أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-09
1723
التاريخ: 2023-06-07
968
التاريخ: 2023-07-16
1069
التاريخ: 2023-05-16
1514
|
ان الحالة السياسية في العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول 1334م كانت غير مستقرة، اذ تميزت بكثرة الثورات والتمردات التي كان بعضها تُغذى من لدن الدولة الصفوية، وقد تعاقب على حكم بغداد ولاة كان لا يهمهم الاصلاح سوى اشباع رغباتهم المادية عن طريق فرض ضرائب جائرة واستعمال القسوة في جبايتها. وكان البعض منهم لا يقف عند حد اشباع رغبته المادية بل يعمد الى الانفراد بحكم الولاية في إطار التبعية الاسمية للسلطان العثماني. ان الاحتلال العثماني للعراق لم يقض نهائيا على الصراع الصفوي - العثماني، وظل الجانبان يتنافسان من اجل السيطرة النهائية على هذا البلد، وأضحى الصراع بينهما ظاهرة سائدة في القرن السادس عشر. اذ سرعان ما اندلعت الحرب مجددا بين الدولتين عام 1549-1548، ثم استؤنفت عام 1553-1555، والتي انتهت بعقد معاهدة اماسيا في 29 ايار 1555 التي انهت الحرب بين الدولتين، وفيما يخص العراق منها انها اكدت تبعية العراق للدولة العثمانية، كما تم الاتفاق على تخطيط حدود ولاية شهرزور، منعا لوقوع حوادث معكرة لصفو السلام بين الطرفين كما تعهد العثمانيون بتحقيق امن وسلامة الحجاج الايرانيين. ولكن في الواقع كانت معاهدة اماسيا تمثل سلاما هشا بين الدولتين نظرا لكثرة المسائل التي يمكن التنازع عليها والتي يمكن لأي من الطرفين ان يتذرع بها واهمها:
1. النزاع بين عشائر الحدود وامرائها ولاسيما في منطقة كردستان التي كانت تحكمها العشائر المحلية والتي تتمتع بشبه استقلال عن الدولة، وكثيرا ما تنازع امراء العشائر ولجأوا الى الجانب الايراني أو بالعكس.
2. هجوم عشائر البدو على القوافل سواء التجارية منها أو قوافل الحج.
والحقيقة ان صلح اماسيا تعرض لأول اختبار حقيقي، عندما اندلع نزاع أسري بين ولدي السلطان سليمان القانوني بايزيد وسليم عام 1560 وقد ساند السلطان سليم، مما دفع بايزيد الى الالتجاء للبلاط الصفوي مع جنده البالغ عددهم عشرة الاف واربعة من ابنائه. وقد استغل الشاه طهماسب الاول الصراع بين الاخوة من اجل الضغط على الدولة العثمانية لتعديل بنود معاهدة اماسيا. وقد دخل العثمانيون في مفاوضات مع الشاه لتسوية الامر استغرقت عامين وأرسل خلالها السلطان مبعوثيه علي باشا حاكم مرعش وحسن جاشني كرباجي مه هدية الى قزوين تحت عنوان المحافظة على معاهدة اماسيا وتجنب وقوع حرب بين الجانبين. فرد الشاه بسفارة تحمل كتابا يتضمن طلبا بحكومة بغداد مقابل ذلك، لكن السلطان رفض طلبه. فأرسل سفارة ثانية حملها رسالة طلب فيها ان توضع النجف وكربلاء تحت ادارة اولاده فرفض السلطان ايضا طلبه هذا. وفي عام 1562 انتهت الازمة بين الدولتين عن طريق اجراء تعديلات طفيفة على معاهدة اماسيا. استمرت حالة الصراع الصفوي - العثماني قائمة بعد وفاة كل من السلطان سليمان القانوني والشاه طهماسب الاول وقد استغل كلا من الطرفين المشاكل الداخلية التي تنتاب الدولة الاخرى للتدخل في شؤونها أو التوسع على حسابها. وفي عام 1580 تمكن الصفويون من تحقيق نصر اخر على العثمانيين بالقرب من بغداد ثم عقدت معاهدة اسطنبول الاولى أو معاهدة فرهاد باشا بين الدولتين في 21 اذار 1590 لتسوية المشاكل الحدودية بينهما. ولكن الدولة العثمانية في مطلع القرن السابع عشر اصابها، الضعف، فقد اصيب البلاط العثماني والدوائر الحاكمة في الدولة بفساد شديد، وقد حكم الدولة العثمانية عدد من السلاطين لم يكن أحدهم على مستوى يؤهله لان يمارس الحكم الا بوساطة وزراء كانوا احيانا مثالا للفساد. وبالمقارنة مع مرحلة القرن السادس عشر المجيدة فان الفترة الممتدة على مدار القرن السابع عشر اتخذ مظهرا اقل روعة، على الرغم من ظهور عدد من الشخصيات القيادية عملت على صون هيبة الدولة. وكانت الانتكاسات التي لحقت بالعثمانيين في اواخر القرن السادس عشر واوائل القرن السابع عشر في المجر والبلقان والكرج واذربيجان، وحركات التمرد التي نشبت في الاناضول، ولاسيما الثورة التي قام بها اصحاب الطريقة الجلالية الذين سيطروا على بعض الاقاليم الشرقية في اذربيجان، وتلقوا مساعدة من الشاه عباس الكبير (1588-1629)؛ كل ذلك كان بمثابة شواهد واضحة على ما اصاب الدولة العثمانية من ضعف، فضلا الانتصار الكبير للبحرية الاوروبية على البحرية العثمانية في معركة ليبانت عام 1571. ولم تكن اوضاع العراق الداخلية بأفضل حالا من السلطنة نفسها، فضعف الادارة والفساد كانا مسيطران عليه، فضلا عن التهديدات الايرانية والتمردات العسكرية، ففي عام 1604 هاجمت قوة صفوية العراق بقيادة علاء وردي خان وزير الشاه عباس الكبير، وقد اسر 300 جندي في احدى المعارك الصغيرة بالقرب من اسوار بغداد مما ادى الى نشر الذعر في داخلها، ولكن القوة الصفوية انسحبت بسرعة خاطفة، بعد ان ترك علاء وردي خان امتعته وراءه، من غير معرفة سبب هذا الانسحاب. ثم حوصرت المدينة حصارا جزئيا في العام التالي. وفي عام 1605 اندلعت حركة تمرد قادها القائد الإنكشاري محمد بلوك باش بن احمد الطويل، الذي نجح في السيطرة على بغداد وعبثا حاولت القوات العثمانية التي ارسلها السلطان احمد الاول (1603-1617)، بقيادة نصوح باشا والي ديار بكر ان تفعل شيئا اذ هزم بسبب خيانة الجند المرتزقة. وقد استتب الامر لمحمد بلوك، لكنه اغتيل فجأة عام 1607 من قبل كاتب ديوانه ونصب اخاه مصطفى بيك مكانه. لذا عملت الحكومة العثمانية على القضاء على الانقلابين، اذ أرسل محمود باشا بغية اقصاء مصطفى بيك، ومن ثم يتولى باشوية بغداد، وبلغ الموصل، ودخل في مفاوضات سرية انتهت بتوليه باشوية بغداد في حين نصب ابن الطويل واليا على الحلة عام 1608. ويبدو ان الصفويين لم يكونوا غافلين عن تلك الاوضاع السيئة التي تمر بها الدولة العثمانية لذا وسرعان ما اندلعت الحرب مجددا بين الدولتين انتهت بعقد معاهدة اسطنبول الثانية في 20 تشرين الثاني 1612 نصت على اعتماد الحدود التي كانت تفصل بين الدولتين في عهد السلطان سليمان القانوني وفيما يخص العراق منها هو:
1- تتعهد الدولة العثمانية بعدم منع المسافرين الايرانيين من المرور بأراضيها، وتسمح لهم بسلوك طريق بغداد البصرة.
2- لقد اكدت المعاهدة تبعية منطقة شهر زور الواقعة بين اربيل وهمدان للدولة العثمانية، في حين تعهد الشاه بعدم حماية حاكمها هلو خان، وهذا يعني ان الدولة العثمانية ارادت ان ترفع يد الصفويين عن هذه الولاية نظرا لأهميتها السياسية والاقتصادية.
ورغم المعاهدة المعقودة بين الطرفين الا ان ذلك لم يمنع الطرفين من الحرب، اذ هاجمت القوات العثمانية الاراضي الايرانية عام 1615، اما الصفويين فقد هاجموا العراق عام 1616 ونهبت قوات صفوية مدينة مندلي، غير ان باشا بغداد استعادها بشدة وسرعة. وسرعان ما تم توقيع معاهدة جديدة بين الدولتين عرفت بمعاهدة سراب في 29 ايلول 1616 التي اكدت بنود معاهدتي اماسيا واسطنبول الثانية. بدت العلاقات بين الدولتين الصفوية والعثمانية إثر اتفاقية سراب وكأنها تسير نحو الاحسن، لكن الشاه الذي يبدو انه لم يكن راضيا تماما على هذه المعاهدة، ظل يتحين الفرص للانقضاض على الدولة العثمانية، وسرعان ما سنحت له الفرصة لتنفيذ سياسته. فقد الشاه الى اضعاف الدولة العثمانية من خلال فرض حصار اقتصادي عليها ضمن مشروع اتفق على تنفيذه مع انكلترا، ويقضي بضرب البرتغاليين في هرمز وطردهم من الخليج العربي، وقد تم ذلك عام 1623، فسيطر الشاه على هرمز واخذ يصدر الحرير منه الى اوروبا، على سفن تابعة لشركة الهند الشرقية الانكليزية، مما الدولة العثمانية من الاستفادة من ضريبة المرور (الترانزيت). وصادف ذلك اضطراب الاوضاع داخل الدولة العثمانية، فقد حدثت اضطرابات داخلية انتهت باغتيال السلطان عثمان الثاني، واعادة تنصيب السلطان مصطفى الاول مرة اخرى عام .1623 ولكن كانت الفرصة السانحة للشاه عباس الكبير لاستعادة العراق عندما حدث تمرد بكر صوباشي. لقد كان بكر صوباشي أحد قواد الانكشارية في بغداد والذي كان تحت امرته عدد كبير من السكبانية وهم من فرق المشاة المحلية من رماة، البنادق، فضلا عن 1000 من العزب، وهم من فرق المشاة غير النظامية التي تتقدم الجيش العثماني اثناء الهجوم، كما كان تحت امرته 4000 من الانكشارية، وقيل ان عدد القوات التي كانت تأتمر بأمره بلغت 12000 رجل. وقد كان الصوباشي هو الحاكم الحقيقي بينما لم يكن ليوسف باشا والي بغداد من السلطة الا الاسم وقد بدأ نفوذ كر صوباشي بالتزايد منذ 1619. وقد ادى طغيان نفوذ بكر الصوباشي الى نقمة كبار الإنكشارية عليه، والذين كانوا ينتظرون الفرصة السانحة للتخلص منه، ووجدوا تلك الفرصة عام 1621 عندما خرج بكر الصوباشي على رأس ثلة من اتباعه الى منطقة الفرات الاوسط، بعد ان اناب ابنه محمد اغا بلوك بدلاً عنه في بغداد. لقد تضاربت اراء المؤرخين حول سبب توجه بكر الصوباشي الى منطقة الفرات الاوسط فالبعض يعتقد انه توجه الى الحلة لجباية الضرائب من الفلاحين الذين امتنعوا عن دفعها الى السباهية. في حين يرى فريق آخر من المؤرخين انه خاض صراعاً عنيفاً مع بعض كبار الإنكشارية الذين لجأوا الى السماوة فأخذوا يحرضون الفلاحين في التمرد على السباهية. واي كان السبب فقد ادى ببكر صوباشي الى ان يخرج بجيش قوامه خمسة الاف من الإنكشارية. فوجد المعارضون لبكر صوباشي ان غياب خصمهم خير فرصة لهم للإطاحة به او ابعاده عن بغداد، وكان على رأس هؤلاء محمد اغا قنبر الذي اجتمع مع كبار الانكشارية واشراف المدينة ووضح لهم نوايا الصوباشي وانفراده بالسلطة ثم اعلن عن عزمه على التخلص منه ولكن انباء المؤامرة وصلت الى مسامع بكر صوباشي فاسرع في العودة الى بغداد واول عمل قام به ان فرض حصاراً شديداً على القلعة، وامر بقصفها من جميع الجوانب ، وقتل اثناء الحصار والي بغداد يوسف باشا، اذ اصابه برصاص عندما كان يصدر أوامره العسكرية الى المدافعين عن القلعة التي اخذت تعاني نقصاً في الذخيرة والعتاد. ولم يبق امام محمد اغا قنبر ازاء هذه الحالة الاطلب الامان والاستسلام لبكر صوباشي. فسلم نفسه لخصمه الذي عامله بمنتهى القسوة والكراهية اذ وضعه واتباعه في قارب وامر بصب الكبريت والقار عليهم فاحرقوا جميعاً. لقد أصبح بكر صوباشي بعد القضاء على التمرد الاخير سيد بغداد بلا منازع فكتب الى الباب العالي ان ينعم عليه بباشوية بغداد لقضائه على التمرد الاخير وقبل ان يتلقى جواباً، وزع منشوراً مزوراً أعلن فيه انه أصبح والياً على بغداد. لكن الصدر الأعظم قره حسين باشا رفض طلب صوباشي ومنح حكم بغداد الى سليمان باشا والي ديار بكر فأرسل هذا الى متسلمه علي اغا لاستلام الولاية. الا ان بكر صوباشي رفض مقابلة المتسلم، ولم يتورع بالرد عليه بقسوة ثم أخبره بان اهل بغداد ليسوا بحاجة الى وال جديد. فرجع علي اغا الى الباب العالي وأخبر الصدر الاعظم بأمر صوباشي، فأصدر هذا امراً الى حافظ احمد باشا والي ديار بكر قيادة حملة عسكرية الى بغداد لتأديب الثائر صوباشي. فتوجهت الحملة التي ضمت قوات من مرعش وسيواس والموصل وكركوك نحو بغداد ووقف الصدر الاعظم في الموصل قليلاً منتظراً وصول قطعات عسكرية جديدة من أورفة وبيكات الاكراد في العمادية وامراء سوران ثم توجه الى كركوك، ومن هناك بعث بقوة استطلاعية مع سليمان باشا وبستان باشا ومعهما بعض البيكات من الاكراد ثم تقدم احمد حافظ متوجها نحو بغداد فخيم في شمال المدينة قرب الاعظمية. وقد حاول حافظ احمد باشا ان يستدرج بكر صوباشي الى الاجتماع. معه غير انه رفض ذلك وبشدة واسمع الصدر الاعظم كلمات مهينة مؤكداً له انه سيبذل كل ما في وسعه للحفاظ بولايته. اخذ صوباشي منذ اليوم الاول للحصار يباغت الجيش العثماني ليلاً ويلحق به خسائر فادحة حتى استطاع ذات مرة ان يفرق شمل الجيش العثماني الذي تراجعت بعض قطعاته الى ديالي. فجمع حافظ باشا جيشه المشتت وقرر القيام بهجوم عام على المدينة بعد ان قطع جميع الطرق الموصلة اليها بهدف فرض حصار اقتصادي شديد على المدينة، وإذا كان الهجوم لم يتم فأن اثار الحصار بدت واضحة في المدينة التي بدت تعاني المجاعة القاتلة. وأصبح هلاك المحاصرين في بغداد قاب قوسين او أدنى مما حدا بالتمرد صوباشي ان يبعث الى شاه إيران عباس الكبير بواسطة حاكم لورستان حسين خان مفاتيح بغداد. وفي الواقع ان الشاه كان يراقب التطورات العسكرية في بغداد عن كثب قبل اتصال بكر صوباشي. إذا كانت الاستعدادات قد اتخذت قبل فترة، فالحدود الشرقية كانت تشهد كل يوم اصطفاف مزيد من القوات الفارسية فجاء طلب صوباشي بمثابة فرصة ذهبية لعباس الكبير الذي أرسل جيشا 30000 رجل بقيادة صفي قلي خان حاكم همدان عقد حافظ باشا اجتماعاً حربياً بعد ان تأكد له اتصال صوباشي مع الشاه واحتمال قيام بكر بسك النقود باسم الشاه، وعندما كانت المناقشات مستمرة حول كيفية حل هذه المشكلة. جاء رسول من القائد الصفوي قرجغاي خان الى حافظ باشا زاعماً ان بغداد اصبحت فارسية فرد حافظ باشا على الرسول بان هذه الارض ليست بفارسية، وان العثمانيين يقومون بتأديب ثائر من الثوار. فعاد الرسول مردداً كلمات التهديد بينما أصبح الهم الاول لحافظ احمد باشا بعد رجوع الرسول الفارسي، هو اقناع بكر صوباشي للعدول عن رأيه قبل فوات الاوان، فعرض عليه باشوية الرقة وعلى ابنه حكم سنجق، الحلة الا ان هذا العرض رفض بشدة من قبل بكر صوباشي. فاستمر الحصار على بغداد. غير ان حافظ باشا قرر في الاخير الخضوع للأمر الواقع وذلك بمنح حكم ولاية بغداد الى بكر صوباشي. لقد كان قرار حافظ باشا بتوجيه الايالة الى بكر صوباشي قراراً صائباً كما كانت محاولة اخيرة لعدم التفريط بالمدينة اذ ليس بإمكانه الاستمرار في الحصار خاصة وان القوات الفارسية بدأت تقترب رويداً رويداً من بغداد، كما ان طلباته العسكرية لم تنل اهتمام المسؤولين في الباب العالي بسبب وصول على كمانكش الى الصدارة العظمى والذي كان من اشد اعداء حافظ باشا. فبقاء بغداد بيد ثائر على السلطان أفضل بكثير من ان تكون ولاية فارسية. انسحب حافظ احمد باشا الى الموصل ومنها الى ديار بكر اما بكر صوباشي الذي ظن ان كل شيء أصبح على ما يرام بعد منحه الولاية، فقد استقبل وفداً من الشاه يطلب تسليم المدينة للشاه غير ان صوباشي رد بكل رقة على الرسول وأعلن انه مستعد لتحمل نفقات الحملة الايرانية ولكن ليس من الممكن تسليم بغداد. لذا فقد دهش الرسول من كلام صوباشي وهذا التحول العجيب في موقفه فعاد الى الشاه مردداً كلمات التهديد والوعيد وأخبر الشاه الذي كان قد وصل لتوه الى أطراف بغداد في صيف 1623. فرض الجيش الصفوي حصاراً قاسياً على بغداد، وقيل ان الشاه عباس عرض على صوباشي باشوية بغداد مقابل اعلان تبعيته الاسمية للدولة الصفوية غير ان صوباشي قد رفض ذلك بشدة وأعلن عن عزمه الدفاع عن بغداد حتى الرمق الاخير كما أرسل رسائل الى الباب العالي والى حافظ باشا طالب فيها امداده بمعونات عسكرية للوقوف بوجه الهجوم الصفوي، غير ان هذه الرسائل لم تلق اذنا صاغية من لدن المسؤولين في الباب العالي. استمر الحصار الصفوي نحو ثلاثة اشهر، عانى اهل بغداد خلاله الامرين من جراء القحط الشديد والغلاء الفاحش حتى اكلوا الميتة ولحوم الدواب والكلاب، ولم يكن من المستغرب من هذا الوضع المزري ان يتسلل الى معسكر الشاه كل ليلة اتباع الصوباشي لينجو بأنفسهم من مخالب الموت المحتم وقد تضاربت اراء المؤرخين حول دخول القوات الصفوية الى داخل بغداد، فالبعض يرى ان بكر صوباشي عجز عن مقاومة قوات الشاه فأرسل احد اتباعه يرجوه ايقاف القتال، ويعرض عليه التسليم، في حين يرى مؤرخون اخرون ان محمد بن بكر صوباشي لما رأى اشتداد المجاعة اتصل بالشاه عباس وطلب منه الامان لقاء تسلم القلعة له فرضي الشاه بذلك وامنه على نفسه واتباعه ووعده بأن يجعله من خواص خدمه كما ووعده بولاية بغداد في حالة فتحه ابواب المدينة في حين في حين يرى فريق ثالث من المؤرخين ان الصفويين اخذوا في الليل ينفذون الى القلعة اثنين اثنين فما اصبح الصباح حتى ملئت القلعة بالألاف من الجنود بينما تشير رواية اخرى الى حدوث تمرد داخل القلعة مما هيأ الظروف الملائمة لاندفاع القوات الصفوية الى داخل القلعة في ليلة 28 تشرين الثاني 1623. لقد قام الجيش الصفوي بقتل كل من يصادفه من اتباع صوباشي والاف من السكان الابرياء بل قيل ان من سلم من القتل لم يسلم من التعذيب، اما الامان الذي أعلنه الشاه فلم يكن الا خدعة، فقد امر الشاه باللقاء القبض على الجنود العثمانيين وتجريدهم من السلاح.. اما مصير بكر صوباشي فقد قيل انه جيء به ء به مكبلاً الى مجلس الشاه الذي كان يضم ابن بكر صوباشي محمد. فامر الشاه بسجن بكر صوباشي وأخاه. ثم أعدمهما بعد ذلك وقيل ان الشاه وضع صوباشي واخاه. في زورق ثم امر بصب النفط عليهما فأحرقوا في الحال. لقد ادت حركة صوباشي الانفصالية الفاشلة الى وقوع بغداد بيد الصفويين، ولم تقف الدولة العثمانية التي كانت تعتبر اعادة بغداد الى حظيرتها مسألة مهمة بالنسبة لها بموقف المتفرج ازاء هذا الاحتلال بل جردت الحملات الواحدة تلو الاخرى في محاولة لاسترجاع بغداد من الصفويين. بعد احتلال الصفويين لبغداد توجهت قوة صفوية بقيادة قرجغاي خان الى كركوك، فاستسلمت له دون مقاومة بعد فرار واليها الى ديار بكر، ثم توجه قرجغاي خان الى الموصل وحاصرها ثم تمكن من دخولها رغم المقاومة الشرسة للمدينة نتيجة وصول تعزيزات جديدة من الشاه عباس. وقد بقيت الموصل تحت السيطرة الصفوية لمدة ثلاث اعوام الى ان تمكن العثمانيون من احتلالها مجددا عن طريقة حملة ارسلت بقيادة جركس حسن باشا.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|