أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-12-2017
2247
التاريخ: 26-10-2015
3072
التاريخ: 29/11/2022
1616
التاريخ: 22-10-2015
2877
|
يعتبر النظام البرلماني الصورة الصحيحة والنموذج المعبر عن مبدأ فصل السلطات بمفهومه السليم. إذ يوزع السلطة في الدولة بين هيئات ثلاث : التشريعية والتنفيذية والقضائية ، دون ان يفصل بين هذه الهيئات فصلاً مطلقاً ، بل يقيم بينها تعاوناً واشتراكاً في ممارسة بعض الاختصاصات ، ويجعل لكل منها في الأخرى تأثيراً وتداخلاً متبادلاً ، مع الإبقاء على مبدأ المساواة والتعاون بينها ، على الأخص فيما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية(1).ويقوم تشكيل السلطة التنفيذية في النظام البرلماني على أساس الازدواجية الثنائية فهناك رئيس الدولة الذي يمارس دوراً شرفياً فهو بجسد الأمة ، ويصدر القوانين ، ويرفع على المراسيم ويصادق على المعاهدات الدولية ، ويعين رئيس الوزراء ، ويعلن عن حل البرلمان ، غير ان هذه الصلاحيات لا يمارسها رئيس الدولة فعليً ، وانما هي مناطه به رمزياً فقط ، اذ ان القرارات انما تتخذ من طرق الوزارة ، ويترتب على هذا ان رئيس الدولة في النظام لا تقع على عاتقه أية مسؤولية سياسية سواء كان ملكاً ورئيساً للجمهورية(2).اما الطرف الثاني للسلطة التنفيذية فهو رئيس الوزراء الذي يرأس الوزارة المتمثلة في هيئة متكاملة ومستقلة تضم مجموعة من الوزراء وهي مجلس الوزراء ، ونظراً لاضطلاع الوزارة بأعباء الحكم باعتبارها المحور الرئيسي في هذا النظام. فان المسؤولية السياسية الكاملة تقع على عاتقها أمام البرلمان(3). وهذه المسؤولية قد تكون تضامنية (جماعية) ، أو مسؤولية فردية تتعلق بوزير بمفرده . ويقصد بالمسؤولية التضامنية ان الوزارة تكون مسؤولة في مجموعها عن السياسة العامة التي تسير عليها أمام البرلمان، ويلزم الحصول على تأييده لها ، وإذا اعترض البرلمان على هذه السياسة ولم يوافق عليها ، فان هذا يعني سحب الثقة منها وإسقاطها ، اما المسؤولية الفردية فتتعلق بتقرير مسؤولية وزير بعينه عن تصرفاته الفردية الخاصة بإدارته لوزارته ، وهذا يعني سحب الثقة منه مما يحتم عليه تقديم استقالته من الوزارة(4). ولما كان النظام البرلماني يفترض التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية فقد منعت السلطة التنفيذية ، لغرض تحقيق التوازن ، حق حل البرلمان وما يترتب على ذلك من إجراء الانتخابات لاختيار برلمان جديد . ذلك ان حل البرلمان يعني الاحتكام إلى الشعب لحسم النزاع الذي نشأ بين السلطتين وأدى إلى هذه النتيجة ، فاذا أيد الشعب نواب البرلمان فانه يعيدهم مرة أخرى إلى مقاعدهم في البرلمان اما إذا كان الشعب مع الوزارة يسقطهم ، وهكذا فالتوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يتحقق في إعطاء الأولى حق إسقاط الثانية ، وفي إعطاء الثانية حق حل الأولى(5). فضلاً عن ذلك فنتيجة لقيام النظام البرلماني على أساس الفصل المرن بين السلطات نشأت عدة مظاهر للاتصال والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية . تتمثل هذه المظاهر في حق اقتراح القوانين المقررة للسلطة التنفيذية ، ومشاركة أعضائها في مناقشة مشروعات القوانين المطروحة أمام البرلمان والتصويت عليها. وحقها في إصدار ما تقره السلطة التشريعية من هذه القوانين ، كما ان حضور أعضاء الوزارة لجلسات البرلمان ، والاشتراك في مناقشات اللجان البرلمانية المختلفة ، وشرح سياسة الحكومة بصدد الموضوعات المطروحة يمثل مظهراً هاماً للاتصال والتعاون بين السلطتين(6). وهذا ويستطيع البرلمان ان يشكل لجان تحقيق برلمانية من أعضائه للتحقيق في بعض الأعمال الصادرة من السلطة التنفيذية ، وقد يتخذ البرلمان إجراءات معينة لا يكون لها الصفة التشريعية ، كموافقته على الميزانية السنوية للدولة ماعدا القسم الخاص منها بفرض الضرائب أو إلغائها الذي لا يكون الا بقانون ، وكذلك تفويض الحكومة في اتخاذ أعمال محددة مثل تفويضها في عقد قرض مالي(7). وهكذا يشهد مبدأ الفصل بين السلطات في النظام البرلماني تطبيقاً عادلاً ومتوازناً لا يصل إلى حد الفصل المطلق ولا يهبط إلى حد الاندماج أو السيطرة لصالح إحدى السلطات على حساب غيرها من السلطات ، وهو وضع نموذجي لو طبق في الواقع العملي تطبيقاً سليماً لحقق مزايا عديدة تجعله أفضل النظم على الإطلاق ، فالتوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يمنع وقوع الخلافات بينهما على حساب المصلحة العامة. والتعاون بينهما يؤدي إلى إنجاز الوظيفتين التشريعية والتنفيذية أفضل إنجاز والرقابة المتبادلة بينهما تمنع كلاً منها من الانحراف أو الخروج على حدود ما تقتضيه اختصاصاتها أو العمل على خلاف ما يقتضيه الصالح العام(8).
_________________________
1- د. ثروت بدوي ـ مصدر سابق ـ ص311.
2- اما بالنسبة للمسؤولية الجنائية ، فان الأمر مختلف بشأنها في الدول ذات النظام الملكي عن دول النظام الجمهوري ، اذ ان الملك في الدول البرلمانية الملكية غير مسؤول جنائياً عن أفعاله كذلك على أساس قاعدة ان الملك لا يخطيء ، أو ان ذاته لا تمس. اما في الدول البرلمانية الجمهورية ، فان رئيس الجمهورية يسأل جنائياً عن تصرفاته التي تشكل جرائم تقع تحت طائلة العقاب ، وذلك سواء كانت هذه الجرائم تتصل بأعمال وظيفة ام جرائم عادية. د. محمد ارزقي نسيب ـ مصدر سابق ـ ص183. ود. عبد الحميد متولي ـ القانون الدستوري والنظم السياسية ـ مصدر سابق ـ ص289.
3- د. ادمون رباط ـ الوسيط في القانون الدستوري العام ، الجزء الثاني ـ دار العلم للملايين بيروت ، 1971 ، ص637.
4- د. عبد الغني بسيوني ـ مصدر سابق ـ ص.
5- د. صالح جواد الكاظم ود. علي غالب العاني ـ مصدر سابق ـ ص72.
6- د. سعد عصفور ـ مصدر سابق ـ ص245.
7- د. اندريه هوريو ـ مصدر سابق ـ ص354.
8- د. أحمد حافظ عطيه ـ مصدر سابق ـ ص112 و 113.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|