أقرأ أيضاً
التاريخ: 15/12/2022
1084
التاريخ: 20-6-2016
1774
التاريخ: 20-6-2016
1917
التاريخ: 8-3-2017
1898
|
ان الإرهاب السيبراني هو احد مجالات وانواع الارهاب عمومًا ، لكن ما يميز الارهاب السيبراني هو استخدامه الفضاء السيبراني والتكنلوجيا كوسيلة أو مقصد مباشر ، وبالمحصلة يلتقي الارهاب السيبراني مع الارهاب التقليدي في اغلب خصائصه ، ويحتفظ لذاته بخصائص مستقلة ؛ اضافة لذلك يتميز الارهاب السيبراني عن بعض المفاهيم التي قد يشتبه بها ، كالحرب السيبرانية والجريمة السيبرانية وغيرها من المصطلحات ؛ لكن يبقى الارهاب السيبراني يتميز عن غيره بالهدف والنتيجة المتحصلة من تلك الهجمات الا وهي العنف والترويع ؛ ولبيان ذلك سنقسم هذا الموضوع إلى خصائص الارهاب السيبراني في قسم اول ، اما فـــــــي القسم الثاني سنتطرق إلى تمييزه عما يشتبه به ، وكما موضح ادناه :
اولا : خصائص الإرهاب السيبراني
يتميز الارهاب السيبراني بالعديد من الخصائص والسمات التي يختلف بها عن الجرائم الاخرى
وتحول دون اختلاطه بالإرهاب التقليدي، ويمكننا ايجاز اهم تلك الخصائص والسمات فيما يأتي :
1- المهارة التقنية : ان الارهابي السيبراني يمارس عادةً من ذوي الاختصاص في مجال برمجة الحاسوب وتقنية المعلومات ، أو على الاقل لديه قدر من الخبرة في التعامل مع التقنية المعلوماتية ؛ واستقطبته المنظمة الارهابية للقيام بأعمال ارهابية سيبرانية .
2- سهولة التخفي : من الصعوبة تعقب الجريمة واثباتها نتيجة اخفاء واتلاف معالمها المادية المتحصلة عن الفعل الارهابي .
3- قوة التأثير و فداحة الخسائر : الارهابي السيبراني لا يحتاج سوى حاسوب وبرامج وغرفة صغيرة لإكمال عمليته الارهابية ، وبذلك ينزل افدح الخسائر المادية في اماكن تبعد مسافات كبيرة.
4- جرائم ناعمة : ان الارهاب السيبراني لا يحتاج إلى القوة والعنف ، انما يتطلب وجوده حاسوب متصل بالأنترنت .
5- الطبيعة العابرة للحدود : يتميز الإرهاب السيبراني كذلك بالطابع العابر للحدود ، إذ يُعد من اهم خصائصه انه جريمة متعدية للحدود وعابرة للقارات وغير خاضعة لنطاق اقليمي محدد ، وبذلك يُعد الارهاب السيبراني من الجرائم المنظمة عبر الوطنية .
6- صعوبة اثباتها لسرعة غياب الدليل : من الصعوبة اكتشاف الجريمة الارهابية السيبرانية ،بسبب ان الجاني لا يترك وراءه اي اثر مادي خارجي ملموس يمكن فحصة ، بالإضافة إلى نقص الخبرة لدى الاجهزة الامنية وكذلك الجهات القضائية في مكافحة هكذا جرائم ، مما يتطلب وجود مختصين بالأمن السيبراني ، لبحث وتفحص موقع الجريمة .
7 - جرائم عمدية : حيث تتسم جرائم الارهاب السيبراني بانها جرائم عمدية ، إذ ترتكب بعد تدبير وتخطيط مسبق ، ولا تحدث على سبيل الخطأ أو بشكل عشوائي أو عفوي .
8- تعدد الاغراض وتنوعها : لم يعد الارهاب السيبراني مقتصرًا على تحقيق مآرب سياسية وانما امتد لتحقيق اغراض اخرى قد يكون في مقدمتها الاغراض الاقتصادية أو الانتقامية أو الدينية(1).
ثانيا : تمييز الإرهاب السيبراني عما يشتبه به
بعد قيامنا بتحديد مفهوم الارهاب السيبراني وبيان خصائصه وسماته ، كان حريًا بنا ان نرفع هذا اللبس والتداخل القائم بين هذا المفهوم وبعض المفاهيم الاخرى .
1- الجريمة السيبرانية Cyber Crime : ان الحداثة التي تمتاز بها الجريمة السيبرانية ، واختلاف النظم القانونية والثقافية للدول ، ادت إلى عدم التوصل إلى اتفاق موحد لهذه الجرائم خشية حصرها في نطاق ضيق ، لذلك ظهرت عدة اتجاهات لتعريف الجريمة السيبرانية ، فبعضهم اعتمد المعيار المـــــادي ، كما فعل مكتب تقييم التقنية في الولايات المتحدة الاميركية ( OTA ) عندما عرفها على انها " الجرائم التي تؤدي فيها البيانات الكمبيوترية والبرامج المعلوماتية دورًا رئيسيًا " كذلك عُرفت بأنها " الجرائم التي يستخدم فيها الحاسوب وشبكاته العالمية كوسيلة مساعدة لارتكاب الجريمة كاستخدامه في النصب والاحتيال وغسل الاموال وتشويه السمعة والسب " ، ويتضح من التعاريف اعلاه بانها اعتمدت على المعيار المادي دون الاشارة إلى المعيار المعنوي وهذا قصور واضح بالتعاريف اعلاه ؛ وقد اتجه رأي آخر للأخذ بمبدأ شخصية الفاعل على اساس المعرفة التقنية للمجرم، كالتعريف الذي اعتمدته وزارة العدل الامريكية حيث عرفت الجريمة السيبرانية بكونها " اية جريمة لفاعلها معرفة فنية بتقنية الحاسب تمكنه من ارتكابها " ويتضح من التعريف اعلاه قصوره بسبب عدم توافر العناصر الأخرى للجريمة ؛ وقد اعتمد اتجاه آخر للفقه على موضوع الجريمة ، ومن اشهر فقهاء هذا الاتجاه (Rosenblatt) والذي عرفها " نشاط غير مشروع موجه لنسخ أو تغيير أو حذف للوصول إلى المعلومات المخزنة داخل الحاسب الآلي أو التي تحول عن طريقه " ويرى اصحاب هذا الرأي انهم لا يشترطون ان يكون النظام المعلوماتي اداة لارتكاب بل التي تقع عليه أو في نطاقه، وهذا الاتجاه قاصر كذلك كون الجريمة السيبرانية يجب ان تحصل ضمن الشبكة المعلوماتية وموارد تخزينها. (2)
وترتبط الجريمة السيبرانية والارهاب السيبراني بمصطلحات مترابطة ولكنها مختلفة تماما، اذ تشير الجرائم السيبرانية إلى النشاط الاجرامي الذي يرتكب باستخدام الانترنت واشكال اخرى من شبكات الكومبيوتر ، ومن مظاهرها القرصنة وسرقة الهوية والاحتيال عبر الانترنت ، ومن ناحية اخرى يشير الارهاب السيبراني إلى استخدام التكنلوجيا الرقمية لإحداث ضرر أو تعطيل للحكومة أو البنية التحتية الحيوية ، وغالبا ما تكون الجريمة السيبرانية مدفوعة بمكاسب مالية أو مكاسب شخصية ، في حين الارهاب السيبراني عادةً ما يتم تنفيذه من مجموعات أو افراد بدوافع سياسية أو أيديولوجية .
ومن المهم ملاحظة ان بعض الاعمال التي تعتبر جرائم سيبرانية يمكن اعتبارها ايضا ارهابا سيبرانيا ، إذا كان الغرض منها التسبب في الخوف والذعر أو تعطيل البنية التحتية الحيوية أو التأثير على التغيير السياسي أو الاجتماعي (3)
وبذلك يكون للجرائم السيبرانية عدة مظاهر وصور اهمها : الاعتداء على خصوصيات الحاسب الآلي ، الاعتداء السيبراني على حرمة الحياة الخاصة ، الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية ، الاستيلاء والنصب والاحتيال السيبراني ، والكثير من النشاطات المخالفة للقوانين الوطنية. (4)
مما تقدم يتبين ان الارهاب السيبراني والجريمة السيبرانية بالرغم من اشتراكهما في البيئة التي تنفذ بها جرائمهما وهي الفضاء السيبراني ، اضافة إلى الجرائم السيبرانية تستوعب الارهاب السيبراني والعكس ليس صحيح ؛ الا انهما يختلفان من حيث :
ارتكاب الفعل : اذ يكون مرتكب الهجمة الارهابية حاملا لفكر متطرف ( إرهابي ) وقد يكون منتمي لتنظيم أو جماعة متطرفة ، اما الفعل المرتكب في الجريمة السيبرانية فيرتكب من قبل افراد (مجرم عادي ) باستخدام الحاسوب والشبكة العالمية للمعلومات ( الانترنت ) .
الأثر : قد يشترك نوع الفعل أو الأثر بينهما ، لكن الاختلاف يقع في الجهة المستهدفة ونطاق الأثر كون الارهاب يستهدف الجهات الرسمية والسيادية ويكون نطاق الدمار اكبر ، ام الجريمة السيبرانية فقد تستهدف جهات متنوعة ونطاق الأثر اقل واضيق ؛ اضافة إلى ان ارتكاب الارهاب السيبراني هو ارتكاب ضد المجتمع الدولي بأكمله ، فعندما يقع الهجوم ضد دولة معينة فكإنما يقع ضد المجتمع الدولي بأجمعه .
الدافع : يجب ان يكون لدى الارهابيين دافع سياسي أو ايديولوجي ، كاستعمال الهجمات الارهابية في الدعاية والتجنيد أو التمويل أو الحصول على بيانات ؛ بينما الجريمة السيبرانية قد يكون الدافع ماليا عن طريق الاحتيال أو مضايقة الأشخاص أو الاساءة اليهم مثل التنمر والاحتقار ونشر الكراهية وازدراء الاديان .
النظام القانوني : فالإرهاب السيبراني مُجرم بمختلف أشكاله بالنصوص التشريعية الوطنية والدولية (5) وبذلك تختلف عن النصوص التشريعية التي تجرم الجريمة السيبرانية .
ومما تقدم يتبين بأن هدف الجريمة السيبرانية يختلف عن اهداف الهجمات الارهابية السيبرانية ، لان نتيجة الهجوم هي من تحدد من يقف وراءه ، بينما الجرائم السيبرانية تكون بعيدة عن سياسات الدولة ويستبعد ان تكون الدولة هي التي تقوم بالهجوم ، بل يكون اشخاص أو مجاميع ( Hackers ) هي من يقوم بتنفيذ تلك الجرائم السيبرانية(6) ، اذ يحتمل ان يكون الهدف ( مادي أو اقتصادي ) ؛ لذلك تكون الهجمات السيبرانية الارهابية من اختصاص القانون الدولي العام ، لأنه يمثل خرق لسيادة الدول ، بينما تكون الجريمة السيبرانية ضمن اختصاص القانون الوطني وفقًا لمبدأ اقليمية القانون (7) ؛ وفي جميع صور تلك الهجمات سواء كانت جريمة أو حرب أو ارهاب سيبراني ، تتحقق المسؤولية الدولية للدول عن اعمال مواطنيها ، بالإضافة إلى المسؤولية الجنائية الدولية للأفراد .
2 الحرب السيبرانية Cyber Warfare
لبيان مفهوم الحرب السيبرانية (8) ، لابد من التطرق للبيئة التي تحصل بها تلك الهجمات و الفضاء السيبراني والذي سنتناوله بإيجاز.
الفضاء السيبراني Cyber Space هو مصطلح يستخدم لوصف العالم الافتراضي الذي تم انشاؤه بواسطة شبكات الكومبيوتر والانترنت، اذ انها المساحة الجماعية حيث يتفاعل الناس مع بعضهم البعض ، ويتشاركون المعلومات ويديرون الاعمال من طريق الوسائل الرقمية ، إذ يسمح الفضاء السيبراني للأشخاص بالتواصل ومشاركة البيانات والوصول إلى المعلومات والخدمات ويُعد العمود الفقري للعالم السيبراني .
وبذلك يمكن اعتبار الفضاء السيبراني طريقة شائعة للعديد من اشكال الجرائم السيبرانية ، لأنها الوسيط الذي يتم من خلاله اطلاق وتنفيذ العديد من الهجمات السيبرانية ، على سبيل المثال يستخدم المتسللون الانترنت للحصول الى وصول غير مصرح به إلى انظمة وشبكات الكومبيوتر وسرقة المعلومات الحساسة ، وشن هجمات على البنية التحتية الحيوية وغيرها الكثير من الهجمات (9) .
ظهر مصطلح الحرب السيبرانية بكثرة في بداية القرن الحادي والعشرين ، ولا يوجد مصطلح ثابت ولا تعريف واضح حول مفهوم الحرب السيبرانية حتى على مستوى منظمة الامم المتحدة ، اذ تعددت استخدامات مصطلحات وصف تلك الحالة منها ، حرب المعلومات الحرب الالكترونية ، حرب الشبكات ، العمليات المعلوماتية ، وكذلك الحرب السيبرانية . ويقصد بالحرب السيبرانية : " اساليب الحرب ووسائلها التي تعتمد على تكنلوجيا المعلومات وتستخدم في سياق نزاع مسلح ضمن المعنى الوارد في القانون الدولي الانساني بخلاف العمليات العسكرية الحركية التقليدية " أو هي " الهجمات والعمليات التي ترتكب ضد أو بواسطة شبكات الحواسيب وانظمة البيانات بين دولتين أو اكثر ، أو بينها وبين جماعة أو جماعات مسلحة منظمة ضمن سياق نزاع مسلح أو سباق للتسلح أو سياسات الردع المتبادل وذلك لأهداف متنوعة من بينها التسلل إلى نظام الحاسوب وجمع البيانات المخزنة به أو سرقتها أو اتلافها أو تبديلها أو التلاعب بها بعد ان تصبح تحت سيطرة مدبر الهجوم" (10) نلاحظ على التعاريف السابقة بانها اعتمدت المعيار المادي والمعنوي وهذا اتجاه صائب في تعريف الحرب السيبرانية ونحن نؤيد هذا الرأي .
وكذلك عرف احد الباحثين حرب المعلومات الافتراضية أو الهجمات على الشبكة الحاسوبية والتي تعني " القيام بعمليات عسكرية بناءً على مبادئ مرتبطة بالمعلومات ، وهذا يعني اتلاف وتعطيل أو الانتقاص من شأن المعلومات المخزنة في الحواسيب الآلية أو المنقولة عبر الشبكات المعلوماتية الالكترونية في النزاعات المسلحة بوسائل الكترونية متعددة " (11) وهذا التعريف قاصر لأنه يتميز بالعنصر المادي الفعلي ، أي القيام بعمل عسكري حقيقي على بنية الاتصالات الحيوية للعدو وليس هجمات سيبرانية ضد البنية التحتية الحيوية المعلوماتية للعدو .
وفي احيان عدة يتم تخصيص موارد معينة للحرب السيبرانية من وجهة نظر استراتيجية وتكتيكية وعملياتية ، لذا يشمل مصطلح الحرب السيبرانية ما يلي :
* لقدرة الهجومية السيبرانية للبدء بالهجمات السيبرانية بالإضافة إلى آليات الردع، وكذلك السياسات والمواقف والاسلحة والقدرات والتحالفات، واستراتيجيات وادوات لهجوم سيبراني مضاد .
* وسائل الدفاع السيبرانية والقدرات والتدابير المضادة في النظام لتكون مهيئة للحفاظ على المصالح والبنى التحتية وللتخفيف والتعافي السريع من الهجمات السيبرانية .
* استراتيجيات وعمليات الاستغلال السيبراني لتحديد الفرص السيبرانية لتكون قادرة على تحديد التهديدات الناشئة قبل ان تتطور لهجمات سيبرانية ملموسة ، كذلك التنبؤ وتحصيل معلومات المعرفة منظمة العدو وان تكون مستعدة للرد بسرعة وكفاءة ضد اي احتمال لهجوم سيبراني .
* وحدات شبكة المعلومات ( الانترنت ) والمحاربون السيبرانيون ، بالإضافة إلى المنظمات والكفاءات ؛ للهجوم والعمليات الاستباقية ، اذ يكون من المحتمل هدف الحرب السيبرانية هو تشويه عمليات المواقع العسكرية والاقتصادية والصناعية والادارية الهامة للعدو (12).
ومن ابرز امثلة الحرب السيبرانية ، هي الحرب الروسية الجورجية عام 2008 ، اذ تزامنت تلك الهجمات مع غزو بري وبحري وجوي من قبل روسيا الاتحادية ضد جورجيا ، ردا على هجوم جورجيا ضد جمهورية اوسيتيا الجنوبية، حيث استخدمت حملة سيبرانية مكثفة وشديدة التنسيق ضد جمع من الاهداف الجورجية بما فيها مواقع حكومية ذات قيمة استراتيجية ، بما فيها سفارتي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة (13) .
كذلك الهجوم على منشأة (Natanz ) النووية الايرانية بواسطة فايروس ( Stuxnet) عام 2010 ، حيث كان الفايروس مصمم خصيصا لتخريب بعض الاجهزة الصناعية ، مما يؤكد الشكوك بان هدف الفاعل هو التخريب ، وجدير بالذكر ان الفايروس كان تحت رعاية الولايات المتحدة الاميركية في عملية سميت بـ ( عملية الالعاب الأولمبية ) (14) وفي ذات السياق كشفت صحيفة (The New York Times الأميركية، ان الولايات المتحدة تعتبر المسؤول الرئيس في الهجمات السيبرانية ضد ايران ، حيث اشارت الصحيفة ان الرئيس الاميركي ( باراك اوباما ) مهتم شخصيا بتسريع وتيرة استخدام الفايروسات بالهجمات ضد برنامج تخصيب اليورانيوم الايراني ، واكدت ان الولايات المتحدة الاميركية وإسرائيل هما من استخدم فايروس (Stuxnet) الذي دمر بعض انظمة تشغيل منشآت تخصيب اليورانيوم ؛ كذلك استخدمت اميركا فايروس (Flamer) ضد المنشآت النووية الايرانية ، حيث يرى مراقبون بانه تم سرقة كم هائل من معلومات المفاعل النووي الايراني (15)
ومما تقدم يتبين بان الحرب السيبرانية والارهاب السيبراني أمران يختلفان في العديد من الامور اهمها :
* ارتكاب الفعل : حيث يجب ان يكون الجهة المنفذة للهجمة السيبرانية تنتمي لجيش نظامي ، ويتم ذلك بإعلان الدولة مسؤوليتها عن الهجوم فضلا عن وحدات الردع المكلفة بحماية امن الفضاء السيبراني ، بينما الارهاب السيبراني يتوقع حصوله من افراد أو جماعات متطرفة ويستبعد حصوله من قبل الدول .
* الاثر : قد يشترك نوع الفعل أو الأثر بينهما ، لكن الاختلاف يقع في النتيجة المتحصلة ونطاق الأثر كون الحرب السيبرانية اثرها المادي يحتمل ان يتجاوز الواقع العملي حيز الفضاء السيبراني مخلفا اثرا انسانيا هائلا ، ويكون نطاق الدمار اكبر اضافة لاحتمال مزامنته لنزاع عسكري ، اما الارهاب السيبراني فقد تستهدف بنية حيوية خارج النزاع المسلح أو عداء سياسي ؛ اضافة إلى ان ارتكاب الارهاب السيبراني هو ارتكاب ضد المجتمع الدولي بأكمله ، فعندما يقع الهجوم ضد دولة معينة فكإنما يقع ضد المجتمع الدولي بأجمعه .
* الدافع : يجب ان يكون الدافع للدولة المهاجمة سياسيًا أو محاولة اخضاع الدولة المستهدفة . وتتزامن تلك الهجمات مع أو قبيل البدء بالعمليات العسكرية بين الطرفين أو حتى في حالة عدم وجود نزاع عسكري وانما وجود عداء سياسي، بينما الارهاب السيبراني يكون دافعه تدميري لبث الذعر والخوف للجهة المستهدفة تحقيقا لغاياته السياسية و الفكرية .
* النظام القانوني : تمتاز الحرب السيبرانية بخضوعها لقواعد القانون الدولي ، فضلا عن القانون الدولي الانساني ، وبالأخص ميثاق منظمة الامم المتحدة ؛ وتحديدًا عدد من المبادئ ، منها مبدأ الحق في اللجوء للحرب ( Justin bellum ) والمقررة في الفقرة الرابعة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة والخاصة بالتهديد أو استخدام القوة ، بالإضافة إلى المادة الحادية والخمسين من ذات الميثاق والمتعلقة بحق الدولة باستخدام القوة في الدفاع عن نفسها ، ويضاف اليها كذلك قانون الحرب ( Jus ad bello ) ومبادئ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بتنظيم الحرب. (16) بينما الإرهاب السيبراني يخضع للمعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بمنع وقمع الارهاب بكافة اشكاله وصوره فهو خاضع للقانون الدولي العام والتزامات المجتمع الدولي .
إن الأثر المترتب بالهجوم السيبراني يختصره الخبير الروسي (Dmitry I. Grigorie) بانه " يتجسد في التهديد على المستوى العسكري والسياسي فضلا عن التهديدات الاجرامية والارهابية ، التي يمكن لمجموعات من غير الدول تبنيها لأجل الحصول على مزايا سياسية أو اقتصادية (17).
ومما سبق نلحظ ان الارهاب السيبراني يختلف عن الحرب السيبرانية من حيث افتقاده بصورة ضرورية إلى عنصر المشروعية وارتكابه يكون من قبل افراد ، جماعات هيئات ، دون مستوى الدول ؛ وفي ذات الوقت تكون الحرب السيبرانية التي تخوضها الدول في الفضاء السيبراني مشروعة (18) ان هدف الحرب السيبرانية يختلف عن اهداف الارهاب السيبراني لان نتيجة الهجوم هي من تحدد من يقف وراءه ، حيث ان الحرب السيبرانية تقوم به دولة لتحقيق هدف (سياسي أو عسكري ) من اجل مقتضيات الامن القومي ، بينما الاهاب السيبراني يقوم به الافراد أو الجماعات والتنظيمات الارهابية لتحقيق اهدافهم السياسية والأيديولوجية المتطرفة ، وبالمحصلة فان الهجمات السيبرانية تشمل كل من الحرب السيبرانية وكذلك الارهاب السيبراني ، الا انها تختلف فقط بالأغراض الاساسية لتلك الهجمات.
______________
1- د. حسن بن احمد الشهري ، الارهاب الالكتروني - حرب الشبكات ، بحث منشور في المجلة العربية الدولية للمعلوماتية ، المجلد الرابع ، العدد الثامن ، 2015 ص 13-14 ؛ كذلك ينظر ، عبد الله عبد العزيز فهد العجلان ، الارهاب الالكتروني في عصر المعلومات ، بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي الأول حول " حماية امن المعلومات والخصوصية في قانون الانترنت والمنعقد بالقاهرة في المدة من 2 - 4 يونيو ، 2008، ص 13، متاح على الرابط التالي : 3937=http://www.shaimaaatalla.com/vb/showthread.php?t ، كذلك ينظر ، د. هالة احمد الرشيدي ، مصدر سابق، ص 28-30
2- زهراء عماد محمد كلنتر ، المسؤولية الدولية الناشئة عن الهجمات السيبرانية ، رسالة ماجستير ، كلية القانون ، جامعة الكوفة ، 2016 ، ص 14-15
3- د. بشار مكي العيساوي ، استاذ امن المعلومات والأمن السيبراني ، الجامعة المستنصرية ، مقابلة ميدانية تمت مع الدكتور المذكور اعلاه ، بتاريخ 2023/1/12
4- روان بنت عطية الله الصحفي ، الجرائم السيبرانية ، بحث منشور في المجلة الالكترونية الشاملة متعددة التخصصات ، العدد الرابع والعشرون ، شهر 5 ، 2020 ، ص 17-21
5- اسراء طارق جواد كاظم الجابري، جريمة الارهاب الالكتروني ، دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير ، كلية الحقوق، جامعة النهرين ، 2012 ، ص 12-16.
6- د. كامل سعيد ، جرائم الكومبيوتر والجرائم الاخرى في مجال تكنلوجيا المعلومات ، بحث مقدم إلى المؤتمر السادس للجمعية المصرية للقانون الجنائي دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1993 ، ص 516
7- د. عمر محمد ابو بكر يونس ، الجرائم الناشئة عن الانترنت ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2004، ص158
8- يرى الاستاذ الدكتور احمد عبيس الفتلاوي، ان مصطلح الهجمات السيبرانية هو الأصوب من اصطلاح الحرب السيبرانية ؛ كونه غير محبذ في العصر الحالي على مستوى التنظيم الدولي، لاسيما ان عدة تصرفات دولية اشارت إلى اصطلاح الهجمات واعتبرته بمثابة التصرف، الذي يرتكز في الذهن اثناء النزاعات المسلحة طبقا للقانون الدولي الانساني ؛ المصدر ، د.احمد عبيس نعمة الفتلاوي ، الهجمات السيبرانية : مفهومها والمسؤولية الدولية الناشئة عنها في ضوء التنظيم الدولي المعاصر ، مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية ، كلية القانون ، جامعة بابل ، العدد الرابع ، السنة الثامنة 2016 ، ص 615
9- د . بشار مكي العيساوي ، استاذ امن المعلومات والأمن السيبراني، الجامعة المستنصرية مقابلة ميدانية ،بتاريخ 12/1/2023
10- د. هالة احمد الرشيدي ، الارهاب السيبراني ماهيته وجهود مكافحته في ضوء التشريعات والقوانين الوطنية والدولية، ط1، دار النهضة العربية ، 2021 ، ص 40.
11- سراب ثامر احمد ، الهجمات على شبكات الحاسوب في القانون الدولي الانساني، اطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق، جامعة النهرين ، 2015 ، ص55 و ص 63
12- کامیران عزيز حسن ، الجهود الدولية في مواجهة الجرائم السيبرانية ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والعلوم السياسية ، الجامعة العراقية ، 2019، ، ص 64.
13- Paulo shakarian and others, introduction to cyber-Warfare, A Multidisciplinary Approach,, published by Elsevier, Waltham, USA, 2013,P24.
14- Solange Ghernaouti, Cyber power Crime, Conflict and security in Cyberspace published by Epft Press, Switzerland, 2013,p40.
15- د. سامر مؤيد عبد اللطيف ، الحرب في الفضاء الرقمي ، رؤية مستقبلية ، بحث منشور في مجلة رسالة الحقوق ، كلية القانون ، جامعة كربلاء ، السنة السابعة ، العدد الثاني ، 2015 ، ص 101
16- د. احمد عبيس نعمة الفتلاوي ، الهجمات السيبرانية : مفهومها والمسؤولية الدولية الناشئة عنها في ضوء التنظيم الدولي المعاصر ، مصدر سابق ، ص 629-640.
17- Tang Lan, Zhang Xin, Harry D. Raduege, Jr., Dmitry I. Grigoriev, Pavan Duggal, and Stein Schjølberg, "Global Cyber Deterrence Views from China, the U.S., Russia, India and Norway", The EastWest Institute, Printed in the United States, 2010,p5.
18- د. سامر مؤيد عبد اللطيف ، الحرب في الفضاء الرقمي ، مصدر سابق ، ص 80.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|