أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-03
1086
التاريخ: 2023-04-11
1067
التاريخ: 2023-07-30
1055
التاريخ: 2023-08-01
762
|
....................................
لما اخترعت أوروبا البخار حوالي سنة 1830 وسهل السفر على الناس في قطارات البر وسفن البحر، زاد اختلاط الفرنج بالعرب، فزاد هؤلاء ثقافةً، يحملها إليهم طلاب العلم وأرباب الرحلات والتجار، وسياح الغربيين وحجاجهم القاصدون إلى بلادنا، يزورون آثارها المدنية والدينية، ومنها ما تقدسه أمم الغرب النصرانية؛ لأنها موطن المسيح ومظهر عجائبه، ومنها ما يُدهش له الغربيون كآثار الفراعنة أم المدنيات القديمة المعروفة في مصر، وكمصانع تدمر وبعلبك وجرش والبتراء في الشام، وآثار قرطاجنة وغيرها في إفريقية، وزاد هذا الاختلاط شدة لما صحت عزائم سكان جبال الشام على نزول أميركا طلبًا للرزق (1876م) ، وكان أهل أوروبا سبقوهم إلى نزولها منذ أكثر من ثلاثة قرون، أي استعمروا الأميركتين منذ فتحهما كريستوف كولمبس وفاسكودي جاما. ومن نصف قرن كان من لا يعود إلى بلاده بمال يرجع إلى أهله بما اقتبس من بسائط المدنية؛ لأنه رأى في ذهابه وإيابه بلادًا أرقى بعمرانها من بلاده، واختلط بجماعات أعلى كعبا في المدنية من جماعته. إذا عرفنا هذا، فلا نكون إلى الغلو إذا ادعينا أن الفرق عظيم اليوم بين مصر والشام وتونس مثلا، وفيها تمازجت الحضارة الحديثة بالقديمة، وتوفر أهلها على الأخذ عن الغرب علمه وصناعته، وبين الحجاز ونجد واليمن، وسر ذلك كون أهل الجزيرة انقطعوا عن العالم المدني طوعًا أو كرها، وقل اختلاطهم بالغربي، إلا في بعض سواحل البحر الأحمر والبحر المحيط الهندي وخليج فارس وتجافت نفوسهم عن اقتباس ما جد عند الأمم من أساليب العلم والصنائع. كان الوباء إذا انتشر في بلدة لا يُبقي من سكانها ولا يذر، وفي الغالب أن يعقب الأوبئة قحط؛ لقلة العاملين في الحقول فيهلك الناس بمئات الألوف، وكانت هذه الأمراض الوافدة، تحصد الأرواح في كل عقدين أو ثلاثة من السنين؛ فقد انتشر وباء في الشام أوائل النصف الثاني من القرن الخامس، وأعقبه قحط وإضاقة في العيش، مع ما هنالك من مظالم ومغارم لا يكاد يتصورها ابن هذا العصر؛ فأكل الناس الكلاب والسنانير والفيران، ثم أكل بعضهم بعضًا، ونزل سكان دمشق إلى ثلاثة آلاف إنسان، وكانوا من قبل خمسمائة ألف ومثل ذلك كان في مصر سنة 462هـ أفنى القحط العظيم الناس، وأكل الإنسان الإنسان، وبلغ أردب القمح مائة دينار، وخرجت امرأة في القاهرة وبيدها مد جوهر، فقالت: من يأخذ هذا بمد قمح ، فلم يلتفت إليها أحد، فألقته في الطريق وقالت: ما نفعتني وقت الحاجة فلا أحملك قالوا والعجب أنه ما كان له من ملتقط. هكذا كانت حال الناس قبل أن يكشف الغرب الجراثيم، ويفيد بني الإنسان والعرب منهم بهذا المكتشف العظيم. كانت الأوبئة والطواعين والحميات والوبالة «الملاريا»، بل وجميع الأمراض الوافدة والأمراض العضالة كالكَلب ونحوه تهلك عشرات الألوف من الخلائق، ولا من يعرف دواءها، ولا من يفكر في تخفيف ويلاتها، ومنهم من يعزو ذلك إلى أسباب سماوية، يغضب الديان على الإنسان فيرسل عليه هذه المهلكات ، أو يقوى سلطان الجن على الإنس، فيأخذهم أخذ عزيز مقتدر ، أو يحل بهم نكد الطالع، فتساورهم النقم، وتتخطاهم النعم، ولكم أفضل الغرب علينا بمطعوم الجدري، وكان يهلك به كل سنة جزء عظيم من الأطفال، وكم من عيون دعجاء به ،قلعت ومن خدود جميلة ببثوره تشوهت. عرف الغربيون (1) حقيقة البول السكري والصرع والتشنج وغيرها من الأمراض، فوصفوا لها الأدوية وأقاموا لها حواجز تحول دون آلامها وأخطارها فخفت وطأتها، ولطفوا بما اخترعوا ويلات الأمراض الزهرية والكزاز «تيتانوس» والخناق والنقرس الحاد، ووفقوا إلى إتقان فن الجراحة؛ فأفادوا الإنسانية وقللوا من أوجاعها، ورقوا الطب والصيدلة على اختلاف ضروبهما، ولو لم يكن لهم غير «الكينا وصبغة اليود» لكفى في خدمتهم الإنسانية وانتفعوا ونفعوا بالكيمياء حتى تم لهم من التفنن فيها ما هو غريبة الأيام والليالي، وإذا نقلت أوروبا إلى آسيا وأميركا وجزء من إفريقية الحمى التيفوئيدية وبعض الأمراض الزهرية، فقد نقلت آسيا إلى أوروبا الكوليرا أو الهواء الأصفر، قاتلته أوروبا بعلمها وبحثها حتى قتلته وأخاه الطاعون. تعلمنا طب الحيوان والدواجن ومكافحة الحشرات، وكانت تعبث بالأشجار والنبات والزروع، واستفدنا أصنافًا من البقول والأزهار والثمار لم يكن لنا بها عهد، وعرفنا طيورًا ودجاجا وأسماكًا جديدة، واستطعنا بالأخذ بالوسائط الجديدة القضاء على الجراد، ولطالما أقفر أقطارًا وأفقر أمصارًا، وتعلمنا استعمال الأسمدة الكيماوية والتفنن في تطعيم الغرسات والاستكثار من المعرشات المبهجات، ومعالجة الآلات الحراثة والبذارة والحصادة والرجادة والدراسة والراية بل والخياطة وكل ما يقلل من عمل الأيدي، ويوفر على الخلائق راحتهم، ويقتصر لهم طرق الانتفاع بما تنبت الأرض وتجود السماء. وتعلمنا تمديد الخطوط الحديدية، وفتح الأنفاق وبناء الجسور والطرق والمرافئ، والخزانات والمنائر وحفر الآبار الارتوازية، وإقامة الدور ذات الطبقات الكثيرة، وتوليد الكهرباء ومد أسلاكها وإنارة المدن والقرى بها، وتسيير عجلاتها في الحواضر والضواحي، ووضع البريد الجديد والبرق والهاتف واللاسلكي والسلك البحري ثم الراديو، وتنظيم المدن والبلديات، وفتح الشوارع والساحات، ورصف الطرق وتذليل العقبات، وجر المياه النقية في قساطل ومناهل، وتجفيف الأصقاع المستنقعة، وتخفيف ويلات أمراض العين، وكان يعمى بها طوائف من الناس. واقتبسنا أصول الجندية، وتنظيم المراكب البخارية، وتدوين الدواوين، وأسلوب الجباية، وإدارة المصارف والجمارك، وأبدلنا أساليب التجارة بأساليب الغرب القريبة المأخذ، المضمونة النتيجة، وما عرفنا من قبل المصارف ولا المصافق، ولا السفاتج والحوالات المالية، ولا الشركات المساهمة والمضاربة والمغفلة، ولا كل ما يسهل على التاجر عمله، وعلى الصانع صناعته، ويوفر للناس أموالهم وكأن الأدوات والآلات هي. خاصية من خاصيات المدنية الحديثة، لتفرد الغرب بالفحم الحجري وضروب المعادن، ومن أهمها الحديد؛ ولأن الأخصاء في العلوم جرى تطبيقه على الصناعات عندهم. ومن الغربيين أخذنا أساليب الدعوة والإعلان، وطرق المفكرات والجزازات والإحصاءات، بله تأليف المؤتمرات والمؤامرات، واستخدام المعاصر والمحالج والمغازل والمناسج والمطافئ والمدافئ والمضخات، ونسجنا على أساليبهم في إنشاء الجمعيات الخيرية، والأحزاب السياسية، والشركات الصناعية، وإقامة حدائق لتربية الحيوانات، ومغارس لتربية النباتات والأزهار والأشجار، واستفدنا مسائل أخرى كثيرة نجهد لوضع أسماء تقابلها بالعربية، ولم تُعرف من قبل إقامة المستشفيات والمصاح والملاجئ لليتامى والزمني والصم والبكم والمسلولين والمعتوهين على هذا الطراز من العناية والطهارة. أبطل الغرب القرصنة (2) من البحار والأنهار، وقضى على الغزوات حتى من البراري والقفار، فأمن الغادون والرائحون والمبحرون والمقفرون (3) على أرواحهم وأموالهم، وحرر الرقيق فكان ذلك من موجبات فخره، وأزال بذلك وصمة عار عن الإنسانية، وأبطل النخاسة، وكانت أفظع تجارة وأحط عمل شائن في استعباد البشر. علم الغرب السود حتى الحقوا بالبيض، ودرَّب الحيوان حتى قام بكثير من أعمال الإنسان؛ فاستفاد من كل قوة ادخرتها الطبيعة، وانتفع من كفاءة كل كفء، وفضل كل قريحة في هذا المجتمع العظيم. أثر الغربيون في أرواح الشرقيين وعقولهم من حيث يدرون ولا يدرون؛ وذلك بفضل ما يبثونه كل يوم من معارف جامعاتهم ومدارسهم وأنديتهم ومعاملهم ومخابرهم، وبفضل ما كشفوه واخترعوه وحققوه وصححوه من العلوم، وبثوه من الأفكار الجديدة وخاضوا عبابه من الموضوعات، فقلبوا بأوضاعهم أوضاعنا ، وبدلوا بتصوراتهم أشكال تصوراتنا، وبدلوا من أساليب الفكر في رجالنا الدارسين وغير الدارسين؛ فتغيرت مادة أحاديثنا ودوافع أهوائنا، ولطفت أذواقنا، ولم يكن لذلك كبير أثر قبل اختلاطنا وتسهيل المواصلات بيننا وبينهم، وسنظل على الأخذ عنهم في معظم مطالب الحياة، حتى نستوي | أمة ناهضة من كل وجه على ما استوت اليابان الشرقية في القرن الماضي. كانت الأمية غالبة على الكبير والصغير؛ يربَّى الأطفال في أماكن مظلمة نتنة لا شمس فيها ولا هواء يسمونها الكتاتيب أو المدارس، ثم هم يُضربون بالعصي على رءوسهم ووجوههم وظهورهم وأرجلهم بدون شفقة، وبذلك يتعلمون للخلاص من هذا العذاب الاحتيال والحلف الكاذب، فأصبح الولد بتنظيم التعليم اليوم، يعرف من المواد ما لا يكاد يعرفه العالم أمس ، واختصرت مراحل التهذيب حتى لنرى في شبابنا اليوم من هم مفخرة بمعارفهم ما رأى أجدادنا أمثالهم في عصورهم، وما كنا نسمع بمثل هذه المعارف تجتمع لفتى في الخامسة عشرة من عمره، ولا بالأطفال من البنين والبنات يُربون في رياض الأطفال هذه التربية العملية الصحية، ولا بربات الحجال، ينافسن في التعليم العالي الرجال. بفضل المدارس والصحف السيارة ودور التمثيل وبيوت الغناء وأسطوانات الحاكي، وإذاعات «الراديو» أصبحت الفصح من الألفاظ العربية في ألسن الناس، وعلى أقلامهم ومكتوباتهم، كأنها من المتعارف، وظهر فينا رجال نقرأ أعمالهم في كتبهم ورسائلهم وخطبهم وأعمالهم فنعجب بها، وكثر في أبنائنا رجال القانون والإدارة والجندية والطب والهندسة والزراعة والكيمياء والطبيعة والفلك والاجتماع والاقتصاد والتاريخ والجغرافيا والشعر والكتابة والأدب والتصوير والموسيقى والنحت والنقش والطيران، ومنهم من لا يقل عن أرقى الطبقات أمثالهم في الغربيين، ولا يفرقون عن النابهين من الرجال عند الأمم الممدنة، إلا بفروق مرجعها إلى المحيط، الذي يعلو كل حين مستواه. يعترف (4) الشرق العربي بصنيع علماء الغرب لمعاونتهم له على إحياء مدنيته، فقد أنشأوا منذ القرن الرابع عشر للميلاد مدارس لتعليم العربية في جامعاتهم، وكلما كان بعض أبنائه يتلقفونها، كانوا يفكرون في اقتناء كتب العرب، ويتنافسون في ذلك تنافسهم في الاحتفاظ بالآثار التي هي محصول القرائح العربية. ولما اخترعت الطباعة كانت المخطوطات العربية أول ما طُبع في بلاد الغرب، وأول مطبعة أُنشئت في مدينة فانو في جون البنادقة (بحر الأدرياتيك) سنة 1514م طُبع فيها القرآن وكتب الطب والحكمة والطبيعة باللغة العربية، وفي مدينة البندقية طبع الإيطاليون تأليف يوحنا بن ماسويه في الطب والفلسفة، ومثلوا بالطبع قانون ابن سينا في الطب مع كتاب النجاة في رومية، وذلك سنة 1593. وفي سنة 1615م بدأ الهولنديون في مدينة ليدن بطبع كتب العرب، وما زالوا إلى اليوم يطبعون من أمهاتها كل مفيد. وقد أنشأت معظم الأمم الأوربية والأميركية مطابع عربية طبعت عليها عشرات من كتب العرب النفيسة، ودلوا قومهم وغير قومهم على فضل العرب، ونوهوا بحضارتهم ونبوغ أفرادهم، كانوا يأتون ذلك والعرب يغطون في سباتهم غطيطا غريبًا، تحت ظل خلفاء العثمانيين ودولتهم المباركة وبينا كانت العربية توشك أن تدخل في دور الانقراض في مصر والشام والعراق، دع سائر الأقطار العربية الأخرى، كانت أوروبا لا تخلو جامعة من جامعاتها منذ القرن السادس عشر من إلقاء دروس عربية، وأبحاث في مدنية الإسلام. جمع الإفرنج في كل دولة صغيرة كانت أم كبيرة خزائن عامة أو خاصة فيها نفائس الكتب العربية المخطوطة، عنوا بها أشد عناية ورتبوها ونشروا فهارسها، ولا تقل كتبنا التي احتفظوا بها في خزائنهم عن مائتين وخمسين ألف مجلد، نشروا منها بالطبع جزءًا من الأسفار الدينية والفلسفية والتاريخية والجغرافية والعلمية والأدبية واللغوية وغيرها مما لا يقل عن خمسمائة مجلد، ونحن لم نعرف بعد الطبع بالحروف، مجتزئين بطبع الحجر السقيم. وفي خزائن الكتب العمومية والخصوصية في الآستانة ومصر من المخطوطات العربية ما لا يقل بعدده عما عند أهل أوروبا منها، ولم يُطبع منها غير مصنفات قليلة، ومنها التافه الذي قصدوا به التجارة لا خدمة العلم، كما كان منزع علماء المشرقيات من الغربيين وجاء القرن التاسع عشر ولم يُطبع منها غير بضعة كتب نافعة. فبفضل الغرب عرفنا الطبع، وعرفنا فضل أجدادنا، وتعرفنا إلى الطرق الموصلة إلى إحياء كتبنا، ولكن طالت مدة تعليمنا أكثر من مائتي سنة. وعن علماء الغرب اقتبسنا أساليب الاستفادة مما أملته قرائح الأسلاف، وأبقته الأيام من تراثهم الثمين على نحو ما كان لهم الفضل في البحث عن دفائن بلادنا، ونبش عادياتها ومصانعها القديمة، فاهتدينا إلى معرفة آثار أرضنا وتاريخها وعظمتها السالفة، وعرفنا لغات الأقدمين ممن سكنوا ديارنا قبلنا، وتعلمنا كيف نحتفظ بآثارنا الثابتة والمنقولة، وتعنى بتركة أجدادنا ونحترمها ونقدسها ونولع بها. وكان من تعليم رجالنا أن سمت بهم الهمم إلى إدخال الأنظمة الجديدة على مدارسنا الدينية الكبرى، والتي تقدمت غيرها في قبوله كانت لها الشهرة الطائرة، وعموم النفع للإسلام والعرب تخرج علماء حقيقيين منورين، وكانت من قبل تخرج علماء نظريين جامدين، وكلما ارتقى أسلوب التعليم وثقف الخاصة لغات الغرب زادت اللغة العربية رشاقة، حتى كاد كتاب مصر وما إليها من الأقطار العربية يُرجعون إلى العربية نضرتها القديمة. أخذ الغربيون عن العرب كل ما نفعهم يوم نهضتهم من ضروب المعارف البشرية، وها هم اليوم يعيدون إلينا شيئًا مما تعلموه من أجدادنا، وزادوه بعلمهم وبارتقاء الزمن وتداول الأيام، وهذه سنة المدنيات التي درجت عليها أجناس البشر، والعالم فريسة العامل، ومن كدح ربح تقلبت على الحضارة أيد كثيرة منذ دون تاريخها، واليوم وصلت إلى هذا المظهر الباهر، ولا غضاضة على المتأخر إذا أخذ عن المتقدم.
................................
1- حسنات القرن الماضي وسيئاته للمؤلف (مجلة المقتبس م1).
2- القرصنة: لفظ أعجمي دخيل في لغة شمال إفريقية، ويُطلق على الغارات البحرية التي كان يأتيها رجال البحر في العصر الماضي تاريخ تونس لحسن حسني عبد الوهاب).
3- السائرون في البحر والقفر.
4- أثر المستعربين من علماء المشرقيات في الحضارة العربية للمؤلف، وعدة مقالات له في حركة المشرقيات في الغرب نُشرت كلها في مجلة المجمع العلمي العربي.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
بالفيديو: لتعريفهم بالاجراءات الخاصة بتحقيق وترميم المخطوطات.. مركز الإمام الحسين (ع) يستقبل مجموعة من طلبة الدراسات العليا في جامعة بابل
|
|
|