لا تسمح الطبيعة بتحول الطاقة من شكل لآخر إن لم يترافق ذلك التحول مع ازدياد في الإنتروبيا؛ أي مع ازدياد في الفوضى، فإذا حافظنا على ثبات الإنتروبيا فإن التحولات من النمط المشار إليه تتسم بانخفاض الطاقة الحُرَّة الجاهزة للعمل؛ وعلى هذا فإن القانون الثاني في الثرموديناميك يتعلَّق بالاتجاه الطبيعي لعمليات الطاقة. مثلا تنساب الحرارة من تلقاء نفسها، من جسم أكثر حرارة إلى جسم أقل حرارة فقط، وهذا القانون الثاني يُفَسِّر حقيقة أنَّ المحرّك الحراري لا يمكن أن يكون ذا كفاءة كاملة؛ أي إنه لا يستطيع تحويل كل الطاقة الحرارية، من وقوده إلى طاقة ميكانيكية؛ وذلك لأنَّ المحرّك ينقل بعض طاقته الحرارية إلى الأجسام الأبرد المحيطة به. وينص القانون الثاني، حسب رودولف كلاوزیوس R. Clausius (1888-1822م)، على أنه «يستحيل وجود أية آلة دوارة يقتصر إنتاجها على نقل الحرارة باستمرار من جسم لآخر في درجة حرارة أعلى.»¹⁴ بمعنى أنه لا يمكن تحويل الحرارة إلى عمل أو شغل بشكل كامل، وأن الحرارة لا تنتقل من الجسم البارد إلى الجسم الساخن. وقد أعطاه العالمان ماكس بلانك واللورد كلفن فيما بعد صياغة أخرى مفادها: «أنَّ التحول الذي ناتجه النهائي تحويل الطاقة الحرارية المستخرجة من منبع حرارة ما إلى عمل فقط هو تحول مستحيل.» ¹⁵ ولا تُبَالِغ إذا قلنا بأنَّ الإرهاصات الأولى لأزمة الفيزياء التقليدية قد بدأت من القانون الثاني في الثرموديناميك، فهو أول القوانين العلمية التي خرجت على مبدأ الارتداد أو العكوسية ¹⁶ Reversible وتطلبت إدخال منهج قياسي جديد غير الرياضيات الإقليدية هو المنهج الإحصائي لقياس الظاهرات الطبيعية. ¹⁷

___________________________________

هوامش

14- مصطفى، عدنان أصول الفيزياء للجامعات، ص325.

15- المرجع السابق نفسه، ص326.