رحلة البحث عن المحركات الأبدية عند ليوناردو دا فنشي (القرن 16م) |
1084
01:37 صباحاً
التاريخ: 2023-05-24
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-18
909
التاريخ: 2023-05-09
1047
التاريخ: 2023-05-04
883
التاريخ: 2023-05-22
777
|
بذل ليوناردو دافنشي عدة محاولات لصنع محرك أبدي، لكن جميع محاولاته باءت بالفشل؛ إذْ عُثِر على تعديلات مختلفة للدولاب ذاتي الدوران الموصوف في بحوثه وملاحظاته المحفوظة في المتحف البريطاني. كما تُوجَد أيضًا رسوم تقريبية مماثلة في «المجلة الأطلسية»، وهذا يَدُلُّ على اطلاعه على المحاولات السابقة لصنع المحرك الأبدي، 43 ولكنه لما يئس من الوصول إلى محرّك أبدي كتب يقول: «أيها الحالمون بالحركة الدائمة، كم من الأوهام الباطلة ولدها مطلبكم هذا؟ اذهبوا فخذوا مكانكم بين أولئك الذين يبتغون تحويل التراب إلى ذهب.» 44 أي أنكر ليوناردو إمكانية أن تبقى الحركة الدائمة مستمرة على أساس أنَّ الطاقة أو القوة تمد ذاتها باستمرار من ناحية أخرى، تسعى الجاذبية إلى إعطاء حالة التوازن كل الحركات المتوضعة في سلسلة بفعل الجاذبية سيكون لديها نهاية أبدية.45
في تصميم آلة الحركة الدائمة هذه، والذي فكَّر فيها ليوناردو دافنشي كان من المفترض أن تملأ الكريات المرتبطة بالأذرع، جزئيًّا، بالزئبق الذي يؤدي ثقله إلى إدارة الدولاب بفضل مجموعة من التروس المسننة. لكنه لم يعمل كما أراد له مصدر الصورة: ويلسون، ميتشل، الطاقة، ص62.)
لاحظنا مدى دقة ليوناردو دافنشي وهو أستاذ كبير في الهيدروديناميكا، فهو يعود بطموحات الطحانين إلى الأرض والواقع؛ فقد أرادهم أن يصلوا المئات من حجر الرَّحَى بالعجلة المائية بدلا من واحدة، كل حجر من هذه الأحجار ستطحن له بعدئذٍ حبوبًا أقل بمائة مرة، إنَّ وزنًا معينًا يسقط من عُلوٌّ مُعين يمثل قوةً دافعةً معيَّنة. يُمكن للمرء أن يقسم هذه القوة أو يغيّر استعمالها بشكل لا نهائي، لكن أحدًا لا يستطيع أن يزيد فيها.
تحطم هذه الحقيقةُ آمال أي شخص يبحث عن المحرك الدائم، ومع ذلك، فإنها ما زالت تُقدِّم هيمنةً حُرَّة لأحلام أولئك الذين يُريدون أن يُدركوا الجسم المتحرك بشكل دائم.
من السخف أن نتوقع حدوث الحركة الدائمة من قوة دفع أوليَّة؛ لأنَّ القوة المحركة لهذه القوة الدافعة ثابتة كونها مستهلكة، والتي يدعوها ليوناردو بفروزا forza أو بـ «القوة الدافعة»، وسيُطلق عليها غوتفريد ليبنتز G. W. Leibniz (1716-1716م) بعد ذلك اسم «القوة الحية». أيا كان لا يمكن أن نتوقع من أي ترتيب للأوزان جسما يتحرك بشكل دائم؛ لأن الجاذبية دائمًا تميل نحو التوازن، وحركاتنا مرهونة بها، وهي تميل لتحقيق حالة السكون.
يقول ليوناردو دا فنشي لا يُوجد شيء ليس فيه حياةٌ قادرًا على الدفع أو السحب بدون أن يرافق الجسم حتى يتحرك. بإمكان هذه المحرّكات أن تكون فقط «فروزا» أو وزنًا ساقطا. إذا سقط وزن وهو يُدفع أو يُسحب، فإنَّه يُمكن أن يُقدِّم هذه الإزاحة للجسم؛ لأنَّ الجسم يسعى نحو السكون، وبما أنه ليس بالجسم المتحرك الذي يهبط فهو قادر على العودة إلى موقعه الأصلي ويتوقف عن الحركة. معاصرو ليوناردو دا فنشي وافقوا معه بأنَّ القوة المحرّكة للقوة الدافعة المنقولة إلى مجموعة أجسام ستتفرق، فعلًا كل الأرسطيين قبلوا ذلك كحقيقة علمية بأن الحركة المندفعة تنتهي دائمًا باستهلاك نفسها. عندما يصف ليوناردو هذا الفقدان المستمر للقوة الحية ضمن نظام في الحركة، فإنه يتناول تعبيرًا شاعريًا: «سأوكد بالدليل بأن فروزا هي سمة روحية وقوة خفية تنبثق من خلال اندفاع طارئ خارجي تسببه الحركة، والتي يتم تقديمها وتنسكب في الأجسام، والتي بدورها تكون مشحوبةً ومُنتزعةً من حالتها الطبيعية، تمنح هذه القوةُ الروحية لهذه الأجسام حياةً نشطة ذات قوة إعجازية، وقُوى كل الأشياء مُتولّدة لتغيّر من أشكالها بموجب أسبابها، يُحوِّلها البطء إلى نشاط وتجعلها السرعة ضعيفةً غَيْر فعالة. الاندفاع المتولد، يموت بالحرية. الأكثر نشاطا هو الأسرع الذي يستهلك ذاته. إنها تطارد بغضب شديد أي شيء كان يعترض دمارها.» 46
________________________________________________
هوامش
43- كارتسيف، فلاديمير وخازانوفسكي، بيوتر، آلاف السنين من الطاقة، ص49.
44- ويلسون، ميتشل، الطاقة، ص62.
45- .Dugas, Rene, A History Of Mechanics, p 79.
46-Duhem, P., The Origins of statics, p. 41-42. .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|