المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

Genetic Code
19-10-2015
فيما يعتبر في العمل بالبراءة
1-8-2016
James Whitbread Lee Glaisher
26-1-2017
محمد بن دلدار علي بن محمد معين النّقوي.
19-7-2016
إنتهاء نشاط الشركة العامة بالتحول
2024-06-22
العوامل البشرية المؤثرة في قوة الدولة- الدين
1-1-2022


استطراد بقصتين  
  
955   09:00 صباحاً   التاريخ: 2024-01-31
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة : مج4، ص:171-177
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-15 1176
التاريخ: 2024-05-02 615
التاريخ: 19-4-2022 1877
التاريخ: 28/11/2022 1437

استطراد بقصتين

وتذكرت بذلك والشيء يذكر أنه لما قفل السلطان الناصر أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين يعقوب المنصور ابن أمير المؤمنين يوسف بن عبد

المؤمن بن علي سلطان المغرب والأندلس من إفريقية سنة ثلاث وستمائة بعد فتح

المهدية هنأته الشعراء بذلك ثم اجتمع أبو عبد الله ابن مرج الكحل بالشعراء

والكتاب فتذكروا الفتح وعظمه فأنشدهم ابن مرج الكحل في الوقت لنفسه :

ولما توالى الفتح من كل وجهة              ولم تبلغ الأوهام في الوصف حده

تركنا أمير المؤمنين لشكره                  بما أودع السر الإلهي عنده

فلا نعمة إلا تؤدي حقوقها                     علامته بالحمد لله وحده

فاستحسن الكتاب له ذلك ووقع أحسن موقع ,

وحكى صاحب كتاب روح الشعر وروح الشجر وهو الكاتب أبو عبدالله محمد بن الجلاب الفهري أن أمير المؤمنين يعقوب المنصور لما قفل من غزوة الأراكة المشهورة وكانت يوم الأربعاء تاسع شعبان سنة إحدى وتسعين وخمسمائة ورد عليه الشعراء من كل قطر يهنؤنه  فلم يمكن لكثرتهم أن ينشد كل إنسان قصيدته بل يختص منها بالإنشاد البيتين أو الثلاثة المختارة

فدخل أحد الشعراء فأنشده :

ما أنت في أمراء الناس كلهم         إلا كصاحب هذا الدين في الرسل

أحييت بالسيف دين الهاشمي كما   أحياه جدك عبد المؤمن بن علي

فأمر له بألفي دينار ولم يصل أحدا غيره لكثرة الشعراء وأخذ بالمثل منع الجميع أرضى للجميع قال : وانتهت رقاع القصائد وغيرها إلى أن حالت بينه وبين من كان أمامه لكثرتها انتهى .

رجع إلى أخبار حفصة :

وأنشد لها أبو  الخطاب في المطرب قولها :

 

 

                                                           

ثنائي على تلك الثنايا لأني               أقول على علم وأنطق عن خبر

وأنصفها لا أكذب الله إني                رشفت بها ريقا أرق من الخمر

وتولع بها السيد أبو سعيد ابن عبد المؤمن ملك غرناطة وتغير بسببها على أبي جعفر ابن سعيد حتى أدى تغيره عليه أن قتله وطلب أبو جعفر منها الاجتماع فمطلته قدر شهرين فكتب لها :

يامن أجانب ذكر اسمه         وحسبي علامه

ما إن أرى الوعد يقضى      والعمر أخشى انصرامه

اليوم أرجوك لا أن             تكون لي في القيامه

لو قد بصرت بحالي          واليل أرخى ظلامه

أنوح وجدا وشوقا            إذ تسريح الحمامه

صب أطال هواه            على الحبيب غرامه

لمن يتيه عليه                ولا يرد سلامه

إن لم تنيلي أريحي        فاليأس يئني زمامه

فأجابته :

يا مدعي في هوى الحسن         والغرام   الإمامه

أتى قريضك لكن                 لم أرض منه نظامه

أمدعي الحب يثني               يأس الحبيب زمامه

ضللت كل ضلال               ولم تفدك الزعامه

ما زلت   تصحب مذ كمنت     في السباق السلامه

حتى عثرت وأخجلت             بافتضاح  السآمه

بالله في كل وقت                 يبدي السحاب انسجامه

والزهر في كل حين             يشق عنه كمامه      

لو كنت  تعرف عذري         كففت غرب الملامه

ووجهت هذه الأبيات مع موصل أبياته بعدما لعنته وسبته وقالت

له: لعن الله المرسل والمرسل فما في جميعكما خير ولا لي برؤيتكما حاجة

وانصرف بغاية من الخزي ولما أطل على أبي جعفر وهو في قلق لانتظاره قال له :

ما وراءك يا عصام قال ما يكون وراء من وجهه خلف إلى فاعلة تاركة اقرأ الأبيات تعلم فلما قرأ الأبيات قال للرسول : ما أسخف عقلك وأجهلك إنها وعدتي  للقبة التي في جنتي المعروفة بالكمامة سر بنا فبادروا للكمامة فما كان إلا قليلا وإذا بها قد وصلت وأراد عتبها فأنشدت :

دعي عد الذنوب إذا التقينا            تعالي لا نعد ولا تعدي

وجلسا على أحسن حالة وإذا برقعة الكندي الشاعر لأبي جعفر وفيها :

أبا جعفر يا ابن الكرام الأماجد                      خلوت بمن رغما لحاسد

فهل لك في خيل قنوع مهذب                         كتوم عليم باختفاء المراصد

يبيت إذا يخلو المحب بحبه                            ممتع لذات بخمس ولائد

فقرأها على حفصة فقالت : لعنه الله قد سمعنا بالوارش على الطعام والواغل

على الشراب ولم نسع اسما لمن يعلم باجتماع محبين فيروم الدخول عليهما

فقال لها : بالله سميه لنكتب له بذلك فقالت : أسميه الحائل لأنه يحول

بيني وبينك إن وقعت عيني عليه فكتب له في ظهر رقعته :

يا  من  إذا ما أتاني               جعلته نصب عيني

تراك ترضى جلوسا               بين الحبيب وبيني ؟

إن كان ذاك فماذا                  تبغي سوى قرب حيني

والآن قد حصلت لي                     بعد المطال بديني

فإن أتيت فدفعا                            منها بكلتا اليدين

أو ليس تبغي   وحشاك                   أن ترى طير بين

وفي مبيتك بالخمس                          كل قبح وشين

فليس حقك إلا  الخلو                       بالقمرين

وكتب له تحت ذلك ما كان منها  من الكلام  وذيل ذلك بقوله :

سماك من أهواه حائل                         إن كنت بعد العتب واصل

مع أن لونك مزعج                              لو كنت تحبس بالسلاسل

فلما رجع إليه الرسول وجده قد وقع بمطورة نجاسة وصار هتكة

فلما قرأ الأبيات قال للرسول: أعلمهما بحالي فرجع الرسول وأخبرهما

بذلك فكاد أن يغثى عليهما من الضحك وكتب إليه كل واحد بيتا

وابتدأ  أبو جعفر فقال

...

وإن تعد يوما إلى                           وصالنا سوف ترى

يا أسقط الناس ويا                             أنذلهم بلا مرا

هذا مدى الدهر تلاقي                      لو أتيت في الكرى

يا لحية تشغف في الخرء                    وتشنا العنبرا

لا قرب الله اجتماعا                      بك حتى تقبرا

ومن شعرها :

سلام يفتح في زهره الكمام  وينطق ورق الغصون

على نازح قد ثوى في  الحشا             وإن كان تحرم منه الجفون

فلا تحسبوا البعد ينسيكم                   فذلك والله ما لا يكون

وقولها من أبيات :

ولو لم يكن نجما لما كان ناظري                وقد غبت عنه مظلما بعد نوره

سلام على تلك المحاسن من شج                  تناءت بنعماه  وطيب سروره

وقولها :

سلوا البارق الخفاق والليل ساكن            أظل بأحبابي يذكرني وهنا

لعمري لقد أهدى لقلبي خفقة                  وأمطرني منهل عارضه الجفنا

ونسب بعض إليها  البيتين الشهيرين :

أغار عليك من عيني رقيي                       ومنك ومن زمانك والمكان

ولو أني خبأتك في عيوني                            إلى يوم القيامة  ما كفاني

والله تعالى أعلم

وكتبت إلى أبي جعفر :

رأست فما زال العداة بظلمهم                              وعلمهم النامي يقولون ما رأس

وهل منكر أن ساد أهل زمانه                                 جموح إلى العليا حرون عن الدنس

وقال ابن دحية : حفصة        من أشراف غرناطة رخيمة الشعر

رقيقة والنثر انهى ,

ومن قولها في الشيد أبي سعيد ملك غرناطة تهنئه بيوم عيد وكتبت بذلك إليه :

يا ذا العلا وابن الخليفة                     والإمام المرتضى

يهنيك عيد قد جرى                         فيه بما تهوى القضا

وأتاك من هواه في                          قيد الإنابة والرضى

ليعيد من لذاته                                 ما قد تصرم وانقضى

وذكر الملاحي في تاريخه أنها سألتها امرأة من أعيان أهل غرناطة أن تكتب

لها شيئا بخطها فكتب إليها :

يا ربة الحسن بل يا ربة الكرم                  غضي جفونك وارانا بحور مؤمل

وقد خفقت من نحو نجد أريجة                إذا نفحت هبت بريا القرنفال

وغرد قمري على الدوح وانثى                قضيب من الريحان من فوق جدول

يرى الروض مسرورا بما قد بدا له             عناق  وضم وارتشاف مقبل

وكتب بها إليها بعد الافراق لتجيبه على عادتها    في مثل ذلك فكتبت

إليه بقولها :

لعمرك ما سر الرياض بوصلنا               ولكنه أبدى لنا الغل والحسد

ولا صفق النهر ارتياحا  لقربنا                  ولات غرد القمري إلا لما وجد

 فلا تحسن الظن الذي أنت أهله              فما هو في كل المواطن بالرشد

فما خلت هذا الأفق أبدى نجومه                لأمر سوى كيما تكون لنا رصد

وقال ابن سعيد في الطالع السعيد : كتبت حفصة الركونية إلى بعض

أصحابها:

أزورك أم تزور فإن قلبي             إلى ما تشتهي أبدا يميل

فثغري مورد عذب زلال             وفرع ذؤابي ظل  ظليل

وقد أملت أن تظما وتضحى           إذا وافى إليك بي المقيل

فعجل بالجواب فما جميل               إباؤك عن بثينة يا جميل

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.