المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9142 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



كيف نعرف الإمام المهدي عليه السلام ونعرفه للناس ؟  
  
613   12:31 صباحاً   التاريخ: 2024-07-30
المؤلف : الشيخ علي الكوراني
الكتاب أو المصدر : الحق المبين في معرفة المعصومين
الجزء والصفحة : ص571-584
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن الحسن المهدي / خصائصه ومناقبه /

هل عرفنا صاحب الزمان أرواحنا فداه كما يجب ، حتى نتكلم فيه ونعرفه للناس ؟ أم نحن أول الأصناف العشرة الذين قال عنهم أمير المؤمنين عليه السلام : ( عشرة يعنتون أنفسهم وغيرهم : ذو العلم القليل يتكلف أن يعلم الناس كثيراً ، والرجل الحليم ذو العلم الكثير ليس بذي فطنة . . . الخ . )[1]

نحن نردد هذه الكلمة العظيمة لأمير المؤمنين عليه السلام ، لكن قلما نعمل بها ! فلماذا ترانا لا نتعب من الكلام فيما نقوله للناس ، مع علمنا القليل ؟

يجب أن نعترف بأنا أنانيون نحب أنفسنا ، وقد نعبدها ، ولذا لا نشعر بالتعب !

وسبب أنانيتنا أننا لا نعترف بجهلنا في هذا الموضوع وذاك وذلك ! فنُدخل أنفسنا فيه ، ونقول فيه بغير علم ، فنُتعب أنفسنا ونُتعب الناس !

نعم ، نحن نعرف عن صاحب الزمان أرواحنا فداه ، أنه موجود . وأنه الإمام الثاني عشر من أئمة أهل بيت النبوة الطاهرين عليهم السلام ، وأنه الموعود على لسان جده سيد المرسلين صلى الله عليه وآله ، المذخور لتنفيذ هدف رب العالمين بأن يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملؤوها ظلماً وجوراً .

لكني لا أقصد المعرفة الواجبة على كل المكلفين ، بل أقصد تعريف شخصيته تعريفاً علمياً يكون جامعاً مانعاً . وبهذا المعنى فأنا لا أعرف عنه شيئاً ! وأقصد نفسي دونكم لأني لا علم لي بكم .

لكنا مع ذلك نتكلم في معرفته صلوات الله عليه ، لأنه نوع من التقرب والتوسل به إلى الله تعالى ، فذكر أهل البيت عليهم السلام ذكر لله عز وجل ، وإلا فنحن لسنا أهلاً لنكون من خدام خدامهم .

من أين لنا أن نستطيع تعريف صاحب الزمان صلوات الله عليه ، ونحن نقرأ في زيارة الناحية المقدسة : السلام عليك سلام من عرفك بما عرَّفك الله به ونعتك .[2]

وهذا يعني أنا لا يمكننا أن ندعي معرفته وتعريفه ، فما نقوله لا يصلح أن يكون تعريفاً له ، بل تعريفه فقط ما عرفه الله تعالى به ، فهو التعريف الصحيح ، وغيره منا كلام ملؤه الغلط !

سلام من عرفك بما عرَّفك الله به ونعتك . . فبماذا عرَّفه الله تعالى ؟

عرَّفه الله بما رواه الشيخ الطوسي قدس الله نفسه الزكية ، في مصباح المتهجد ، قال قدس سره : ( ويستحب أن يدعى فيها بهذا الدعاء :

اللهم بحق ليلتنا ومولودها ، وحجتك وموعودها ، التي قرنت إلى فضلها فضلك ، فتمت كلمتك صدقاً وعدلاً ، لا مبدل لكلماتك ، ولا معقب لآياتك ، نورك المتألق ، وضياؤك المشرق ، والعلم النور في طخياء الديجور ، الغائب المستور ، جل مولده ، وكرم محتده ، والملائكة شهده ، والله ناصره ومؤيده ، إذا آن ميعاده ، والملائكة أمداده ، سيف الله الذي لا ينبو ، ونوره الذي لا يخبو ، وذو الحلم الذي لا يصبو )[3]

نورك المتألق ، وضياؤك المشرق . . فأي عالم هذا من عوالم الله عز وجل ، الذي لا نصل اليه ؟ وأي جهاز رباني هذا ، الذي لا نستطيع أن ندركه ؟ !

بحق ليلتنا ومولودها . . . التي قرنت إلى فضلها فضلك . .

أيُّ فضل قُرِنَ إلى أيِّ فضل ؟ ! فصاحب الزمان صلوات الله عليه هو فضل الله العزيز الحكيم ، ذي العزة والمجد والعطاء . . قرنه إلى فضل ليلة النصف من شعبان . . فما حقيقة هذين الفضلين وما معنى اقترانهما ؟ !

هذه العبارات لم أستطع تفسيرها ، ولا أستطيع الآن أن أعبر عما فهمته منها !

لذا أتركها إلى عبارة أخرى من زيارة الناحية المقدسة التي فيها : سلام من عرفك بما عرَّفك الله به ، وفيها هذه العبارة : السلام عليك يا ناظر شجرة طوبى وسدرة المنتهى !

إن قدرة الإنسان على الخيال أوسع من قدرته على الرؤية بالبصر بكثير ، فلاحظوا إلى أي مدى يصل بصركم وما تراه أعينكم ، ثم إلى أي مدى يبلغ خيالكم ؟ ! طبعاً الفارق بينهما كبير . وبهذه النسبة يكون الفرق بين ما يبلغه الخيال وما يبلغه العقل ! فالعقول تدرك المجردات التي لا يدركها الخيال ! فعقولنا مثلاً تدرك ما وراء الفضاء ، لكن خيالنا لا يدركه إلا فضاء ! وتدرك العدم ، ولا يدركه خيالنا إلا وجوداً !

فهل سمعتم بشخص ينظر من الأرض إلى الجنة وإلى شجرة طوبي ، وإلى سدرة المنتهى ؟ ! إنه الإمام صاحب الزمان أرواحنا فداه !

السلام عليك يا ناظر شجرة طوبى وسدرة المنتهى . . فإذا كان نظره عليه السلام يصل إلى شجرة طوبى وسدرة المنتهى ، فإلى أين يصل تصوره ، وإلى أين يصل إدراك عقله الشريف ؟ ! هنا نعرف لماذا أمر الله الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام !

فإن حدود علم جبرئيل عليه السلام وقدرته على الإدراك تقف عند سدرة المنتهى ، ففي المناقب من حديث ابن عباس عن المعراج : فلما بلغ إلى سدرة المنتهى فانتهى إلى الحجب فقال جبرئيل : تقدم يا رسول الله ليس لي أجوز هذا المكان ولو دنوتُ أنملةً لاحترقت ! . ( المناقب لابن شهرآشوب : 1 / 155 ) .

بل لا بد أن نقول إن جبرئيل لا يستطيع أن يصل إلى حيث وصل الإمام المهدي عليه السلام ، الذي يصل مدى نظره إلى سدرة المنتهى ، فيكون جبرئيل تحت نظره ، فضلاً عن قدرة تصوره ، ثم قدرة تعقله صلوات الله عليه ، فكيف يمكننا أن نعرِّف الإمام المهدي عليه السلام بغير هذا التعريف : السلام عليك يا ناظر شجرة طوبى وسدرة المنتهى ، السلام عليك يا نور الله الذي لا يطفى .

إنه نور الله الذي لا يطفأ ، ففيه اجتمعت كل المعرفة وكل العلوم روحي فداه ! وقد يتصور بعضهم أن هذه الأبحاث لا فائدة فيها ، لكنه لا يلتفت إلى أن مشكلاتنا جاءت من تنقيصنا لمقام النبي صلى الله عليه وآله والأئمة المعصومين من عترته الطاهرين عليهم السلام ، ولأنا لم نقدرهم حق قدرهم ، ولم نعطهم حقهم ومقامهم الذي أعطاه الله لهم ، فتخيلناهم في مقامات دنيا ، بل صادرنا أحياناً مقاماتهم لأنفسنا ! مع أن الذين ينقصونهم مقاماتهم ولو درجة واحدة ، فضلاً عمن يصادرونها ويدعونها لأنفسهم ، ينطبق عليهم قول الله تعالى : كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ . سورة المطففين : 15 ،

وهذه هي خسارة الأبد ، وعذاب الكمد !

وعبارة أخرى في نفس زيارة الناحية هذه تقول : أشهد أنك الحجة . . . وأنك خازن كل علم ، وفاتق كل رتق ، ومحقق كل حق ، ومبطل كل باطل . . فهذه مقامات أربعة لصاحب الزمان صلوات الله عليه ، تتعلق بما أعطاه الله من العلم والقدرة . ومن الصعب علينا أن نتصور معانيها :

خازن كل علم ، بهذا الشمول وبأصرح أدوات التعميم !

وكذلك تصور الصفات الأربع التي تتعلق بالقدرة التي أعطاه الله إياها ، وهي فوق ما أعطى لعيسى بن مريم عليه السلام من إحياء الموتى بإذنه وغيرها !

فالإمام المهدي عليه السلام بإشارة منه بالمشيئة الربانية التي تستمد من ( كن فيكون ) فاتقُ كل رتق ، وراتق كل فتق . . فهو الهادم لكل باطل ، والباني لكل حق ، في عالمي المادة والمعنى . وهو المحق لجميع الحقوق المتروكة والمجهولة ، ومبطل الباطل الظاهر والمخفي !

إنها مقامات فوق تصورنا وعرفنا المحدود كما ذكرنا . ولا عجبَ ما دام الله تعالى قد جعله خاتم دينه ، وبقيته المذخورة لإصلاح أرضه ، والمحقق لهدف أنبيائه عليهم السلام ، وجمع فيه الكرامات والكمالات التي وزعها في غيره !

سأل أحدهم الإمام الصادق عليه السلام عن الإمام المهدي عليه السلام إذا ظهر كيف يسلمون عليه ؟ فقال : يقولون السلام عليك يا بقية الله ، ثم قرأ : بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . ( سورة هود : 86 )[4]

فهو عليه السلام بقية الله ، الذي انتهت إليه مواريث الأنبياء عليهم السلام والموجود لديه آثار الأصفياء ، فهو قِطافٌ منهم جميعاً ، وعصارةٌ لهم جميعاً ، وخلاصةُ عطر استخلصها الله من عطور العالم ، وجعلها في زجاجة نورانية ، فكانت الإمام المهدي أرواحنا فداه . صلوات الله عليك يا بقية الله في أرضه .

فكيف يمكن لنا أن ندعي أننا ننتسب إلى هذه الشخصية العظيمة ، وأننا من خدامه أو خدام خدامه صلوات الله عليه وعليهم ؟ ! لكنه هو الكريم سليل الأمجاد الكرماء ، نأمل ببركة دم جده الحسين عليه السلام أن ينظر إلينا نظرة رضاً ، تشملنا بها رحمة ربنا عز وجل ، وإلا فنحن لا شئ ، وليس في أعمالنا ما يقربنا إلى هذا العالم العلوي من العلم والقدرة الإلهية !

نقل المجلسي رحمه الله من كتاب السلطان المفرج عن أهل الإيمان ، قضية عجيبة فيها كلمة من الإمام عليه السلام تفتح أبواباً من المعرفة ، قال المجلسي رحمه الله : ( ومن ذلك ما نقله عن بعض أصحابنا الصالحين من خطه المبارك ما صورته : عن محيي الدين الإربلي أنه حضر عند أبيه ومعه رجل ، فنعس فوقعت عمامته عن رأسه ، فبدت في رأسه ضربة هائلة فسأله عنها فقال له : هي من صفين !

فقيل له : وكيف ذلك ووقعة صفين قديمة ؟ ! فقال : كنت مسافراً إلى مصر فصاحبني إنسان من غزة ، فلما كنا في بعض الطريق تذاكرنا وقعة صفين ، فقال لي الرجل : لو كنت في أيام صفين لرويت سيفي من علي وأصحابه ! فقلت : لو كنت في أيام صفين لرويت سيفي من معاوية وأصحابه ! وها أنا وأنت من أصحاب علي عليه السلام ومعاوية لعنه الله فاعتركنا عركة عظيمة ، واضطربنا فما أحسست بنفسي إلا مرمياً لما بي ! فبينما أنا كذلك وإذا بإنسان يوقظني بطرف رمحه ، ففتحت عيني فنزل إليَّ ومسح الضربة فتلاءمت ، فقال : إلبَثْ هنا ، ثم غاب قليلاً وعاد ومعه رأس مخاصمي مقطوعاً والدواب معه ، فقال لي : هذا رأس عدوك ، وأنت نصرتنا فنصرناك : وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ . فقلت من أنت ؟ فقال : فلان بن فلان ، يعني صاحب الأمر عليه السلام ، ثم قال لي : وإذا سئلت عن هذه الضربة ، فقل ضربتها في صفين ! ) . ( البحار : 52 / 75 )

والأمر هنا يتصل بمعرفة الإمامة ، فقد ربط الإمام عليه السلام قوله : نصرتنا فنصرناك بقوله تعالى : وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ، لأن نصرة أهل البت عليهم السلام نصرةٌ لله تعالى ، فقد نصر هذا المؤمن الله تعالى ضد الناصبي عدو الله ! والذي نصره على الناصبي ليس الإمام المهدي عليه السلام بل الله تعالى ، مثل قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله : فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . ( سورة الأنفال : 17 )

فلم تكن القدرة في يد الإمام المهدي عليه السلام التي لمست جرحه فشفي من فوره قدرة بشرية ، بل قدرة ربانية جرت على يد الإمام المهدي عليه السلام ، لكن ذلك يحتاج إلى رقي فكري لإدراكه وتعقله .

إن القدرة التي جعلها الله تعالى في الإمام المهدي عليه السلام أعظم من القدرة التي جعلها في يد نبيه موسى عليه السلام : وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ . ( الأعراف : 108 (

فقد كان موسى عليه السلام ينزع يده من تحت إبطه فتضئ للناظرين بإذن الله ، ويمسح بها فتشفي الأعمى والمريض بإذن الله ، ولكن السر الإلهي الذي في يد الإمام المهدي عليه السلام أعظم وأعم ، بل لا تقاس يده بيد موسى صلى الله عليه وآله لأن ملك محمد وآله أعظم مما أوتي الأنبياء عليهم السلام ! فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال لجابر بن عبد الله : نعم يا جابر إن ملكنا أعظم من ملك سليمان بن داود ، وسلطاننا أعظم من سلطانه . ( البحار : 27 / 306 )[5]

عن أبان بن تغلب ، عن الإمام الصادق عليه السلام أنه عندما يظهر الإمام المهدي عليه السلام : ( فينشر راية رسول الله صلى الله عليه وآله عمودها من عمود العرش وسائرها من نصر الله ، لا يهوي بها إلى شئ أبداً إلا هتكه الله ، فإذا هزها لم يبق مؤمن إلا صار قلبه كزبر الحديد ، ويعطى المؤمن قوة أربعين رجلاً ، ولا يبقى مؤمن إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره ، وذلك حين يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم ، فينحط عليه ثلاث عشر آلاف ملك وثلاثمائة وثلاث عشر ملكاً . قلت : كل هؤلاء الملائكة ؟ قال : نعم ، الذين كانوا مع نوح في السفينة ، والذين كانوا مع إبراهيم حين ألقي في النار ، والذين كانوا مع موسى حين فلق البحر لبني إسرائيل ، والذين كانوا مع عيسى حين رفعه الله إليه ، وأربعة آلاف ملك مع النبي صلى الله عليه وآله مسومين ، وألف مردفين ، وثلاثمائة وثلاثة عشر ملائكة بدريين ، وأربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين عليه السلام فلم يؤذن لهم في القتال . . . ) .

إن حضور هؤلاء الملائكة من زمن نوح عليه السلام إلى عاشوراء الحسين عليه السلام ( ولا يوم كيومك يا أبا عبد الله ) له دلالات مهمة ، منها تسلسل قضية الصراع في الأرض بين الهدى الإلهي والضلال البشري ، وحضور الملائكة الشهود والأنصار في ختامه على يد الإمام المهدي عليه السلام !

وهذا الإنسان الذي يحشد له الله تعالى هذه القوة ، ويربطه بهذه الأمجاد ، لا يمكن تعريفه إلا بالقول : نورك المتألق ، وضياؤك المشرق ، والعلم النور في طخياء الديجور ، الغائب المستور ، جل مولده ، وكرم محتده ، والملائكة شهده ، والله ناصره ومؤيده .[6]

والمهم في الموضوع : ماذا يجب علينا أن نعمل ؟

أولاً ، يجب علينا نحن فئة طلبة العلم والعلماء أن ندرك أنه لا يمكننا أن نقوم بعمل مفيد إلا بتوفيق الله تعالى ، فلابد أن نترك الادعاء بأننا شئ ، ونتوجه إليه عز وجل أن ينظر الينا نظرة رحيمة يجعلنا بها مقبولين عنده وعند رسوله وآله صلى الله عليه وآله . علينا أن لا ندعي أننا أصحاب أهل البيت عليهم السلام وأصحاب الإمام المهدي وجنوده أرواحنا فداه ! بل لا أدعي أني باسط يديه بالوصيد في أعتاب صرحهم الرباني المشيد ، وإنما نحن سائلون عند فنائهم !

مولاي يا صاحب الزمان ، إن الله تعالى يقول : وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ ، ونحن سائلون على بابك . ويقول عز وجل : فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ، ونحن أيتامكم أهل البيت ، لأنا منقطعون عنكم . . فمن أيتم منا ، ومن أكدى ؟ ! صلوات الله عليكم .

وثانياً ، أن نعرف أن الحق ما حققه أهل البيت عليهم السلام ، والباطل ما أبطلوه ( فالحق ما رضيتموه ، والباطل ما سخطتموه ) . فما دمنا نعتقد بإمامتهم وعصمتهم عليهم السلام ، فعندما يصل إلينا ما أحقوه وما أبطلوه ، فقد انتهى الأمر ، ووجب على العقل أن يُسْلِم ويُسَلِّم ، لأن الكلام في مقابلهم غلط ! ولا مجال لقول هكذا أرى وهكذا أفهم ! فما أراه وما أفهمه مقابل هؤلاء عليهم السلام فضول القول ! إن عقائدنا من ناحية نظرية تتلخص في كلمتين فقط : فالحق ما رضيتموه والباطل ما سخطتموه . كما أن عملنا يتلخص في كلمتين أيضاً : المعروف ما أمرتم به والمنكر ما نهيتم عنه .

اللهم صل على محمد وآل محمد .

 

[1] في الخصال للصدوق رحمه الله ص 437 : ( حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال : حدثنا أبي ، وسعيد بن عبد الله قالا : حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان ، عن موسى بن بكر ، عن أبي الحسن الأول عليه السلام ، عن أبيه قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : عشرة يفتنون أنفسهم وغيرهم :

ذو العلم القليل يتكلف أن يعلم الناس كثيراً . والرجل الحليم ذو العلم الكثير ليس بذي فطنة . والذي يطلب ما لا يدرك ولا ينبغي له . والكاد غير المتئد .

والمتئد الذي ليس له مع تؤدته علم . وعالم غير مريد للصلاح . ومريد للصلاح وليس بعالم . والعالم يحب الدنيا . والرحيم بالناس يبخل بما عنده .

وطالب العلم يجادل فيه من هو أعلم ، فإذا علمه لم يقبل منه ) .

[2] في مزار ابن المشهدي رحمه الله ص 586 : ( زيارة أخرى له عليه السلام : إذا وصلت إلى حرمه بسر من رأى فاغتسل والبس أطهر ثيابك ، وقف على باب حرمه عليه السلام قبل أن تنزل السرداب ، وزر بهذه الزيارة وقل : السلام عليك يا خليفة الله وخليفة آبائه المهديين . السلام عليك يا وصي الأوصياء الماضين . السلام عليك يا حافظ أسرار رب العالمين . السلام عليك يا بقية الله من الصفوة المنتجبين . . . إلى آخرها . وقد تقدمت برواية أخرى من المزار لابن المشهدي رحمه الله في موضوع ( معرفة الإمام المهدي عليه السلام بالنورانية ) .

[3] في مصباح المتهجد للشيخ الطوسي رحمه الله ص 842 : ويستحب أن يدعى فيها بهذا الدعاء : ( اللهم بحق ليلتنا ومولودها ، وحجتك وموعودها ، التي قرنت إلى فضلها فضلك ، فتمت كلمتك صدقاً وعدلاً ، لا مبدل لكلماتك ، ولا معقب لآياتك ، نورك المتألق ، وضياؤك المشرق ، والعلم النور في طخياء الديجور ، الغائب المستور ، جل مولده ، وكرم محتده ، والملائكة شهده ، والله ناصره ومؤيده ، إذا آن ميعاده ، والملائكة أمداده ، سيف الله الذي لا ينبو ، ونوره الذي لا يخبو ، وذو الحلم الذي لا يصبو ، مدار الدهر ونواميس العصر ، وولاة الأمر ، والمنزل عليهم ما يتنزل في ليلة القدر ، وأصحاب الحشر والنشر ، تراجمة وحيه ، وولاة أمره ونهيه .

اللهم فصل على خاتمهم وقائمهم ، المستور عن عوالمهم ، وأدرك بنا أيامه وظهوره وقيامه ، واجعلنا من أنصاره ، واقرن ثارنا بثاره ، واكتبنا في أعوانه وخلصائه ، وأحينا في دولته ناعمين ، وبصحبته غانمين ، وبحقه قائمين ، ومن السوء سالمين ؟ يا أرحم الراحمين ) .

[4] في الكافي : 1 / 411 : ( محمد بن يحيى ، عن جعفر بن محمد قال : حدثني إسحاق بن إبراهيم الدينوري ، عن عمر بن زاهر ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سأله رجل عن القائم يسلم عليه بإمرة المؤمنين ؟ قال : لا ، ذاك إسمٌ سمى الله به أمير المؤمنين عليه السلام ، لم يسم به أحد قبله ولا يتسمى به بعده إلا كافر . قلت : جعلت فداك كيف يسلم عليه ؟ قال : يقولون : السلام عليك يا بقية الله ، ثم قرأ : بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين ) .

[5] في بصائر الدرجات للصفار رحمه الله ص 429 ، عن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( إن ذا القرنين قد خير السحابين فاختار الذلول ، وذخر لصاحبكم الصعب . قال قلت وما الصعب ؟ قال : ما كان من سحاب فيه رعد وصاعقة أو برق فصاحبكم يركبه ! أما إنه سيركب السحاب ويرقى في الأسباب أسباب السماوات السبع والأرضين السبع ، خمس عوامر ، واثنتان خرابان ! ) .

وعن الإمام الصادق عليه السلام : ( إن الله خير ذا القرنين السحابين الذلول والصعب فاختار الذلول ، وهو ما ليس فيه برق ولا رعد ، ولو اختار الصعب لم يكن له ذلك لأن الله ادخره للقائم عليه السلام ) .

وفي الكافي : 1 / 471 : ( عن أبي بكر الحضرمي قال : لما حمل أبو جعفر عليه السلام إلى الشام إلى هشام بن عبد الملك وصار ببابه قال لأصحابه ومن كان بحضرته من بني أمية : إذا رأيتموني قد وبخت محمد بن علي ثم رأيتموني قد سكت ، فليقبل عليه كل رجل منكم فليوبخه . ثم أمر أن يؤذن له فلما دخل عليه أبو جعفر عليه السلام قال بيده : السلام عليكم فعمهم جميعاً بالسلام ثم جلس ، فازداد هشام عليه حنقاً بتركه السلام عليه بالخلافة وجلوسه بغير إذن ، فأقبل يوبخه ويقول فيما يقول له : يا محمد بن علي لا يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين ودعا إلى نفسه وزعم أنه الإمام سفهاً وقلة علم ، ووبخه بما أراد أن يوبخه ، فلما سكت أقبل عليه القوم رجل بعد رجل يوبخه حتى انقضى آخرهم ، فلما سكت القوم نهض عليه السلام قائماً ثم قال : أيها الناس أين تذهبون وأين يراد بكم ، بنا هدى الله أولكم وبنا يختم آخركم ، فإن يكن لكم ملك معجل فإن لنا ملكا مؤجلا وليس بعد ملكنا ملك لأنا أهل العاقبة يقول الله عز وجل : وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ . فأمر به إلى الحبس فلما صار إلى الحبس تكلم فلم يبق في الحبس رجل إلا ترشفه وحن إليه ، فجاء صاحب الحبس إلى هشام فقال : يا أمير المؤمنين إني خائف عليك من أهل الشام أن يحولوا بينك وبين مجلسك هذا ، ثم أخبره بخبره ، فأمر به فحمل على البريد هو وأصحابه ليردوا إلى المدينة ، وأمر أن لا تخرج لهم الأسواق ، وحال بينهم وبين الطعام والشراب ، فساروا ثلاثاً لا يجدون طعاماً ولا شراباً حتى انتهوا إلى مَدْيَن فأغلق باب المدينة دونهم ، فشكا أصحابه الجوع والعطش قال : فصعد جبلاً يشرف عليهم فقال بأعلى صوته : يا أهل المدينة الظالم أهلها أنا بقية الله ، يقول الله : بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ( سورة هود : 86 ) ،

قال : وكان فيهم شيخ كبير فأتاهم فقال لهم : يا قوم هذه والله دعوة شعيب النبي ، والله لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالأسواق لتؤخذن من فوقكم ومن تحت أرجلكم فصدقوني في هذه المرة وأطيعوني وكذبوني فيما تستأنفون ، فإني لكم ناصح ، قال : فبادروا فأخرجوا إلى محمد بن علي وأصحابه الأسواق ، فبلغ هشام بن عبد الملك خبر الشيخ ، فبعث إليه فحمله فلم يدر ما صنع به ) .

وفي الكافي : 8 / 210 : ( عن أبي بصير قال : كنت مع أبي جعفر عليه السلام جالساً في المسجد إذ أقبل داود بن علي ، وسليمان بن خالد ، وأبو جعفر عبد الله بن محمد أبو الدوانيق ، فقعدوا ناحية من المسجد فقيل لهم : هذا محمد بن علي جالس ، فقام إليه داود بن علي وسليمان بن خالد ، وقعد أبو الدوانيق مكانه حتى سلموا على أبي جعفر عليه السلام فقال لهم أبو جعفر : ما منع جباركم من أن يأتيني ؟ ! فعذَّروه عنده ، فقال عند ذلك أبو جعفر : أما والله لا تذهب الليالي والأيام حتى يملك ما بين قطريها ، ثم ليطأن الرجال عقبه ، ثم لتذلن له رقاب الرجال ، ثم ليملكن ملكاً شديداً ، فقال له داود بن علي : وإن ملكنا قبل ملككم ؟ قال : نعم يا داود إن ملككم قبل ملكنا وسلطانكم قبل سلطاننا . . . الخ ) .

[6] في كامل الزيارات لابن قولويه رحمه الله ص 233 : ( حدثني الحسين بن محمد بن عامر ، عن أحمد بن إسحاق بن سعد ، عن سعدان بن مسلم ، عن عمر بن أبان ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كأني بالقائم عليه السلام على نجف الكوفة وقد لبس درع رسول الله صلى الله عليه وآله فينتفض هو بها فتستدير عليه فيغشيها بخداجة من إستبرق ، ويركب فرساً أدهم بين عينيه شمراخ ، فينتفض به انتفاضة ، لا يبقى أهل بلد إلا وهم يرون أنه معهم في بلادهم ، فينشر راية رسول الله صلى الله عليه وآله عمودها من عمود العرش وسائرها من نصر الله ، لا يهوي بها إلى شئ أبداً إلا هتكه الله . فإذا هزها لم يبق مؤمن إلا صار قلبه كزبر الحديد ، ويعطى المؤمن قوة أربعين رجلاً ، ولا يبقى مؤمن إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره ، وذلك حين يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم ، فينحط عليه ثلاث عشر آلاف ملك وثلاثمائة وثلاث عشر ملكاً .

قلت : كل هؤلاء الملائكة ؟ قال : نعم ، الذين كانوا مع نوح في السفينة ، والذين كانوا مع إبراهيم حين ألقي في النار ، والذين كانوا مع موسى حين فلق البحر لبني إسرائيل ، والذين كانوا مع عيسى حين رفعه الله إليه ، وأربعة آلاف ملك مع النبي صلى الله عليه وآله مسومين ، وألف مردفين ، وثلاثمائة وثلاثة عشر ملائكة بدريين ، وأربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين عليه السلام فلم يؤذن لهم في القتال ، فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة ، ورئيسهم ملك يقال له : منصور ، فلا يزوره زائر إلا استقبلوه ، ولا يودعه مودع إلا شيعوه ، ولا يمرض مريض إلا عادوه ، ولا يموت ميت إلا صلوا على جنازته واستغفروا له بعد موته . وكل هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم عليه السلام إلى وقت خروجه ) .

وفي كامل الزيارات ص 352 : ( حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة ، عن العباس بن عامر ، عن أبان ، عن أبي حمزة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الله وكل بقبر الحسين عليه السلام أربعة آلاف ملك شعثاً غبراً ، فلم يزل يبكونه من طلوع الفجر إلى زوال الشمس ، فإذا زالت الشمس هبط أربعة آلاف ملك وصعد أربعة آلاف ملك ، فلم يزل يبكونه حتى يطلع الفجر ويشهدون لمن زاره ويشيعونه إلى أهله ، ويعودونه إذا مرض ، ويصلون عليه إذا مات ) .

وفي كامل الزيارات أيضاً ص 353 : ( حدثني محمد بن جعفر ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن القاسم ، عن عمر بن أبان الكلبي ، عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : هبط أربعة آلاف ملك يريدون القتال مع الحسين عليه السلام فلم يؤذن لهم في القتال ، فرجعوا في الاستيذان ، فهبطوا وقد قتل الحسين عليه السلام فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة ، رئيسهم ملك يقال له منصور ، فلا يزوره زائر إلا استقبلوه ، ولا يودعه مودع إلا شيعوه ، ولا يمرض مريض إلا عادوه ، ولا يموت إلا صلوا على جنازته واستغفروا له بعد موته . وكل هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم عليه السلام ) .

وفي كمال الدين للصدوق رحمه الله ص 671 : ( وبهذا الإسناد ، عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : كأني أنظر إلى القائم عليه السلام على ظهر النجف ، فإذا استوى على ظهر النجف ركب فرساً أدهم أبلق بين عينيه شمراخ ، ثم ينتفض به فرسه فلا يبقى أهل بلدة إلا وهم يظنون أنه معهم في بلادهم ، فإذا نشر راية رسول الله صلى الله عليه وآله انحط إليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثة عشر ملكاً كلهم ينتظر القائم عليه السلام ، وهم الذين كانوا مع نوح عليه السلام في السفينة ، والذين كانوا مع إبراهيم الخليل عليه السلام حيث ألقي في النار ، وكانوا مع عيسى عليه السلام حيث رفع ، وأربعة آلاف مسومين ومردفين ، وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكاً يوم بدر ، وأربعة آلاف ملك الذين هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي صلى الله عليه وآله فلم يؤذن لهم فصعدوا في الاستيذان ، وهبطوا وقد قتل الحسين عليه السلام فهم شعث غبر يبكون عند قبر الحسين عليه السلام إلى يوم القيامة . وما بين قبر الحسين عليه السلام إلى السماء مختلف الملائكة ) .

وفي غيبة النعماني : ص 309 : ( أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال : حدثنا علي بن الحسن التيملي قال : حدثنا الحسن ومحمد ابنا علي بن يوسف ، عن سعدان بن مسلم ، عن عمر بن أبان الكلبي ، عن أبان بن تغلب قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : -

كما في رواية كامل الزيارات الأولى بتفاوت يسير ، وفيه : . . عليه خوخة من إستبرق . . انتفضت به حتى تستدير عليه ، ثم يركب فرساً أبلق أدهم . . شمراخ بين . . قلت : مخبوءة أو يؤتى بها ؟ قال : بل يأتيه بها جبرئيل ، يهبط تسعة آلاف ملك . . صعدوا إلى السماء . . فهبطوا إلى الأرض وقد قتل . . ) .

وفي غيبة النعماني : ص 310 : ( أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس قال : حدثنا محمد بن جعفر القرشي قال : حدثنا أبو جعفر الهمداني قال : حدثنا موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي ، عن عمر بن أبان الكلبي ، عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : - كما في رواية كامل الزيارات الأولى بتفاوت ، وفيه : . . إذا استوى على ظهر النجف لبس . . الأبيض . . أدهم أبلق . . من عمد عرش الله . . قلت : أمخبوٌّ هي أم يؤتى بها ؟ قال : بل يأتي بها جبرئيل عليه السلام . . أشد من زبر الحديد . . مؤمن ميت . . فرجعوا في الإستيمار . . ) .

وفي دلائل الإمامة ص 243 - كما في رواية النعماني الثانية بتفاوت ، بسنده إلى أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه السلام : -

وفي العدد القوية ص 74 - أوله ، كما في رواية كامل الزيارات الأولى بتفاوت ، مرسلاً عن الصادق عليه السلام .

وفي إثبات الهداة : 3 / 493 - ملخصاً ، عن كمال الدين .

وفي : ص 530 / 531 - ملخصاً ، عن رواية كامل الزيارات الأولى ، وقال : ورواه ابن طاووس في مصباح الزائر نقلاً عن مزار ابن قولويه ، مثله .

وفي البحار : 11 / 69 - عن النعماني ملخصاً . وفي : 14 / 339 - بعضه ، عن كمال الدين . وفي : 45 / 226 - بعضه ، عن رواية كامل الزيارات الثانية . وفي : 52 / 325 - عن كمال الدين وفي : ص 328 - عن رواية كامل الزيارات الأولى ، وأشار إلى مثله عن روايتي النعماني . وفي : ص 391 - عن العدد القوية .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.