أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-1-2017
1745
التاريخ: 23-12-2015
1166
التاريخ: 13-12-2015
1895
التاريخ: 2023-04-02
975
|
في الرياضيات، نقطة التفرد هي خاصية متطرفة تصير فيها القيمة العددية لكمية محددة قيمة لا نهائية خلال مسار عملية الحساب. كمثال مبسط، تَدَبَّر حساب القوة النيوتنية الناشئة. بسبب الجاذبية التي يمارسها جسم ضخم على جسيم آخر. هذه القوة تتناسب عكسيًّا مع مربع المسافة بين الجسمين بحيث إذا حاولنا حساب القوة بين جسمين تبلغ المسافة التي تفصل بينهما صفرًا، فستكون النتيجة لا نهائية. ليست نقاط التفرد دوما علامة على وجود مشكلات رياضية خطيرة؛ فأحيانًا تحدث بسبب اختيار خاطئ للإحداثيات. على سبيل المثال، يحدث أمر عجيب مشابه لنقطة التفرد في الخرائط التقليدية الموجودة في الأطلس. فهذه الخرائط تبدو معقولة تمامًا إلى أن تبدأ في النظر بالقرب من القطبين. ففي الإسقاط الاستوائي التقليدي لا يظهر القطب الشمالي كنقطة كما ينبغي أن يكون، بل تمتد النقطة كخط مستقيم على امتداد الجزء العلوي من الخريطة. لكن إذا سافرت إلى القطب الشمالي فلن ترى بالتأكيد أي شيء كارثي هناك.
فنقطة التفرد التي تسبب هذه النقطة الظاهرة على الخريطة تبدو كمثال على نقاط التفرد الإحداثية، ومن الممكن تغيير شكلها باستخدام نوع مختلف من الإسقاط. ولن يحدث شيء عجيب لك إذا حاولت عبور مثل هذا النوع من نقاط التفرد. توجد نقاط التفرد بكثرة مُحيطة في حلول معادلات النسبية العامة. وبعض هذه النقاط تكون نقاط تفرد إحداثية شبيهة بتلك التي ناقشتها توا. وهذه لا تمثل أية خطورة. لكن مكمن تميز نظرية أينشتاين هو أنها تتنبأ بوجود نقاط تفرد حقيقية تصير فيها القيم المادية الحقيقية على غرار كثافة المادة أو درجة حرارتها، لا نهائية. ومن الممكن أن يكون انحناء الزمكان أيضًا لا نهائيًا في مواقف معينة. فوجود نقاط التفرد هذه يوحي للكثيرين بأن بعض الآليات الفيزيائية التي تصف تأثير جاذبية المادة عند الكثافات المتطرفة بعيد عن أفهامنا. ومن الممكن لنظرية للجاذبية الكمية أن تمكّن الفيزيائيين من حساب ما يحدث في أعماق الثقوب السوداء دون الحاجة لأن تصير كل القيم الرياضية لا نهائية. وفي الواقع، كَتَبَ أينشتاين نفسه في عام 1950 عن هذا الأمر قائلا:
إن النظرية مبنية على الفصل بين مفهومي مجال الجاذبية والمادة. ورغم أن هذا يُعَدُّ تقريبًا صحيحًا في مجالات الجاذبية الضعيفة، فإنه قد يكون غير ملائم عند الكثافات العالية للغاية للمادة. ومِن ثَمَّ لا يمكننا افتراض صحة المعادلات عند الكثافات العالية للغاية للمادة، ومن الممكن لنظرية موحدة ألا تحتوي على مثل نقاط التفرد هذه.
لعل أشهر الأمثلة على نقاط التفرد هي تلك القابعة في قلوب الثقوب السوداء. يظهر لنا هذا في حل شفارتزشيلد الخاص بالثقب الأسود ذي التناظر الكروي المثالي. لسنوات عديدة ظن الفيزيائيون أن وجود نقطة تفرُّد كهذه ناتج فقط عن الطبيعة المصطنعة نسبيًّا لهذا الحل الكروي، لكن في سلسلة من الأبحاث الرياضية، بين روجر بنروز وآخرون أنه ليس من الضروري وجود تناظر خاص كي تنشأ نقاط التفرد هذه كلما انهار جرم ما تحت وطأة جاذبيته. إن النسبية العامة تبذل قصارى جهدها كي تُخفِيَ نقاط التفرد عنا، كما لو أنها تعتذر عن التنبؤ بها في المقام الأول. فثقب شفارتزشيلد الأسود يكون محاطا بأفق حدث يحمي الراصدين الخارجيين فعليًّا من نقطة التفرد نفسها. ويبدو من المرجح أن كل نقاط التفرد في النسبية العامة محمية بهذه الطريقة، أما «نقاط التفرد المكشوفة» فيُعتقد أنه ليس لها وجود مادي حقيقي.
في ستينيات القرن العشرين لفتت أبحاث روجر بنروز عن الخصائص الرياضية للثقوب السوداء انتباه ستيفن هوكينج، الذي واتته فكرة محاولة تطبيقها في موضع آخر. كان بنروز قد تدبر ما سوف يحدث في المستقبل حين ينهار جسم ما تحت وطأة جاذبيته، لكن هوكينج كان مهتما بمعرفة هل من الممكن تطبيق هذه الأفكار على مشكلة فهمنا لما حدث في الماضي لمنظومة نعرف الآن أنها آخذة في التمدد؛ أي الكون تواصل هوكينج مع بنروز بشأن هذا الأمر وعَمِلا معًا على مشكلة التفرد الكوني، كما باتت تعرف الآن. وقد بيّنا معًا أن نماذج الكون المتمدد تتنبأ بوجود نقطة تفرد في بداية الكون، كانت فيها درجة الحرارة والكثافة لا نهائيتين. وسواء أكان الكون مفتوحا أم مغلقًا أم منبسطا، ثمة حد أساسي لفهمنا. ففي البدء كانت اللانهائية.
أغلب علماء الكونيات يفسرون نقطة تفرد الانفجار العظيم بالطريقة عينها التي يفسرون بها نقطة تفرد الثقب الأسود التي ناقشناها سابقًا؛ بمعنى أن معادلات أينشتاين تنهار عند نقطة ما في الكون المبكر؛ بسبب الظروف الفيزيائية المتطرفة التي كانت موجودة وقتها. وإذا صح هذا الافتراض فإن أملنا الوحيد لفهم المراحل المبكرة من تمدد الكون سيكون التوصل إلى نظرية أفضل. ولأننا لا نملك مثل هذه النظرية إلى الآن، تظل نظرية الانفجار العظيم غير كاملة. وتحديدًا، ما دمنا بحاجة لأن نعرف ميزانية الطاقة الإجمالية للكون كي نعرف أكان كونًا مفتوحا أم مغلقًا، فلن نستطيع من خلال النظريات وحدها تحديد أي من هذين البديلين هو التوصيف «الصحيح». وهذه المثْلبة هي السبب الذي يجعل من الملائم لنا أن نقول «نموذج» الانفجار العظيم، لا «نظرية» الانفجار العظيم. فمشكلة عدم معرفتنا بشأن الظروف الأولية للكون هي السبب الذي جعل علماء الكونيات عاجزين إلى الآن عن الإجابة عن بعض الأسئلة الأساسية؛ مثل مسألة هل كوننا سيتمدد إلى الأبد أم لا.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|