أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-4-2017
5344
التاريخ: 2-4-2016
10129
التاريخ: 16-6-2021
6641
التاريخ: 2023-08-15
1143
|
لا يكفي لتضمين الموظف ارتكابه مجرد خطأ، سواء أكان هذا الخطأ بصورة إهمال أم تقصير أم مخالفة للقوانين والأنظمة والتعليمات، فلا بد أن يترتب على هذا الخطأ ضرر يلحق بالمال العام، فعليه فأن الضرر بشكل عام يُعرف بأنّه أذى يحلق بالشخص نتيجة الاعتداء على حق شخصي أو مالي أو الحرمان من هذا الحق" (1) ، فالضرر بمعناه العام هو الأذى الذي يصيب الشخص ويمس حق من حقوقه، أو مصلحة مشروعة أسبغ عليها المشرع الحماية، ولا خلاف سواء أكان هذا الضرر أصاب الشخص في جسمه أم أصابه في شعوره أو ماله (2)، وأن الضرر المطلوب التعويض عنه نوعين هما الضرر المادي، يقصد به " الضرر الذي يلحق الشخص بخسارة في ماله كالأتلاف أو تفويت فرصة الحصول على منفعة، أما الضرر الأدبي، فيقصد به "الضرر الذي يصيب الشخص في حق لا يُعدُّ حقاً مالياً، إنما يختص بضرر أصاب الشرف والسمعة" (3) ، فالمسؤولية التقصيرية تدور وجوداً وعدماً مع الضرر، وغايتها هي التعويض المقدر بقدر الضرر، وبانتفاء الضرر تنتفي تبعاً له هذه المسؤولية(4)، وفقاً لما جاء بقرار المحكمة الإدارية العليا العراقية الذي أشارت فيه إلى أن " تضمين الموظف قيمة الأضرار التي أصابت المال العام يستوجب التحقق من توافر أركان المسؤولية التقصيرية في فعله " (5)، عليه فالموظف لا يمكن مسائلته، ومن ثم تضمينه إذا لم يكن بفعله سبب ضرر بالمال العام، واستناداً إلى ذلك فإذا انتفى الضرر المطالب الموظف بتعويضة فلا تتحقق المسؤولية ولا التعويض؛ كونه يمثل ركناً اساسياً من أركان المسؤولية التضمينية، فهو يُعدُّ سبب التعويض (6)، ولا يلتفت في حالة الضرر الموجب إلى التعويض إلى جسامة الضرر من عدمه؛ لأنه قد أصاب المال العام، فالضرر الحاصل بالأموال العامة لا يشترط به أن يبلغ حداً معيناً من الجسامة؛ لأنَّ الضرر الواجب التعويض عنه يدخل في تقدير التعويض لا إمكانية الاستحقاق (7)، ولكون إثبات الضرر هو من الوقائع المادية، لذلك فأن عبء الإثبات يقع على عاتق المستفيد من الحصول على التعويض وهو الطرف المدعي في المطالبة بالتعويض، لذلك ففي التضمين تكون الإدارة هي من يقع على عاتقها إثبات واقعة الضرر على المال العام، ومن ثم هي من تطالب بالتعويض، بالإضافة إلى كونها تمثل طرفاً في الخصومة الإدارية ومن ثم تتمتع بالامتيازات التي منحها إياها قانون التضمين، إذ تكون في مركز أفضل من مركز الأفراد؛ كونها تملك من الوسائل ما يثبت لها حقها في التعويض، وباعتبار الضرر واقعة مادية، لذلك فيمكن إثباتها بكافة وسائل الإثبات، وإثبات وقوع الضرر بالمال العام من قبل الإدارة غير كاف لوحدة للحصول على التعويض من محدث الضرر، بل لابد من إثبات حصوله من حيث توافر أسبابه وعناصره (8) ، كما أكدت المحكمة الإدارية العليا العراقية على أن الموظف لا يمكن تضمينه في حالة عدم ثبوت قيامه بأفعال أدت إلى حدوث الضرر من قبله (9).
ففي فرنسا فأن المشرع الفرنسي أشار إلى أن الضرر الذي يمكن التعويض عنه هو الضرر المادي والضرر المعنوي، وفقاً لما جاء به القانون المدني الفرنسي لعام 1804 المعدل، الذي أشار إلى أنه " كل فعل مهما كان يصدر من أنسان وتسبب للغير ضرر يلزم صاحبة بالتعويض عنه بسبب الضرر الذي نشأ عن خطئه" (10) ، أما في مصر فأن المشرع المصري أقر بالتعويض عن الأضرار المادية والأضرار المعنوية شأنه في ذلك شأن المشرع الفرنسي (11) ومن أحكام القضاء الإداري المصري في هذا المآل ما ورد في قرار المحكمة الإدارية العليا المصرية " يجوز تعويض المعتقل سياسيا عن الأضرار الأدبية التي أصابته من جراء حرمانه من مباشرة حقوقه السياسية بالإضافة إلى تعويضه عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء اعتقاله .... (12).
أما في العراق نجد قانون التضمين رقم (31) لسنة 2015 نص في المادة (1) على أنه " يضمن الموظف أو المكلف بخدمة عامة قيمة الأضرار التي تكبدتها الخزينة العامة بسبب إهماله أو تقصيره أو مخالفة القوانين والقرارات والأنظمة والتعليمات" كما أشارت المادة (2/ثانيا/ب) منه على تحديد المسؤول عن أحداث الضرر وجسامة الفعل المرتكب وتحديد مبلغ التضمين"، وبذلك فأن الموظف لا يضمن إلا عند وجود ضرر أصاب المال العام وهذا ما تم تأكيده من قبل المحكمة الإدارية العليا في قرارها الذي جاء فيه " يكون قرار التضمين غير صحيح إذا لم يوجد ضرر بالمال العام " (13) ، وأنّ من يتحمل التعويض نتيجة الأضرار التي حصلت بالمال العام هو الموظف بسبب الإهمال أو التقصير الصادر منه (14) ، وأن المال العام لا يمكن أن يصيبه الضرر المعنوي . ، لذلك فهو مقتصر على الضرر المادي فقط (15)، والضرر التضميني لا يختلف عن أي ضرر أخر من حيث الشروط الواجب توافرها فيه حتى يصبح من الممكن التعويض عنه، ومن هذه الشروط هي.
أولاً: أن يكون الضرر مباشراً
أن المسؤول عن الضرر يكون ملزماً بالتعويض عنه إذا كان فعله سبب ضرراً مباشراً بالمال العام، فإذا لم يكن الضرر قد وقع مباشراً انتفت بذلك العلاقة السببية بين الخطأ والضرر، وأن يصيب هذا الضرر حقاً أو مصلحة مشروعة يحميها القانون، أما إذا كان المحل المعتدى عليه يمثل وضعاً غير مشروع فلا يُعدُّ ضرراً ما يصيبه أخطاء من قبل الموظف، وبهذا لا تنهض المسؤولية طالما كان الحق أو المصلحة المعتدى عليهما تخالفا القانون والنظام والآداب العامة (16)، وبذلك فأن الخطأ الصادر من الإدارة يمثل السبب المنتج في أحداث الضرر باعتباره صورة من صور التصرف الخاطئ على أن يكون الضرر نتيجة لذلك الخطأ (17) . وعندما يكون الضرر مباشراً لا يمكن التعويض عنه في حالة إذ كان الخطأ راجعاً لسبب أجنبي كالقوة القاهرة أو نتيجة لخطأ المضرور أو بسبب فعل الغير (18) ، وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية العليا العراقية في أحد قراراتها إذ ورد فيه " لا يسأل الموظف عن الضرر الذي أصاب المال العام إذا كان لسبب أجنبي (19) "
ثانياً: أن يكون الضرر محققاً وموجوداً
يشترط في الضرر الخاص بتضمين الموظف العام أن يكون محققاً وموجوداً ، وليس معنى ذلك أن يكون الضرر وفق هذا الشرط أنياً، بل من الممكن أن يكون مستقبلياً بشرط أن يكون مؤكد الوقوع ومن الممكن تقديره، وبخلاف ذلك لا يمكن التعويض المفتقد لهذه الشروط إذ ما اريد التعويض عن الضرر المستقبلي (20) ، لذلك فالضرر المستقبلي هو ضرر تحققت اسبابه أما نتائجه فقد تراخت إلى المستقبل، أما الضرر المحتمل فهو ضرر لم يقع ولا توجد أي اشارة إلى وقوعه في المستقبل، وللاحتمال درجات تتفاوت يكون أقصاها الوهم (21) إذ أن من المبادئ المقررة قضاء . هو أن لا يكون التعويض إلا عن ضرر محقق فلا يدخل في حساب الأضرار الاحتمالية (22).
ثالثاً: أن يكون الضرر خاصاً
بمعنى أن يطال هذا الضرر شخصاً او اشخاصاً معينين بالذات، فالضرر العام لا يعوض عنه(23)، فالإدارة من مسؤولياتها حماية اموالها من الاعتداء عليها، وإذا تم الاعتداء على تلك الاموال فالإدارة تستطيع أن تطالب بالتعويض عن الضرر الذي أصاب المال العام عن طريق التضمين، إذا كان من أحدث الضرر موظفاً والمتضرر هو المال العام (24) .
رابعاً: أن يكون الضرر قابلاً للتقدير
بمعنى أن يكون الضرر التضميني من الممكن تقديره بالنقود وفقاً لما جاء بالمادة (3) من قانون التضمين رقم (31) لسنة 2015 ، على أنه يحدد مبلغ التضمين على وفق الأسعار السائدة بتاريخ مصادقة الوزير أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظ "، وأن لا يكون هذا الضرر قد سبق التعويض عنه، ومن ثم لا يمكن التعويض مرتين عن خطأ واحد في المسؤولية التضمينية(25)، يرى الباحث أن المشرع العراقي لم يأخذ بالتعويض العيني كوسيلة لإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الضرر، وإنما أخذ فقط بالتعويض النقدي مستنداً في ذلك إلى عبارة (مبلغ التضمين) الواردة في بعض نصوص قانون التضمين والتي تنصرف إلى التعويض النقدي فقط.
______________
1- سامان فوزي عمر، المسؤولية المدنية للصحفي (دراسة مقارنة) ، ط1، دار وائل للنشر، عمان، 2007، ص114.
2- د. عبد المجيد الحكيم، محمد طه البشير عبد الباقي البكري، الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي، ج1، مكتبة السنهوري، بغداد، 1980، ص212.
3- د. عبد الغني بسوني عبد الله القضاء الإداري، 46، دون دار نشر الإسكندرية 2009، ص 740.
4- د. علي خطار شنطاوي، مسؤولية الإدارة العامة عن اعمالها الضارة، ط1، دار وائل للنشر، عمان 2008، ص 282
5- ينظر: قرار المحكمة الإدارية العليا العراقية رقم (415/ قضاء اداري //تمييز/ 2018)، المؤرخ في 2018/6/14، المكتب الفني قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2018، ص 569 – 571
6- د. محمد بكر حسين مسؤولية الإدارة عن اعمال موظفيها (دراسة مقارنة، ط1، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية 2006، ص211
7- د. سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني، المكتبة العالمية، القاهرة، 1964، ص 183.
8- د. عبد المجيد الحكيم، محمد طه البشير عبد الباقي البكري، الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي، ج1، مكتبة السنهوري، بغداد، 1980 ، ص212.
9- ينظر: قرار المحكمة الإدارية العليا العراقية رقم (538/ قضاء اداري /تمييز / 2017 المؤرخ في 2019/5/2، المكتب الفني، قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2019، ص 598 - 599
10- المادة (1382) من القانون المدني الفرنسي لعام 1804 المعدل.
11- نصت المادة (1/222) من القانون المدني المصري رقم (131) لسنة 1948، على أنه يشمل التعويض الضرر الادبي أيضاً ، ولكن لا يجوز في هذه الحالة أن ينتقل للغير إلا إذ تحدد بمقتضى أتفاق ...".
12- أشار اليه د. محمد أنور حمادة، المسؤولية الإدارية والقضاء الكامل، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2006، ص 56
13- ينظر: قرار المحكمة الإدارية العليا العراقية رقم (480/ قضاء إداري/تمييز /2017) المؤرخ في 2018/1/18، المكتب الفني، قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2018، ص 586.
14- ينظر: قرار المحكمة الإدارية العليا العراقية رقم (310/ قضاء إداري / تمييز /2017 المؤرخ في 2019/5/2، المكتب الفني قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2019، ص 565 - 567
15- د. عبد الغني بسوني عبد الله، القضاء الإداري اللبناني، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2001 ، ص736.
16- د. علي خطار شنطاوي، موسوعة القضاء الاداري، ج1 ، دار الثقافة للنشر، عمان، 2011 ، ص 297.
17- د. محسن خليل قضاء الإلغاء والتعويض دون دار نشر الإسكندرية، 1992، ص 298.
18- د. سعاد الشرقاوي، المسؤولية الإدارية، ط2، دار المعارف، الإسكندرية، دون سنة نشر، ص 239.
19- ينظر قرار المحكمة الإدارية العليا العراقية رقم (576/ قضاء إداري تمييز /2016 المؤرخ في 2018/11/1، المكتب الفني ، قرارات مجلس الدولة فتاواه لعام 2018، ص 597 - 598
20- د. عبد الغني بسوني، القضاء الإداري اللبناني، مصدر سابق، ص 737.
21- د. عبد المجيد الحكيم ،وأخرون، مصدر سابق، ص 528.
22- د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة، مسؤولية الإدارة عن تصرفاتها القانونية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2007، ص 215.
23- د. عبد الغني بسيوني، القضاء الإداري اللبناني مصدر سابق، ص 738.
24- مهند فلاح حسن، تضمين الموظف العام في القانون العراقي (دراسة مقارنة)، ط1، مكتبة القانون المقارن، 2021 ص 216
25- د. منذر عبد الحسين الفضل، الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية، بحث منشور في مجلة العلوم القانونية، العددان الأول والثاني، 1987، ص 257
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يصدر العدد الثاني والعشرين من سلسلة كتاب العميد
|
|
|