مقاومة الأعداء الحيوية للمبيدات
المؤلف:
د. زيدان هندى عبد الحميد ود. محمد ابراهيم عبد المجيد
المصدر:
الاتجاهات الحديثة في المبيدات ومكافحة الحشرات (الجزء الثاني)
الجزء والصفحة:
الجزء الثاني ص 518-522
2025-07-27
562
مقاومة الأعداء الحيوية للمبيدات
Natural enemy resistance to pesticides
بعد ظهور حالات مقاومة مفصليات الأرجل لفعل المبيدات ( مثل الـ د.د.ت ) ، ذكر علماء الحشرات أن هناك إمكانية كبيرة لحدوث نفس الظاهرة في الأعداء الحيوية لمفصليات الأرجل ، حيث تظهر مقاومة لفعل المبيد الذي تتعرض له الآفة . وقد أمكن في بداية الخمسينات انتخاب طفيل البراكون الذي يتطفل على فراشة الثمار الشرقية Grapholitha molestan ، باستخدام الـ د.د.ت لمدة 70 جيلاً . ، وذلك لمعرفة مدى إمكانية مقاومة الطفيل لفعل الـ د.د.ت ، وبعد 6 سنوات من الضغط الانتخابي بتعريض 3 مليون حشرة معاملة ، لم يصل مستوى المقاومة إلى أكثر من 12 ضعفاً . وحينما توقف الانتخاب بالـ د.د.ت ، انعكست المقاومة وعادت الحشرة إلى حساسيتها الأصلية بعد عدة أجيال .
ولعل فشل دبور البراكون في إظهار المقاومة صورة أخرى لما تم تكراره على حشرات أخرى في تجارب المعمل خلال الفترة من 1955 – 1970 . ولا توجد حتى الآن تقارير مؤكدة تشير إلى إمكانية مقاومة الأعداء الحيوية للمبيدات تحت الظروف الحقلية . وفى عام 1970 أظهرت بعض التقارير قدرة المفترسات phytoseiid mites ، وهي Amblyselas Fallacis ، Typhlodromus coccidentalis على مقاومة المبيدات الفوسفورية . وقد قضى على عدد كبير من هذه المفترسات في حدائق التفاح ، حينما استخدمت هذه المبيدات لمكافحة فراشة التفاح Lapeyresin pomonella ، وغيرها من الآفات الخطيرة ، إلا أنها ظهرت مرة ثانية ، وتمكنت من الحياة بعد المعاملة بالمبيدات الفوسفورية العضوية . وقد تم في السنوات الأخيرة عزل هذه السلالات المقاومة ، واستخدامها في برامج التحكم المتكامل للآفات (IPM) في مناطق زراعة الفاكهة .
1 - خصائص المقاومة Characterization of resistance
أجريت دراسات السمية ، والمقاومة الوراثية ، والمقاومة المشتركة على مفترس Phytoseiid mites ، وقد أظهرت النتائج المقاومة المشتركة لمفترسات F. pyri ، F.occidentalis ، A.falacies ، A.chionensis لسبعة مركبات استخدمت لمكافحة آفات الفاكهة . ويمكن القول بأن المفترسات الأربعة تختلف في مستوى مقاومتها ، وسميتها ، ومستوى مقاومتها المشتركة ، مما يوحى بوجود اختلافات متخصصة في هذه المفترسات .
2- سمية وتقنية المقاومة Toxicology and Mechanisms of resistance
درست تقنية المقاومة في عشيرتين من A. Fallacies المقاومة للـ Azinophos methyl ، وقد لاحظ Motoyama وآخرون عام (1971) أن السلالة المقاومة للمبيدات الفوسفورية تحلل مركب الأزينوفوس ميثايل بشكل أسرع من السلالة الحساسة . كذلك وجد أن معدل فقد الألكلة desalkylation لهذا المبيد قد بلغ حوالى 6 مرات في السلالة المقاومة ، كما زاد نشاط إنزيم الـ (Glutathione transferase (GSH حوالي 3 مرات . ولأن إنزيم (GSH) متخصص في إحلال الميثيل ، فإن هذا يؤكد أن الأكاروسات أقل مقاومة للمبيدات الفوسفورية العضوية التي تحتوى على الإيثيل إستر ، بالمقارنة بتلك التي تحتوي على ميثيل إستر. وتشير الدراسات إلى أن السلالات المقاومة من A. Fallacis ذات مقاومة مشتركة عالية جدا للمبيدات الفوسفورية العضوية التي تحتوي على مجاميع (O-methyl) .
3 ـ نظرية مقاومة الأعداء الحيوية للمبيدات
Theory of nafutal enemy to resistance to pesticides
هناك كثير من العوامل المؤثرة على معدل نمو المقاومة في عشائر مفصليات الأرجل ، حيث يمكن تقسيمها إلى عوامل وراثية ، وعوامل خاصة بالتطبيق . وهناك عاملان إضافيان قد يساهما في تفسير الاختلاف الواسع في مقاومة الآفة بالمقارنة بالأعداء الحيوية .
(أ) القيد أو التحكم الغذائي The food Limitation hypothesis
من العوامل المؤثرة في مقاومة الأعداء الحيوية للمبيدات هو أن هذه الكائنات تعتمد على عوائلها حتى تعيش وتتزايد بعد المعاملة بالمبيد الحشري . وقد يعمل المبيد على انتخاب جين متماثل (R) لكل من الآفة ، وعدوها الحيوي . ولكن الآفات الحية تملك إمداداً غذائيا وفيراً يتيح لها التكاثر والتزايد في العدد بينما تواجه الأعداء الحيوية الحية نقصاً في الضحايا والعوائل . ومع زيادة نسبة موت الآفة ، يجوع العدو الحيوي ، ولا يتمكن من إنتاج النسل، أو قد يهاجر خارج المنطقة المعاملة بالمبيد ليتزاوج ويتعايش مع أفراد أخرى غير مقاومة .
وقد درس الباحثان Morse & Croft عام (1980) فكرة القيود الغذائية في السلالات الحساسة لمبيد الأزينوفوس ميثايل من الأكاروس المفترس A. Fallacis ، وضحيته T. Urticae . كما أجريت مقارنة للعوامل البيولوجية الوثيقة الصلة بنمو ظاهرة المقاومة في كلا النوعين . ومن الملاحظ أن علاقة المفترس بالضحية لهذين النوعين تعتبر نظاماً نموذجيا لدراسة الدور الذي تحدثه كثافة الضحية على درجة تطور مقاومة المفترس بعد المعاملة بالمبيد . ويتشابه هذان النوعان في الحجم ، وعدد الأطوار ومدة التطور ، وكذا العوامل الداخلية التي تعمل على زيادتها . كما يوجد هذان النوعان على نفس السطح المعامل ، وتوجد جميع أطوارهما معاً على الرغم من أن لهذين النوعين وضعاً غذائيا مختلفاً ، وأغذية مختلفة ، كما أن حركة المفترس تكون أكثر اتساعاً من الضحية . وقد تكون زيادة حركة ونشاط المفترس عاملاً محدداً لتأثره بالمعاملة بالمبيد ، حيث إن إمكانية تعرضه للسم بالملامسة تكون أكبر نتيجة لدوام البحث عن ضحايا ، والتي تنخفض بشكل واضح بعد المعاملة الكيميائية .
وفى مقارنة أخرى بين هذين النوعين من خلال دراسة الخصائص التوكسيكولوجية والوراثية لهما ، والتي قد تؤثر على درجة مقاومتهما ، لوحظ اختلاف طرق تكاثرهما إلى حد ما ، واختلاف عدد الكرموسومات ، حيث إن العنكبوت الأحمر قد يعطى ذكوراً حتى مع عدم التزاوج ، بينما لا يستطيع المفترس ذلك .
وبمقارنة مدى تطور المقاومة في كل من المفترس ، والضحية بالانتخاب على نبات الفول الذي يتواجد عليه النوعان طبيعيا في الصوبات الزجاجية ، تراوح تعداد الأكاروس والضحية والمفترس من 410 إلى 610 في نفس وقت الرش . وعند رش المجموع الخضري باستخدام الأزينوفوس ميثايل 50٪ مسحوق قابل للبلل . وبعد مقارنة المعاملتين ، أظهر المفترس مقاومة لهذا المبيد بمستوى أسرع من الضحية ، وذلك عند انتخاب جزء من العشيرة لمدة 22 جيلاً .
وعندما أجرى انتخاب بجرعة تسبب موت بنسبة 75 %، أظهرت الضحية درجة من المقاومة أبطأ من التجربة الأولى . ويرجع ذلك إلى أن المعاملة لا تتم في كل جيل ، بل تتم عندما تصل الضحية إلى مستوى كثافة عددية مقاربة للظروف الحقلية . وتظهر المفترسات التي انتخبت على مستوى يقترب بدرجة 99٫9 ٪ من مستوى المقاومة أسرع عندما يتوفر الغذاء بالمقارنة بالضحية . وعندما تصل المفترسات إلى مستوى مقاومة الضحية ( بعد الانتخاب الثاني ) ، فإن استمرار الانتخاب لإظهار وتطور المقاومة يأخذ في البطء إلى نفس مستوى الضحية .
وهناك بعض العوامل البيئية الأخرى بخلاف القيود الغذائية ، والتي تؤثر على معدل نمو وثبات المقاومة في الأعداء الحيوية . وتشمل هذه العوامل معدلات النمو ، ومستوى التعريض ، بالإضافة إلى العوامل الوراثية . وهناك بعض الأعداء الحيوية ، مثل : Chrysopa ، والتي تتميز بالحركة الواضحة ، علاوة على تخصصها التطفلي غير الواضح . ومثل هذه الأنواع لا تكون مقاومة للمبيدات نظراً لقيودها الوراثية ، وكثرة حركتها ، وقلة تعرضها للمبيدات .
(ب) الاختلاف في الحساسية The differential susceptibility hypothesis
يقوم هذا الافتراض بغرض تفسير التعارض بين درجات الحساسية أو المقاومة في الآفات ، والأعداء الحيوية الخاصة بها . ويرجع ذلك إلى قدرة الآفات على التأقلم الطبيعي Preadaptation تجاه المبيدات المستخدمة عند مقارنتها بالمفترسات والطفيليات . وقد افترض جوردون Gordon عام (1961) أن يرقات بعض الحشرات كاملة التطور ، وعديدة العوائل تتحمل المبيدات نتيجة الضغط البيوكيميائي المرتبط بغذائها خلال فترة تطورها ( مكونات النبات الكيميائية الثانوية ) . كما لاحظ Krieger وآخرون عام (1971) ارتفاع نشاط إنزيم Aldrin epoxidase في أنسجة معدة يرقات حرشفية الأجنحة قليلة العوائل ، وذلك عند مقارنتها بالأنواع وحيدة العائل . كما ارتبط النشاط الإنزيمي لهذه الأنواع بالانتخاب الطبيعي لفقد سمية مكونات النبات الكيميائية الثانوية ، مثل : السيانيدات ، والروتينويدات ، والألكالويدات ..إلخ . كما لاحظ Bratsten وآخرون عام (1977) تنبه إنزيمات (MFO) في يرقات الحشرات عديدة العوائل ، مثل Spodoptera eridania بواسطة مكونات النبات الثانوية . وبعد استهلاك هذه المواد تكون اليرقات أقل حساسية للتسمم الغذائي . لذا .. فإن إنزيمات (MFO) قد تلعب دوراً هاما في حماية الحشرات التي تتغذى على النبات ضد معظم المواد الكيميائية .
وتطرح العلاقة بين قدرة الحشرات عديدة العوائل على هدم وفقد سمية المكونات النباتية الثانوية ، والمبيدات سؤالاً هاما عن موقف الطفيليات ، والمفترسات التابعة لمفصليات الأرجل . ومن المعروف أن فرصة الأعداء الحيوية في التعرض لمكونات النبات الثانوية تظهر بدرجة أقل إلحاحاً من الحشرات التي تتغذى على النبات ، ولذا فإن الأعداء الحيوية تظهر مستوى أقل من التأقلم الطبيعي تجاه المبيدات ، بالمقارنة بالحشرات التي تتغذى على النبات . وعند مقارنة السلالة الحساسة للأكاروس T writene الذي يتغذى على النبات ، والأكاروس المفترس A. facts لوحظ أن الضحية أقل حساسية بحوالي 2 - 20 مرة ، بالمقارنة بالمفترس تجاه معظم المبيدات الفوسفورية العضوية ، كما أنها أقل حساسية بحوالي 4 - 6 ، مرات بالمقارنة بالمفترس تجاه التوكسينات النباتية (النيكوتين) . ولنقل هذا الافتراض خطوة للأمام فإن المفترسات التي قد تكون ذات سلوك غذائي مختلط بين الحشرات ، والنبات قد تكون أقل حساسية للمبيدات من الطفيليات . وعموماً .. نجد أن الطفيليات أكثر تخصصاً من المفترسات ، وعليه .. فهي أقل تعرضاً للتوكسينات النباتية .
وتوضح المقارنات بين مستوى حساسية الآفة المغذاة على النبات ، وأعدائها الحيوية أن تدرج مستوى الحساسية تصاعديا يبدأ بالآفة ، ثم المفترس ، ثم الطفيل . وقد أظهرت بعض الدراسات الخاصة ، بنسبة تنشيط الكارباريل مع المادة المنشطة الببرونيل بيوتوكسيد ( مثبط إنزيم (MFO) أن الآفات أقل حساسية تجاه المبيد بمعدل حوالى 6 مرات عند مقارنتها بالمفترسات ، وبمعدل حوالى 16 مرة عند مقارنتها بالطفيليات . كما توضح نسبة التنشيط التي بلغت (1 : 5) أن متوسط نشاط إنزيم MFO في الآفات بمعدل 1,6 ، 2,1 مرة عن نشاطه في المفترسات والطفيليات على الترتيب .
ويمكن تفسير الاختلافات في حساسية الآفات ، والأعداء الحيوية ، والاختلافات بين المفترسات ، والطفيليات على أساس التباين بينهما في الأهمية النسبية لإنزيمات التحلل المائي ، وإنزيمات الأكسدة التي تؤدى لفقد السمية ، حيث إن مفصليات الأرجل التي تتغذى على النبات أو الحشرات قد تحتوى على إنزيمات التحلل المائي بكمية كافية لتمثيل الدهون ، والبروتين ، وغيرها من المواد الغذائية ، وكذلك المبيدات الحشرية التي تفقد سميتها بالتحلل المائي ، بينما تحتوى الأنواع التي تتغذى على النبات على كميات أكبر من نظم فقد السمية الخاصة بالأكسدة ، وقد يتم توجيه هذه النظم ناحية بعض مكونات النبات الثانوية ، مثل : الجوسيبول Gossypol في القطن . وإذا كان هذا هو الواقع والحقيقة ، فإن المبيدات الحشرية التي يتم تمثيلها بالتحلل المائي قد تكون أكثر المركبات الكيميائية قبولاً كمبيدات متخصصة في برامج المكافحة المتكاملة .
ويوضح افتراض اختلاف الحساسية دور إنزيمات MFO في تمثيل كل من مكونات النبات الثانوية ، والمبيدات الحشرية ، بينما تعتمد مقاومة مفصليات الأرجل لمعظم المبيدات الحشرية على نظم هدم أخرى ، مثل : إنزيمات التحلل المائي Hydrolases ، وناقلات الجلوتاثيون Glutathione transferases ، وانخفاض حساسية العضو المستهدف . ولم تزل المعلومات الخاصة بالنظم والتقنيات الخاصة بفقد السمية المرتبطة بمكونات النبات الثانوية غير كافية .
وخلاصة القول .. إنه لا يمكن تطبيق اقتراح فقد السمية المحدود كتفسير لاختلاف الحساسية الأولية للآفات المغذاة على النبات ، والمفترسات ، والطفيليات . وذلك عند دراسة مدى نمو وتطور ظاهرة المقاومة لهذه المجموعات . وحتى الآن لا توجد دراسات حول إثارة تحفيز إنزيمات MPO ، وغيرها من النظم الإنزيمية في المفترسات والطفيليات ، كما لا توجد دراسات حول معدلات تواجد ونشاط هذه الإنزيمات . وتحتاج هذه الدراسات إلى تقدير دور الغذاء في التأقلم الطبيعي لمفصليات الأرجل التي تتعرض للمبيدات.
من العرض السابق .. يمكن القول بأن افتراضات القيود الغذائية ، واختلاف الحساسية يجب أن تحتل موقعاً مرموقاً في الدراسات المستقبلية . ولا يوجد افتراض واحد يعطى تفسيراً كاملاً عن الاختلافات الملاحظة بين ظاهرتي الحساسية والمقاومة في مفصليات الأرجل المغذاة على النبات ، وبين أعدائها الحيوية التي تتغذى على الحشرات .
الاكثر قراءة في المبيدات الزراعية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة