المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

سباق الفضاء في الحرب الباردة
2023-06-03
genetic engineering in industry
2025-03-06
مع الخوارزميّ في مقتله قراءة في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزميّ
14/9/2022
العزم
30-7-2017
خصائص الضوء
17-9-2019
Hepatocellular carcinoma (liver cell cancer)
2025-03-08


نوافذ المعرفة  
  
1182   11:24 صباحاً   التاريخ: 2024-06-01
المؤلف : السيد الدكتور سعد شريف البخاتي
الكتاب أو المصدر : الثقافة العقليَّة ودورها في نهضة الشعوب
الجزء والصفحة : ص 73 ــ 76
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية العلمية والفكرية والثقافية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-29 1478
التاريخ: 20-4-2016 20276
التاريخ: 26-7-2016 2282
التاريخ: 25-1-2016 2864

قد يتدرب الفرد، بل المجتمع على نمط خاص من التفكير، فلا يجيد غيره، ولا يصغي إليه، أو لا يستطيع الاستفادة منه؛ لاستيناسه بالنمط الأول.

وهذا يختلف من شخص أو مجتمع لآخر، فرب شخصٍ اعتاد على النمط التجريبي، فهو يقيس المعرفة بمنهج التجربة، فكل شيءٍ قامت التجربة عليه أو يمكن تجربته، فهو مقبول عنده، وإن لم يمكن ذلك ألقى به جانبا، ورب شخص سلك طريقاً آخر من التفكير، فكل فكرة وثقافة لم يدعمها البرهان العقلي، فهي - بحسب نظره - من زخرف القول وتوافه الأفكار، بينما نجد صنفاً ثالثاً ينأى بنفسه عن كل ما لم تدوّنه. كتب النص الديني.

فالتفكير عندهم حرفي، فلا يرى إلا من خلال نظارة واحدة، تلقي بألوانها وظلالها على ناظره، فيرى الأشياء على وفق هذا النمط، ويقيس صحتها وسلامتها من عدمها، بمرورها من هذا النمط التفكيري الخاص أو عدم مرورها.

وهذه من أعقد المشاكل التي ابتليت بها المجتمعات في أكثر بقاع المعمورة، سواء من البلاد المتحضرة والتي تدعي التقدم لنفسها، أم من غيرها، فهي مشكلة أخرى تحتاج إلى حل جذري، فكيف نجمع هذا الشتات والانقسام بين رجال الفكر والثقافة، لنشد السواعد بعضها بالبعض الآخر، وليسند بعضنا بعضاً؟!

لا يمكن أن تنهض الأمة وتقف على قدميها، ما لم نتخلص من هذه المعرقلات، كما لا بُدَّ من التنويه إلى أن الحلول يجب أن تكون جذرية واقعية، تغرس القناعة التامة والاعتقاد بحقانيتها عند جميع الأطراف، أما مجرد التسالم على مبدأ التعايش السلمي، فقد لا يجدي؛ لأنه سطحي لا يؤدي الغرض في تفعيل حركة النهضة والشعور بالمسؤولية تجاهها، كما أنه قد يزول بعواصف الفتن.

فإنَّ من يؤمن بوحدانية التجربة في كسب المعرفة، عليه أن يؤمن بأن بعض المعارف تعجز التجربة عن كشفها واكتسابها، كما في مسائل الرياضيات والقضايا التاريخية والدينية.

وهكذا على من يعتقد بانسداد الطرق المعرفية إلا عن طريق البرهان العقلي، عليه أن يسلم بحقيقة التجربة وكاشفيتها وخدماتها الجليلة التي قدمتها للبشرية، وهكذا.

وكذا من لا يستقي فكره إلا من خلال النص، فعليه أن يقر بدور العقل في كثير من المعارف الدينية، والتي لا يمكن إثباتها إلا به، كما عليه أن يعلم بأن الدين لا يخالف العلم والتجربة الحسية.

ومن أجل حفظ ثقافة المجتمع من القفز بقدم واحدة أو أن تنظر بعينٍ دون الأخرى، لا بد أن تُبنى على أساس تنوع طرق المعرفة، فإن الخالق الحكيم تبارك وتعالى عندما أخرج الإنسان إلى الدنيا لا يعلم شيئاً إشارة إلى قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78]، فتح له نوافذ يطّلع من خلالها على ما يحيط به؛ ليبني منظومته المعرفية، ولما كانت الأشياء المحيطة به ليست على نسق واحد، كانت الأدوات التي وهبت له متنوعة ومتعددة بتعدد أطراف المعرفة، ولنمثل لذلك بالحواس فإن الله تعالى جعلها خمسة؛ لأن المحسوسات خمسة أصناف: (ألوان وأشكال - أصوات - روائح - طعوم - ملموسات)، فكانت الحواس خمسة؛ لكي تتكفل كل حاسة بربطنا وتعريفنا بنوع خاص من المحسوسات، فلا يمكن لحاسة السمع - مثلاً - أن توصلنا إلى معرفة الألوان والروائح وليست الباصرة قادرة على تعريفنا على الأصوات أو الطعوم.

وهكذا نوافذ المعرفة وقنواتها (المناهج)، إنَّما تعددت لتعدد المعارف فبعض المعارف لا يمكن أن نطلع عليها إلا بالبرهان العقلي، كوجود الخالق ووحدانيته ومسائل الرياضيات، وبعض المعارف لا يصطادها الإنسان إلا بالتجربة، كقوانين الطبيعة والأدوية الطبية وما شاكلها، وصنف ثالث لا يؤمنه إلا النص، كالقضايا التاريخية والأنظمة الدينية والوضعية ورابع يستفاد بالحس، وخامس لا يدرك إلا بالوجدان القلبي، كالحب والفرح والحزن وحلاوة الإيمان.

علينا أن نربي أطفالنا منذ الصغر على حسن التفكير، والاستفادة من جميع المناهج المعرفية، وألا نحرم أنفسنا وأمتنا من بعضها، فتكون ثقافتنا مشوهة أو ناقصة في بعض جوانبها؛ لأنها تستفيد من بعض المناهج، وتنأى بنفسها عن البعض الآخر.

وإذا تم هذان الركنان - أساليب التفكير وقنوات المعرفة - وشاعا بين ثقافة الأمة، استطاعت أن تخيط ثقافتها بشكلٍ منتظم، فلا العلم يعني الاغتراب والعزوف عن الدين، ولا التدين يعني التخلف والعودة إلى الماضي، بل هما جناحان بهما يطير المجتمع نحو صرح الحضارة ونحو سعادته، فبأحدهما يعمر الدنيا، وبالآخر يبني الآخرة، كما يقول الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام): (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً) (1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ مستدرك الوسائل، الميرزا حسين النوري، ج 1، ص 146. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.