشاهد في أيامنا الحلاق يحلق للعمال على قارعة الطريق، أو في أثناء عملهم، فكذلك نرى هنا الرجل الذي يزجج العيون بالكحل قد أخذ يكحل نجارًا بمروده الخاص. ويشاهد بجوار هذا المكحل آلات التكحيل، وتتألف من أسطوانتين في إحداهما مرود، هذا إلى كيس من مسحوق الكحل، وزجاجة لخلط الكحل المجفف، وصندوق توضع فيه كل هذه الأدوات، وفوق هذا المنظر نشاهد رئيس عمال يعطي الأوامر بصوت عالٍ، أو ينذر بوصول المشرف على العمل — نجارًا كان يستعمل إزميلًا كبيرًا لدق دسار لا داعي له.
وعلى سقف هذا المبنى نرى نجارًا يصقل الألواح بقطعة من الحجر الرملي، وبجواره أدواته البسيطة، وتحتوي على منشار من النحاس وثلاثة مناقير للثقب والحفر، وفي هذا المكان المنعزل نرى عاملًا قد اضطجع ليغفو قليلًا، غير أن «إبي» صاحب المقبرة قد لمحه فصاح موجهًا إليه اللوم، وعندئذ أسرع أحد زملائه لإيقاظه قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه. ويلاحظ أن العمال الذين كانوا يعملون في الجهة التي أتى منها سيدهم أظهروا نشاطًا وجدًّا في العمل. وعلى أية حال يظهر أن هاتين القطعتين من الأثاث كان موطنهما النهائي في معبد الملك الجنازي، فإحداهما هي الناووس الذي كان يوضع فيه المحراب، والثانية هي النعش الذي عمل على هيئة حجرة نوم ليحل محل الذي عمل وقت الدفن، أو ليستعمل عند تكرار عملية الدفن في الاحتفال السنوي بيوم دفن الفرعون.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|