أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-18
906
التاريخ: 2024-02-09
822
التاريخ: 2024-02-19
764
التاريخ: 2024-07-20
468
|
لقد أشرنا في سياق عرضنا لهذا الموضوع إلى أن هذه الأسماء الثلاثة قد تدل على مدينة واحدة بعينها. وفي الوقع إن النقوش التي لدينا قد لا تذكر لنا ذلك صراحة، ولكن عندنا من الحوادث والأدلة التي تقصها هذه الآثار، ما يعتمد عليه في إدحاض المعارضة التي أدلى بها الأستاذ «فيل» في أمر توحيد هذه البلاد (J. E. A., Vol. XXI). هذا فضلًا عن أن الأستاذ «مونتيه» قد أدلى بشرح طويل في كتابه عن «حفائر تانيس»، مبيِّنًا الأسبابَ التي جعلته يوحِّد «تانيس» مع «أواريس»، وكذلك يوحِّدها مع «بررعمسيس». وقد وصل كذلك الأستاذ «جاردنر» في بحثه موضوع «بررعمسيس» إلى نفس النتيجة التي تقول بتوحيد هذه المدن الثلاث، ويظهر لنا أن تفسيره وما أدلى به من حجج لا يمكن الاعتراض عليه كثيرًا، هذا إلى أن تفسيره للوحة «عيد أربعمائة السنة» الخاص بالإله «ست» يُعَدُّ تفسيرًا مُقنِعًا؛ إذ يقول: ولكن الاستنباطات المختلفة التي اقترحها الأستاذ «زيته» ينقصها الأساس الأصلي كما يظهر لي، اللهم إلا إذا كان الإله «ستخ» المرسوم في المنظر الذي في أعلى اللوحة هو نفس «ستخ» صاحب «أواريس»، وأن «تانيس» التي وجد فيها «مريت» اللوحةَ هي المدينة التي تشمل كلًّا من «ستخ رعمسيس» و«ستخ أواريس» بوصفه إلهها المحلي؛ وبعبارة أخرى كانت «أواريس» و«بررعمسيس» و«زعنت» (تانيس) هي أسماء ثلاثة جاءت متتالية لبلد واحد بعينه. ثم يقول في مكان آخَر في نفس المقال (p. 126): وإني أظن الآن أنه حتى نفس التغيرات التي حدثت في الاسم يمكن أن تفسر تفسيرًا مقبولًا، فمن الجائز أن «أواريس» كان الاسم الذي عُرِفت به مدينة «تانيس» في عهد الدولتين القديمة والوسطى، وليس لدينا من الأدلة ما يوحي بأنها أُسِّست في عهد «الهكسوس». على أن هذا ليس بالمثال الوحيد الذي نجد فيه أن مدينة مصرية قد غيَّرت اسمها في عهود التاريخ؛ إذ نرى مثلًا أن «إنب حز» قد أصبحت تُدعَى منذ الأسرة الثامنة عشرة «من نفر» (منف)، ومن المحتمل أن السبب الذي دعا إلى تغيير اسمها هو أن المدينة القديمة التي كان يُطلَق عليها «حوت وعرت»، والتي أقامها الهكسوس لتكون حصنًا منيعًا، قد هدمها «الطيبيون» عند إعادة فتحهم للبلاد وطرد الهكسوس. ولما أسَّسَ «رعمسيس» الثاني عاصمة ملكه في هذا المكان سمَّاها باسمه «بيت رعمسيس»، غير أن الاسم القديم لم يُنْسَ كما يدلُّ على ذلك اسم الإله «ست» صاحب «أواريس»، الذي نجده على التماثيل القديمة التي اغتصبها «مرنبتاح» لنفسه، دون أن يفطن لتغيير كل ما عليها من النقوش القديمة التي تدلُّ على أصلها،(1) وقد كان أول اختفاء لاسم المدينة واسم الإله عند حدوث الانقلاب الحكومي في عهد الأسرة الواحدة والعشرين، فأصبحت تُسمَّى المدينة من وقتئذٍ «تانيس»، وهذا ليس باسم جديد؛ إذ الواقع أن اسم «زعنت» (تانيس) لم يجرِ على ألسنة القوم مدة حكم الهكسوس، وكما نجد اسم «را-أخت» (2) يظهر في قائمة هذا الإقليم، ويليه بالتوالي: «سخت زعنت»، «غيط تانيس»، و«حوت وعرت»، بوصفها أسماء لبلدة واحدة، نجد كذلك أسماء «لطيبة» مثل «الأقصر» و«الكرنك»، وقد تخلَّى القوم عن تسمية البلدة باسم «أواريس» تفاديًا من استذكار اسم هذا الإله البغيض لهم، وكذلك قضوا على معابده جملةً، غير أننا لا نعلم للآن إلى أي مدًى كان انتقال قلب المدينة بالنسبة ﻟ «تانيس» الأصلية. وقد بحث الأستاذ «فيل» مسألة موقع «أواريس» (J. E. A. Vol. 215. p. 10) قاصدًا تفنيد القول بتوحيد «تانيس» و«أواريس»؛ إذ يقول في خلاصة مقاله: «ويمكن استنباط ما يأتي … إن «تانيس» و«أواريس» كانتا محتلَّتَيْن، وأن الإله «ستخ» قد استوطن كلتيهما مع قوم يُدْعَون «الهكسوس»، وليس من الضروري أن يكونوا ملوكًا من أسرة «أبو فيس» الذين تدل رواية «مانيتون» على أنهم نفس الهكسوس الغزاة، بل في الواقع هم أولئك الغزاة أنفسهم عندما أقاموا مستعمراتهم الأولى في «الدلتا» قبل عهد «أبو فيس»، بحسب ما أصبنا من النجاح في تصوير الصورة التاريخية التي شرحناها هنا. وبعبارة أخرى فإن استيطانَ الإله «ست» «تانيس» (وقد فهم الأستاذ «زيته» من هذه العبارة تأسيس «تانيس») وإقامةَ الهكسوس في «أواريس» (ويُلاحَظ هنا أن «مانيتون» لم يذهب في روايته إلى حد تأسيس «أواريس»)؛ كانَا حادثين تاريخيين لهما أهمية أعظم بكثير، وهما وصول الآسيويين الجدد واستعمارهم للبلاد.» والواقع أن الأستاذ «فيل» قد بنى استنباطاته على أسس خاطئة، وهذا فيما يخص أولًا فهمه لفن عصر الهكسوس، والعهد الذي غزوا فيه البلاد وعلاقته بالأسرة الثالثة عشرة، وهذا الموضوع قد بحث في غير هذا المكان (Ed. Meyer “Gesch”. I. §. 303).أما أهم خطأ وقع فيه فهو قوله إن «ستخ» إله أجنبي قد أحضره الغزاة معهم من «آسيا»، مع أنه هو نفس الإله «ست» المصري كما شرحنا ذلك من قبلُ، وبخاصة في النقوش الخاصة بالموظف «بحر نفر»، التي قدَّمَتْ لنا برهانًا آخَر قاطعًا بأن «ست» المصري كان يُعبَد منذ الأزمان القديمة في الشمال الشرقي للدلتا بعد أن اتخذها موطنًا له، وبذلك هدم أقوى عماد يرتكز عليه مقال الأستاذ «فيل». والواقع أن «ست» كان الإله المحلي منذ زمن بعيد في «أواريس»، وقد اتخذه الهكسوس بمثابة إلهٍ حامٍ لملكهم، وقد رفعوه إلى مرتبة «ملك الآلهة». والواقع أن لوحة أربعمائة السنة لم تذكر لنا دخوله «تانيس»، بل ذكرت لنا النقوش حقًّا اسمَ المدينة التي استوطنها الإله الجديد، ولم يبقَ علينا هنا إلا الاعتراف بصحة ما استنبطه الأستاذ «جاردنر»، وأن اعتلاء «ست» المصري (نبتي) عرشَ الملك لا يمكن إلا أن يكون في عاصمة الملك التي وضعها تحت حمايته، وهذه كانت «أواريس»، وفي ربوعها فقط يمكن للإنسان أن يعقد الاحتفالَ بعيده، ونصب لوحة تذكارية له. وفي الختام يجب أن نبحث على وجه التحقيق في أي زمن اتخذ «ست» صاحب «أمبوس» (كوم أمبو) بلدة «سثرت» موطنًا له، وهذه الهجرة يمكن أن تكون قد حدثت في أي زمن، ولكن يجب أن يعتبر الإنسان أمرين هامين: أولًا يجب أن يكون انتقال معبود من مملكة لمملكة أخرى عن طريق الفتح، وذلك أن يستولي إله الفاتحين على أرض القوم المغلوبين، وهذا ما حدث على سبيل المثال في عبادة «آمون» في السودان وفي المستعمرات الآسيوية؛ إذ قد نقلها الفاتحون إلى هذه البقاع. ثانيًا: لم يكن من المعقول أن الإله «ست» يؤسس بلدة جديدة تقام فيها عبادته في الوجه البحري في وقتٍ كانت سمعته سيئة فيه منذ القِدَم، غير أننا نعلم أنه كان يقطن منذ بداية الدولة القديمة «سثرت»، فيجوز في أمر هجرته إلى الشمال أنها حدثت عندما أخضع «ست» مملكة الإله «أوزير عنزتي» أمير مقاطعات شرق الدلتا، أو عندما قهر «مينا» الوجه البحري وجعله تحت سيادة الجنوب، وقد سلم الأستاذ «زيته» في كتابه في عصر ما قبل التاريخ (Sethe, “Urgeschichte und Alteste Religion der Agypter”, § 47. ff.) أن «ست» قد هاجَرَ منذ زمن يبعد بكثير عن «حور» معبود «دمنهور» نحو «إدفو»، فقد هاجر أولًا في العصر التاريخي إلى الشمال الشرقي من الوجه البحري، غير أنه لم يقدِّم لنا أي برهان على هذا الزعم، ولكن على حسب ما جاء عن العيد الذي كان يقام هنا للإله «ست» قبل الأسرة الرابعة، يمكننا أن نبحث على ضوء الاحتمالين اللذين قدَّمناهما للفصل في هذا الموضوع، ونرجح أن هذا الانتقال قد حدث في أواخر عصر ما قبل التاريخ؛ وذلك لأن حكام الوجه القبلي الذين كانوا قد أخذوا منذ الأسرة الأولى يخضعون الوجه البحري تدريجًا، كانوا يعبدون كذلك الإله «ست» بوصفه الإله الحامي للمملكة، غير أن «حور» كان مع ذلك الإله الرئيسي؛ ففي الحروب التي انعكست صورتها أمامنا في قصة «أوزير»، كان «ست» إله الحرب في الوجه القبلي هو المنتصر؛ وقد اغتصب شرقي الدلتا من «عنزتي» سيد المقاطعات الشرقية، على أنه يمكننا من هذا أن نقرن استعمار جنوبي الوجه القبلي خلال سيادة «هليوبوليس» باستعمار الجزء الشرقي من الوجه البحري بملوك أمبوس (كوم أمبو)، وقد كان هذا الاستعمار بلا شك قليلَ الأهمية جدًّا؛ لأن المعلومات عنه كانت لا ترتكز إلا على ذكر مقاطعة «سترويت» التي ذكرها مؤرِّخو اليونان.
............................................
1- راجع: Weill, “The Problem of the Site of Avaris”, J. E. A. Vol. XXI. (1935) p. 14. Ff
2- راجع: Mariette, “Monuments”, Pl. 31. (Texte) p. 58
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|