آليات مقاومة الحشرات للمبيدات المايكروبية

Insect Resistance To Microbial Insecticides

تتوفر اليوم العديد من مبيدات الحشرات الفايروسية والبكتيرية والفطرية والديدان الثعبانية المجهزة كمبيدات مايكروبية والمستخدمة في مكافحة الآفات الحشرية على المحاصيل المختلفة، هذا الاستخدام ادى ايضاً إلى ظهور سلالات حشرية مقاومة للمبيدات المايكروبية تخضع لنفس اليات مقاومة الحشرات لمسببات الامراض الحشرية في الطبيعة، وذلك لان عدداً كبيراً من انواع الفايروسات والبكتريا والفطريات والبروتوزوا والديدان الثعبانية تتمكن وبنجاح من اختراق جسم الحشرة واجتياحها لتجويف الجسم حيث تتغذى على محتويات الدم وبما يمكنها من ايجاد طريقها مباشرة إلى بعض انسجة واعضاء الجسم المختلفة ومع ذلك فان الحشرات كبقية الحيوانات الأخرى تستجيب لمثل هذه الحالات وتتصدى لها عن طريق اليات ونظم المقاومة التي تمتلكها والتي يمكن تقسيمها إلى ما يأتي:

اولا) المقاومة السلوكية Behavouristic Resistane

ان سلوكية العديد من المجاميع الحشرية وعاداتها التغذوية يمكن ان توفر لها الحماية النسبية ومقاومة العديد من الممرضات الحشرية والمبيدات المايكروبية عن طريق تجنب التعرض لها حيث إن التغذية داخل الانفاق من قبل صانعات الانفاق Leaf miners أو الممرات Galleries كما في الارضة أو الحفر في انسجة النبات من قبل حفارات السيقان والتعذير في اماكن مخفية، جميع هذه السلوكيات تشكل مهارات سلوكية تمكن الحشرات من مقاومة الممرضات الحشرية.

ثانياً) المقاومة الفسلجية Physiologcal Resistance

وهي مجمل الاحداث التي تجابه الممرضات الحشرية من لحظة تماسها لجليد الحشرة ولحين موت الحشرة أو نجاتها من الموت ولعل من اهم هذه الاحداث ما يأتي:

1- اختراق الحواجز الخارجية

External Barriers Penetration

وتشمل ما يأتي:

أ) جدار الجسم Integument: ويعد من أكبر الاعضاء من الناحية البنائية في جسم الحشرة ويشكل أكبر قدر من التحورات التركيبية والوظيفية كما يضم قدر من التحورات في الكيوتكل والبشرة الداخلية والغشاء القاعدي التي تشكل حاجزاً فيزيائياً وحيوياً مهماً ضد اختراق الممرضات الحشرية لهذا الحاجز وان سمك جدار الجسم وعدد الثغور التنفسية والاغشية بين العقلية وتلك المحيطة بالزوائد المرتبطة بجدار الجسم وان الحشرات ذات الجدار السميك وذات الثغور التنفسية القليلة تكون أكثر مقاومة للممرضات الحشرية.

ب) الشعر الكاسي لجدار الجسم Clothing Hair:

ان للعديد من اليرقات التابعة لرتبة حرشفية الاجنحة مثل دودة أوراق التين Ocnerogyia amanda ودودة الربيع الناسجة Ocnogyna loewii شعر كثيف يكسو اجسامها قد يحد من فرص الممرضات في التطفل على تلك اليرقات.

ت) الافرازات الشمعية والقشرية Wax Secretion and Scale:

تفرز العديد من حشرات نصفية الاجنحة افرازات شمعية تغطي معظم مناطق الجسم، فأنواع البق الدقيقي ومن التفاح القطني وحوريات البسليد والافرازات القشرية كما في حشرات عائلة Diaspididae حيث توفر هذه الافرازات الحماية المطلوبة من الممرضات الحشرية.

2- اجتياح الدفاعات الخلوية Celluler Defence Invasion

ان نجاح الممرضات الحشرية في تجاوز الدفاعات الخلوية سيؤدي إلى موت الحشرات، وان تمكن الدفاعات الخلوية الحشرية من تحطيم الممرضات الحشرية سيؤدي بالحشرة إلى النجاة من الموت واعتبارها مقاومة للممرضات الحشرية، ومن اهم الدفاعات الخلوية في الحشرات ما يأتي:

أ- الالتهام Phagocytosis: - وهو عملية احاطة ثم هضم وتدمير الممرضات الحشرية التي تمكنت من الوصول إلى هيموليف الحشرة هذه العملية تتم مع الممرضات وحيدة الخلية والتي لا يتعدى قطرها 100 نانوميتر من قبل خلايا الدم الملتهمة ويشبه فعلها فعل الاميبا عند تناولها الغذاء. وقد اظهرت الدراسات ان هضم الممرضات من قبل خلايا دم الحشرات يمكن ان يتم بواسطة ثلاثة طرائق هي: -

• طريقة تكوين الحويصلات أو الاكياس الملتهمة : Pinocytotic Vesicle

وتحدث في غشاء الخلية التي تلتهم السوائل الحاوية على الاجسام الغريبة وقد لوحظ تكون مثل هذه الحويصلات في خلايا الدم لعدة انواع من الحشرات.

• طريقة تكوين الأقدام الكاذبة Pseudopoda وفيها يتم احاطة المسبب المرضي عن طريق امتدادات انبوبية تكونها خلايا الدم تعرف بالأقدام الكاذبة مكونة فجوة لا يزيد قطرها عن 1-1.5 مايكرون.

• طريقة التلامس القريب Close Contact: وذلك عن طريق حدوث امتداد في غشاء البلازما نحو المسبب المرضي والذي يقود في النهاية إلى تناول الاجسام الغريبة مباشرة إلى داخل سايتوبلازم الخلية بواسطة عملية الانتشار.

ب) الكبسلة Encapsulation: وتسمى ايضاً التكيس Encystment والكبسولة عبارة عن غطاء يكونه العائل حول المسبب المرضي وبذلك تعد الكبسلة احد وسائل الدفاعات الخلوية المهمة في الحشرات ضد الممرضات متعددة الخلايا والتي لا يمكن لخلية دم واحدة التهامها ان الغالبية العظمى من الانواع الحشرية التي درست فيها الكبسلة وجد انها تعمل على احاطة المسبب المرضي بواسطة الكبسولة الخلوية Cellular Capsule عن طريق التصاق خلايا الدم مع بعضها بشدة حول الممرض المستهدف مكونة نسيجا متماسكا من الخلايا يتراوح سمكه حوالي 50 خلية أو اكثر وفي كثير من الانواع تخضع الكبسولة الداخلية لعمليات الملننة Melanization. والكبسولات على نوعين هما: -

الكبسولة الخلوية Cellular Capsule: تتشابه الكبسولة الخلوية من حيث التركيب الأساسي لها في الانواع المختلفة من الحشرات الا انها قد تتباين في المظهر الخارجي والحجم تبعاً لنوع الحشرة ونوع وحجم المسبب المرضي في حالة المسبب المرضي النشط مثل الديدان الثعبانية تحدث عملية الملننة للجدار الداخلي للكبسولة الملاصق للنيماتودا. يكتمل تكوين الكبسولة الخلوية في يرقة فراشة الطحين خلال 72 ساعة وبعد موت المسبب المرضي، فان العديد من خلايا الدم المكونة للكبسولة الخلوية تنسحب تجاه مجرى الدم.

الكبسولة الغمدية Sheath Capsule: وتتركب من غلاف بني صلب مزود بطبقات قليلة نوعا ما من خلايا وهي ارق بكثير من الكبسولة الخلوية اذ ان سمكها لا يتعدى 25 مايكرون وتتكون هذه الكبسولة عن طريق تجمع الخلايا حول المسبب المرضي ثم تنتشر فيما بعد لتكون طبقة رقيقة من الخلايا تحيط بالمسبب المرضي، بعدها تتحول هذه الخلايا وبسرعة إلى طبقة متجانسة بنية اللون صلبة القوام تلتصق بشدة بالممرض الحشري وعليه فان الكبسولة الغمدية تتميز فقط برقة جدارها وسرعة تطور الطبقة الصبغية فيها مقارنة بالكبسولة الخلوية.

ت) تكوين العقد Nodule Formation : ان هذا النوع من الدفاعات الخلوية يلعب دوراً مهماً ضد الكائنات الدقيقة الممرضة للحشرات والتي تتكون أو توجد على شكل مجاميع في تجويف دم الحشرة، ويعتقد الباحثون بان تكوين العقد هو مزيج من الالتهام والكبسلة معاً حيث تتسلل خلايا الدم إلى المجاميع البكتيرية أو الفايروسية وتتجمع حولها ثم يباشر قسم منها بابتلاع تلك الممرضات بينما تتفلطح خلايا الدم الاخرى لتحبط مجاميع الممرضات كما في عملية الكبسلة، ويعتقد العديد من الباحثون ان تكوين العقد هو مهمة خلايا الدم المتجولة Circulating Haemocytes المختصة بالالتهام والكبسلة. ان حجم العقد المتكونة يعتمد على النوع الحشري وعلى حجم تجمعات الممرضات الحشرية الموجودة في تجويف الجسم، وبعد ان تقوم العقد بالقضاء على الممرضات الحشرية فان العقد الصغيرة تتحلل في النهاية وتختفي من الجسم، اما الكبيرة منها وخاصة المختلفة منها فقد تبقى خلال مراحل حياة الحشرة وقد تتصل بعض العقد احياناً ببطانة التجويف الجسمي بصورة دقيقة ثم تطرح خارجه عند تشقق طبقة الكيوتكل التي تقع فوقها اثناء الانسلاخ أو عند التئام جروح طبقة الكيوتكل واستبدال التالفة منها بأخرى جديدة.

ثانياً) منظومات إزالة السمية Detoxification Systems

تمتلك الحشرات العديد من المنظومات الحيوية التي تتمكن بواسطتها من ازالة سمية التوكسينات التي تطلقها المسببات المرضية في اجسام الحشرات وتحويلها إلى مركبات غير سامة ومن اهم المنظومات والاليات المستخدمة في ازالة السموم من جسم الحشرة ما يأتي:

منظومة الانزيمات مختلطة الوظيفة Mixed Function oxidases

حيث تعمل انزيمات هذه المنظومة ومنها انزيمات الـ Cytochrome P450 على تحويل السموم اللاقطبية إلى مركبات قطبية يسهل طرحها خارج الجسم ومنها.

• انزيمات التحلل المائي Hydrolysis Enzymes

• انزيمات الاكسدة والاختزال Oxidase & Reduction E

• انزيمات نقل الكلوتاثيون Glutathion Transferase

• التحسس للسموم Poison Sensitivity

• الفعاليات الأيضية Metabolism Activites

• الإخراج Excretion

ان الحصيلة النهائية لفعاليات تلك المنظومات تكون باتجاه ازالة سمية المركبات السامة في الحشرات المقاومة للسموم الحيوية (Toxins) فيما تكون الحصيلة النهائية لفعاليات تلك المنظومات في تنشيط وزيادة فاعلية السموم الحيوية في الحشرات الحساسة.

4- المضادات الحيوية الحشرية Insect Antibiotics:

دراسات حديثة اشارت إلى قدرة العديد من الانواع الحشرية على انتاج مضادات حيوية في مناطق الجروح التي تتعرض لها الحشرات لحماية الجروح من التلوث بالجراثيم وهناك اليوم عمل مكثف حول امكانية تشخيص تلك المضادات وانتاجها من الحشرات.

كفاءة الدفاعات الخلوية الحشرية: Insects Cellular Defense Efficiency

اولاً) كفاءة عملية الالتهام: Phagocytosis Efficiency

إن كفاءة عملية الالتهام يمكن دراستها من خلال ما يأتي: -

1) قدرتها في ازالة الممرضات من الدم ان كفاءة عمليات الالتهام في ازالة الممرضات بعد دخولها تجويف الجسم حشرة يمكن قياسها بالطريقة الاتية: -

أ-) قياس متوسط عدد الممرضات الملتهمة من قبل خلايا الدم في احدى الدراسات وجد ان عدد عصيات التدرن التي التهمت من قبل خلية الدم الواحدة تراوح بين 40-30 عصية خلال 24 ساعة من عملية حقنها داخل جسم الحشرة.

ب-) قياس نسبة عدد خلايا الدم الملتهمة للممرض مقارنة بالعدد الكلي: هذه الطريقة تسمى ايضاً بدليل الالتهام Phagocytic Index وقد وجد ان 50% من مجموع عدد خلايا الدم المتجولة ليرقة Pseudoletia شاركت في عملية الالتهام بعد حقن اليرقة بجرع عالية من بكتريا الـ Bacillus thuringiensis وان 90% من خلايا الدم البلازمية الدقيقة ساهمت في تلك العملية.

ث-) قياس اعداد الممرض غير الملتهمة تعتمد هذه الطريقة على قياس سرعة نقاء الدم من الممرض، حيث وجد أن جميع البكتريا العنقودية Staphyllococcus التي تم حقنها داخل يرقة دودة الشمع تم ازالتها من الدم خلال خمسة ساعات.

2) قدرتها في دحر الاصابة المرضية Overcoming Infection

ان تحديد هذه القدرة يمكن ان يتم من خلال معرفة ما يأتي: -

أ- ما هي احتمالية عمليات غزو الممرضات لتجويف الجسم: - ان الاصابة المباشرة لتجويف جسم الحشرة من خلال هيكلها الخارجي غالبا ما تكون محدودة في الطبيعة وتحدث فقط عن طريق الجروح أو بواسطة بعض الفطريات التي تمتاز بقدرتها على اختراق هيكل الحشرة الخارجي، الا ان الطرائق الأكثر شيوعاً في اصابة الحشرات بالمسببات المرضية تحدث عن طريق الفم أو القناة الهضمية اثناء تناول الحشرة غذاءها ويهمنا هنا تلك المسببات التي تتمكن من اختراق جدار القناة الهضمية إلى تجويف جسم العائل، وتعد البكتريا المكونة للسبورات والتي تعود لعائلة Bacillaceae من اهم الانواع البكتيرية في اصابة الحشرات، ومنها الانواع Bacillus cereus و B. thuringiensis.

ب- ما هي نسبة قتل الممرض بواسطة الالتهام والتي تحقق النقاوة من المسببات المرضية:

ان عملية الالتهام توفر الحماية لعدد كبير جداً من الحشرات ضد الانواع البكتيرية الموجودة في القناة الهضمية سواء كانت ممرضة أو غير ممرضة. ويلعب الالتهام دوراً دفاعياً مهماً في الحشرات ضد الاصابات الفايروسية والتي يزداد تأثيرها مع تقدم عمر اطوار الحشرة، فالعمر الأول من يرقات حرشفية الاجنحة تكون أكثر حساسية للإصابة بفايروسات البولي هيدروسيز السايتوبلازمية Cytoplasmic Polyhedrosis Virus من يرقات العمر الثاني.

ثانياً) كفاءة عملية الكبسلة Capsulation Efficincy

الكبسلة هي رد فعل دفاعي ينحصر تأثيرها في الكائنات الحية متعددة الخلايا مثل النيماتودا والبروتوزوا والفطريات والتي يصعب على خلايا الدم التهامها. وتعمل الكبسولة على حجز المسبب المرضي داخلها ومنع الاوكسجين عنه ليموت اختناقاً داخل الكبسولة، كما تعمل الكبسلة على حرمان الممرض من تناول المواد الغذائية اللازمة لنموه وتطوره داخل العائل.

ان الطرائق المستخدمة في تقييم كفاءة عملية الالتهام يمكن استخدامها لتقييم كفاءة عمليتي الكبسلة وتكون العقد ايضاً.