أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-20
901
التاريخ: 2024-04-18
685
التاريخ: 2024-06-13
625
التاريخ: 2024-05-09
711
|
هذا النص على ما يحتويه من تفاصيل دقيقة، وإشارات بعيدة إلى أمور جسام في حياة الفرعون «أحمس» الأول؛ يرى فيه المؤرخون أنه عبارات مدح تقليدية تشغل نحو ستة وعشرين سطرًا منه، وستة الأسطر الباقية تعدد إصلاحات هذا الملك التي قام بها لإعادة أثاث معبد «آمون» وأوانيه، وأن الملك لم يُشِرْ إلا إشارة عابرة مبهمة عن حروبه في خلال تلك الجمل المملة المتتابعة، ولكن الواقع أن هذه اللوحة تُعَدُّ على جانب عظيم من الأهمية من الناحية التاريخية والثقافية والأدبية في عهد هذا الفرعون؛ وبخاصة لأنها تشير من طرف خفي إلى علاقة مصر بجيرانها، وتصوِّر لنا حالة البلاد، وعلاقتها بالملك وأمه «أعح حتب»، ثم الدور التي لعبته هذه الملكة في إدارة سكان هذه البلاد؛ وقد كان أول مَن لفت النظر إلى مكانة هذه الملكة في تسيير أمور الدولة في عهد ابنها «أحمس» هو الأستاذ «إدورد مير» مما سنفصله هنا. تبتدئ اللوحة بذكر ألقاب الفرعون الخمسة التي لا بد أن يحملها كل فرعون بعد تتويجه ملكًا على البلاد، ثم يذكر لنا «أحمس» أنه من نسل الآلهة، وأنه وارث «أوزير» والإله «رع» أول من حكم على الأرض، ونشر فيها العدالة، ثم يذكر لنا هذا الفرعون أنه أصبح ملك الملوك بعد انتصاراته على الغزاة القاهرين، حتى إن آلهتهم يقدِّمون له الحياة والسعادة، ثم يذكر لنا المتن أنه واحد في السماء، والثاني على الأرض، فهل يعني بذلك أن والدته كانت شريكته في ملك مصر؟ وبعد ذلك يقول إنه ملك الوجه القبلي في «بوتو»، و«بوتو» كانت العاصمة الدينية للوجه البحري منذ القِدَم، فهل معنى ذلك أنه بعد أن كان حاكمًا على الوجه القبلي وحده، أصبح يمتد سلطانه حتى «بوت» العاصمة الدينية للوجه البحري بعد طرد الهكسوس؟ ولا نزاع في أن هذا المعنى هو المقصود من المتن؛ إذ بعد هذه الجملة يأتي مباشَرةً أنه حاكم «تميرا»، أيْ أرض مصر كلها، ثم يستمر المتن قائلًا إنه قد استولى على ما تحيط به الشمس، وإن نصيبي «حور» و«ست» وهما الوجه القبلي والوجه البحري قد أصبحَا تحت سلطانه، وإن سكان الجنوب والشمال والشرق والغرب يأتون إليه طائعين، وإن طبقات سكان مصر الثلاث «رخيت» (العامة)، وسكان الوجه القبلي «بعت» (الأغنياء)، وبنو الإنسان (حنممت)؛ لا يعقدون الأيمان إلا باسمه، وإنهم يمدحونه، ويعظِّمونه مثلما يعظمون ويمدحون الشمس والقمر، ثم بعد ذلك تأتي فقرة لم نلحظ مثلها في النقوش الملكية قطُّ، وأعني بها ذلك الأمر الذي دعا به «أحمس» الناس للتعظيم من شأن أمه الملكة «أعح حتب»، وهي التي تحمل لقب سيدة الأرض (أي مصر)، وأميرة شواطئ «حايونبوت»، وكلمة «حايونبوت» كناية عن سكان جزر البحر الأبيض، وهي في هذه الفقرة لا بد يقصد بها جزيرة «كريت» وما جاورها من الجزر. وبعد ذلك تأتي عقود المديح التي صيغت لهذه الملكة فاستمع إليها: «اسمها رفيع الشأن في كل بلد أجنبي، فهي التي تقود الجماهير، زوجة ملك، وأخت ملك، وبنت ملك، وأم ملك، الفاخرة والحاذقة التي تهتم وتضطلع بكل شئون مصر، وهي التي جمعت جيشها، وحمت أولئك الناس، وأعادت الهاربين، وجمعت شمل الذين هاجروا، وهدأت روع الوجه القبلي (أي مملكة طيبة)، وأخضعت عصاته بوصفها الزوجة الملكية «أعح حتب» العائشة.» ففي هذه الكلمات التي فاه بها ابنها، تظهر فيها هذه الملكة بأنها هي التي أنشأت مصر الجديدة، وأنها الروح الذي أقال مصر من عثرتها، وكتب لها النجاح، يُضاف إلى ذلك أنه قد يُستنبَط من هذه الكلمات أنها لا بد كانت قد قامت بنشاط محس في خارج بلادها؛ إذ كان لا يمكنها أن تحمي الهاربين وتجمع شتاتهم إلا في البلاد الأجنبية، وكذلك كان في مقدورها أن تقود هناك جيشها إلى النصر. ومن أجل ذلك يجب أن نسلم أنها بعد وفاة زوجها «تاعا» الشجاع، أخذت في يدها مقاليد الأمور بعزم وحزم، معضدةً ابنها «كامس» المحارب الذي كان على ما يظهر لا يزال حدث السن، على أن مظهرها هذا ليس فيه ما يتناقض مع موقف «كامس». ولما تولى «أحمس»، وقد كان على ما يظهر حدث السن أيضًا، أصبحت هي الوصية الحقيقية على عرش «طيبة»؛ ولكن لا بد أنها كانت في الوقت نفسه قد عقدت أواصر المودة والصداقة بينها وبين ملك «كريت»، ومن المحتمل أنها تزوَّجَتْ منه؛ وذلك لأنه لا يمكننا تفسير عبارة «أميرة شواطئ حايونبوت» على أي وجه آخَر كما يقول «إدورد مير «. وما سبق يتضح — إذا كان التفسير الذي أوردناه مقبولًا — أن الهكسوس قد وقعوا بين مخالب مملكة «طيبة» وجزيرة «كريت» التي أصبحت حليفتها، وبهذا أصبح من السهل حصار «أواريس» والتغلُّب عليها؛ ونجد في هذه الأنشودة الملكية فضلًا عن ذلك ما يُثبِت هذا الزعم، فطبقات الشعب الثلاث تقول: «إنه سيدنا.» ويقول أهل «حايونبوت»: نحن في ركابه. والأراضين تقول: نحن ملكه. وفي استطاعة الإنسان أن يميِّز بوضوح ثلاث طوائف مختلفة؛ الرعية المصرية، وأهل «كريت» حلفاء مصر، وهم الذين يقومون لها بالمساعدة الحربية، ثم سائر العالم (أيْ سوريا وبلاد السودان)، وهي الأراضي التي يظلها سلطان مصر. وقد كان أثر هذه العلاقة الوثيقة التي توثقت عراها بين مصر «وكريت» على جانب عظيم من الأهمية، وبخاصة في الثقافة والصناعة التي تبودلت بين أهل البلدين منذ زمن بعيد، وقد زادتها هذه الروابط الجديدة قوةً، ممَّا جعلها تنمو وتعظم في الأزمان المقبلة.
شكل 1: سلاح بلطة أحمس الأول.
والواقع أن تبادُل الثقافة والصناعة بين البلدين قد ظهر أثره في سلاحين من أسلحة الزينة في نفس العصر الذي نحن بصدده، قد كان يحملها الملك «أحمس»، وكذلك في قطعة أخرى من الحلي باسم «كامس» وُجِدت مع مجوهرات والدته «أعح حتب»، فنجد أنه قد نُقِش على أحد وجهَيْ خنجر «أحمس» المعلَّق في خيط من الذهبِ اسمُ الملك، وكل حرف من حروفه قد غُطِّي بصفيحة من الذهب الجميل الصنع، ثم نجد بعد ذلك أنه قد صيغ على نفس الوجه أسد يقتفي أثرَ ثور، ثم أربع جرادات، ويُرى في صنع هذا الخنجر تأثيرَ الفن الكريتي المحض؛ إذ قد وجد في هذه الجزيرة وفي «مسينا» خناجر مطابقة لخنجر الملك «أحمس»، غير أن الصناعة كانت مصرية، وكذلك نجد نفس التأثير «الكريتي» في (بلطة) «أحمس« (1) (انظر الشكل 1)، يضاف إلى ما سبق أن الفرعون قد أشار إلى البلاد التي تغلَّبَ عليها كما ذكرنا آنفًا. أما علاقة هذا الملك بشعبه، وما يحملونه له من رهبة وتجلة في قلوبهم، وما يحيط به نفسه من الأبهة والعظمة عند خروجه على الناس في المحافل الرسمية، فقد جاء وصف كل ذلك في قطعة رائعة ربما تذكِّرنا بعهد ملوك الدولة العباسية، وما كانت تُوصَف به مواكبهم، وكذلك ينطبق على سلاطين المماليك، وما كانوا يحيطون به أنفسهم من مظاهر الملك الرائعة، فاستمع إلى هذه الفقرة التي لم نجد لها مثيلًا في النقوش المصرية التي طبقت هذا العصر، ولم نقرأ ما يشابهها في العصور التي تلت: «ويطلع الملك وحاشيته كأنه القمر في وسط النجوم، ويسير في رفقٍ وبخطًى وئيدة، وبقدم ثابتة، ونعل ينطبع على الثرى أثره، ويرفرف عليه بهاء «رع»، ويحميه «آمون» والده الفاخر، مفسحًا له الطريق، والقطران يقولان: حقًّا إنَّا نراه، وحبه يغمر كل إنسان، وتنبهر العينان لرؤية هذا الملك، والقلوب تخفق له، وتنظر إليه كأنه «رع» عند إشراقه … إلخ«.
........................................................
1- راجع: Furtwangler, Die Antiken Gemmen III, 20; Fimmen, “Die Kretische-Mykenische Kultur”, p. 204. Ff.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|