أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-13
1002
التاريخ: 2024-11-17
148
التاريخ: 2023-10-02
1100
التاريخ: 2023-11-19
900
|
ولم يحسن اللاتين السياسة في البلقان، وحقروا البلغار وإمبراطورهم، وجعلوا هذا يشعر أنه دون إمبراطورهم مكانةً ومرتبةً، وهددوه بالدمار والخراب، وأثاروا عليهم غضب الروم في تراقية ومقدونية، فسخروا من عقائدهم وطقوسهم وشعائرهم، فنشأ تعاطُفٌ شديدٌ بين الروم والبلغار، ويجوز الافتراضُ أن البطريرك المسكوني يوحنا كماتيروس الذي كان قد التجأ إلى عاصمة البلغار لعب دورًا هامًّا في التحالُف الذي تمَّ في السنة 1205 بين هذين الشعبين (1)، فتشجع كالويان إمبراطور البلغار وقوَّى قلبه ورأى في هذا التفاهم سبيلًا لإنشاء دولة رومية بلغارية تقضي على سيطرة اللاتين في البلقان وتتوج رأسه بإكليل القسطنطينية.(2) ولجأ البلغارُ والروم في أوروبة إلى العنف، وسحب بلدوين جنوده من ميدان القتال في آسية الصغرى، وفِي الخامس عشر من نيسان سنة 1205 التقى الجيشان بالقرب من أدرنة، فدارت الدائرةُ على اللاتين وسقط في ميدان القتال نخبةُ فرسان الفرنجة وأُسر بلدوين ثم ذبح ذبحًا، وتُوُفي دندولو متأثرًا بما علمه من ذبح وخسارة، ودفن في كنيسة الحكمة الإلهية، وما فتئ مغمورًا بترابها حتى أمر السلطان محمد الثاني العثماني بإخراجه وبالتمثيل ببقاياه (3). ولم يدم هذا التضامنُ بين الروم والبلغار طويلًا، فما كاد روم البلقان يبصرون قبسًا من نورٍ مشعًّا في سماء نيقية حتى فتر تحالفهم مع البلغار واتجهتْ أنظارهم إلى ثيودوروس الأول عبر المضايق، وكان ثيودوروس قد اغتنم فرصةَ الحرب في البَلْقان وانشغال اللاتين عنه، فوَطَّدَ أركانَ عرشه في نيقية، واستقال البطريرك المسكوني يوحنا العاشر فأقام ثيودوروس ميخائيل الرابع أوتوريانوس بطريركًا مسكونيًّا في نيقية (1208) ثم تسلم التاج الإمبراطوري من يده، وأصبحتْ نيقية مركزَ المقاومة في الدين والدنيا، وتقوَّتْ — فيما يظهر — هذه الإمبراطورية الجديدة بسرعة شديدة؛ لأننا نجدها تُفاوض البندقيةَ في السنة 1220 فتعقد معها معاهدة تعترف فيها البندقية بألقاب ثيودوروس التقليدية الفخمة (4). وتَبَوَّأَ العرش اللاتيني في القسطنطينية هنريكوس أخو بلدوين، وكان نشيطًا قديرًا، فعَادَ إلى الحرب في آسية، ولكن الخطرَ البلغاريَّ من ورائه حَمَلَه على أَنْ يعود إلى السلم في علاقاته مع ثيودوروس، ولا سيما أن الأتراك السلاجقة كانوا يهددون ويُزبدون، ولا يفرِّقون في النهاية بين دولة مسيحية غربية ودولة مسيحية شرقية. وكان أليكسيوس الثالث أنجيلوس قد التجأ إلى إيقونية، فلما استتب الأمر لثيودوروس في نيقية وأعلن نفسه إمبراطورًا وريثًا لعرش رومة الجديدة، طالب أليكسيوس بهذا العرش نفسه، فكتب سلطان إيقونية غياث الدين كيخسرو الأول إلى ثيودوروس يطلب إليه أن يتنازل عن العرش، فنشبت الحرب بين الروم والأتراك ودارتْ رحاها — بنوعٍ خاصٍّ — عند أنطاكية كارية على نهر الميندر، فأظهر فرسان ثيودوروس الغربيون المرتزقة شجاعةً فائقةً وكَبَّدُوا الأتراكَ خسارةً فادحةً، وظفر ثيودوروس في معركة تالية بسلطان إيقونية نفسه فصَرَعَه في ساحة القتال، وأَسَرَ أليكسيوس الثالث وعاد به إلى نيقية وأكرهه على قبول النذر، ففعل، ودخل أحدَ الأديار، ولم تُحدث هذه المعركةُ الحاسمة بمعنوياتها أَيَّ تغيير — فيما يظهر — في حدود الدولتين (5)، ولكنها أحيتْ ماضيًا عسكريًّا مجيدًا، وثبتت الدولة الجديدة وملأت قلوب الروم بالغبطة والنشاط، وجعلتهم يرون في نيقية مركزًا جديدًا لِتَجَمُّعِهِم وتوحيد صفوفهم (6) . وكتب رئيس أساقفة آثينة ميخائيل الخونياتي رسالة إلى ثيودوروس هَنَّأَهُ فيها بنصره، ورجا أن يكون هذا النصر «مقدمةً للاستيلاء على عرش قسطنطين الكبير في المحل نفسه الذي انتقاه له السيد — له المجد»، (7) وتقوَّى قلب ثيودوروس وأعلن الحرب على هنريكوس إمبراطور القسطنطينية، وكان قد أَعَادَ تنظيمَ جيشه، وأصبح لديه أسطولٌ قويٌّ، وخشي هنريكوس سُوءَ العاقبة، واعتبر ثيودوروس أخطرَ أعدائه فحرر من برغاموس نداءه الشهير إلى جميع أصدقائه مستنجدًا مستعينًا في منتصف كانون الثاني من السن 1212 (8)،ولكن مخاوف هنريكوس لم تكن في محلها؛ فإنه انتصر على ثيودوروس وتوغل في أراضيه، (9) ووقع الاثنان صُلحًا حَدَّدَ الحدود بين الدولتين، ولم يَزِدْ في ممتلكات هنريكوس شيئًا يُذكر،(10) وفي السنة 1216 تُوُفي هنريكوس إمبراطور القسطنطينية فزال — بوفاته — خطرُ اللاتين وتَمَكَّنَ ثيودوروس الأول من متابعة عمله الداخلي ليسلَّم إلى وريثه أداةً فعالةً لمتابعة الكفاح.
.........................................
1- Zalatarsky, V. N., Greek-Bulgarian Alliance, 8–11
2- Uspensky, Th., Second Bulgarian Kingdom, 245-246
3- Kretschmayer, H., Gesch. Von Venedig, I, 321–472
4- “Thedorus, in Christo Deo fidelis Imperator et Moderatur Romeorum et Semper au-gustus Comnenus Lascarus” , Tafel und Thomas, Op. Cit., II, 205
5- Jerphanion, G., Inscription Coppadociennes, Orientalia Christiana, 1935, 242-243
6- Vasiliev, A. A., Byz. Emp., 515
7- Michael Acominatus, Op. Cit., II, 353ff
8- Recueil des Hist. des Gaules, Vol. 18, 530–533
9- Lauer, M. P., Lettre d’Henri d’Angre, Mélanges Schlumberger, I, 201
10- Gardner, A., Op. Cit., 85-86
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|