أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-30
64
التاريخ: 22-4-2017
2247
التاريخ: 19-7-2021
6815
التاريخ: 3/12/2022
1642
|
الاتجاه السائد لدى معظم التشريعات التي جعلت بعض صور التحريض بوصفها جرائم شكلية مستلقة تتحقق بها مسؤولية المحرض من خلال تجريم النشاط التحريضي لذاته وأن لم يتبعه أثر وبهذا يخرج التحريض من نطاق المساهمة التبعية ليكون جريمة مستقلة بذاتها تستمد تجريمها من فعل المحرض وليس من فعل الآخر إذا ما تحققت شروط وقوعها (1)، وإذا ما تحققت الجريمة المحرض عليها كنا امام نصوص المساهمة الجنائية يعد المحرض شريك مع الفاعل المادي للجريمة (2) وقد أخذ القانون العراقي والمصري بهذا المبدأ (3) أما المشرع الأردني فقد نص على التحريض بنصوص عامة(4) قرر بذلك مسؤولية المحرض بالنظر لخطورة نشاطه الإجرامي بصرف النظر عن النتيجة وبهذا يعاقب على التحريض كجريمة مستقلة بذاتها وكصورة خاصة من المساهمة الجنائية وأن لم يترتب أثر (5) وكنتيجة قانونية ينبغي آثارتها في هذا الصدد من حيث الأساس الذي تتحدد بموجبه مسؤولية ذلك الفعل، فقد تمكنا من حصر ثلاثة أمور قد تثير مشكلة قانونية في تحديد مسؤولية المحرض والتي تتمثل بالآتي :-
اولا – مدى تغيير مسؤولية المحرض باختلاف أسباب عدم تحقق الأثر.
يرى معظم الفقه الجنائي أن أسباب انعدام الأثر في التحريض يعود الى ثلاث صور هي (1- عدم قبول التحريض أصلا من الشخص المتلقي، 2 - التظاهر بقبول التحريض وعدم ارتكاب الجريمة، 3- عدم وصول التحريض للمتلقي) (6) فهل مسؤولية المحرض تختلف باختلاف الصور الثلاث؟ ولدى تتبع النصوص القانونية ذات الصلة بجرائم التحريض غير المتبوع بأثر العامة منها أو الخاصة (7) نجد أن التشريعات محل الدراسة لم تبدِ اهتماماً بأسباب عدم قبول التحريض بل انصب جل اهتمامها بتجريم هذا النشاط فور وقوعه دون الاكتراث لنتيجة الجريمة المادية وذلك لخطورة النشاط التحريضي على محل الحماية القانونية وتعد جرائم التحريض غير المتبوع بأثر جرائم مستلقة تنهض المسؤولية اتجاه المحرض حال إتيانه النشاط التحريضي المجرم ، ونرى انه قد يقصر تكييف جريمة التحريض غير المتبوع بأثر على الصورة الثالثة الواردة آنفا وهي عدم وصول التحريض للمتلقي كان يسجل شخص شريط فديو يحرض به الأحداث على ارتكاب جرائم السرقة أو الأفعال المخلة بالآداب العامة (8) المعاقب عليها بالتحريض غير المتبوع بأثر وتم ضبط هذا الفيديو قبل أن يصل الى الشخص أو الأشخاص المرسل لهم ، أن يكون تكييفها بالشروع على التحريض غير المتبوع بأثر مما يترتب عليه تخفيف المسؤولية الجزائية عن الجريمة حسب النصوص القانونية التي تنظم تجريم الشروع (9) ، ويطالعنا نص خاص في هذا الاتجاه هو نص المادة (307) عقوبات عراقي المتعلق بجريمة الرشوة فيذهب رأي بإمكانية تصور الشروع إذا ما بادر الموظف بطلب الرشوة ولم يصل هذا الطلب الى علم صاحب الحاجة فيكون فعل الموظف بهذه الصورة شروع بارتكاب جريمة الرشوة اذا ما وقف فعل الطلب عند البدء بالتنفيذ المكون للشروع (10)، وهو مجرد رأي فقهي وقد حسم المشرع الأمر بهذا الصدد كما . حسم الأمر بجرائم التحريض غير المتبوعة بأثر بأن عاقب على مجرد إتيان الفعل المجرم ، وبعكس هذا الاتجاه يرى آخرون أن لا شروع في جرائم التحريض غير المتبوع بأثر كونها جرائم سلوك محض تقع بمجرد ارتكاب السلوك دون الاهتمام أو البحث عن تحقق نتيجة الجريمة وهذا ما سارت عليه التشريعات محل الدراسة التي اهتمت بتجريم النشاط التحريضي للخطورة الكامنة فيه وأثرها في تهديد المصلحة المحمية. ونحن نؤيد الاتجاه الثاني القاضي بعدم تحقق الشروع في جرائم التحريض غير المتبوع بأثر وان لم يصل التحريض للشخص المعني وذلك كونها من الجرائم التي تقع بمجرد ارتكاب سلوكها المادي.
ثانيا - مسؤولية المحرض حال وقوع الجريمة محل التحريض: أن المحرض تقرر له مسؤولية جزائية عن تحريضه وأن لم تقع الجريمة المحرض عليها لكن ما هو الأساس لمسؤولية المحرض إذا وقعت الجريمة محل التحريض وكانت في الأصل من الجرائم المعاقب عليها بصفتها جريمة قائمة بذاتها أو بعبارة أخرى إذا ما وقعت الجريمة المقصودة من التحريض فهل نكون بصدد تعدد جرائم أم أنها جريمة واحدة وتعددت النصوص بشأنها أي جريمة تامة عن التحريض وجريمة أخرى عن الاشتراك عن طريق التحريض؟ وبهذا الصدد يذهب الفقه الجنائي الى عدة آراء أولها هو حالة تعدد الجرائم أي بمعنى وقوع جريمتين مستقلتين يسأل المحرض عن أولها بصفته فاعلا فيها ويسأل عن الجريمة الثانية بصفته شريك وحجتهم بذلك أنه في حاله وقوع الجريمة محل التحريض نكون أمام فعلين متميزين يهدد الفعل الأول المصلحة المحمية ويضر الفعل الثاني هذه المصلحة أي نكون بصدد تعدد حقيقي للجرائم ، بينما يرى الآخرون أن هذا المثال هو تعدد صوري للجرائم وهو يتحقق إذا ما كون الفعل الواحد جريمة وكان تحت طائلة أكثر من نص قانوني في نفس الوقت وهنا يسأل المحرض عن الجريمة التي عقوبتها الأشد (11) ، أما الرأي الثالث فيرى أن النصوص القانونية التي جرمت النشاط التحريضي وإن لم يترتب عليه أثر هي نصوص احتياطية يهدف بها المشرع الى تلافي افلات المجرم المحرض من العقاب اذ ما طبقت عليه النصوص القانونية الخاصة بالمساهمة الجنائية، فبادر المشرع لتجريم هذا النشاط حال ارتكابه بنصوص قانونية خرج بها من نطاق أحكام المساهمة وشروط تحققها تلافيا لوقوع الجريمة والوقاية منها فاذا ما وقعت الجريمة انتهت وظيفة هذه النصوص الاحتياطية وطبقت النصوص العامة الخاصة بالمساهمة الجنائية (12) .
ونحن نميل الى الرأي الأخير بعد أن نصوص التجريم التي جاء بها المشرع والتي عالجت جرائم التحريض غير المتبوع بأثر هي نصوص احتياطية شرعت لتحقيق غاية المشرع بحماية المصالح الجديرة بالحماية قبل وقوع الضرر عليها بوضع جدار واق يمنع المساس بها من خلال تجريم إتيان النشاط التحريضي وعدم الانتظار لوقوع الجريمة وهذا ما يعرف بالتجريم الوقائي فاذا ما وقعت كانت نصوص المساهمة الجنائية هي الأجدر بالتطبيق كون التحريض غير المتبوع بأثر خرج من شكله كجريمة مستقلة ليكون تحت عنوان التحريض بالاشتراك وهذا ما ذهبت اليه التشريعات من تحديد مسؤولية المحرض في حال وقوع الجريمة محل التحريض .
ثالثاً - أثر العلانية بمسؤولية المحرض قد يوجه النشاط التحريضي الى كافة الناس أو الى طائفة معينة أو لصنف من الناس أو قد يوجه الى شخص من الأشخاص فهل هناك اختلاف في مسؤولية المحرض عن اتيانه نشاطه التحريضي غير المتبوع بأثر إذا ما جاء بالنشاط التحريضي بشكل علني ام بشكل غيـر علني؟ اختلف الموقف التشريعي من العلانية في الجرائم التي من الممكن أن تكون العلانية جزءاً في ارتكابها فتارة يجعلها ركن من أركان الجريمة وأخرى يجعلها ظرفاً مادياً مشدداً للعقوبة فقط (13)، أما بخصوص أثرها على مسؤولية المحرض في جرائم التحريض غير المتبــوع بـأثر فبالاطلاع على نصوص القانون الخاصة بموضوع الدراسة لم نجد موقفا للمشرع يعير اهتماماً لهذا التفريق وعليه ساوى في مسؤولية المحرض سواء جاء بنشاطه بصورة عامة أم خاصة باستثناء بعض النصوص القانونية مثال على ذلك نص المادة (212) من قانون العقوبات العراقي التي اشترط المشرع لتحققها أن تقع بإحدى طرائق العلانية، ونرى أن التحريض العام وهو توجيه النشاط التحريضي لجمهور غير معين بالذات لا يتصور وقوع هذا التحريض إلا بإحدى طرائق العلانية أكثر خطورة من التحريض الخاص(14) فوسائل العلانية لها الأثر الواضح في امتدادها لأكبر عدد من الأشخاص وأثرهـا فـي نفسياتهم ولا بد من التفرقة من حيث خطورة النشاط التحريضي إذا ما كان خاصاً ام عاماً وجعل التحريض بالوسائل العلنية أشد عقاباً من غيره لا سيما بعد التطور الكبير الحاصل في وسائل الإعلام و للتواصل عبر الانترنيت (15)
__________
1- وقد تقدم تفصيل ذلك في ذات الفصل في ص58-65 من الرسالة
2- ينظر: د. محمد عبد الجليل الحديثي، جرائم التحريض وصورها في الجوانب الماسة بأمن الدولة الخارجي، ط1، دار الحرية للطباعة، بغداد ، 1984 ، ص85.
3- تنظر : المواد (1/48) عقوبات عراقي، (40 / أولا) عقوبات مصري.
4- تنظر الفقرات (أ، ب) من المادة (80) من قانون العقوبات الأردني
5- ينظر: د. عبد الرحمن توفیق، شرح قانون العقوبات القسم العام ، ط 2 ، دار الثقافة ، عمان ، 2015، ص344.
6- ينظر: د. عبد الفتاح مصطفى الصيفي ، الاشتراك بالتحريض ، دار الهدى للمطبوعات الإسكندرية ، بلا سنة طبع، ص 553.
7- تقدم تفصيل ذلك في الفصل الأول ص 22-30 من الرسالة.
8- تنظر المواد (399 ،448 ) من قانون العقوبات العراقي.
9- ينظر: حنان أبو العينين التحريض على الجريمة بين مذهبي التبعية والاستقلال اطروحة دكتوراه كلية الحقوق ، جامعة القاهرة 1990 ، ص 40.
10- ينظر: د. ماهر عبد ،شویش شرح قانون العقوبات - القسم الخاص، ط 2 ، العاتك لصناعة الكتاب، القاهرة، بلا سنة طبع، ص58.
11- ينظر: د. عبد الفتاح مصطفى الصيفي الاشتراك بالتحريض، مرجع سابق، ص 563.
12- ينظر: د. محمد عبد الجليل الحديثي، جرائم التحريض وصورها في الجوانب الماسة بأمن الدولة الخارجي، ط1، دار الحرية للطباعة، بغداد ، 1984 ، ص 266.
13- تنظر على سبيل المثال المادة (1/433) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل .
14- ينظر : د. محمد القبلاوي، المسؤولية الجنائية للمحرض على الجريمة، ط1، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية ،2012، ، ص47.
15- اعتبرت الهيئة التمييزية لمحكمة استئناف بغداد الرصافة الاتحادية بقرارها المرقم 989/جزاء /2014 في 12/19/2014 اعتبار النشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ( الفيس بوك ( من وسائل الإعلام لأنه متاح للجميع ويوفر عنصر العلانية في الفعل وفق احكام المادة (3/19) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل . متاح على الموقع الالكتروني :
https://carii.org/sites/default/files/events/Ira - lady sim Imwswy.docx
اخر زيارة للموقع في 2020/1/15
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|