أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-13
649
التاريخ: 2024-05-16
694
التاريخ: 2024-08-17
507
التاريخ: 2024-02-15
994
|
وبعد «بي عنخي» أمسى هذا اللقب في زوايا النسيان ولم يستعمل بعدُ إلا في حالتين كان يُمنَح فيهما بوصفه لقبَ شرف كما سلف ذكرُه، غير أن ذلك كان لا يعني أن أعمال «نائب الملك» في بلاد النوبة، قد بَطلتْ؛ إذ الواقع أن دائرة الأقطار السودانية كانت منذ تلك اللحظة وما بعدها في أيدي أمراء كانوا قانونًا أولاد ملوك شرعيين؛ ومن ثَمَّ لم يكن هناك داعٍ لبقاء لقب «ابن الملك» ضمن الألقاب التي كان يحملها حاكم السودان. ونستطيع مما لدينا من الوثائق المنقوشة على الآثار أن نقرر أن الأقطار السودانية قد تمصَّرتْ تمصيرًا تامًّا في خلال الخمسين والأربعمائة سنة التي تولَّى نوَّاب الملك فيها إدارة السودان الذي قد أصبح جزءًا لا يتجزَّأ من مصر، وقد زاد تمصير هذه الأقطار أكثر في الفترة التي تقع بين عامي (720–500 ق.م) كما يدل على ذلك آثار ملوك السودان في تلك الفترة. وقد رأينا أن الألقاب الرئيسة التي كان يَحمِلها الحاكم المصري للأقطار السودانية كانت أولًا «ابن الملك»، ثم بعد عهد «أمنحتب الثالث» — أو يحتمل في عهد والده «تحتمس الرابع» — لقب هذا الحاكم «ابن الملك صاحب كوش»، وكان يُضاف إلى هذا اللقب أحيانًا «المشرف على الأراضي الجنوبية» أو ما يُقابِله. ومنذ عهد «أمنحتب الثالث» كذلك نجد أن نائب الفرعون في السودان كان يحمل لقب «حامل المروحة على يمين الفرعون»، غير أن هذا اللقب لم يكن وقفًا عليه، بل كان يحمله موظفون من عظماء الدولة. وكذلك من الألقاب التي كان يحملها نائب الفرعون ولم تكن وقفًا عليه: الأمير الوراثي، والحاكم، وحامل خاتم ملك الوجه البحري والسمير الوحيد. حقًّا كانت هذه الألقاب تحمل معناها الحقيقي في عهد الدولة القديمة. وبقيت كذلك حتى عهد الدولة الوسطى، ولكنها في عهد الدولة الحديثة قد استُعملت بمثابة ألقابَ شرف كالألقاب والأوسمة في العهد الحاضر. ومما له أهمية عظمى، الألقاب التي كان يشغلها هؤلاء النواب قبل تولِّيهم حكومة السودان رسميًّا؛ وذلك لأن هذه الألقاب تُعطينا فكرة عن حياة أولئك النواب الحكومية، قبل تولِّيهم حكومة بلاد السودان، والواقع أننا إذا فحصنا هذه الوظائف اتضح أن عددًا عظيمًا من حامليها كانوا في خدمة الفرعون الشخصية، وكان خمسة منهم يشغلون أولًا وظيفة «كاتب الملك» وهي وظيفة ثِقة كانت على جانب عظيم من الأهمية في عهد الدولة الحديثة، ويلاحظ كذلك أنه منذ تولي «توري» وظيفة «ابن الملك» في «السودان» لم نجد واحدًا ممن تولى هذه الوظيفة كان له سلطة حربية في هذه الأقاليم بل كانت السلطة الحربية موكَّلة إلى رئيس رماة «كوش» الذي كان تحت إدارة نائب الملك مباشرة، وكان مسئولًا عن حفظ النظام في السودان، ومن ذلك نفهم أن الفرعون حينما كان يُعيِّن نائبًا له في «بلاد السودان» كان أهم ما يرمي إليه في اختياره أن يكون رجلًا إداريًّا حازمًا يمكنه أن يجمع له الضرائب والمحاصيل، ولذلك كان ينتخبه من أقرب المقرَّبين إليه ممن اشتُهروا بحسن الإدارة والذكاء والإخلاص في العمل لشخصه، فلا يقوم بأية دسائس ضده أو يحاول أن يمتصَّ دماء الأهلين بفرض الضرائب الفادحة عليهم لمنفعته الشخصية، وكان من الطبيعي إذن عندما كان الفرعون يبحث عن شخص تجتمع فيه كل هذه الصفات الحسنة أن ينتخبه من أولئك الأفراد الذين في خدمته الخاصة ممن عَرَف مقدرتَهم وأخلاقَهم عن كَثَب، وعلى ذلك كان كل نائب للملك في السودان يُعيِّنه الفرعون بنفسه، لهذا لم يجعل الوظيفة وراثية، والظاهر أن بقاء هذا النائب وعزله كان على حسب رغبة الفرعون، ولكنه كان في العادة يبقى مدة حياته فيها أو حتى يتولى مَلِك جديد عرش البلاد، قد يُفضِّل تعيينَ نائب آخَر غير الذي نصبه سلفه. ومع ذلك فقد رأينا كثيرًا من الملوك، أبقَوا النواب الذين عيَّنَهم سلفُهم. والظاهر أن بعض النواب في عهد «رعمسيس الثاني» وكذلك النائب «سيتي» في عهد «مرنبتاح-سبتاح» قد أغضَبُوا الفرعون فعَزَلَهم (راجع J. E. A. Vol, VI, p. 84). ومن المدهش أنه لرغبة الفراعنة الظاهرة في تعيين أفراد في هذه الوظيفة ممن لهم علاقة شخصية بالملك قد بقيت هذه الوظيفة حتى عهد «حري حور» لا يُعيَّن فيها ابن ملك حقيقي، والسبب في خروج «حري حور» على هذا التقليد يمكن معرفته من الألقاب الأخرى التي كان يحملها ابنه، وهي «كاهن آمون» الأكبر، وقائد الجيش الأعلى، ومن ذلك نعلم أن السلطات الروحية والحربية والمالية قد تجمَّعتْ كلُّها تحت رقابة الملك وابنه مباشرة، وتلك خطة حكيمة سليمة وسياسة دقيقة جَرَتْ عليها البلاد المصرية في تلك الفترة من تاريخها بالنسبة لأملاكها في الخارج، ولكن ضعف الإدارة في الداخل بسبب الانغماس في اللذَّات ووَهن عزائم ملوكها أدَّى إلى اغتصاب رئيس الكهنة المُلْك. وقد كان بدوره يُريد ألَّا يَقَع فيما وقع فيه أسلافُه فعمل على جمع السلطة كلها في يده هو وأسرته.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
بمساحة تزيد على (4) آلاف م²... قسم المشاريع الهندسية والفنية في العتبة الحسينية يواصل العمل في مشروع مستشفى العراق الدولي للمحاكاة
|
|
|