أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-11-2014
6178
التاريخ: 4-1-2016
2336
التاريخ: 23-04-2015
2384
التاريخ: 23-04-2015
2119
|
آراء المفسرين الحروف المقطعة لتنبيه الكفار وإسكاتهم
جاءت الحروف المقطعة لتنبيه الكفار وإسكاتهم(1) ، فقد كانوا يتواصون بأن لا يسمعوا لقرآن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وأن يحولوا دون الاستماع إليه بإثارة الجلبة والضوضاء: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} [فصلت: 26]. فكانوا يقومون بأعمال كالتصفير والتصفيق واللغط من أجل صرف النبي (صلى الله عليه واله وسلم) : عن تلاوة القرآن أو دفعه للوقوع في الخطأ. لأجل ذلك أنزل تعالى هذه الحروف في أوائل بعض السور حتى إذا سمعها المشركون - حيث لا هي نظم، ولا نثر ولا سابقة لها - أعجبوا بها، فسكتوا، فأنصتوا.
توضيح ذلك؛ طبقاً لهذا الرأي ليست الحروف المقطعة اسماً (لا هي اسم أعظم أو عظيم لله، ولا هي اسم للقرآن، أو السورة، أو النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ) بل هي حروف نظير حروف التنبيه. غير أن «ألا» و«ها» هي حروف تنبيه شائعة، بينما الحروف المقطعة هي حروف تنبيه غير شائعة، وإن ما يمتاز القرآن الكريم به على لغة العرب هو ابتكاراته في جميع الميادين، ومن جملتها الميادين الأدبية؛ كما يقول الفخر الرازي في ذيل الآية الشريفة: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] ، في معرض رده على شبهة الأدباء واللغويين القائلين: إن وزن «تفعلة» لم يرد في المصادر الثلاثية المجردة:
إني لأتعجب كثيراً من تكلفات هؤلاء النحويين في أمثال هذه المواضع، وذلك آنهم لو وجدوا شعراً مجهولاً يشهد لما أرادوه فرحوا به، واتخوه حجة قوية، فورود هذا اللفظ [تهلكة] في كلام الله تعالى، المشهود له من الموافق والمخالف بالفصاحة،
اولى بان يدل على صحه هذه اللفظة واستقامتها (2).
مراد الفخر الرازي هو أن هذا الإشكال، إنما يراود من لم يثبت لديه كون القرآن وحياً، وأنه كلام الله. أما الذي ثبت له إعجاز القرآن الكريم، فيرى أنه أهم مصادر الأدب العربي. بناء على هذا، فيما يختص بالحروف المقطعة أيضاً، فبعد ثبوت إعجاز القرآن، لا ينبغي مقارنته بشعر الشعراء العرب، أو نثر حداة إبلهم، ولا نستطيع القول إن تلك الحروف خارجة عن حروف التنبيه لعدم استعمال العرب لها.
إن اصحاب هذا الراي اختلفوا فقط في كون تلك الحروف هل هي لتنبيه النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أم لتنبيه المشركين.
الجواب: هذا الوجه أيضاً هو: أولاً: محض احتمال لا دليل على إثباته، وإن لم يتوفر برهان على نفيه. وسيأتي في البحث الروائي أن ما بفيده من روايات فهي غير موثوق بها.
ثانيا: لا مجال لقبول هذا الوجه بعنوان أنه تفسير لتلك الحروف.
ثالثا: لو كانت الحروف المقطعة للإسكات لاستلزم ذلك احتواء قديمات السور عليها، وخلو السور التي نزلت بعد الهجرة منها، والحال، كما أن بعض السور الأوائل خالية من هذه الحروف، فإن طائفة من سور ما بعد الهجرة مشتملة عليها، بل إن الحروف المذكورة قل وجودها في السور القديمة، وهي موجودة في السور المدنية أيضاً.
رابعاً: لم يذكر التاريخ أن مشركي الحجاز تعجبوا وسكتوا عند سماعهم هذه الحروف، وأقلعوا عما كانوا يقومون به أثناء التلاوة.
خامسا: إنهم لو كانوا سكتوا فعلا عند سماعها، فما الذي دفعهم إلى السكوت عند سماعهم باقي الآيات؟! إذ لم يكن في سائر الآيات جديد، بل هي مشابهة لما سمعوه من قبل منها.
بالطبع، لو ثبت، طبقاً للشواهد المعتبرة، أن الحروف المقطعة في نظر القرآن الكريم هي حروف تنبيه، وهي تستعمل بمعنى «ألا» ومثيلاتها، أو ان الأصل في جعلها كان لإسكات المخاطبين المعاندين، فلن يكون لها مدلول غير الهدف المشار إليه، وعندها ستكون محط قبول، ولن تحتاج إلى تفسير.
ملاحظة: إذا كان الغرض من تلك الحروف هو التنبيه، فستكون حتماً لتنبيه الآخرين، لا الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم .
يقول بعض المفسرين: لأن النبي الكريم (صلى الله عليه واله وسلم) كان مشتغلاً بالأمور الدنيوية، فقد أنزل الله عليه تلك الحروف تنبيهاً له، وجلبا لاهتمامه إلى الوحي. لكن هذا الكلام عار عن الصحة: فقلب النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) : كان متيماً بحب اله عز وجل، وقد شرح اله تعالى صدره، ولم يكن ليغفل بتاتاً عن ذكر النه؛ إذ ما من شيء يغفل أولياء الله - وأكملهم الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) -عن ذكره عز وجل: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37]. أما قول النبي (صلى الله عليه واله وسلم) «إنه ليران على قلبي، وإني لأستغفر بالنهار سبعين مرة»(3) فهو لتعليم الآخرين، لا من أجله هو (صلى الله عليه واله وسلم) فهذا القلب المطهر منزه عن كل غين، وغبار، وغفلة، وذنب، ذلك أن آية التطهير الشريفة تنفي، وعلى نحو مطلق، كل رجس عن حيز قلبه.
من ناحية أخرى، إذا كان الغرض من الحروف المقطعة هو تنبيه النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فلا وجه لجعلها جزءاً من النص القرآني، إلاً أن تكون من نظائر كلمة «قل» التيكما هي خطاب للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) فهي جزء من نص الصحيفة الدينية أيضاً.
________________
1. مجمع البيان،ج 1-2،ص113.
2. التفسير الكبير، مج3،ج 5، ص147.
3. كشف الغمة، ج 2، ص254؛ وبحار الأنوار، ج 25، ص 204 (وجاء في المصدر الأخير بلفظة «ليغان» بدلا من «ليران»).
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|