أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-21
977
التاريخ: 2024-10-03
270
التاريخ: 2024-07-20
520
التاريخ: 2024-04-16
951
|
لقد كانت السنة المرعية حتى عهد «إخناتون» أن يُحال كل موظف حربي إلى المعاش بما في ذلك القائد الأعلى للجيش، إذا كان من غير البيت المالك. غير أن الفرعون لم يترك أصحاب الكفاءات منهم يتقاعدون نهائيًّا، فقد كان يوجد للكفء منهم عملًا مفيدًا في وظيفة ما من الوظائف التي تليق برجل عظيم حنكته التجارب، وضحى بثمرة حياته في خدمة بلاده والذود عن حياضها، فكان القائد مثلًا يعين بعد تقاعده عن العمل في الجيش في وظيفة «مدير أملاك»، وغالبًا ما كان يعين مدير أملاك الفرعون نفسه، أو مدير أملاك إحدى نساء البيت المالك، وبذلك يصبح وفي يده وظيفة تشعر بالثقة في شاغلها، وأحيانًا كان يعين الواحد منهم مديرًا لأملاك المعبد، ويتساوى في هذا معبد الإله أو معبد الفرعون نفسه، وهذا المركز كان يستمد سلطانه من الحكومة التي تضمن من جانبها للموظف المتقاعد معيشته المادية، فتجعل له دخلًا يضمه إلى معاشه. وبهذه الطريقة كانت الحكومة تضم دخل المعابد فتستولي على بعض رأس المال الذي كان محجوبًا عنها اغتصابًا. ففي عهد «إخناتون» كان مدير أملاك الفرعون هو القائد (با-آتون (1) -محب) وكان القائد «معي «(2) مدير أملاك «بيت آتون»، كما كان في الوقت نفسه «مدير أملاك معبد رع» في عين شمس. وكان «أمنحتب بن حبو» في آخر مجال حياته مدير أملاك أكبر بنات «أمنحتب الثالث» «سات آمون» وهي التي قد تزوجت من والدها كما تقص علينا النقوش، وبذلك بقي «أمنحتب بن حبو» مدير أملاكها بعد زواجها (3). وكان يدير أملاك الملكة «تي» زوج «أمنحتب الثالث» كاتب حربي يُدعى «نخت مين «(4). أما في إدارة أملاك المعابد فكان يتولى شئونها القائد «سا إست «(5) بوصفه مديرًا لمعبد الإله «أوزير» في عهد «أمنحتب الثالث» بالعرابة. وكذلك كان يتولى نفس الوظيفة في المعابد الجنازية لكل من الفرعون «أحمس» و«تحتمس الثالث» ثم «تحتمس الرابع»، وكان «رع-مسو» قائد الفرعون «إخناتون» مديرًا لمعبد «أمنحتب الثالث» الجنازي (6) وكذلك كان «أمنمأبت» قائد الفرعون «حور محب» مديرًا لمعبد «تحتمس الثالث«(7)، وقد ثبت أنه حتى كاتب الجنود «سبك نخت« (8) كان يشغل وظيفة «مدير أملاك معبد آمون»، ولكن هذا العمل كان فريدًا في بابه في خلال الأسرة الثامنة عشرة، فقد كانت العادة أن يُعين الموظف الحربي القديم بعد انتهاء مدة خدمته في الجيش العامل في وظيفة إدارية، وقد بقي هذا النظام متبعًا إلى عهد الرعامسة؛ إذ ذُكر لنا في ورقة «هرس» رقم 1 أن أملاك المعبد كانت تحت إدارة رجال من قواد الجيش الذين أُحيلوا إلى المعاش (9)،ومن الغريب المدهش أن الوظائف التي كان يتولى إدارتها المتقاعدون من الموظفين الحربيين لم تكن ذات أهمية كبيرة. وتدل الظواهر على أن المصالح الحكومية والإدارات التي كان فيها للتعليم أو التخصص وشرف المحتد شأن كان يُقصى عنها المتقاعد، ولم يشذ عن هذه القاعدة إلا «حور محب» كاتب المجندين في عهد «تحتمس الرابع»، فقد كان على اتصال وثيق بالبيت المالك؛ إذ عيَّنه سيده «تحتمس الرابع «(10)، مربيًا لإحدى بناته، ورقاه في الوقت نفسه على ما يظهر إلى رتبة «قائد فرسان»؛ إذ كان يجد فيه خادمًا مخلصًا؛ فهو الذي قاد جيوش الفرعون لمحاربة كهنة «آمون» لأول مرة. وقد وُصفت هذه الحروب على إحدى لوحات الحدود التي أقامها «إخناتون» على تخوم بلدة «إختاتون» عاصمته الجديدة، غير أن هذا النقش قد وصل إلينا مع الأسف مهشمًا، ولم يبقَ منه إلا بعض كلمات تمكننا أن نتلمس منها ما كان يقصده هذا الفرعون (11) «… أعمال الكهنة لا بد كانت أقبح مما سمعت «إخناتون» في العام الرابع، وكانت أقبح مما سمعت عام (…) وكانت أقبح مما سمع «أمنحتب الثالث»، بل كانت لا بد أقبح مما سمعه الفرعون «تحتمس الرابع «(12) «. ويُفهم من هذه الجمل المبتورةِ الأدوارُ التي تقلب فيها النزاع بين الفرعون وبين رئيس كهنة «آمون» في خلال الأسرة الثامنة عشرة، إن هذا الخلاف بدأ في عهد «تحتمس الرابع»، وقد كان هذا الكاهن الأعظم يُلقب برئيس كل كهنة آلهة الوجه القبلي والوجه البحري (13). على أننا لا نعلم بالضبط من النقوش مقدار نفوذ هذه الوظيفة؛ لأنه لم يصل إلينا نص صريح في ذلك، ومع ذلك يمكن القول بأن صاحبها كان يسيطر على وظائف الكهانة في طول البلاد وعرضها، وعلى مرافق الكهان الحيوية والاقتصادية في كل مقاطعات القطرين، وكانت هذه الوظيفة حتى عهد «تحتمس الرابع» في يد رئيس كهنة «آمون» في «طيبة»، ولكن لما أعلن هذا الفرعون الحرب على الكاهن الأعظم وانتصر عليه واستولى على هذه الوظيفة وقلدها «حور محب» كاتب المجندين، ومربي الأميرة ابنة الفرعون لما كان يعهده فيه من الإخلاص والولاء. ومن ذلك يتضح أن الفرعون قد عاد ثانية، واتخذ من موظفي الجيش رجلًا من المخلصين له يقوم بأعباء هذه الوظيفة الخطيرة. على أن تولي «حور محب» منصب رئيس كهنة القطرين لم يُنْهِ الحرب بين البلاط والكهنة؛ إذ أعادها ثانية «أمنحتب الثالث» للكاهن الأعظم للإله «آمون» (بتاح مسو) (14) ولكنه لم يلبث أن نزعها مضطرًّا من كهنة «آمون» ثانية، كما لمح بذلك «إخناتون» في لوحة الحدود السالفة الذكر، وقلَّدها هذه المرة الكاهن الأعظم للإله «بتاح» بمنف، وهو «تحوتي مسو» ابن «بتاح مسو« (15) السابق الذكر، وكان يرمي من وراء ذلك أن يبعد هذه الوظيفة عن كهنة «آمون» بطيبة مقر حكمه؛ وبذلك يستريح باله من مناوآتهم ومشاركتهم إياه السلطة. وسنرى فيما بعد أن هذا الفرعون أقصى كذلك «مدير البيت العظيم» للأملاك الفرعونية عن مقر ملكه، وجعل مركزه «منف» عندما شعر بازدياد سلطانه ونفوذه في العاصمة؛ لذلك نجد أن «مدير البيت العظيم» للأملاك الفرعونية «أمنحتب» ثم «إبي» من بعده كان يتكلم في صراحة عن مقر وظيفته في «منف»، ومن ثم أصبح نفوذ هذه الوظيفة محدودًا. أما منصب رئيس كهنة كل القطرين فقد عادت بلا شك في أواخر عهد «أمنحتب الثالث» إلى «طيبة» وكان يديرها الوزير «رعموسي «(16). وخلاصة ما سبق ذكره عن مجال حياة الموظف الحربي وما كان يقوم به من الأعمال بعد التقاعد؛ أنه كان لا يُعد في سلك كبار الموظفين، وإن كان صاحب سلطان مدة خدمته العسكرية، ولا يمكن التقليل من شأنه، غير أنه عندما كان يترك العمل في الجيش لم يكن يُقلد وظيفة ذات نفوذ محس؛ وذلك لأنه لم يكن من فئة الموظفين الذين كانت تُسند إليهم وظائف ذات نفوذ في البلاط الفرعوني أو الذين كان لهم قوة عظيمة خارج حدود وظيفتهم في أواخر الأسرة الثامنة عشرة، مما يمهد لهم الطرق للاستئثار بالسلطة لأنفسهم؛ لذلك كان يلزم للوصول لجمع كل السلطة والقبض على زمام الأمور في البلاد صنف آخر من رجال الجيش، وهؤلاء هم رجال الجيش العامل.
.............................................................
1- راجع: Davies, “El Amarna”, V, p. 15
2- راجع: Ibid. V, p. 1.
3- راجع: Legrain, “Statues” , No. 42127
4- راجع: Louvre, C. 203
5- راجع: “Mitt. Deutsch. Inst. Kairo”, VI, p. 38.
6- راجع: Davies, “El Amarna” , V, p. 21, 22 .
7- راجع: Ranke, A. Z., LXVII, p. 78 .
8- راجع: “Rec. Trav.” IV, p. 132.
9- راجع: Pap. Harris I, 61a, 12; 61b, 1-2; “Kees”, A. Z., LXXIII, p 86; A. S., XI, p. 172 (XIX Dynasty).
10- راجع: Bouriant, “Mem. Miss. Arch. Franç.” V, p. 413-434
11- راجع: Davies, Amarna, V, p. 28ff. Line 20, 21; A. Z. LV, p. 4
12- راجع: Davies, Amarna, V, p. 28ff. Line 20, 21; A. Z. LV, p. 4
13- راجع: A. Z., LXVII, p. 7; LXXII, p. 68
14- راجع: A. Z., LXXIII, p. 60
15- راجع: A. Z., LXVII, p. 7
16- راجع: Weil, “Die Veziere des Pharaonen reiches”, p. 86
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|