أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-8-2020
2526
التاريخ: 6-10-2016
1619
التاريخ: 6-10-2016
1757
التاريخ: 2024-02-24
876
|
ومنها: [أي: الرذائل] العجلة، أعني المعنى الراتب في القلب الباعث على الاقدام على الأفعال بأوّل خاطر من دون تأمّل وتدّبر، وهي من لوازم ضعف النفس، وقد أهلك بها الشيطان أكثر بني نوع الانسان. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «العجلة من الشيطان والتأنّي من الله» (1).
والعقل يحكم بأنّ العمل لا بدّ وأن يكون بعد البصيرة والتروّي الموقوفين على التأمّل والتأنّي، وهما ضدّان للعجلة، فمن استعجل في أمره لقيه (تلقّاه خ ل) الشرّ من حيث لا يعلم، والتجربة شاهدة بأنّ ما يصدر عن العجلة يورث الندامة والخسران بخلاف التأنّي، وأنّ كل خفيف عجول لا وقع له في القلوب.
ثم إنّك عرفت أنّ أحبّ الأشياء للعاقلة هو التشبّه بالمبدأ في صفاته بطلب الاستيلاء والملكيّة للأشياء من الملك العظيم الذي لا غاية له، والسعادة الأبديّة التي لا نفاد لها، والبقاء الذي لا فناء بعده، والعزّ الذي لا ذلّ معه، والغنى الذي لا فقر معه، والأمن الذي لا خوف فيه، والكمال الذي لا نقصان يعتريه، فإنّها من صفات الربوبيّة والشيطان لحسده الذاتيّ معه ثمّ شدّة عداوته له بصيرورته طريداً لأجله أضلّة من طريق العجلة، وزيّن في نظره الاستيلاء على الملك العاجل المشوب بأنواع الآلام وصدّه عن الملك الآجل المقترن بالثبات والدوام، فانخدع بغروره واشتغل لعجلته المركوزة في جبلّته بطلب الزخارف الفانية الدنيوية عن طلب السلطنة الباقية الحقيقيّة، والرئاسة الدائمة الأبديّة، فهو في طلب الاستيلاء غير ملوم، إنّما اللوم والذمّ على الخطأ الصادر عنه من قبل الشيطان في متعلّقه ووضعه إيّاه في غير موضعه الذي هو الظلم في الحقيقة بنفسه.
ولذا ورد ما ورد من ذمّ طلب الدنيا ومدح نعيم الآخرة من الآيات والأخبار، وهو الباعث لإرسال الرسل الكرام إلى كافّة الأنام بالوعد والوعيد الترغيب والتأكيد.
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ}[التوبة: 38].
ولو تأمّل وتفكّر ولم يبنِ أمره على العجلة علم أنّ ما يطلبه ويميل إليه من الزخارف الدنيوية ليس استيلاء وتملّكا لها في الحقيقة، بل عبوديّة وانقياد لبطنه وفرجه مثلاً، وإن كان الاستيلاء والتملّك للملك العاجل متوقّف أيضاً على تركها، إذ به يتحقّق الحريّة للعبد وملكيّته لقوّتَيه الشهويّة والغضبيّة، فما أعظم اغترار الانسان حيث يظن أنّه ينال الملك بصيرورته مملوكاً، والربوبيّة بصيرورته عبداً. فظهر أنّ أكثر مفاسد النفس مترتّبة على العجلة.
وعلاجها بعد تذكّر فسادها وسوء خاتمتها وتأديتها إلى الخفّة في أعين الناس والندامة والخسران وتذكّر شرافة الوقار الذي هو ضدّها أن يكلّف نفسه بعدم ارتكاب فعل إلا بعد عرضه على العاقلة، والتأمّل في وجوه مصالحها ومفاسدها، فإذا فعل كذلك مدّة صارت له عادة واتّصف بصفة الوقار والطمأنينة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجامع الصغير: 1 / 134، مع تقدّم الجملة الثانية على الأولى.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|