أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-17
971
التاريخ: 2023-12-27
1057
التاريخ: 2024-11-25
99
التاريخ: 2024-05-15
893
|
وتدل الآثار على أن الملكة «حتشبسوت» قد أقامت مسلتين أخريين في معبد الكرنك، غير أن موقعهما بالضبط لم يُعلَم للآن، ولم يَبْقَ منهما إلا قمة واحدة محفوظة الآن «بمتحف القاهرة« (1)، والظاهر أن «حتشبسوت» قد أقامتهما احتفالًا «بعيد سد» العيد الثلاثيني الثاني، هذا مع العلم بأن المدة التي كانت تنقضي بين الاحتفال بهذا العيد والذي يليه لا تُحدَّد عادةً بثلاثين سنة، بل كان ذلك العيد يُقام حسب هوى الفرعون الحاكم وما تقتضيه الأحوال، وليس في مقدورنا الآن أن نحدِّد المدة التي انقضت بين الاحتفال بعيدها الأول وعيدها الثاني. وقد تُرِك لنا على نقوش الرواق الأسفل من معبد الدير البحري منظرُ نقْلِ مسلتين وإهدائهما، فنشاهد في النقوش سفن النقل ممثَّلة فعلًا ذاهبة نحو الشمال، كأنها منحدرة في النيل من أسوان حيث قُطِعت المسلتان، ثم نجد بعد ذلك في الجهة الشمالية من الجدار الإهداءَ في «طيبة»؛ ويبتدئ المتن الخاص بهاتين المسلتين بألقاب الملكة ومدائح فيها، ثم الأمر بجمع المواد لبناء السفن اللازمة لنقلهما، ويلي هذا أمرٌ بإعداد الرجال والجنود للنقل، وأخيرًا نقل المسلتين، وقد هشم جزء كبير من هذه النقوش؛ فبعد ذِكْر ألقاب الملكة نجدها تُوصَف بأنها هي هذا الجزء الفاخر من والدها «آمون رع» رب السماء، الذي لم يفصل بعيدًا عن والد رب كل الآلهة، والمضيئة اللمعان مثل إله الأفق، وإلهة الشمس التي تمنح النور مثل الشمس، والتي تنعش قلوب الأهلين، ومن شهرتها قد اشتملت الدائرة العظمى (الأرض)، ثم يلي ذلك بعض جُمَل غير متصلة لتهشيم المتن، نقرأ فيها ما يشير إلى بناء سفن كبيرة جدًّا لنقل المسلتين من محاجر «أسوان» إلى «معبد الكرنك»، ثم ما يشير إلى جمع كل الجيش لشحن المسلتين عند «إلفنتين»، وتجنيد الشباب من كل الأرضين قاطبةً. هذا بالإضافة إلى مناظر محفورة نشاهد فيها المسلتين موضوعتين على هذه السفن التي كانت تجر إلى أسفل النهر بسبعة وعشرين قاربًا تسير بالمجاديف، وهذه القوارب كانت مرتَّبةً في ثلاثة صفوف، كل منها يقوده قارب رئيسي، في حين أن قوارب أخرى مرافقة للسابقة كان فيها كهنة يرتلون الصلوات، ويحرقون البخور، رجاء نجاح المشروع، والنقوش التي على هذا المنظر تتحدَّث عن «السياحة شمالًا مع التيار بقلب فرح»، وتشير إلى عيد الملكة الثلاثيني، ثم نقرأ عن رسو السفن بنجاح عند «طيبة» المظفرة، في حين أن السماء تبتهج والأرض في عيد. ونشاهد على الشاطئ عند الكرنك جنودًا يحملون أغصان الأشجار احتفالًا بهذه المناسبة، كما نشاهد فرقةً من الرماة يتقدَّمهم حامل بوق، كما نشاهد الكهنة والجزارين يعدون الضحايا والجنود والضباط مسرعين ذهابًا وإيابًا، وهنا يقول المتن عند ذلك: «فرح بحَّارة سفن الملكة فيصيحون: أصغوا إلى الصياح! إن في السماء لعيدًا، وإن في الأرض لفرحًا؛ لأن «آمون» قد زاد في عدد سني ابنته التي أقامت هذه الآثار لتجلس على عرش «حور» الأحياء مثل إله الشمس مخلدًا. وهناك صيحات من مجندي الجنوب والشمال، ومن شباب طيبة، ومن فتيان «خنتنفر» (النوبة) بحياة وفلاح وصحة ملك الوجه البحري والوجه القبلي منخبر رع (تحتمس الثالث)، حتى تكون قلوبهم فَرِحة مثل إله الشمس مخلدًا.» ونلاحظ أنه قد نُقِش فوق ضحايا القربان ما يأتي: «قربان لروحك يا رب الآلهة لأجل أن تمنح «ماعت كارع» الصحة في هذا العيد الثلاثيني لملايين السنين «. وممَّا يلفت النظر هنا أن الجماهير كانت تحيي «تحتمس الثالث» كما كانت تحيي «حتشبسوت»، ومن ذلك يتَّضِح جليًّا أن «حتشبسوت» على الرغم من قبضها على كل السلطة في يدها، وأنها كانت الحاكمة المطلقة اسمًا وفعلًا، فإنها كانت مضطرةً إلى أن تعترف ولو شكلًا بأن «تحتمس الثالث» كان شريكًا لها في الملك، على أن ذلك ليس بالمثال الوحيد الذي لدينا من هذا النوع عن ذِكْر «تحتمس الثالث» بصفة ثانوية مع «حتشبسوت»؛ إذ لدينا مثَلٌ آخَر، وهو لوحة دُوِّن عليها إصلاح قلعة الجبانة في «طيبة»، نجد فيها أن الملكة قد ذكرت ألقابها وأسماءها، ثم تتحدث عن العمل الذي قامت به هي في هذه القلعة محبةً منها لوالدها «آمون»، وكل ما فعلته لتحتمس الثالث هو أنها سمحت بأن تمثل صورته على أعلى اللوحة، واقفًا وراء صورتها في استكانةٍ وذلةٍ، واسمه لم يُذكَر قطُّ في إهداء هذه اللوحة،(2) وهكذا كانت «حتشبسوت» من وقت لآخَر تسمح بنقش اسمه أو صورته على جدران المعبد، ولكن وجوده لم يَكَدْ يُحَس؛ إذ كان يُرسَم خلفها، ولا بد من أن هذه الأعمال كانت تحزُّ في نفسه، وتجعله يتَّقِد غيظًا منها، ومن أولئك النفر الذين كانوا عونًا لها على إثبات تلك الأفعال التي كانت تتنافى مع التقاليد والحق معًا؛ ولذلك كان أول ما قام به بعد اختفاء تلك العاهلة الطموحة، التنكيل بأولئك الذين ساعدوا على إقصائه عن عرش ملكه الشرعي كما سنرى بعدُ. وفضلًا عن المسلات التي أقامها «سنموت» لسيدته، يقصُّ علينا ما قام به في معبد «الأقصر» وفي معبد الإله «آمون»؛ حيث وُجِد له تمثال هناك، وفي «أرمنت» حيث وضع أساس معبد، ويحتمل مقبرة للعجل المقدَّس للإله «منتو «(3).
........................................
1- راجع: 304 § I.
2- راجع: Piehl, “Inscriptions Hieroglyphiques Recueilles en Europe et én Egypte” , p. 129.
3- راجع: Winlock, “Excavations at Dier el Bahri” , p. 149.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|