أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-12-2015
2562
التاريخ: 13-08-2015
3419
التاريخ: 30-12-2015
3947
التاريخ: 27-1-2016
3232
|
هو أبو حفص أحمد الأصغر حفيد ابن برد الأكبر الذي كان وزيرًا في الأيام العامرية وكان كاتبًا بليغًا أيضًا(1). حدَّث الحميدي أنه رآه في المرية بعد الأربعين وأربعمائة غير مرة(2)، وأشاد به صاحب الذخيرة؛ إذ يقول: كان أبو حفص بن برد الأصغر في وقته فلكَ البلاغة الدائر ومثلها السائر، نفث فيها بسحره، وأقام من أودها بناصع نظمه وبارع نثره، وله إليها طروق، وفي عروقها الصالحة عروق(3). ومن يرجع إلى القطعة التي رواها له صاحب الذخيرة من شعره(4)، وهي قطعة كبيرة يراه يحتذي دائمًا على مثال العباسيين بل إنه ليبلغ من ذلك مبلغًا لا يكاد يدور بخلد الإنسان؛ فقلما يوجد له معنى إلا وهو مسبوق به، قد طرقه الشعراء من قبله، ولاحظ ذلك عليه صاحب الذخيرة في غير موضع من روايته لشعره، فمن ذلك قوله في النسيب:
لما بدا في لا زَوَرْ ... ديِّ الحرير وقد بَهَر
كبَّرتُ من فَرْطِ الجَمَالِ ... وقلت ما هذا بَشَرْ
فأجابني لا تنكرن ... ثوبَ السَّمَاءِ على القمَرْ
وهو من قول ابن الرومي:
يا ثوبهُ الأزرقُ الذي قد ... فاقَ العِراقيَّ في السناءِ
كأنه فيه بدرٌ تِمٍّ ... يشق في زُرْقةِ السماءِ
وقول ابن المعتز أيضًا:
وبنفسجي الثوبِ قَتْـ ... ـل محبِّه من دابِهِ
الآن صرتَ البدر حـ ... ينَ لبستَ ثوبَ سحابه
ونستمر في قراءة ابن برد، فإذا هو يقول:
بأبي أنت وأمي ... لم تطبَّعتَ بظلمي
أبدًا تأتي بعتبٍ ... دون أن آتي بجُرْمِ
بيننا في الحب قُربى ... سقمُ عينيك وجسمي
وهو من قول ابن الرومي:
يا عليلًا جعل العِلَّة ... مفتاحًا لسُقْمي
ليس في الأرض عليلٌ ... غير جفنيكَ وجسمي
وهو كما يتأثر ابن الرومي نراه يتأثر ابن المعتز؛ بل ربما كان تأثره بابن المعتز أكثر وأوضح، فقد تعلق مثله بالأوصاف والتشبيهات فمن ذلك قوله:
عارضٌ أقبل في جنح الدُّجى ... يتهادى كتهادي ذي الوَجَى(5)
أتلفتْ ريحُ الصَّبا لؤلؤه ... فانحنى يوقد عنه السُّرُجا
وقوله:
وكأن الليلَ حين لوى ... هاربًا والصُّبحُ قد لاحا
كلة سوداء حرَّقها ... عامدٌ أسرج مصباحا
فإن ذلك كله من قول ابن المعتز الذي مر في غير هذا الموضع:
والصبحُ يتلو المشتري فكأنه ... عُريانُ يمشي في الدُّجى بسراجِ
ويقول ابن برد في وصف كلف البدر:
والبدرُ كالمرآةِ غَيَّرَ صَقْلَها ... عبثُ العذاري فيه بالأنفاسِ
والليلُ ملتبسٌ بضوءِ صباحِهِ ... مثل التباسِ النِّقسِ بالقرطاسِ(6)
وهو واضح الصلة يقول ابن المعتز في وصف فرند السيف:
جرى فوق متنَيهِ الفِرِندُ كأنما ... تنفسَ فيه القينُ وهو صقيلُ
وعلى هذا النمط نرى ابن برد يمضي في تأليف شعره، وكأنه نسخة طبق الأصل من شعر أصحاب المشرق، وخاصة ابن المعتز وابن الرومي.
والحق أنه ينبغي أن لا نتعلق بالفكرة الشائعة من أن الأندلس كان لها شخصية واضحة في تاريخ الشعر العربي، فإن هذه الشخصية تنحصر في كثرة الإنتاج وخاصة في شعر الطبيعة، أما بعد ذلك فالأندلس تستعير من المشرق موضوعات شعرها ومعانيه وصوره وأساليبه وكل ما يتصل به استعارة تكاد تكون طبق الأصل، على نحو ما نرى الآن عند ابن بُرْد؛ فقد استقر في أذهان الشعراء أن خير عصور الشعر وأزهاها هو العصر العباسي وما ينطوي فيه من شعراء عظام أمثال أبي نواس وأبي تمام والبحتري وابن الرومي وابن المعتز والمتنبي، فذهبوا يقرءون هؤلاء الشعراء وأمثالهم، ثم أخذوا يحاكونهم دون أن يفهموا مذاهبهم فهمًا واضحًا أو يعرفوا ما بين هذه المذاهب من مفارق واسعة، وكأني بالأندلسيين انتهوا إلى التقليد وارتضوه لأنفسهم فعاشوا في الشعر العربي هذه المعيشة التقليدية التي نرى آثارها الآن عند ابن برد وغيره من الشعراء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-انظر ترجمته في: المغرب 1/ 86. وبغية الملتمس: للضبي ص153. والمطمح: للفتح ص24. والذخيرة 2/ 18. ومعجم الأدباء: لياقوت 2/ 106.
2- معجم الأدباء 2/ 106.
3- الذخيرة 2/ 18.
4- انظر الذخيرة، الجزء الثاني، من ص37 إلى ص50.
5- العارض: السحاب الممطر. الوجى: الحفا أو أشد منه.
6- النفس: المداد.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|