مساهمة الهيئات الرقابية في الكشف والتحري عن جرائم العقود الحكومية |
189
11:03 صباحاً
التاريخ: 2024-10-30
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-4-2017
2836
التاريخ: 11-4-2022
3159
التاريخ: 22-4-2017
2919
التاريخ: 21-3-2016
10006
|
أن الحديث عن دور الهيئات الرقابية في التحري عن الجرائم الماسة بالعقود الحكومية يقتضي الوقوف على دور كل هيئة وحسب التفصيل الآتي:
أولا - ديوان الرقابة المالية: لديوان الرقابة المالية مسؤولية واختصاصين كبيرين في مواجهة جرائم العقود والمناقصات الحكومية، وما يتولد عنها من جرائم فساد، إذ أعطاها القانون وسائل كثيرة لكشف مثل هذه الأمور، وتتلخص في الاتي:
1- لديوان الرقابة المالية في العراق أهمية كبيرة في الرقابة على النفقات الحكومية، إذ تعزى اليه مهمة فحص سلامة النفقات العامة، من حيث عدم تجاوزها للاعتمادات المقررة لها في قانون الموازنة كما وتدقيق فيما اذا كانت الأموال استخدمت في الأغراض المخصصة لها وانعدام الهدر(1).
2 - القيام بعمليات تدقيق التخمينات المتعلقة بالمناقصات وتدقيق الايرادات العامة، ومنها مناقصات العقود الحكومية (2).
3- تقديم الرأي والمشورة فيما يتعلق في بيانات المؤسسات الخاضعة للتدقيق والرقابة المالية، من حيث كونها مطابقة للأصول المحاسبية والامكانيات المالية وبيان فائدته ومردوداته المالية واليات استثماره (3)
4- تقديم يد العون في مجال تقويم وتطوير الأداء للمؤسسات الخاضعة لرقابته، وكذلك تقديم العون والرأي فيما يتعلق بطرق الإدارة المالية والتنظيمية (4).
5- التعاون مع هيئة النزاهة فيما يخص نشر المعايير المحاسبية وأنظمة التدقيق المحاسبي المقبولة والمعمول بها دوليا، وكذلك سبل تطبيقها وفقا لحال البلاد والتطورات التي تشهدها بصورة مستمرة (5).
6 - الكشف عن جرائم الفساد وتبديد المال العام والتبذير وإساءة استخدامه والاحتيال، وكذلك الكشف عن انعدام الكفاءة فيما يتعلق بقبض الواردات الحكومية وتحصيلها وكذا الحال في انفاقها واستغلالها (6).
7 - يعد ديوان الرقابة المالية جهة تدقيق لاحقة، فبعد فراغه من التدقيق السنوي لزاما عليه ان يقوم بنشر نتائج التدقيق، ويتضمن أيضا تقييم الإجراءات الحكومية والتشريعية في تدعيم الشفافية والقضاء على هدر الأموال، وتقديم مقترحات تشريعية على سبيل المشورة والرأي (7).
وفي سبيل ذلك، اعطى القانون لديوان الرقابة المالية جملة من السلطات تتلخص بما يلي:
1 - التحقيق بطلب من مجلس النواب العراقي فيما يتعلق بكفاءة الاتفاق واستخدام الأموال العامة (8).
2- لديوان الرقابة المالية ان يحيل إلى هيئة النزاهة أي ادعاء أو دليل يؤشر على فساد أو انعدام الكفاءة أو التبديد أو الإهمال في استغلال المال العام(9).
ومن سلطات ديوان الرقابة المالية أن من حقه أن يطلع على الوثائق التي لها علاقة بعمله كجهة رقابة مالية سواء كانت عادية أو سرية من غير الوثائق المستثناة بموجب القانون، وكذلك حق الجرد والحصول على المعلومات من الجهات ذات العلاقة، واجابة كافة استفساراته(10).
4-نص قانون ديوان الرقابة المالية بان في حال طلبه من المؤسسات الخاضعة لرقابته اية سجلات أو وثائق فيجب تزويده بذلك خلال عشرين يوما، وفي حال التعذر تجيب الإدارة عن أسباب التعذر، وخلاف ذلك فلديوان الرقابة المالية ان يخاطب النزاهة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم (11).
5- لديوان الرقابة المالية صلاحية تدقيق العقود العامة من حيث التقييم المالي لها، وأن تضمن أن تكون النفقات الحكومية من تخصيصات وتسهيلات وامتيازات ومنح وقروض مخصصة إلى الغرض الذي تؤديه (12)
وفي الجزائر يظهر دور مجلس المحاسبة العمومي جلياً في التدقيق المالي والرقابة على العقود الحكومية، وله دور قضائي واداري ومحاسبي لتحقيق غايته الرقابية، ولا يختلف دوره المحاسبي عن دور ديوان الرقابة المالية كثيرا، إلا ان له دور قضائي مميز، يتمثل بإمكانية فرض الغرامات الجنائية على المحاسبين والأمرين بالصرف الذين يتأخرون بإيداع الوثائق عنده (13).
أن دور ديوان الرقابة المالية ونظيره في الجزائر وفقًا لما سبق لهو دور مهم في التحري والكشف عن التلاعب بالعقود الحكومية، ومحوري في الكشف عن الجرائم التي تمس العقود والمناقصات الحكومية، وذلك وفقا للصلاحيات التدقيقية التي حولها القانون لهما.
ثانياً - هيئة النزاهة: يظهر أن لهيئة النزاهة دور كبير في الرقابة على آثار المساس بمناقصات العقود الحكومية، وأبرز هذه الآثار الظاهرة هو الكسب على حساب الدولة جراء التلاعب بالمناقصات والعقود التي تكون الدولة طرفاً فيها؛ لذلك فقد كان من صلب عمل الهيئة هي مكافحة الكسب غير المشروع.
وتعرف جريمة الكسب غير المشروع بأنها الزيادة الظاهرة في أملاك الموظف بصورة غير مشروعة وبما لا يتوافق مع دخله. أو هي زيادة ممتلكات الموظف نتيجة لاستغلاله نفوذه أو سلطته (14). فقد نظم المشرع العراقي تجريم الكسب غير المشروع في ثلاثة قوانين، الأول منها هو قانون الكسب غير المشروع رقم 15 لسنة 1958 المعدل بالقانونين رقم 36 و 65 لسنة 1958، والقانون رقم 65 لسنة 1960 ، وأخيرا القانون رقم 30 لسنة 1963.
وكذا في قانون العقوبات العراقي في المادة (138)، وقانون هيئة النزاهة الملحق بالأمر 55 لسنة 2004، وقانون هيئة النزاهة رقم 30 لسنة 2011 ، وقانون هيئة النزاهة رقم 3 لسنة 2011 في إقليم كوردستان العراق، ولجريمة الكسب غير المشروع اركان عدة وهي الركن المادي الذي يتمثل بعنصرين، وهما زيادة أموال المكلف أو زوجته أو أولاده والثاني عدم التناسب بين زيادة أموال المكلف وبين دخله الإعتيادي، والركن المفترض والذي يشترط فيه ان يكون مرتكبها موظفا أو مستخدمًا أو مكلفا بخدمة عامة؛ والركن المعنوي المتمثل بالقصد الجرمي بعنصريه العلم والإرادة، وقد تطرقنا لهذه الأركان .
كما أن هيئة النزاهة وهي هيئة مستقلة، تخضع لرقابة مجلس النواب العراقي، تعمل على المساهمة في منع الفساد ومكافحته ضمن برنامج ومنهج خاص موضوع لها منذ تأسيسها والغرض منه قيام الهيئة بكشف الفساد في مختلف دوائر الدولة ومعرفة أسباب هذا الفساد ومن ثم محاولة القضاء عليه عن طريق معاقبة الفاسدين.
فأنَّ لهيئة النزاهة أدوار مختلفة في محاربة الفساد والتي تدخل ضمن نطاقه جرائم الماسة بمناقصات العقود الحكومية، وإن أهم هذه الاختصاصات هي كما ورد فيما سبق من البحث اختصاص هيئة النزاهة في الوقاية من الجرائم وكذلك اختصاصها التشريعي والتثقيفي واختصاصها في التحقيق ... .
وبالرغم من الاختصاصات الواسعة الممنوحة لهيئة النزاهة في مكافحة حالات الفساد ومنها جرائم مناقصات العقود الحكومية، إلا أنه مؤشرات الفساد لازالت مرتفعة أي إن هذا الأمر إن دل على شيء فإنَّما يدل على وجود معرقلات ومعوقات تحد من فاعلية الهيئة في نشر الثقافة والنزاهة ومكافحة الفساد بمختلف أنواعه (15).
وقبل أن نتطرق لهذه المعوقات التي قد تكون معوقات سياسية أو أمنية أو إدارية، والتي تحد من فاعلية الهيئة سنتناول آثار الفساد الإداري والمالي لما له من أهمية وصلة في مجال البحث.
1- آثار الفساد الإداري والمالي: إنَّ الفساد الإداري و المالي ظاهرة عالمية سريعة الإنتشار في جميع المفاصل الحكومية للدولة و التي تعرقل خطط وبرامج التنمية و سير أداء المرافق العامة وانجاز الوظائف وتقديم الخدمات، وهذا بدوره يؤدي إلى عجز المؤسسات الحكومية والادارات عن تنفيذ المشاريع والعقود الحكومية بمختلف أنواعها. إذ هو بمثابة أهم التهديدات على الأجهزة الإدارية فأنَّه يمنع الجهاز الإداري من القيام بواجباته الوظيفية التي وجد من أجلها (16). وان آثار الفساد لا تنحصر فقط في الجانب الأخلاقي والديني، وإنما تشمل هذه الآثار الجانب السياسي والاقتصادي للدولة فأن على صعيد الدولة الفساد يؤدي إلى بعض النتائج منها :
* تشويه دور الحكومة في تنفيذ الخطط وبرامج التنمية والسياسة العامة للدولة وهذا يؤدي إلى ضياع هيبة الدولة وزعزعة ثقة المواطنين بها.
* إبعاد الأكفاء عن تولي المناصب القيادية وجعل هذه المناصب بيد من لا يحرص عليها بل يستغلها لمصالحه الشخصية.
* إبعاد الشركات العالمية و المحلية الرصينة عن العملية التعاقدية و حصر مناقصات
العقود الحكومية بالمقاولين غير الكفوئين أو المرتشين أو المختلسين (17). أما على الصعيد الاقتصادي فيؤدي إلى:
* هروب الشركات المحلية و الأجنبية من التقدم إلى مناقصات العقود الحكومية وذلك لعدم وجود حافز لهم.
* سوء توزيع الثروة والدخل إذ أنه يفيد القلة على حساب الكثرة.
* يقلل من فرص العمل و يؤدي إلى نقل المهارات والخبرات.
* تخريب العمران و الناتج عن عدم تنفيذ المشاريع ( المقاولات و الأشغال والتوريد و.... )(18).
2- المعوقات القانونية و الإدارية : من أهم المعوقات القانونية و الإدارية التي تعاني منها هيئة النزاهة هي :
* عدم إكتمال المنظومة القانونية و الإدارية و التي تزيد من إداء هيئة النزاهة.
* وجود نصوص قانونية في واقع الحال معطلة و غير معمول بها منها نص المادة (163) قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 التي نصت على للمحكمة أن تأمر باتخاذ أي إجراء من الإجراءات التحقيق أو تكلف أي شخص بتقديم ما لديه من معلومات أو أوراق أو أشياء إذا رأت أنَّ ذلك يفيد في كشف الحقيقة و إذا امتنع من تقديم ما كلف به جاز للمحكمة أن تحيله على حاكم التحقيق لإتخاذ الإجراءات القانونية ضده، و في الواقع نجد أن المسؤول لا يوافق على إحالة المتهم سواء كان مدير عام أو وكيل وزارة، إلى المحاكم بقضية جزائية و نجد ان المتهم يتحصن بهذه المادة في مختلف مفاصل الدولة (19). عدم وجود وسائل التقدم التقني والأدوات الخاصة بالرقابة والتحري التي تضعف وتعرقل قدرة محققي الهيئة على القيام بواجباتهم (20).
عدم توفر الاستقلال الكامل للهيئة وضعف الدعم السياسي والإداري لعملها، يؤدي إلى صعوبات بالغة في ملاحقة الفساد في الأجهزة الإدارية ومؤسسات الدولة؛ وهذا الأمر قد يكون بسبب عدم وجود تنسيق بين هيئة النزاهة والمؤسسات الحكومية من جهة والمحاكم المختصة في مكافحة الفساد من جهة أخرى (21).
__________
1- د. سالم عواد هادي وطه محسن عبد الله دور اجراءات المساءلة في تعزيز نتائج الموازنة الاتحادية في وحدات الاتفاق الحكومي، بحث منشور في مجلة دراسات محاسبية ومالية، المجلد 40 الفصل 3، جامعة بغداد، العراق، 2017، ص 67. وينظر أيضا نص المادة (10) والمادة (1/6) من قانون ديوان الرقابة المالية رقم 13 لسنة 2011.
2- المادة (6/أولا /ب) من قانون ديوان الرقابة المالية رقم 13 لسنة 2011.
3- د. عبد الصاحب نجم عبد استراتيجية الرقابة في العراق، بحث منشور في مجلة دراسات محاسبية ومالية، مجلد 2، العدد 5 جامعة بغداد العراق، 2007، ص 5. وينظر أيضا نص المادة (6/أولا /ج) من قانون ديوان الرقابة المالية رقم 13 لسنة 2011.
4- المادة (4/أولا) من قانون ديوان الرقابة المالية رقم 13 لسنة 2011.
5- د. هبه وار نور الدين دور الاجهزة الرقابية المستقلة على المال العام دراسة مقارنة، بحث منشور في المجلة القانونية (مجلة) متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية، جامعة القاهرة، كلية الحقوق (فرع الخرطوم)، المجلد 7، العدد 4 ، 2020، ص 65.
6- المادة (4/أولا) من قانون ديوان الرقابة المالية رقم 13 لسنة 2011.
7- د. عبد الصاحب نجم عبد استراتيجية الرقابة في العراق، بحث منشور في مجلة دراسات محاسبية ومالية، مجلد 2، العدد 5 جامعة بغداد العراق، 2007 ، ص 6.
8- د. نادية طالب سلمان وعز الدين محمد دور ديوان الرقابة المالية في إجراء التحقيق بالمخالفات المكتشفة، بحث منشور في مجلة التقني، الجامعة التقنية الوسطى، المجلد السادس والعشرون، العدد الرابع، بغداد، العراق، 2013 ، ص 195.
9- المادتين (14) و (16) من قانون ديوان الرقابة المالية رقم 13 لسنة 2011.
10- د. عبد الصاحب نجم عبد استراتيجية الرقابة في العراق، مصدر سابق، ص 6.
11- المادة (12) من قانون ديوان الرقابة المالية رقم 13 لسنة 2011.
12- المادة (13) من قانون ديوان الرقابة المالية رقم 13 لسنة 2011.
13- د. شبري عزيزة دور مجلس المحاسبة الجزائري في الرقابة على الحسابات العمومية، بحث منشور في مجلة الفكر القانوني والسياسي، المجلدة ، العدد 1، جامعة عمار ثليجي الاغواط، الجزائر ، 2020، ص 1050. وينظر كذلك: الامر 95-220 لسنة 1995 والأوامر المتممة له المتعلقة بالمجلس المحاسبي في الجزائر .
14- د. فريد علواش، الاثراء غير المشروع وفقا لقانون الوقاية من الفساد ومكافحته، بحث منشور في مجلة الحقوق والحريات، كلية الحقوق والعلوم السياسية، المجلد 2، العدد ،2 جامعة محمد خيضر بسكرة، الجزائر، 2016 ، ص 102.
15- فيصل بن طلع بن طايع معوقات تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، رسالة ماجستير، جامعة نايف للعلوم الأمنية، كلية الدراسات العليا - العدالة الجنائية، 2008، ص22.
16- د. قاسم علوان سعيد د. سهاد عادل احمد الفساد الأداري والمالي المفهوم الأسباب الآثار وسائل المكافحة بحث منشور في مجلة الدراسات التاريخية و الحضارية، المجلد 6 ، العدد ،18 ، جامعة تكريت، العراق، 2014، ص 7.
17- آثار الفساد و مخاطره، الهيئة العامة لمكافحة الفساد، بحث متاح على الموقع الإلكتروني لهيئة النزاهة و على الرابط: https://www.nazaha.gov.kw/AR/pages/effects-of-corruption.aspx تاريخ الزيارة .2023/6/20
18- ايثار عبود كاظم الفساد الإداري و المالي و آثاره الاقتصادية والاجتماعية في بلدان مختارة، رسالة ماجستير كلية الإدارة والاقتصاد جامعة كربلاء، 2009 ، ص 34.
19- علي سعدي عبد الزهرة، أحمد عبد الجبار حميد دور الهيئات المستقلة في مكافحة الفساد في العراق (هيئة النزاهة نموذجاً)، بحث منشور في مجلة الناقد للدراسات السياسية، المجلد 5 العدد 1، جامعة النهرين، العراق، 2021، ص38.
20- د. قيصر محمود عبيس، معوقات الملاحقة الجزائية لجرائم الفساد، بحث منشور في مجلة الجامعة العراقية، العدد (57 ج 2) الجامعة العراقية ،العراق، بدون سنة نشر، ص526.
21- علي سعدي عبد الزهرة، أحمد عبد الجبار حميد دور الهيئات المستقلة في مكافحة الفساد في العراق (هيئة النزاهة نموذجاً)، مصدر سابق ص40.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|