أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-15
944
التاريخ: 8-9-2020
1548
التاريخ: 6-2-2017
1388
التاريخ: 21-8-2020
1655
|
رحلات الفضاء واحدة هي من أعظم الإنجازات التي حققها البشر في القرن العشرين؛ ففي عام 1900، لم يكن هناك سوى شخص أو اثنين فقط على وجه الأرض يعلمون أنَّ الصاروخ ربما يجعل السفر عبر الفضاء مُمكنا، ولم تَمرَّ أربعة عقود، إلا وبدأت الصواريخ الألمانية «في-2» رحلاتها إلى ما وراء الغلاف الجوي. وبحلول عام 1963، كان الاتحاد السوفييتي قد أطلق أقماره الصناعية الأولى، ووصل إلى القمر، ووضع أول رَجُل وأول امرأة في مدار الأرض. وفي نهاية ذلك العِقْد نفسه، دار رُوَّاد الفضاء الأمريكان حول القمر ثم هبطوا عليه. وبحلول السبعينيات من القرن العشرين وصلت الروبوتات الأمريكية والسوفييتية إلى سطح كوكب الزهرة والمريخ وقبل عام 1989، كانت مركبات الفضاء الأمريكية قد حلَّقت بالقُرب من الكواكب الثمانية الكبرى جميعها. وانطلقت أربع من هذه المركبات في رحلات ذهاب فقط إلى فضاء ما بين النجوم، فكانت بذلك أول أجهزة من صُنع البشر تستطيع الهروب ليس فقط من تأثير جاذبية الأرض، بل من تأثير جاذبية الشمس أيضًا.
هذا الاستكشاف المباشر للكون، بالتزامن مع التليسكوبات الفضائية والأرضية، قد غير فهم الإنسان لكوكبنا، وللنظام الشمسي، وللكون تغييرا جذريًا. ومع ذلك، فإن الاستكشاف لم يكن أبدًا هو السبب الوحيد، أو حتى السبب الرئيسي، الذي جعلنا نتجه للفضاء؛ فالأغلبية العظمى من مَرْكبات الفضاء تدور حول كوكب الأرض لِتِّمِدَّه بِخِدمات، أو لتجمع حوله معلومات. منذ الستينيات من القرن العشرين نجحنا في ربط الفضاء القريب من الأرض، بدايةً من المدار الأرضي الجغرافي المتزامن (المدار الذي يدور فيه القمر الصناعي في نفس اتجاه كوكب الأرض حيث المدة التي يستغرقها ليدور دورةً كاملة حول الأرض تساوي مدة دوران الأرض حول نفسها على بعد 22200 ميل 35800 كيلومتر)، وأقمنا منطقة جديدة للحكم والنشاط الاقتصادي. وقد أصبح ما يحدث هناك الآن جوهريا للحياة اليومية، لا سيما في العالم المتقدم، وذلك من خلال توفير سبل التواصل العالمية، والملاحة بالأقمار الصناعية، وعمليات رصد الطقس، والاستطلاعات العسكرية، والإنذار المبكر ضد الصواريخ، وعلوم الأرض، وما إلى ذلك. وكان ثمرة ذلك خَلْق بنية تحتية فضائية نامية، ولكنها في الوقت نفسه غير مرئية.
ما زال «برنامج الفضاء» حتى الآن مُرادِفًا لرحلات الفضاء المأهولة بالنسبة للكثيرين. إلا أن رواد الفضاء قد قطعوا أقل من 400 ميل (650 كيلومترًا) تقريبًا من سطح الأرض منذ رحلة «أبولُّو» الأخيرة للقمر في ديسمبر 1972 ومن المتوقع أن يتغير ذلك في العشرينيات من القرن الحادي والعشرين، ولكن ما زلنا لا ندري ما إذا كان ذلك سيثمر عن مستقبل نابض بالحياة من بناء قواعد على سطح القمر أو القيام برحلات استكشافية إلى كوكب المريخ. وفي حين أننا تعلَّمنا دروسًا مُهمةً في ما يقرب من نصف القرن الذي لم يتخطّ فيه رواد الفضاء مدار الأرض المنخفض، إلا أن قيمة التغيير التكنولوجي والإنجاز في الرحلات الفضائية المأهولة سوف تتضاءل عند مقارنتها بكل من عمليات استكشاف الفضاء العميق الآلية والبنية التحتية للفضاء القريب.
إنَّ خيال الإنسان ورغبته الملحة في الاستكشاف كان له بالضرورة علاقة وطيدة برحلات الفضاء، ولكن أي نشاط في هذا الاتجاه يُكلِّف أموالاً طائلة. في مستهل القرن العشرين، سرعان ما حلت سباقات التسلُّح العالمية والحرب محل الحماس المتَّقد كدوافع أساسية للتطوير. وما زالت البعثات العسكرية وبعثات الأمن الوطني تُمثَّل جزءًا كبيرًا جدا فيما يحدث في مدار الأرض. ولا ريب أنَّ اكتساب الهيبة والقوة التكنولوجية كان من العوامل الخطيرة، لا سيما لرحلات الفضاء المأهولة أثناء الحرب الباردة، وبعدها. وقد دخلت المنافسة التجارية والأرباح المعادلة في ستينيات القرن العشرين، وكان ذلك في البداية من خلال الأقمار الصناعية الخاصة بالتواصل فحسب. ثم بدأ النشاط يمتد إلى قطاعات أخرى، في أواخر الحرب الباردة، حتى وصل بحلول العقد الأول من الألفية الثانية إلى رحلات الفضاء المأهولة.
نظرًا لأنَّ الدول القومية هي الفاعل الرئيسي في هذا المجال؛ فإن تاريخ الفضاء كثيرًا ما يُكتب كتاريخ البرامج القومية، أو كتاريخ البرامج التعاونية بين الدول. بيد أنَّ الحركات العابرة للحدود القومية للبشر والأفكار والتكنولوجيا كانت على الدوام جزءًا لا يتجزأ من قصة رحلات الفضاء، وقد تنامت أهميتها منذ اضطلعت الشركات والدول الجديدة بدور أكبر منذ نهاية الحرب الباردة. ويُعَدُّ التكامل العالمي لاقتصادات العالم والنظم السياسية هو أساس بعض هذه التغييرات، ولكن رحلات الفضاء تؤثر أيضًا على عملية العولمة ومُعدَّلها، وذلك من خلال التأثير، من بين أمور أخرى، على ثقافة الكوكب وشبكات التواصل الخاصة به.
تحول رحلات الفضاء دون الانهيار الحضاري الذي قد تجلبه علينا الحرب أو التغييرات المناخية، ومن ثَمَّ فإنها ستستمرُّ على الأحرى في المستقبل، كونها قد أضحت جزءًا لا يتجزأ من الحياة على كوكب الأرض. ومن الممكن أن يتوسع الجنس البشري للخارج وينتشر على أكثر من كوكب، وفقًا لتوقعات الداعين إلى رحلات الفضاء منذ زمن طويل، ولكنه ليس أمرًا مؤكَّدًا بأي حال من الأحوال. أيا كان ما سيحدث، فإن رحلات الفضاء سواء المأهولة أو الآلية تُعَدُّ إنجازًا مُذهلًا ولها آثار بالغة الأهمية على حيواتنا؛ ومن ثُم يجدر بنا أن نفهم شيئًا عن تاريخها.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|