لم تكن تكنولوجيا النانو في غيبة عن مجال الاستشعار عن بعد المتمثل في صناعة الحساسات وأجهزة الاستشعار المتقدمة، فقد قدمت وتقدم الدعم والمخرجات الابتكارية في إنتاج ما يعرف الآن باسم أجهزة الاستشعار والحساسات النانوية Nanosensors التي تعد أحد أهم مخرجات تكنولوجيا النانو. وهناك كثير من الخواص والصفات التي تتمتع بها المواد النانوية وتجعلها مواد نموذجية في الاستخدام بمجال الاستشعار. وقد أسهم تناهي صغر أحجام تلك الحساسات وخفة وزنها وانخفاض تكلفتها الإنتاجية في ازدهارها كي تستخدم في مجالات تطبيقية مهمة ومتعددة من بينها مجال النقل والمواصلات مجال البناء والمرافق الطب والرعاية الصحية، الحراسة، الأمن والسلامة المهنية، الأمن القومي، العمليات العسكرية والدفاع وإنتاج الأسلحة ⁽¹⁾.

ورجوعا إلى ما توفره الحساسات النانوية من دقة متناهية وزمن قياسي في تحديد هوية وتركيز الملوثات الكيميائية، الميكروبية والبكتيرية في البيئة المحيطة فقد وظفت أيضا في مجال رصد التدهور البيئي والتنبؤ بالأخطار البيئية. ومن المنتظر أن تثمر الجهود المتواصلة في مجال إنتاج المواد النانوية المتقدمة وزيادة التمكين في التلاعب بذرات المادة، أن تزداد دقة وحساسية أجهزة الاستشعار وأن تقل أحجامها. وقد أصبحت حساسات النانو منتجات مألوفة بعد أن غزت مجالات متعلقة بأنشطتنا اليومية، فعلى سبيل المثال، تلك الحساسات المستخدمة في الفتح الآلي لأبواب المحال التجارية، أو تلك المستخدمة في سيارات الركوب لمساعدة قائدها في تحديد ما حوله من أشياء خشية الارتطام بها في أثناء عملية إيقافه للسيارة في المواقف وكذلك في معرفة ورصد بيانات ضغط زيت المحرك ودرجة حرارته ومستوى الوقود. وتزود الطائرات بعدد هائل من الحساسات النانوية التي يعتمد عليها الملاح الجوي في التعرف على العوامل الجوية الخارجية وارتفاع الطائرة، ومعرفة أي خلل أو عطل قد يقع في أحد أجزاء الطائرة. لذا لم يكن غريبا أن تشهد صناعة الحساسات هذا النمو المتواصل وذلك نظرا إلى زيادة التشغيل الآلي وتزايد استخدام الإلكترونيات الدقيقة.

وقد أدت هذا الانتصارات العلمية المتوالية في مجال المواد النانوية إلى تحقيق ما نشاهده اليوم من تقدم تقني مذهل في توظيف الحساسات لرصد المتغيرات الطارئة في الظواهر الطبيعية، وما قد يصاحبها من كوارث مدمرة، وذلك قبل وقوعها بفترة كافية بغرض أخذ الحيطة والحذر أو التدخل السريع لمنع وقوعها، أو الحد من آثارها السلبية عند وقوعها. وقد انعكس هذا بصورة إيجابية في النمو السنوي المتصاعد لصناعة تلك الفئة المتقدمة من الحساسات، والذي وصل هذا العام مقارنة بالعام الماضي إلى أكثر من 21%. لذا فلم يكن غريبا أن تنتشر وتروج تلك الصناعة على مستوى العالم، محققة رقما ضخما في حجم المبيعات الذي وصل إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار في العام 2008. هذا وينتظر أن يتضاعف هذا الرقم في نهاية العام 2013 ليصل إلى نحو ثمانية مليارات ونصف المليار دولار ⁽²⁾.

______________________________________________
هوامش

(1) Kourosh Kalantar-zadeh and Benjamin Fry. Nanotechnology- Enabled Sensors. Springer Science+Business Media Publisher, New York, The U.S.A. 2008.

(2) BCC Research Annual Report, IAS027A. MEMS, Biosensors and Nanosensors, Wellesley, MA, The U.S.A. 2008.