أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-01
1109
التاريخ: 2024-02-09
950
التاريخ: 3-10-2016
1583
التاريخ: 2024-05-07
696
|
لقد وهبت الطبيعة أرض مصر تربة خصبة، وجوا صالحًا، وجبالا زاخرة بالأحجار والمعادن، ونهرًا فياضًا يعم أرضها كل عام، وحيوانًا انتشر في أرجائها، وطيورًا اختلفت أنواعها. كل ذلك هيأ لأهل البلاد أن ينشئوا مدينة منذ أقدم العهود لم تضارعها مدنية في الشرق، ولا في الغرب في تلك الأزمان السحيقة. وكان أول ما وجه إليه المصري همه زراعة الأرض، وتربية الماشية، ثم إقامة المباني لسكنه، واستثمار الأحجار الصلبة، والمعادن في صناعاته، وحرفه المختلفة التي كانت نتيجة طبيعية لتدرجه نحو الحضارة والعيشة الهنيئة. وسنتكلم عن الزراعة أولاً، إذ هي في الواقع الأساس الأول لحياة سكان وادي النيل.
1- الزراعة
إن أهم ما يجب على الباحث في الزراعة عند قدماء المصريين، أن يعرفه أولا أنواع الأشجار والنباتات التي كانت تنمو في تربة البلاد، وكذلك النباتات والأشجار التي كان يجلبها المصري من الخارج وينتفع بها في بلاده.
الأشجار الكبيرة: كان المصري منذ أقدم العهود يستعمل خشب الأشجار العظيم في إقامة مبانيه وفي صناعاته، فكان منذ فجر التاريخ وما قبله يصنع سقف مقبرته من الخشب، كما يشاهد ذلك في سقارة، وفي نجع الدير (1)، وكذلك كان يستعمله في بناء السفن، وفي الأدوات المنزلية، غير أن مصر طوال تاريخها لم يكن لديها الخشب الكافي لسد حاجاتها، لذلك لجأت منذ الأزمان السحيقة إلى جلب الأخشاب اللازمة لها من البلاد المجاورة وبخاصة من بلاد سوريا وما جاورها. وأكثر الأشجار التي وجدناها مرسومة على جدران المعابد المصرية والمقابر لم يتسن تعرفها وتمييزها بصفة قاطعة في كثير من الأحيان. وذلك لأنها كانت ترسم دائما بصورة مختصرة. وأهم ما عرف منها على وجه التأكيد ما يأتي: السنط (Acacia Nilotica Del) وقد عثر على أجزاء منه في عصور ما قبل التاريخ، وبخاصة في البداري (2)، وفي العصر التاريخي من عهد الأسرة الثالثة (3)، والأسرة الخامسة، ثم في الأسرة السادسة (4)، وكان يجلب من «حتنوب». وقد عثر على رسم شجرة سنط في عهد الأسرة الثانية عشرة في مقابر بني حسن (5)، وكان خشبه يستعمل في بناء السفن الحربية والقوارب كما يستعمل الآن في مصر لهذا الغرض، وكان يجلب كذلك من بلاد «وولت» بالنوبة. كما كان زهر السنط يدخل ضمن صناعة أكاليل الموتى، وثماره المعروفة بالقرض كانت تستخدم في الطب، وبعض الصناعات الأخرى كالدباغة. النخيل Phoenix Dactliphere عثر على بقايا من جذوع النخل في مصر منذ العصر الحجري القديم العلوي في الواحة الخارجة (6). والواقع أنه كان يزرع في مصر منذ أقدم العهود، وكانت تستعمل جذوعه في السقف، وقد عثر على سقف مقبرة من فلوق النخل في سقارة، يرجع عهدها إلى الأسرة الثانية، أو الثالثة (7)، وكذلك عثر على سقف من الحجر مقلدة عليه جذوع النخل في حفائر الجامعة بمنطقة الأهرام بالجيزة في مقبرة (رع ور) من الأسرة الخامسة، وفي مقبرة من الأسرة الرابعة، وفي مقبرة «فتاح حتب» بسقارة. ونخيل الدوم (Hyphaene thebaica Nart) أول رسم عثر عليه لهذه النخلة. في مقبرة العظيم «كا إم نفرت» في عهد الدولة القديمة (8)، ولا شك أنها كانت موجودة في مصر منذ عهد ما قبل الأسرات، إذ عثر على بذورها في مقابر البداري (9)، وفضلا عن أكل ثمار النخل والدوم، فإن خوص أشجارها كان يستعمل في عمل السلال، وليفها لعمل الحبال والشباك، ويلاحظ أن عمل حبال أسطول الفرعون «سحورع» (10) التي كان يبلغ طول الحبل منها نحو 300 ذراع كانت تصنع من ليف النخيل، وكان يصنع من خوص الدوم وفروعه السلال والحصير، والأطباق والنعال والعصي والأقفاص.
الجميز (Ficus sycomorus) لا جدال في أن شجرة الجميز كانت تزرع في مصر منذ عصر ما قبل الأسرات إذ عثر على خشبها (11) في مقابر نقادة وبلاص، وعلى ثمارها في عهد الأسرة الأولى. (12) ويوجد في المتحف المصري ستة نماذج الشجرة الجميز، عثر عليها «ونلوك» في نماذج حدائق من عهد الأسرة الحادية عشرة، (13) وكذلك عثر على قطع من خشب الجميز يرجع عهدها إلى الأسرة الخامسة. وشجرة الجميز كانت تعتبر عند المصري القديم من الأشجار المقدسة ... هذا فضلا عن أنه كان يعتقد أن تابوت الإله أوزير نفسه صنع من خشبها، وكانت تظلله بفيئها من اليوم الرابع والعشرين من شهر كيهك (14) إلى نهايته، وهذه المدة هي عيد الإله أوزير. وكان خشب الجميز يستعمل عادة لعمل تماثيل الإلهات، ولصنع الأثاث والتوابيت والتماثيل على العموم. أما ثماره فكانت تؤكل وتقدم قرابين. وتستعمل المادة التي تتقاطر من لحاء هذه الشجرة عند قطعها بمدية في الأدوية، (15) وبخاصة للعين وأمراض الجلد (القوب) وكان يصنع منه نوع من الخمر يسمى (16) نبيذ التين. ولما كان الجميز في مصر لا يتكاثر بنفسه فإن زراعته كانت تتوقف على نشاط الإنسان، مما يدل على تعرف قدماء المصريين على طرق الإكثار الخضري، كما أنهم عرفوا طريقة التختين، وتوجد عينة من الجميز المختن وجدت بمخازن هرم «زوسر» المدرج بسقارة من عصر الأسرة الثالثة وهي محفوظة الآن بقسم الزراعة القديمة بمتحف فؤاد الأول الزراعي. البرساء (اللبخ عند العرب) (Mimusops Schimperi Hochst) وكانت هذه الشجرة مقدسة للإله أوزير. وقد عثر على فروع منها يرجع عهدها إلى الدولة الوسطى (17) " وكان يصنع من خشبها الأثاث وتماثيل المجاوبين، وتؤكل فاكهتها وهي غير اللبخ المعروف في مصر الآن. وكانت أوراقها تدخل في صناعة معظم الأكاليل الجنائزية. وعثر في مقابر دير المدينة بالأقصر على طاقات كاملة من أفرع هذه الشجرة من الأسرة الثامنة عشر ووجدت ثمارها بمقبرة «توت عنخ آمون». وقد انقرضت من مصر حوالي القرن السابع الهجري. شجرة النبق (Zizyphus Spina Christi) وقد عثر على فاكهتها في قبور عصر ما قبل الأسرات (18) ويستعمل خشبها كثيرًا في التجارة المصرية حتى الآن. شجرة الأثل (Tamarix nilotica) يوجد من هذه الشجرة أنواع عدة في مصر، وقد عثر على قطع متحجرة منها في وادي قنا منذ العهد الحجري القديم، وكذلك عثر على خشبها منذ العصر الحجري (19) الحديث وفي البداري، (20) وفي عهد ما قبل الأسرات، وقد جاء ذكرها منذ عهد الأهرام. (21) وقد كانت مقدسة للإله أوزير. لذلك زرعوها على بعض القبور. ولا تزال تنمو بكثرة في مصر وكان يصنع من خشبها كثير من أدوات الفلاحة. شجرة الصفصاف (Salix Safsaf Forsk) هذه الشجرة يرجع تاريخ وجودها في مصر إلى عصر ما قبل الأسرات، إذ عثر على يد سكين من خشبها، (22) وعلى صندوق من الأسرة الثالثة وكانت أوراقها تستعمل في عمل الأكاليل في عهد الأسرة الثامنة عشرة وما بعدها. وهذه الشجرة كانت مقدسة في دندرة، وكان الملك يأتي في أحد أعياد السنة المقدسة وينصب شجرة صفصاف أمام الإلهة حتحور (23) ويخاطبها. شجر المخيط: Cordia Myxa وجدت فروعه في مقابر الأسرة الثانية عشر بطيبة كما صنعت من ثماره بعض أنواع الخمور، واستعمل ثمره في صيد الطيور. أشجار التين: Fecus Carica توجد منقوشة على جدران المقابر، وخصوصا في بني حسن والأقصر، وقد تسلقها القردة لقطف ثمارها.
الهجليج أو تمر العرب: Balanites aegiptiaca وجدت ثماره في كثير من المقابر وخصوصًا منذ الأسرة 12 وكان يستخرج منه زيت يستعمل في التطبيب ومحفوظة منه عينات بمتحف فؤاد الأول الزراعي. وتدل الأحوال على أن صناعة النجارة لم تتقدم تمامًا في مصر إلا منذ كشف معدن النحاس. والآلات التي كانت تستعمل في النجارة وجدت مرسومة على المقابر أو وجد منها نماذج صغيرة في المقابر كالمجاميع التي عثر عليها في سقارة في مقبرة ابن «تي» وفي مقابر حفائر الهرم السليمة، وهذه الآلات بعضها معروف استعماله، وبعضها لم يعرف بعد، وأهم ما عرف منها القدوم، والبلطة، والمخرز والإزميل أو المنقار، والأجنة، والمطرقة والمنشار. ونشاهد صناعة الأخشاب في مقابر الدولة القديمة في سقارة من عهد الأسرة الخامسة. (24) ومن أهم الأمثلة التي تبرهن على مهارة المصري في صناعة الخشب تمثال شيخ البلد، ونجارة الملكة «حتب حرس من عهد الأسرة الرابعة في المتحف المصري.
………………………………..
Reisner; The Early Dy. Cemeteries of Nage- el Deir part 1, t II P. (1)
.Brunton, Badarain Civil. P. 95 (2)
.Br. A. R., I, P. 336 (3)
.Rec. Tr. XVIII. P. 85. & Br. A. R. I, 323 & 234 (4)
.Beni- Hassan IV Frontspiece (5)
(6) Journ. IV P. 27 Caton Thomp. & Grad. Geog. Of Kharga oasis
.the Geog
.Ex. Saq. (1912–1914) P. 21 (7)
.Selim Hassan, Ex. Giza, Vol II P. 136 (8)
.Brunton. Badarian Civil. P 63 (9)
.Borchardt, Grabdenkmal des Konigs Sahure PI 12 & 13 (10)
.Flinders Petrie & Quibell, Nagada & Ballas, P. 54 (11)
.Petrie. Royal Tombs of the Earliest Dy. II P. 36, 38 (12)
.Win’dk. Bull. Met. Museum of Art New York, II (1922) P. 26 (13)
.Fêtes d’Osiris au mois de Khoiak Chap. V Rec Tr. t III P. 66 (14)
.Loret, la Flore, P. 47 & Von Bissing Gemnikai (15)
.Newberry, Proc. Soc. Bib. Arch. XXI P 304 (16)
.Moret, Rois ET Dieux d’Egypte, 20 Ed. P. 9 (17)
.Flinders Petrie, Prehistoric Egypt, 44 (18)
(19) Sandford, The Pliocene & Pliostocene Deposits of Wadi Qena in Quart, J. G. S. LXXXV (1929) P. 503.
(20) Caton Th. The Neolethic Ind, of the N. Fayum Desert in Journ. Royal Anth. Inst. LVI (1926) P. 314 No. 2 & Brunton & Caton op. cit 38 & .62
.W. M. t III, P. 349 (21)
Mollers & Scharff, Das Vorgeschitliche Graberfeld Von Abusi El (22) .Meleg P 47
.Bull. I. Eg. 1882. 2e Serie t. III P 68 (23)
.Das Grab des Ti (Steindorff) Pls 119. 120. 132. & 133 (24)
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|