أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-3-2016
2248
التاريخ: 8-1-2019
2127
التاريخ: 14-3-2016
4578
التاريخ: 2024-04-22
757
|
لقد اختلفت القوانين في مسألة الأساس الذي يُبنى عليه الحق في ملكية العلامة التجارية، فيما إذا كان ينشأ بأسبقية الاستعمال للعلامة التجارية، أم أن الحق في ملكية العلامة التجارية هو وليد تسجيلها لدى الجهة المختصة، ومن أجل ذلك فإن التسجيل مقرر للحق في ملكية العلامة التجارية متى كانت لأسبقية الاستعمال في العلامة التجارية الأولوية، ويكون ذلك التسجيل منشئا لحق الملكية في العلامة التجارية إذا كان كافيًا وحده لإنشاء هذه الملكية.
ولذلك استقر الفقه على وجود ثلاث أنظمة تحكم طرق اكتساب الحق في ملكية العلامة التجارية، وعليه سيتم التطرق على هذه الأنظمة الثلاثة، فيما يلي:
أولا نظام التسجيل المقرر (ويسمى النظام الفرنسي أو التقليدي)
وبموجب هذا النظام (1) ، فإن استعمال العلامة التجارية هو الواقعة المنشئة للحق في ملكية العلامة التجارية وإعطاء الأولوية للأسبق باستعمال العلامة التجارية عند المنازعة حول ملكيتها، بمعنى أن هذا النظام لا يعترف بالتسجيل كواقعة منشئة للحق في العلامة التجارية والتسجيل هنا قرينة بسيطة يجوز نقضها بالدليل العكسي، والمقصود بالدليل العكسي هنا هو سبق الاستعمال، فلو قام أحد الأشخاص بتسجيل علامة تجارية واستحصل على شهادة من مسجل العلامات التجارية أو مصلحة التسجيل التجاري، ثم بعد ذلك حدث أن ادعى أحد الأشخاص أنه مستعمل سابق للعلامة المسجلة ذاتها وتم إثبات سبق الاستعمال قبل التسجيل، فعندها يُحكم لمدعي سبق الاستعمال بملكيته للعلامة التجارية، حيث كان إيداع العلامة من دون فحص سابق هو المعمول به بموجب هذا النظام، أي أن عبء الإثبات يقع على مدعي الأسبقية في الاستعمال.
ويُعد من مزايا هذا النظام أنه يعطي لمستعمل العلامة التجارية المتراخي بعض الاطمئنان من أن باستطاعته وفي أي وقت يشاء منع غيره من أن يقوم بتسجيل هذه العلامة التجارية التي يقوم باستعمالها، وسنده في ذلك أنه الأسبق في الاستعمال. وما يؤخذ على هذا النظام هو أنه يشجع على الإهمال في التقدم بطلب لتسجيل العلامة التجارية. (2) فضلاً عن ذلك، فإن هذا النظام يمنح الحماية للمستعمل الأسبق المتراخي في تسجيلها والمطمئن أنه سيدفع التسجيل بسبق الاستعمال. وهذا الأمر من شأنه أن يجعل المسجّل للعلامة التجارية باسمه في وضع قلق، إذا ما ظهر مستعمل سابق لهذه العلامة التجارية المسجلة ومن ثم تكون النتيجة هي عدم الاستقرار واستمرار المنازعات. (3) كما يعاب على هذا النظام أنه يشجع أصحاب العلامات على عدم القيام بتسجيل علاماتهم طالما أن التسجيل لا ينشئ الحق في الملكية مما يفوت على خزينة الدولة مصدرًا من مصادر الدخل. (4)
ثانياً - نظام التسجيل المنشئ (ويسمى النظام الألماني أو الحديث) في هذا النوع من أنواع طرق اكتساب الحق في ملكية العلامة التجارية، نثبت الملكية هنا بالتسجيل، إذ إن التسجيل دون سواه هو الواقعة المنشئة للحق في ملكية العلامة التجارية، فهذا النظام هو على العكس من النظام السابق التسجيل المقرر). وبموجب هذا النظام، لو قام أحد الأشخاص بتسجيل علامة تجارية، وقام نزاع بينه وبين آخر على ملكيتها، وادعى الآخر أنه قد سبق وأن استعملها، فإن الحق في ملكية العلامة التجارية يثبت هنا لمن قام بالتسجيل، فالاستعمال بموجب هذا النظام ومهما طالت مدته لا ينشئ حقًّا ، طالما أن مدعي الاستعمال لم يقم بتسجيل العلامة أو سبقه غيره إلى تسجيلها . (5)
ويؤدي الأخذ بهذا النظام إلى القضاء على مساوئ النظام السابق، وهو نظام التسجيل المقرر لحق الملكية في العلامة التجارية كون أن هذا النظام يحدد المركز القانوني لمن قام بتسجيل العلامة التجارية بصورة نهائية، بمعنى أن ملكية العلامة التجارية تكون وفقا لهذا النظام للأسبق في تسجيلها، مما يؤدي إلى الحد من المنازعات التي تنشأ حول ملكية العلامة التجارية. ومع هذه المزايا لهذا النظام، إلا أنه يعاب عليه أن الأخذ به من الممكن أن يترتب عليه ضياع وإهدار لحقوق الأسبق في استعمال العلامة التجارية، إذا ما أهمل أو تراخى في تسجيل علامته أو حتى أغفل ذلك، فإذا ما قام شخص آخر بتسجيل هذه العلامة فإنه وفقًا لهذا النظام يكون مالكها الحقيقي، الأمر الذي يُعدُّ فيه إهدار لحقوق الأسبق في استعمال العلامة التجارية والتي هي مصدر ثروته وثقة الجمهور، كما يعاب على هذا النظام أنه علق اكتساب الحق في ملكية العلامة التجارية على إجراء شكلي وهو التسجيل، فإذا ما أغفل صاحب العلامة التجارية ومستعملها الحقيقي تسجيلها أو كانت هناك ظروف قاهرة منعته من القيام بهذا الإجراء، يكون هذا سببًا كافيًا لفقدان شهرته التجارية (6) .
ثالثا - نظام التسجيل المنشئ المؤجل لملكية العلامة التجارية (ويسمى النظام الإنجليزي والإسباني)
مع وجود النظامين السابقين التسجيل المقرر والتسجيل المنشئ كان لا بد من وجود نظام يقف وسطا محاولا التقريب بينهما، وفي هذا النظام تكون الأسبقية في الاستعمال هي أساس حق ملكية العلامة التجارية، في حين أن التسجيل يكون مجرد تقرير للحق فيها ومنشئ له، وذلك بعد مرور فترة زمنية معينة على التسجيل دون اعتراض عليه أو منازعة بشأنه، فإن انتهت هذه المدة دون اعتراض أو منازعة أصبح التسجيل منشئا للحق في العلامة التجارية. (7)
وأيضًا هذا النظام، كغيره مما سبقه من أنظمة، لا يخلو من مزايا وعيوب. ومن مزاياه أن الأسبق في استعمال العلامة التجارية لا يُسلب حقه فيها إذا ما قام آخر بتسجيلها باسمه، وفي الوقت ذاته فإن من قام بتسجيلها باسمه لا يبقى قلقًا على ملكيته لتلك العلامة التجارية إلا لفترة محدودة، وإذا انتهت هذه المدة المضروبة استقر حقه كمالك للعلامة التجارية المسجلة باسمه.(8) أما من عيوبه أن الادعاء بأن التسجيل مقرر للحق في الملكية في بدايته، ثم يكون منشئا للحق في ملكية العلامة التجارية بعد مرور وقت معين لا يتفق مع المبادئ العامة في القانون، ذلك أن التسجيل إما أن يكون منشئا للحق أو مقررًا له ولا وسط بينهما، فالقول بأن التسجيل مقرر للحق يعني أن القانون اعترف بهذا الحق من تاريخ استعمال العلامة كواقعة مادية، ثم بعد ذلك كيف يمكن القول بأن القانون يسلب هذا الحق بالواقعة المادية ذاتها المقررة له ويقصره على تاريخ الاتيان بهذه الواقعة؟ إلا أنه يمكننا أن نقول إن التسجيل ما هو الا قرينة على نشوء الحق في الملكية لصاحبه، ولكنها قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس خلال مدة محددة، وبعد انقضاء هذه المدة تنقلب القرينة إلى قاطعة غير قابلة لإثبات العكس. (9)
وقد أخذ المشرعون الأردني والمصري والعراقي بالاتجاه الثالث والأخير، إذ إنهم عدوا التسجيل قرينة على نشوء الحق على العلامة التجارية ولكنها قرينة قابلة لإثبات العكس منذ بدايتها، إذ تصبح قاطعة غير قابلة للإثبات وذلك بعد مرور خمسة سنوات. (10)
إذ نصت المادة (28) من القانون العلامات التجارية الأردني على أنه "يعتبر تسجيل شخص مالكا لعلامة تجارية مقدمة بيئة على قانونية التسجيل الأصلي لتلك العلامة وعلى كل ما يلي من التنازل عنها وتحويلها وذلك في جميع الإجراءات القانونية المتعلقة بتسجيلها." ونصت المادة (65) من قانون الملكية الفكرية المصري على أنه يُعتبر من قام بتسجيل العلامة مالكا لها متى اقترن ذلك باستعمالها خلال الخمس سنوات التالية للتسجيل، ما لم يثبت أن أولوية الاستعمال كانت لغيره، ويحق لمن كان أسبق إلى استعمال العلامة ممن سُجلت باسمة الطعن ببطلان التسجيل خلال الخمس السنوات المذكورة ومع ذلك، يجوز الطعن ببطلان تسجيل العلامة دون التقيد بأي مدة متى اقترن التسجيل بسوء النية."
وأخيرا نصت الفقرة (2) من المادة (15) من القانون العراقي على أنه يعتبر تسجيل العلامة التجارية قرينة إثبات على قانونية والحق في ملكية العلامة التجارية في كل الدعاوى القانونية." وفي القضاء، فإن محكمة العدل العليا الأردنية (11) قضت في أحد أحكامها المتعلقة بالشطب بأن ...... الفقه والقضاء قد استقر على أنه وإن كان تسجيل العلامة التجارية قرينة على ملكية العلامة إلا أنه يجوز هدم هذه القرينة بدليل عكسي، إذ لمستعمل العلامة التجارية السابق التي أصبحت العلامة مميزة لبضائعه الحق في طلب ترقين العلامة التجارية المسجلة باسم شخص آخر اذا توافرت الشروط الآتية:
أ- إذا ثبت أن هناك تشابها بين العلامتين من شأنه أن يؤدي إلى غش الجمهور.
ب - إذا كان استعمال العلامة الأولى سابقا لتاريخ استعمال وتسجيل العلامة المطلوب ترقينها.
ت إذا لم يمر على تسجيل العلامة المطلوب ترقينها مدة خمس سنوات...."
وجاء في القضاء المصري وبأحد أحكام محكمة النقض المصرية (12) أن ملكية العلامة حسب ما تقضي به المادة (3) من القانون رقم (57) لسنة 1939 وكما استقر عليه قضاء محكمة النقض لا تستند إلى مجرد التسجيل، بل إن التسجيل لا ينشئ بذاته حقا في ملكية العلامة التجارية، إذ أن هذا الحق وليد استعمال العلامة ولا يقوم التسجيل إلا قرينة على هذا الحق يجوز دحضها لمن يدعي أسبقية في استعمال العلامة إلا أن تكون قد استعملت بصفة مستمرة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل دون أن ترفع بشأنها دعوى حكم بصحتها." وذهب جانب من الفقه الفرنسي (13) إلى أنه حين يقوم صاحب العلامة بتسجيلها بمقتضى أحكام القانون فإنه يُمنح حقا بملكيتها لمدة تصل على عشرة أعوام قابلة للتجديد إلى ما لا نهاية، ويمتد هذا الحق على إجمالي أراضي الدولة ويتم حماية هذا الحق عن طريق رفع دعوى التقليد، ويتعلق حق الملكية في العلامة فقط بالمنتجات أو الخدمات التابعة لهذه العلامة وعلى هذا النحو تتضمن حماية العلامة ثلاثة حدود وهي (الخصوصية ونفاذ الحقوق والوقت).
ويرى الباحث أن الأخذ بالنظام الثالث الذي يجعل الحق في ملكية العلامة التجارية وليد الاستعمال وما التسجيل إلا قرينة على هذا الحق؛ لأن هذا النظام هو الأقرب إلى المنطق لانسجامه مع طبيعة الحق في العلامة، واتفاقه مع مبدأ الاختيارية في التسجيل، فضلاً عن إن هذا النظام لا يقلل من أهمية التسجيل أيضًا يعده قرينة على ملكية العلامة التجارية وهذه القرينة تكون قاطعة بعد مرور فترة زمنية.
بمعنى أنه متى اقترن تسجيل العلامة التجارية باستعمالها تحققت الملكية المانعة من المنازعة في صحتها وفق الأحكام القانونية المنصوص عليها، ويترتب على ذلك أن مالك العلامة التجارية يتمتع بمركز قانوني يمنحه حق الاستفادة من المزايا المقررة لتلك العلامة وحقوقها (14).
وفي هذا ذهب اتجاه في الفقه الفرنسي (15) إلى أن الغاية من إبداع العلامة التجارية هي حماية المنتج أو الخدمة من تقليد الغير، فضلاً عن بث الثقة في جمهور المستهلكين في نوع الخدمة أو السلعة التي تتجه إليها رغبتهم، ومن ثُمَّ فإن قيام شخص بإيداع العلامة يترتب عليه أثر سلبي في مواجهة الغير، بمعنى أنه يغل يدهم عن استخدام العلامة ذاتها على السلع أو الخدمات ذاتها المسجلة عنها تلك العلامة وفي ذلك فإن محكمة النقض الفرنسية قضت في 1999/6/1 بأن استخدام مودع العلامة لطرق احتيالية بهدف الاعتداء على علامة الغير يمثل سببًا في ابطال العلامة (16).
الخلاصة، مما تقدم نستطيع أن نقف على الطبيعية القانونية لشطب العلامة التجارية المسجلة والتي يمكن ردها إلى قواعد نزع الملكية، وذلك على سند من القول بأن شطب العلامة التجارية المسجلة إنما هو جزاء له آثاره ونتائجه على ملكية هذه العلامة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى انتهاء حق الاستئثار بهذه العلامة من قبل صاحبها في بعض حالاته.
_____________
1- د. مصطفى كمال طه أساسيات القانون التجاري (دراسة مقارنة) منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، الطبعة الأولى، 2006، ص 667 .
2- د. صلاح سلمان الأسمر، العلامة التجارية في القانون الأردني والمصري، مطبعة التوفيق، عمان، ص 59
3- د. علي جمال الدين عوض التشريع الصناعي (حقوق الملكية الصناعية والتنظيم الصناعي والتجاري)، دار النهضة العربية، القاهرة، بدون سنة نشر، ص282.
4- نعيمة علواش العلامات في مجال المنافسة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2013، ص 36.
5- د. يعقوب يوسف صرخوة، النظام القانوني للعلامات التجارية، دراسة مقارنة ذات السلاسل للطباعة ، والنشر الكويت، 1993، ص 134.
6- شذى احمد عساف ، شطب العلامة التجارية في ضوء اجتهاد محكمة العدل العليا دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان 2011، ص 228
7- د. مصطفى كمال طه القانون التجاري اللبناني، الجزء الأول، دار النهضة العربية، بيروت، 1975، ص 748.
8- د. يعقوب يوسف صرخوة، النظام القانوني للعلامات التجارية، دراسة مقارنة ذات السلاسل للطباعة ، والنشر الكويت، 1993 ، ص 137.
9- د.صلاح زين الدين العلامات التجارية وطنيا ودوليا، ط3 ، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2015، ص130.
10- د. صلاح زين الدين المرجع نفسه، ص 200.
11- حكم محكمة العدل العليا الأردنية، رقم 1971/26 (هيئة) خماسية)، المنشور في مجلة نقابة المحامين الأردنيين بتاریخ 1971/1/10 ، منشورات مركز عدالة للمعلومات القانونية، ص 1172
12- طعن رقم (62) لسنة 62 ق، بتاريخ 1993/6/5 والمشار إليه لدى سمير فرنان بالي ونوري جمو، الموسوعة العلمية في العلامات الفارقة التجارية والمؤشرات الجغرافية والرسوم والنماذج الصناعية، دراسة مقارنة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، الطبعة الأولى، 2007، ص 665
13- Louis Vogel, Traité de droit des affaires Tome.1, Droit commercial, L.G.D.J, 18e ed, 2001, p. 545.
14- د. محمد حسين إسماعيل، الحماية الدولية للعلامة التجارية رسالة دكتوراه جامعة القاهرة، السنة 1978، ص 264
15- Jacques Azema, Propriete industrielle, RTD, 2011, p. 326 . (3)
16-Cass. Com., juin 1999 ,1397-1392, RTD. 2011 . p. 327 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|